نبذة تعريفية عن “الهَنْدَسَة” وأقسامها

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الهَنْدَسَة أقسام الهندسة الرياضيات والهندسة الهندسة

الهَنْدَسَةُ، وكما عرَّفها المُهَنْدِسُ الإنْجليزيّ (نِرْدُ جُولد) عامَ 1818 لأَوَّلِ مَرَّةٍ، هي «فنُّ تَوْجيهِ مَواردِ القوى الهائِلَةِ في الطَّبيعةِ لصالح الإنسانِ وراحتِهِ».

أو هي «مِهْنةُ مُمارسَةِ تَطبيقِ المَبادِئِ العِلْمِيَّةِ لعلومِ الفِيْزياءِ والرِّياضياتِ والكيْمياءِ لِتَصْميمِ مُنْتَجٍ أو سِلْعَةٍ أو مَنْشأٍ معيَّنٍ».

ولمْ تَتَبَلْوَرِ الهَنْدسةُ كمِهْنةٍ بمَفْهومِها المُعَاصرِ قبلَ القرنِ الثَّامنَ عَشَرَ. فكانَ قُدماءُ المِصْريينَ مثلاً يُطلقونَ اسمَ النَّجّارِ أو البَنَّاءِ الملكيِّ على كلِّ مَنْ يُمارسُ فَنَّاً مُعَيَّناً من فنونِ الهَنْدسَةِ.

 

وأمَّا اليُونانيون فكانُوا يُسَمُونَهُ «أرشيتكتون» أي «سيِّد البنَّائينَ» ويُطلَقُ اليَومَ اسْمٌ مُشْتَقٌ منهُ على المُهندسينَ المِعْماريينَ.

ويُعتَقَدُ أَنَّه لم يَقتربْ من اسْمِ الهَنْدسةِ كثيراً إلَّا الرُّومانُ الَّذين أَطْلَقُوا اسمَ «إنجنياري» على صَانعِ الأَجْهزةِ والمُعدَّاتِ والمُنْشآتِ العَسْكريَّةِ.

وقد عُزِّزتْ هذهِ الكلمةُ فيما بَعْدُ باخْتراعِ الآلةِ البُخَاريَّةِ، ومنها اشْتَقَّ اسمُ أو لَقبُ المُشْتغِلِ بالهَنْدسَةِ حتّى اليومِ واصطُلِحَ أنْ يكونَ «مُهَنْدِساً».

 

ومن ناحيةٍ أُخرى فقد اشْتَقّ ابنُ سِينا كلمةَ هَنْدسةٍ للدَّلالةِ على أحدِ فروعِ «الجِيُومطريقا» من كلمَةِ إنذارةٍ الفارسيَّةِ بمَعْنَى هَنْدسةٍ وأَصْلَها إندازٌ. وقدْ تطوَّرتِ الجِيُومَطريقا فيما بَعْدُ إلى جيُومِتري أيْ هَنْدَسَةِ الشَّكْلِ.

وقد بَرَعَ المِصْريونَ القُدماءُ في الهَنْدسةِ وبخاصَّةٍ الإنشائيةُ مِنْها كما في أَهْراماتِ الجِيْزَةِ الثَّلاثة كما تَوَسَّعَ الرُّمانُ في اسْتِخْدامِ الهَنْدسةِ خُصوصاً بعدَ اسْتِخدامِ الأَسْمنتِ في أَغْراضٍ مُختلفةٍ كإِنشاءِ شَبَكاتِ الطُّرُقِ وحَلَبَاتِ الرِّياضة والحَمَّاماتِ العامَّةِ والجُسورِ وغَيْرِها.

وقد ساهَمَتِ الحَضَارَةُ الإسْلاميَّةُ في الرِّياضياتِ والعُلومِ في تَطويرِ الهَنْدسَةِ ومنْ أهمِّ عُلمائِها في هذا الخصوصِ الخَوَارِزْميُّ وعُمَرُ الخيام والبَيْرُونيُّ وابنُ الهَيْثَمِ وحسنُ بنُ مُوسَى بنُ شَاكرٍ وكثيرونَ غيرُهُمْ.

 

وتَدْريجيَّا أَصْبَحَتِ السِّماتُ الأَسَاسِيَّةُ التَّاليَةُ تُميزُ المُمَارِسَ لِمِهْنَةِ الهَنْدَسةِ في وَقْتِنا الحاضِرِ، فهوَ يَجِبُ أنْ يَتَمتَّعَ بِقدراتٍ أربعٍ:

قُدْرةٍ على الفِكْرِ الإبداعِيِّ الحُرِّ المُسْتقِلّ، وقُدْرةٍ على التَّخَيُّلِ والتَّصوّرِ، وقُدْرةٍ على تَوْصيفِ المُشْكلاتِ وتَحْلِيلِها وإيْجادِ الحلولِ لها والمُفاضَلَةِ بَيْنَ هذهِ الحلولِ، وقُدْرةٍ على المُواءَمةِ بينَ مُقَتَضَيَاتِ عَملِهِ ومُتَطلباتِ بيئتِهِ.

وقَدْ تَطوَّرتِ الهندسةُ تَطوُّراً كبيراً بتطوّرِ احْتياجاتِ الإنسانِ عبرَ التاريخ، وأصْبَحتِ الآنَ تَضمُّ أَقْسَاماً أو مَجَالاتٍ كثيرةً يختصُّ كلٌّ مِنْها بمَهَامَّ مُحَدَّدَةٍ، لعلّ من أهمَّها:

 

1- الهَنْدَسَةُ المَدَنيَّةُ: وتهتمُّ بتصميمِ وإنْشاءِ المُنْشآتِ الَّتي يَسْتخدمُها الإنسانُ في مُختلفِ أَغراضِهِ الحَيَاتيَّةِ كالسَّكنِ والمُواصلاتِ مِثْلِ المَنازلِ والمطاراتِ والمَوَاني والخَزَّاناتِ والسّدودِ والجُسورِ والطُّرقِ وغيرِها.

وتَنْقسمُ الهَنْدسَةُ المَدَنيَّةُ إلى تَخَصُّصَاتٍ دَقيقةٍ مُتعدِّدَةٍ كعِلْمِ التَّربةِ والأساساتِ، وعِلْمِ إدارةِ التَّشييدِ وطُرقِ البْناءِ، وعِلْمِ هَنْدسةِ الإنْشاءاتِ، وعلمِ الطُّرقِ والمُواصلاتِ، وعِلْم مَواردِ المياهِ، وعِلْمِ الهَنْدَسَةِ الصّحيَّةِ، وعِلْمِ هَنْدَسةِ السَّواحِلِ.

 

2- الهَنْدَسَةُ الميكانيكيةُ: وتَهتمُّ بالآلاتِ المِيكانيكيَّةِ من تَصْميمٍ وصِناعةٍ وتَشْغيلٍ وفَحْصٍ وصِيانَةٍ، وتَصْنيعِ المَرْكباتِ المُخْتَلفةِ كالسَّياراتِ والقِطاراتِ والطَّائراتِ، وأَجْهزةِ التَّدفئةِ والتبريدِ، وأجهزةِ توليدِ الطَّاقَةِ، وغيرِ ذلكَ.

وتَنْقسمُ الهَنْدَسةُ المِيكانيكَّيةُ إلى تَخَصُّصَاتٍ دَقيقةٍ مُتَعدِّدَةٍ مثلِ: تَصميمِ الآلاتِ والأَجْهزةِ، وتَخْطيطِ الصِّناعةِ والإنتاجِ، وتَوْليدِ القُوَى، وتَحْلِيَةِ المِياهِ، والتَّكييفِ.

 

3- الهَنْدَسَةُ الكَهْربائيَّةُ: وتَهتمُّ بالأجْهزةِ الَّتي تُدارُ بالكهرُباءِ، وتَنْقسِمُ إلى أَقْسامٍ أربعةٍ هي: القُوَى والآلاتُ، والإِلِكترونيَّاتُ، والاتِّصالاتُ، ونُظُمُ التَّحَكُمِ.

