نبذة تعريفية عن “العصر الجليدي” وأسباب حدوثه
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الرابع
KFAS
العصر الجليدي أسباب حدوث العصر الجليدي علوم الأرض والجيولوجيا
أصبح شائعاً اليوم استخدام مصطلح «العصر الجليدي» (Glacial Epoch or Age) لكي يرمز بوجه خاص إلى تلك الفترة الزمنية التي ساد فيها المناخ الشديد البرودة.
وحدث فيها الجليد وتكونت الغطاءات الجليدية العظمى خاصة في نصف الكرة الشمالي خلال عصر البلايوستوسين.
ويعزى السبب في ذلك إلى انتشار رواسب جليد البلايوستوسين في معظم أجزاء سطح الأرض من جهة، وإلى أنه أحدث عصر جليدي انتاب كوكب الأرض وظهر الإنسان خلاله من جهة أخرى.
وقد أكدت نتائج الدراسات الجيولوجية حدوث فترات جليدية عظمى أخرى خلال التاريخ الجيولوجي الطويل لقشرة الأرض، ومن أقدمها جليد فترة ما قبل الكمبري(Pre-Cambrian Glaciation).
ويرجح بعض الباحثين أن الفترات الجليدية كثيراً ما تحدث عقب انتهاء بناء السلاسل الجبلية العظمى بعد حدوث حركات الرفع التكتونية العظمى.
أسباب حدوث العصر الجليدي:
وعلى الرغم من أن فترة جليد البلايوستوسين هي أحدث الفترات الجليدية وأن تكويناتها تنتشر في جهات متفرقة من سطح الأرض، إلاّ أنه حتى الوقت الحاضر – لم تحدد بالضبط العوامل أو الأسباب الفعلية التي أدت إلى حدوث الفترات المناخية الباردة وتكوين الغطاءات الجليدية.
وقد رجح العلماء عدة افتراضات لتفسير حدوث الذبذبات المناخية (Climatic Fluctuations) وتكوين الفترات أو العصور الجليدية، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
أ- حدوث تغيرات طارئة في حركة كوكب الأرض:
وذلك لتغير المدار الذي تتحرك فيه الأرض لحدوث اختلافات بسيطة في درجة ميل محور الأرض. وتعد هذه التغيرات وقتية طارئة، قد ينجم عنها اختلاف في مدى فعالية العناصر المناخية ومجالات تأثيرها.
ومن ثم قد تكون الفترات المناخية الباردة وتكوين الغطاءات الجليدية انعكاساً لاختلاف المؤثرات الحرارية خلال هذه الفترة.
ب- تغير مركز القطبين بالنسبة لأجزاء قارات سطح الأرض:
يؤكد بعض العلماء أن هذا العامل يعد أهم العوامل المسؤولة عن حدوث الجليد. وحيث أن مركز القطبين لم يتغير خلال عصر البلايوستوسين، فإن هذا العامل قد يتفق مع حدوث العصر الجليدي الكربوني.
ويعزو أصحاب هذا الرأي حدوث الفترات الجليدية خلال نهاية العصر الكربوني إلى تغير مركز القطبين بالنسبة لأجزاء قارات سطح الأرض، عندما كانت متجمعة في نصف الكرة الجنوبي وفي المناطق القطبية الجنوبية قبل عملية تكسرها وزحزحتها الأفقية.
ج- اختلاف المظهر التضاريسي العام لسطح الأرض:
ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن حدوث الفترات الجليدية قد يرجع إلى اختلاف كل من المظهر التضاريسي العام والتوزيع الجغرافي لليابس والماء خلال العصور الجيولوجية المختلفة.
فقد نجم عن حدوث الحركات البنائية التكتونية العظمى (Major Orogenesis) (الحركات الكاليدونية والهرسينية والألبية) بناء السلاسل الجبلية العظمى والتي انبثقت من قاع المحيطات الجيولوجية القديمة (مثل سلاسل الألب وسلاسل الهيملايا وسلاسل الروكي والأنديز).
وربما نتج عن زيادة منسوب أراضي اليابس أن تغير المناخ وأصبح أكثر برودة. وهكذا نلاحظ أن بعد كل حركة بناء تكتونية يتبعها تغيرات مناخية وحدوث فترات جليدية.
فالعصر الجليدي الكربوني أعقبه حدوث الحركات التكتونية الكاليدونية والهرسينية عند نهاية الزمن الجيولوجي الأول، وأما العصر الجليدي البلايوستوسيني فقد حدث هو الآخر خلال عصر البلايوستوسين، وذلك بعد انتهاء حدوث الحركات التكتونية الألبية عند نهاية الزمن الجيولوجي الثالث.
