نبذة تعريفية عن “الحشرات”
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الحشرات الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة
الحشراتُ حيواناتٌ مفصلية الأرجل، اكشتفَ العلماءُ منها حتى الآن قرابةَ 750,000 نوعٍ مًختلفٍ، ويتمُ اكتشاف حوالي خمسةِ آلاف نوعٍ جديدٍ سنويا.
ومن الحَشرات: الجراد والخَنافسِ والنمل والنحل والزنابير والفراشات وأبو دقيق والذُباب والبَراغيث، يجمعُ بينها صفاتٌ تميزها؛ فالجسمُ مكون من رأس وصدر وبطن.
وتحملُ الرأسُ عينين مركبتين وعيوناً بسيطة، وقرنيْ استشعار تُحِسُّ بهما الحشرةُ الظروفَ الطبيعيةِ، كالحرارةِ والرُطوبةِ وسرعةِ الرياح.
وتحملُ الرأسُ أيضاً أجزاء الفمِ التي تختلفُ وِفْقاً لنوع الغذاءِ الذي تأكله الحشرةُ، فمن أشكالِها الأجزاءُ القارضةُ كما في الجرادِ.
واللاعقة كما في شغالَةِ نحل العسل، والماصَّة كما في الفراشاتِ، والثاقبةِ الماصَّة كما في إناث البعوض، والإسفنجية كما في الذبابةِ المنزلية.
ويَحمل الصدرُ زوجاً من الأرجلِ على كل حَلقاتِه الثلاثة، وزوجاً من الأجنحة على كل من الحلقتين الثانية والثالثة.
ويتكوَّنُ البطنُ من عدةِ حلقاتٍ، ويحملُ في نِهايتِه بعضَ زوائدَ الحسَّ وأعضاء التزاوج، كما يحتوي بداخِلِهِ على الجزء الأكبر من أجهزة الجِسم الرئيسية.
وقد يُخطيء بعضَ الناس بإطلاقِهم صفة الحَشَرةِ على أية هائمةِ ضارةٍ مثل، العقارب والعناكب والثعابين وغيرها، وهذه كلها ليس لها أوصافُ الحشراتِ التي ذكرناها، وأوضحُها الأرجلُ السِتُّ.
والحشراتُ مخلوقاتٌ صغيرةُ الحجم يبلغ متوسط طولِها عِدَّةُ مليمتراتٍ. ولا يتجاوزُ طولُ بعضِ أنواع الذباب البالغ 2 ملم، ويمكن لأنواعٍ منَ الخنافسِ أن تمر خلال ثقبِ إبرةٍ.
ويصل طولُ أكبر أنواعِ الخنافِسِ إلى 15 سم، وتصلُ المسافةُ بين جناحي بعضِ الفراشات العملاقةِ إلى 25سم.
وجسمُ الحشرةِ مهما بلغَ صِغَرُه يحتوي أجهزةً داخلية كاملة التكوين: جهازاً لهضم وامتصاص الطعام، وجهازا إخراجيا، وجهازا عصبياً مكونا من مخ وحبل عصبي، وعقد عصبية تخرج منها تفرعات إلى جميع أجزاء الجسم، ودورةً دموية، وجهازاً تناسلياً في الذُكورِ يُفرِزُ ملايين الحيوانات المنوية، وآخر في الإناث يفرز بيضاً قد تصل أعداده إلى عدةِ ملايين تضعها الأنثى الواحدة.
وجسم الحشرةِ محاطٌ بغطاءٍ جامدٍ كالدرع مقوى بمادةٍ تُسمى كيتين، وهو صلب غيرُ مُنفذٍ للماء، وبذا يقي الحشرةَ الجفاف، ولكنه لين بيَّنُ الحلقاتِ، بحيث تسهل الحركةِ والانثناء.
وقد ظهرت الحشراتُ على وجه البسيطة منذ حوالي 300-400 مليون سنة.
وتنمو معظم الحشراتِ من بيضةٍ قد تفقسُ منها حوريةٌ تُشبهُ الحشرةَ البالغة في صِفاتها وطرائقِ معيشتها، ومع انسلاخها عدةَ مراتٍ تصل إلى الطور الكاملِ كما هي الحالُ في الجرادِ والصراصير.
وقد يخرجُ من البيضةِ يَرقةٌ دوديةُ الشكل، مثالُ ذلك دودة أبي دقيق الكرنب، ودودة الحرير، وهذه تأكل أوراق النباتات بشراهة، وتنسلخُ مَراتٍ حتى تتحول إلى عذراء ساكنة، يخرج منها بعد فترةٍ حشرةٌ بالغةٌ مجنحة.
وللعديد من الحشرات مقدرةٌ فائقةٌ على التكاثرِ، فأنثى الأرَضةِ (النمِل الأبيض) قد تضعُ مليونَ بيضةٍ كُلَّ عام، ولمدة خمسةٍ إلى خمسةٍ وعشرين سنةً.
