الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن خصائص “الصقر”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الصقر خصائص الصقر الحيوانات والطيور والحشرات المخطوطات والكتب النادرة

مِنَ الطُّيورِ رُتْبَةٌ (أي مَجْموعةٌ كبيرَةٌ) تضمُّ نحوَ 300 نوعٍ منَ الطُّيورِ الّتي تصيدُ في النَّهارِ.

ويُطْلِقُ العُلَماءُ علَى هذهِ الطُّيورِ الصَّيَّادَةِ النَّهارِيَّةِ اسمَ «الصَّقْرِيَّات»، تمييزًا لها عن مَجموعةٍ أُخْرَى منَ الطُّيورِ تصيدُ باللَّيلِ، وهي البُومُ.

وتَتَميَّزُ أَنواعُ الصَّقْريَّات بخَصائِصَ عامَّة تُناسِبُ قُدْرَتَها وبَراعَتَها في الصَّيدِ، ولكنَّها تَخْتلِفُ فيما بينَها في أحْجامِها وأشْكالِها، لذلِكَ يُصَنِّفُها العلماءُ مَجْموعاتٍ أَصْغَرَ أو «فَصائِلَ». ومن هذه الفَصائِلِ النُّسورُ، والعُقْبان، ومنها الصقورُ من أَعْضاءِ «الفصيلَةِ الصَّقْرِيَّةِ».

 

وتَضُمُّ الفصيلَةُ الصَّقْرِيَّةُ نحوَ 60 نوعًا منَ الصَّقْريَّاتِ ذَواتِ الأَحْجامِ المُتَوَسِّطَةِ أو الصَّغيرَةِ. وهي ذَواتُ أجْسامٍ مُمْتَلِئَةٍ، وصُدورٍ عَريضَةٍ، ورُؤوسٍ كبيرَةٍ نِسْبِيًّا، وعُيونٍ واسِعَةٍ حادَّةِ النَّظراتِ.

ولكنَّ أَبرزَ ما يُمَيِّزُ هذهِ الطيورَ أنَّ لها مناقيرَ قصيرةً قَوِيَّةً، مُقَوَّسَةً، ذاتَ طَرَفٍ مُحَدَّدٍ. وفي بعضِ الأَنْواعِ توجَدُ في الشِقِّ العُلْوِيِّ منَ المِنْقارِ سِنٌّ صَغيرَةٌ تَبيتُ في ثُلْمَةٍ تُناسِبُها في الشِّقِّ السُّفْلِيِّ حينَ يُطْبِقُ الطَّائِرُ مِنْقَارَه؛ وهذا يمَكِّنُ المِنْقارَ من التَّمَسُّكِ بِقُوَّةٍ بِما يَقْبِضُ عَلَيْهِ.

وهي تَتَميَّزُ أيضًا بأرْجُلٍ قِصارٍ قَوِيَّةٍ تنتهي أَقْدامُها بِمَخالِبَ حادَّةٍ بالِغَةِ القُوَّةِ. وهاتانِ المَيْزَتانِ تُناسبانِ تمامًا طبيعَةَ هذهِ الطُّيورِ الكَواسِرِ.

 

وتتفاوَتُ أَلْوانُ طيورِ الفصيلَةِ الصَّقْرِيَّةِ في أنواعِها المختلِفَةِ. ولكنْ يَغْلُبُ عَلَيْها اللَّوْنُ البُنِّيُّ أو الرَّمادِيُّ الذي يميلُ إلَى الزُّرْقَةِ أحْيانًا. ويَنْتَشِـرُ في اللَّوْنِ العامِّ نُقَطٌ وخُطوطٌ قاتِمَةٌ أو سَوْداءُ.

ولِمُعْظمِ هذهِ الطيورِ أَجْنِحَةٌ طِوالٌ تَنْتَهِي بأطْرافٍ دِقاقٍ، وأَذْيالٌ طِوالٌ أو مُتَوسِّطَةُ الطُّولِ، قد تكونُ مُخَطَّطَةً أيضًا.

وتتميَّزُ الصُّقورُ بِرَشاقَتِها وذَكائِها وبَراعَتِها في الصَّيْدِ. وهي – كما رَأَيْنَا – مُؤَهَّلَةٌ لِهذا على خَيْرِ وَجْهٍ، منْ حيثُ وَثَاقَةُ بُنْيانِها، وقُوَّةُ مناقيرِها ومَخالِبِها، وطولُ أجْنَحتِها.

 

وهي قادِرَةٌ علَى الطيرانِ السَّريعِ والتَّحْليقِ والمُناوَرَةِ، ولذلكَ يَغْلُبُ أنْ تصيدَ فَرائِسِها طائِرَةً في الجَوِّ. فيطيرُ الصَّقْرُ فوقَ فَريستِهِ، ثمَّ يَنْقَضُّ عَلَيْها في سُرْعَةٍ خاطِفَةٍ، ويُنْشِبُ فيها مَخالِبَهُ أو يَضْـرِبُها بها.

فإذا سَقَطَتْ الفَريسَةُ علَى الأرْضِ، انقضَّ عَلَيْها خافِقًا جناحَيْه، وقد يَحْمِلُها إلَى مكانٍ مُناسِبٍ آمِنٍ، ثمَّ يَسْتَعْمِلُ مِنْقَارَه ومَخالِبَهُ في تمزيقِها قبلَ الْتِهامِها.