د- تغيرات في التركيب الكيميائي لعناصر الغلاف الغازي:
ويعتقد مؤيدو هذا الرأي أن حدوث أي اختلافات جوهرية في التركيب الكيميائي لعناصر الغلاف الغازي من شأنه أن يؤدي إلى تشكيل سطح الأرض بأنواع مختلفة من المناخ.
فمن المعروف أن غاز ثاني أكسيد الكربون يمتص نسبة بسيطة من الإشعاع الأرضي، وعلى ذلك ينتج عن زيادة نسبته في الغلاف الغازي ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الأرض والعكس صحيح كذلك.
هـ – اختلاف الطاقة الحرارية المنبعثة من الشمس:
ويرجح أصحاب هذا الرأي أن نجم الشمس العظيم مثله كمثل كوكب الأرض الصغير، من حيث تعرض كل منهما لتطورات وحركات باطنية ناشئة عن نشاط المواد المشعة الموجودة في باطنهما.
وينتج عن تعرض نجم الشمس لذلك النشاط الباطني بين عناصر مواده حدوث انفجارات هائلة في جسمها وتظهر على سطحها على شكل ما يسمى بالبقع الشمسية (Sun Spots).
وقد يكون لنشاط هذه البقع الشمسية أثره في اختلاف الطاقة الحرارية والإشعاعية المنبعثة من الشمس إلى الأرض بين فترة زمنية وأخرى.
ويستعين العلماء بالأدلة الجيومورفولوجية والجيولوجية لمعرفة التغيرات المناخية التي طرأت على مناخ البلايوستوسين.
فقد أكدت نتائج هذه الدراسات أن درجة حرارة الهواء في العروض المعتدلة والباردة خلال فترات الجليد البلايوستوسيني كانت قيمتها أقل انخفاضاً عنها في الوقت الحاضر بما يتراوح من 4º – 10º س.
ومما يؤكد ذلك ما يلي:
أ- الامتداد السابق للغطاءات الجليدية والتي كانت تصل إلى دائرة عرض 50º شمالاً في أوروبا وإلى دائرة عرض 38º شمالاً في أمريكا الشمالية.
ب– انخفاض منسوب خط الثلج الدائم خلال الفترات الجليدية البلايوستوسينية بنحو 1000 متر عن مستواه الحالي.
وقد استنتج العلماء ذلك من دراستهم لمواقع الحلبات الجليدية القديمة (Ancient Cirques) على منسوب 1000 متر أسفل منسوب الحلبات الجليدية الحديثة في بعض المناطق الجبلية في العروض المعتدلة.
ج- دراسة الأدلة الجيومورفولوجية المتنوعة والتي تؤكد أن مناطق الأراضي المتجمدة كانت أعظم مساحة وامتداداً في العروض المعتدلة والباردة عن مساحتها اليوم.
د- عثور الباحثين على بقايا حيوانية ونباتية مترسبة ومنطمرة في التكوينات الإرسابية الجليدية، تدل على حدوث ذبذبات مناخية تتمثل في تعاقب فترات جليدية باردة وأخرى غير جليدية دفيئة.
وتنبغي الإشارة إلى أن معلوماتنا عن كمية التساقط خلال العصر الجليدي تعد محدودة جداً.
ويعتمد الباحثون لمعرفة ذلك على دراسة التوزيع الجغرافي السابق للبحيرات في العروض شبه المدارية كما هو الحال في جنوب غرب الولايات المتحدة وشمال أفريقيا.
وكذلك يعتمدون على دراسة التوزيع الجغرافي للأودية الجافة وشبه الجافة في الصحاري الحارة الجافة اليوم، ودراسة امتداداتها وأعماقها للاستدلال على حجم مياه الأمطار التي كانت تسقط خلال الفترات المطيرة في المناطق التي هي جافة اليوم.
ومن المعروف أن بناء جسم الثلاجة، والغطاءات الجليدية بأحجامها الكبرى التي كانت عليها خلال الفترات الجليدية من العصر الجليدي البلايوسيتوسيني يلزمه كميات هائلة من التساقط الثلجي، وهي أضعاف مضاعفة لحجم ما يتساقط منه اليوم.
وهكذا يستخلص العلماء من دراسة هذه الأدلة على أن كمية التساقط خلال الفترات الجليدية في العروض الباردة وخلال الفترات المطيرة في العروض المدارية، كانت أعظم بكثير من كمية التساقط السنوي اليوم عند نفس هذه العروض السابقة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]