وقد ساعدت هذه المقدرة الهائلة في التكاثر على أن تنتشرَ الحشراتُ، وتتأقلَمُ في بيئات مُتعَدِدةٍ قد لا تخطرُ على البال. فالحشراتُ تشغَل كل حَيّزٍ بيئي على اليابسة، وفي البحار والأنهار والمستنقعات، والمياهِ الباردةٍ إلى درجة التجمدِ، وينابيع الماء الساخنة حتى درجة 50م.
وتعيشُ يرقاتُ ذبابِ البترولِ في أحواضِ البترول المحيطة بآبار الزيوت، ويعيش الملايين من يرقات بعض أنواع الحشرات في البُحيرات المالحة العظمى.
وتعيش بعض أنواعِ الحشراتِ فوقَ أجسام الحيوان والنباتِ والإنسان، أو في داخل أجسامها، وفي الموادِ المُتَعفَنة والمتحللة والحبوبِ الناضجةِ والمخزونة وداخلَ أنسجةِ الأشجار الخشبية، وتحتَ قَلَفها، وينخرُ العديدُ منها في الأخشاب الميتةِ والمتساقطة.
وقد أدى التكاثرُ الهائلُ للحشرات في أزمنة قصيرةٍ إلى اكتسابِها مناعةَ ضد المبيداتِ الحشرية، مما جعل علماءَ المبيداتِ يتسابقون إلى اكتشافِ مبيداتٍ جديدة. ولكن يوجد لحسن الحظِ توازنُ بيولوجي طبيعي بين أنواعِ الحيوان والنباتِ.
فتقضي العواملُ الجويةٌ والعواملَ الطبيعية على أعدادٍ كبيرة منها، بل هناك حشراتٌ تقضي على الحشرات الضارة بافْتراسِها والتطفلِ عليها.
وقد أصبحت المكافحةُ الأحيائية، أي مُكافحةُ الأحياء الضارة بأحياء أخرى تقضي عليها، من أهم طرق الإقلال من أضرارها؛ فمثلا تتغذى حشرةُ خنفساء أبي العيد ويرقاتُها على بيض فراشات ديدان القطن، وتتغذى يرقاتُ أسد المنَّ على حشرات المن، وهكذا ..
ولا يخلو عالم الحشرات من العجائب، فإذا كان بجسم الإنسان خمسمائة عضلةٍ، فإن لبعض الحشرات أربعةُ آلافِ عضلةٍ!! ويحمل قَرْنا استشعار الصرصور 40,000 عُضو للشمَّ.
وتقعُ أعضاءُ سمْعِ الحفّار، وبعض أنواع الجراد على أرجلها الأمامية على هيئة غشاءٍ يشبهُ طبلةَ الأّذُن. أما العيون المركبةُ للحشرات، فتتكون من مئات بل آلاف العدسات البسيطة، ويبلغ عددُها 30,000 في حشرة الرعَّاش.
ولبعضِ أنواع الزنابير آلةُ وَضْع بيضٍ تشبه الشعرة، طولُها 10 سم، ولها القدرةُ على اختراق الخشب الصلب.
وتتذبذبُ أجنحةُ الحشراتِ بِضعٌ ومئةُ ذبذبةٍ في الثانية الواحدة. ويطيرُ ذباب التنين بسرعةِ كيلو متر في الساعة.
ويهاجر أبو دقيقٍ الإمبراطوري من أمريكا الشمالية إلى جزر هاواي في رِحلةٍ تبلُغ 3200 كيلو متر. وتقطعُ أسرابُ أبي دقيقٍ السيدةُ المنقوشةُ الرحلةَ من شمال إفريقيا عبر أوروبا، فيصلُ بعضُها أيسلندا على بعد 6400 كيلو متر. وتحمل نحلة العسل 60% من وزن جسمها من حبوب اللقاح.
كذلك تستطيع نملة صغيرة حمْلَ حجرٍ يبلغ خمسين مرةً قدْرَ وزْنِها. وتقومُ شغالاتُ نحل العسل ب 80,000 رحلة، مجموع أطوالِها يُعادلُ ضِعْفَ مُحيطِ الكرةِ الأرضية، لجمع الرحيقِ والمحاليل السكرية لإنتاج رَطْل من العسل.
وتتغذى يرقات فراشة الحرير على حوالي طن من أوراق التوتِ، لكي تُنتِج رطلاً واحداً من الحرير.
وتعيش بعضُ ملكاتِ النملِ الأبيض خمسين عاماً، وقد تعيش مئةَ عام ( أنطر: أرضة). أما النملُ فيعيش نحو 16 عاماً، وينقضُ ذباب التنين أثناء طيرانه السريع على الذباب والبعوض في الجو، وقد وُجِدت إحداها وفي فمها أكثرُ من مئةِ بعوضةٍ.
وهناك أنواعٌ من النمل تستعبدُ أنواعاً أخرى ضعيفةً لتضَعَها في خِدمَتِها، فتسرق شرانقَ النوع الضعيف وتضعه في أعشاشِها، وعندما تفقس الشغالةُ الجديدة تعمل في خدمة سادتها مقابلَ الحصولِ على الغذاء.