 

4- هَنْدَسَةُ الكُومْبيُوتَرِ: وتَهتمُّ بصِنعةِ أَجْهزةِ الكومبيوترِ، حيثُ يَقومُ مُهَندِسُو الكومبيوترِ بِتَصْمِيمِ وصِناعةِ مُكَوِّناتِ الكومبيوترِ من لَوْحَةٍ رئيسةٍ وذَاكرَةٍ وَوَحْدةِ تَشْغيلٍ وكماليَّاتٍ مُتعددةٍ.

وقد بدأَ هذا التَّخصصُ كجُزْءٍ من الهَنْدَسَةِ الكَهربائيَّةِ ولكنَّهُ تَطوَّرَ الآنَ كتَخصصٍ مُسْتَقلٍّ نَظَراً لأَهَميِتَهِ.

وممَّا يُذْكَرُ أنَّ أوَّلَ كومبيوترٍ تمَّ صنعُهُ كانَ كبيرَ الحَجْمِ جِدَّاً ولكنَّهُ الآنَ يُصنعُ بأحْجامٍ صَغيرةٍ لا تَتَعَدَّى حجمَ كفِّ اليدِ. وتَعْتمدُ فكرةُ الكومبيوترِ على الصّفْرِ والوَاحِدِ بالإضَافَةِ إلى بَرامجَ مُكوَّنةٍ من تَعْليماتٍ مُحدَدَةٍ لعملِ مُهمَّاتٍ مُحدَّدَةٍ.

 

5- هَنْدَسَةُ البِتْرولِ: وتَهْتمُّ بِدِراسةِ أَفْضلِ السُّبُلِ لإنتاجِ البِترولِ وبأقلِّ تَكْلِفةٍ.

ويقومُ مهندسُ البِترولِ بِدايةً بتحديد كميَّاتِ البِتْرولِ المُتَاحَةِ في باطِنِ الأرضِ وأماكنِ تَوَاجدِها وأعْماقِها وكيْفيَّةِ اسْتخراجِها. 

ومِنْ ثَمَّ تَحْدِيدُ طريقةٍ مُناسبةٍ لحَفْرِ بِئْرٍ وهي عَمَليّةٌ فنيَّةٌ تَتَطلَّبُ معرِفةً بأُسسِ كلٍّ مِنَ المِيكانيِكا والدِّينامِيكا والأَساليبِ المُخْتلفةِ للحَفْرِ وكَيْفيةِ حِمايَةِ جُدرانِ البئرِ من الانْهيارِ وغيرُها كثيرٌ.

وتنقسمُ هَنْدسَةُ البترولِ إلى تَخصُّصاتٍ دَقيقةٍ مُتَعدِّدَةِ مثلِ: هَنْدسةِ المَكامنِ البِتروليَّة، وهَنْدسةِ حَفْرِ الآبارِ، وهَنْدسةِ الإنتاجِ، إلخ.

 

6- الهَنْدَسَةُ الكِيميائِيَّةُ: وتَهْتَمُّ بِتَصْميمِ وإِنْشاءِ وإدارةِ المَصَانعِ الَّتي تَكُونُ التَّفاعلاتُ الكِيميائيَّةُ هي أساسَ عَمليَّاتِها.

وتَنقسِمُ الهَنْدَسَةُ الكِيميائِيَّةُ إِلى تَخصُّصَاتٍ دَقِيقةٍ مُتَعدِّدَةٍ مِثْلِ: هَنْدَسَةِ تَكْريرِ البِترولِ، وهَنْدَسةِ الغازِ، وَهَنْدسةِ التَّآكلِ، وهَنْدَسَةِ الصِّناعاتِ البِتْروكيميائيَّةِ، وهَنْدَسةِ تَحْلِيَةِ المِياهِ، وهَنْدسةِ مُعَالجَةِ المِياهِ المُلَوَّثَة، وهَنْدَسَةِ البِيْئَةِ، إلخ.

 

7- الهَنْدَسَةُ الصِّناعيَّةُ: وتَهْتَمُّ بِإدارةِ الآلاتِ والمَصَانعِ والتَّشغيلِ الآمِنِ لها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]