نبذة تعريفية عن التَصَوُّف
1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التَصَوُّف إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
التصوُّف هو التسامي في الرُّوحانية وتهذيبُ النفس وتربيتُها، وأساسه تَصفية القلب من الأمور المادية وشوائب الحياة.
ويُعتقد أن كلمة «التصوف» مشتقة من الصُّوف، وقد كان بعض المتصوفة يلبسون الصوف.
وكان الصوف الخشن لبَاس الزُّهَّاد والمتعبِّدين قبل الإسلام.
وكلَمةَ التصوف لم تكن معروفة في عهد النبي، صلَّى الله عليه وسلم، ولم تُستعمل عل نطاق واسع إلا في أواخر القرن الثاني للهجرة النبوية.
والتصوف قد يَقبله الإسلام وقد يرفضه. فيقبله إن كان بمعنى تهذيب النفس وزهدها في الدنيا وزينتها، لا على سيبل التحريم لها، لأن طيبات الدنيا كلها مباحة لقوله تعالى(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف:32).
فإذا تركها المسلم تقشفاً وتربية لنفسه وزيادة في عبادته لله تعالى دون مغلاة، ولم ينعزل عن الناس، وإنما خالطهم وعاش معهم، فهذا تصوف أو عمل مقبول.
لكنَّ الإسلام يرفض التصوّف الذي هو بمعنى الرهبانية، وهو ما كان يفعله بعض النَّصارى حينما ينقطعون عن الدنيا ومخالطة الناس، ويعيشون في صوامعهم أو أديرتهم، وهي الأماكن التي يتعبدون الله فيها، وتكون صحراءَ أو في كهوف الجبال أو في مكان منقطع عن الناس، ويعيشون عيشة فيها تعذيب للنفس.
فهذا الذي نهى الإسلام عنه في قوله تبارك وتعالى يَعيب على النصارى (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) (الحديد:27) ، وقوله تعالى عن المغالين في الدين(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) (المائدة:77).
وقال صلى الله عليه وسلم: «عليك بالجهاد، فإنه رَهبانية الإسلام»، (مسند الإمام أحمد).
وقد اتفق الفقهاءُ المسلمون على أن الأفضل للمسلم أن يختلط بالناس ويعيشَ بينهم، ليكون عضواً منتجاً عاملاً مفيداً لمجتمعه بعلمْه ودراسته، ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، قال تعالى(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران:110).
ولم ينقطع التصوف والمتصوِّفة على مدار التاريخ الإسلامي، وكانت لهم ما يُسمى «بالطرق الصوفية».
وكان منهم من اتبع طريقة لا يرتضيها الإسلام، لما فيها من البِدَع، التي هي تعبُّد لله على غير الطريقة التي جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – ومنهم من كان معتدلاً في طريقته، التي اقتصرت على تهذيب النفس والتربية على الخشونة والجهاد.
وقد كان للطرق الصوفية دور مهم، هو الحفاظ على الإسلام في كثير من المناطق في العالم الإسلامي، وكانوا هم الذين جاهدوا في سبيل الله ضد المستعمرين والمعتدين المحاربين للإسلام.
ولقد ظهر من بين المتصوِّفة علماء لهم مكانتهم بين علماء المسلمين، كما ظهر فيهم أدباءُ متميزون بشعر الزهد ومناجاة الله، سبحانه وتعالى، وتسبيحه وحمده، ومدْح رسوله، صلى الله عليه وسلم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]