وللحشراتِ وسائلُ فعالةٌ للدفاع عن نفسها، فبعضُها يهرب بسرعةٍ فائقةٍ، وبعضها يتظاهر بالموت عند شعوره بالخطر ، فيبدو كقطعة قاذوراتٍ.
وتمد بعضُ الديدان أجسامها على هيئة فرع من فروع النبات الذي يعيش عليه، فيصعب تمييزها.
وتفرز أنواع أخرى سوائل كريهة الرائحة لطرد العدو، وبعضها يفرز سائلاً مُهيجاً يسلع منْ يحاول الاقترابَ منه . هذا كلُهُ فضلاً عن لسع النحل والزنابير الموجع شديد الأذى.
وللحشراتِ وسائلُ مختلفةٌ للتواصُلِ بين أفرادِ النوعِ الواحدِ، فمن أصواتٍ ونغماتٍ ذاتِ مدلولاتٍ خاصة، كما هي الحال في صراصير الغيط، وبق السيكادا، والنحل الطنان، أو حركات إيقاعية محددة يتفهمها الأفرادُ جيداً، مثلما يحدث في رقصات شغالةِ نحلِ العسلِ..
وقد يتمُ التفاهُمُ بإصدارِ إشارات ضوئيةٍ ذاتِ ومضاتٍ مثل الفنارات، كما يفعلُ ذبابُ النارِ بأواسط أفريقيا وأمريكا.
وتُصدرُ بعضُ الحشرات روائح معينة يتميز بها النوع بدرجةٍ من الدقة، وقد تُميِّز كلَّ جماعةٍ من جماعات النوع الواحد، ونجد أمثلةً كثيرةً منها في الفراشات والنمل والنحل، وهذه الروائحُ المُميزة تسمى «فيرومونات».
والعديدُ من الحشرات يعيش معيشةً اجتماعية، حيث تختص كُلُّ فئةٍ من أفراد النوع بأداءٍ عملٍ محدد بالمستعمرة، كما هي الحال في النحل والنمل والأرضةِ (النملُ الأبيض).
فالشغالةُ تقومُ بمعظم أعمال المُستعمرة، مثل تنظيفها وجمعِ الغذاء ورعاية الملكة (الأنثى)، والتي يقتصرُ نشاطُها على وضْع البيضِ، وتختص الذكور بتلقيح الأنثى. وللنمل الأبيض جنودٌ لها فكوكٌ صلبةٌ للدفاعِ عن المستعمرة.
وبعضُ الحشراتِ يُلحقُ أضراراً بالإنسان، إذ يشاركه غذاءهُ ومحصولاتِهِ وحبوبَهُ ومواده المخزونة، مثال ذلك الجراد وديدان القطن والسوس والخنافس والعث.
ويهاجم النملُ الأبيض المنشآت والمصنوعات الخشبية فيُحيلها إلى كِياناتٍ هشةٍ تذروها الرياحُ.
ونوعٌ آخر من الحشرات ينقل الأمراضَ للإنسان، فالذُبابة المنزلية تنقل إليه نحو 15% من الأمراض المعدية، مثل النزلات المعوية والكوليرا والسل وأمراض العيون.
ويتراوح عددُ الجراثيم التي تحملها الذبابة الواحدة بين مليون وستة ملايين جرثومة، وينقل البعوض طفيليات الملاريا التي تصيب حوالي 800 مليون شخص في العالم، كما ينقل الحمى الصفراء الأشد فتكاً من الملاريا، وكذلك حمى الدنج وداء الفيل.
وتمتص البراغيثُ دمَ الإنسان والحيوانِ، وتنقل الطاعونَ أو الموتَ الأسود والتيفوس، وينقل القمل مرض الحمى الراجعة والتيفوس. وتنقل بعض أنواع الذباب (تسي تسي) في إفريقيا مرض النوم.
وينقل بعضَ الأنواع ديدانُ الفيلاريا التي تصيبُ الإنسانَ بالعمى، حيث يُصابُ بها 6%من سكان بعض مناطق أفريقيا. وينقلُ ذباب الرمل مرضَ الليشمانيا، وهو يكثر بالمنطقة العربية.
وتُسدي بعضُ أنواع الحشرات خدماتٍ جليلةً للإنسان؛ فصناعةُ الحرير الطبيعي من شرانق فراشات دودة القز، تُدِرُّ عائداً يقدر بملايين الدولارات، وكذلك عسل النحل الذي يُعتبرُ من المنتجات المهمة في مُعظم بُلدان العالم..
وتقوم الحشرات بتلقيح العديدِ من المحاصيل الزراعيةِ والبُستانيةِ.. وتُنتِجُ بعضُ الحشراتِ القشرية مادةَ الشيلاك للصناعةِ، وتقوم الحشراتُ الأرضيةُ بتهويةِ جزئيات التربة.
وتقوم بعضُ الحشرات الطفيلية والمفترسةِ بمهاجمة العديد من الحشرات الضارة، وتُعتبرُ بذلك من أهمّ عناصر المكافحة المتكاملة للحشرات الضارة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]