وتَتَبايَنُ فَرائِسُ الصُّقورِ وَفْقًا لأَنْواعِها وأَحْجامِها. فهي قدْ تكونُ مِن القَوارض وغَيْرِها من صِغارِ الثَّدْيِيَّاتِ، أو الطّيورِ أو الزَّواحِفِ الصَّغيرَةِ، أو الضَّفادِعِ، أو الحَشَراتِ الكبيرَةِ.

 

أمَّا حَوَّامُ النَّحْلِ فقدْ يتضمَّنُ غِذاؤُهُ النَّحْلَ والعَسَلَ أَيْضًا. وتَتَعَفَّفُ الصُّقورُ عنْ أَكْلِ الجِيَفِ الميِّتَةِ، فلا تأْكُلُ في الغالِبِ إلاَّ ما تصيدُ، وهي في هذا تَخْتَلِفُ عَنْ مُعْظَمِ النُّسورِ الأَكْبَرِ مِنْها حَجْمًا.

وتعيشُ الصُّقورُ في أماكِنَ متبايِنَةٍ أَيضًا، فهي تَسْتَوْطِنُ الغاباتِ، والسُّهولَ المكشوفَةَ، والأَراضِيَ الزِّراعِيَّةَ، والأَجْرافَ الصَّخْرِيَّةَ.

وبعضُ الصُّقورِ، كالعَوْسَق، يعيشُ في المُدُنِ، ويُرَى مُحَلِّقًا في أجْوائِها، مُصْدِرًا صَيْحاتِهِ الحادَّةَ وبخاصَّةٍ في الصَّباحِ الباكِرِ وعِنْدَ الغَسَقِ.

 

وتَبْني الصُّقورُ عِشاشَها في أماكِنَ مُرْتَفِعَةٍ، كَقِمَمِ الأَشْجارِ السَّامِقَةِ. والعُشُّ خَشِنٌ يَتكَوَّنُ مِنَ الأَغْصانِ والأعْوادِ الجافَّةِ. وقد يحتلُّ الزَّوجانِ عُشًّا قديمًا مُناسِبًا بَناهُ بعضُ الطُّيورِ الأُخْرَى.

وتَضَعُ الأُنْثَى بينَ بَيْضَتَيْنِ وخَمْسِ بَيْضاتِ، تَرْقُدُ عَلَيْها حتَّى تُفْقَسَ. ويَشْتَرِكُ الزَّوجانِ في إِطْعامِ الصِّغارِ وحِمايَتِها وتَدْريبِها علَى الصَّيْدِ.

ومعظَمُ أنواعِ الفَصيلَةِ الصَّقْرِيَّةِ واسِعُ الانْتِشارِ في العالَمِ، وبَعْضُها له أَسْماءٌ خاصَّةٌ، مثل: البازي، والباشقِ، والحِدَأَةِ، وحوَّامِ النَّحْلِ، والشَّاهينِ، فهذِه كلُّها صُقورٌ.

 

ومن أنواعِ الصُّقورِ الأُخْرَى: الصَّقرُ الحُرُّ، وصَقْرُ الغَزالِ، وصَقْرُ الغُروبِ، وصَقْرُ الجرادِ الكبيرُ (العَوْسَقُ)، وصَقْرُ الجرادِ الصغيرُ (العُوَيَسِقُ) وهو أَصْغَرُ حجمًا من العَوْسَقِ ومخالِبُهُ بيضٌ، أمَّا العَوْسَقُ فمخالِبُه سُودٌ.

وهذه الأنواعُ هي منَ الطُّيورِ الّتي تَعْبُرُ الكُوَيْتَ وبلادَ الخليجِ الأُخْرَى في أثناءِ هِجْرَتِها، ولكنَّ أعدادًا من العَوْسَقِ تُقيمُ في الكويتِ. كذلكَ يُعَدُّ بَعْضُها منَ الطُّيورِ الأَوابِدِ في بلادٍ عربِيَّةٍ أُخْرَى، وبخاصَّةٍ الصَّقْرُ الحُرُّ، وصقرُ الغُروبِ، والعَوْسَقُ.

 

واليُؤْيُؤُ منَ الصُّقورِ الّتي تَعْبرُ بعضَ البلادِ العربيَّةِ، وهو صَقْرٌ جريءٌ صغيرُ الحجمِ.

وقد ذكرَهُ كمالُ الدين الدَّميرِيُّ المِصْرِيُّ (1341 – 1405م) في كتاب «حياة الحيوانِ الكُبْرَى»، واقْتَبَسَ وَصْفَ الشَّاعِرِ «النَّاشِئِ له:

ويُؤْيُؤٍ مُهَذَّبٍ رشيقِ

كأنَّ عَيْنَيْهِ لَدَى التحقيقِ

فصّانِ مخروطانِ من عَقيقِ

 

و«النَّاشِئُ» هو أبو العبَّاس الأكبرُ، يُكنَى أيضاً «ابنِ شِرْشير»؛ أمامَ في بغدادِ وتُوُفِّيَ في مِصْر عام 293هـ: 905م. والشِّرْشيرُ نوعٌ من البطِّ المهاجِرِ!).

وأنواعُ الصُّقورِ الكبارُ الأحجامِ تُدَرَّبُ علَى الصَّيْدِ لأَصْحابِها، ويقتنيها الصَّقَّارونَ وهُوَاةُ الصَّيْدِ، ويُقَدِّرونَ لها أثمانًا مُرْتَفِعَةً. ولذلك فَبَيْعُ بيضِ هذهِ الأَنواعِ وأَفْراخِها تجارَةٌ رائِجَةٌ تُهَدِّدُ بَقاءَها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى