النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن خصائص نبات “العرقسوس”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

نبات العرقسوس خصائص نبات العرقسوس النباتات والزراعة الزراعة

عُرِفَ العِرْقُسوس (أو: عِرقُ السُّوسِ) منذُ القِدَمِ. و«السُّوس» نباتٌ عُشْبِيٌّ مُعَمَّرٌ من الفصيلةِ القَرْنيَّةِ (البُقولِيَّةِ)، ينمو برِّيًا في جنوبِ أوروبا وفي أواسِطِ آسْيا وغَرْبِها.

وينمو أيضًا في العراقِ وسوريَّا وشَمالِ أفريقيا، ويُزْرَعُ في بلدانٍ كثيرةٍ. وتُعَدُّ أسبانْيا أَكبرَ مُنتجٍ في زِراعَةِ هذا النَّبات.

ونباتُ السُّوسِ مِن النَّباتاتِ الّتي يمكنُ أنْ تعيشَ في بيئاتٍ مختَلِفَةٍ، وتتحمَّلَ ظروفًا بيئيَّةً صَعْبَةً، مثل الجفافِ والملوحَةِ، وإذا نَما في أرضٍ أصبح التَّخَلُّصُ منه أمرًا صَعْبًا لِلْغايَةِ.

 

يَصِلُ ارْتِفاعُ النَّباتِ إلَى أكثرَ من مِتْرٍ، ويحملُ أوراقًا مركَّبَةً، ويُعطِي أَزهارًا زَرْقاءَ. ويُعطِي النباتُ مدَّاداتٍ أَرْضِيَّةً، وهي لَيْسَتْ جُذور حقيقيَّةٌ، وإنَّما هي سوقٌ أرضِيَّةٌ تمتَدُّ عِدَّةَ أمتارٍ أُفُقِيًّا تحتَ سطحِ التُّرْبَةِ، علَى أعماقٍ تختلفُ باختلافِ صِفاتِ التُّرْبَةِ، كما يختلف سمكُ هذه السُّوقِ بحسَبِ عُمْرِها وبحَسَبِ طبيعةِ التُّرْبَةِ.

والجزءُ المستعملُ من النَّباتِ هي تلكَ المَدَّاداتُ الأَرْضِيَّة، التي يكونُ سمكُها عادةً مثلَ الإصْبعِ أو القَلَمِ.

ويُحْصَلُ عليها بِحَرْثِ الأَرْضِ الّتي ينمو فيها النباتُ، فتُقْلَعُ المدَّاداتُ وتُجَفَّفُ وتنَظَّف مِمَّا يَعْلَق بها من حبيباتِ التربةِ، وتُضَمُّ في حُزَمٍ، أو تُطْحَنُ. وفي بَعْضِ الأحوالِ تُقَشَّـر هذه المَدَّاداتُ.

 

وتحتوِي مدَّاداتُ السُّوسِ على مادَّتيْن عُضويتيْن هما الجِليسِيرَيْزين وهو أَحْلى من السُّكَّر خَمْسينَ مرَّة، ومادَّةٌ مُرَّةٌ هي جِليسيرامارين، الذي يوجدُ أَساسًا في القِلْفِ الّذي يُغَلِّفُ المدَّاداتُ.

ولذا فَعِرْقُ السُّوسِ المَبْشورُ عنه القِلْفُ لا يحتوِي علَى قدرٍ كبيرٍ من هذهِ المادَّة المُرَّةِ. كذلك تحتوِي المدَّاداتُ علَى أَسْباراجين، ومانّيت ومادَّةٍ صفراءَ.

والجليسريْزين له تأثيرٌ مُشابِهٌ لِبعْضِ الكورتيزونات، كما أنَّ مدَّاداتِ عِرْقِ السُّوسِ تحتوِي على قدرٍ من الموادِّ الهُرمونية.

 

وكانَتْ مدَّاداتُ عِرْقِ السُّوسِ معروفةً في بلادِ بابِلَ منذُ أكثرَ من أَرْبَعين قرنًا. وتناولَ المصريُّون القدماءُ شرابًا من مَسْحوقِ المدَّادات شرابٍ مُنْعِشٍ، أو لأغراضِ العِلاجِ.

وقد تَمَّ العثورُ على مدَّاداتِ عِرْقِ السُّوسِ في مَقْبَرَةِ توتْ عنخ آمون، الّتي اكْتُشِفَتْ عامَ 1923.

وقد مَزَجَهُ أطِبَّاءُ الفَراعِنَةِ بالأَدْويَةِ المُرَّةِ لإخفَاء طَعْمِها. وما زالَ هذا مُسْتعملاً في الطِّبِّ الحديثِ، فَيُسْتَعْملُ مُلَطِّفًا للأَدْوِيَة. كذلك الجوا بهِ أمراضَ الكَبدِ والأمْعاءِ.

 

وقد وَصفَ الطبيبُ اليونانيُّ «ثِيوفْراطُسْ» عِرْقَ السُّوسِ لمُعالَجَةِ السُّعالِ الجافِّ، والرَّبْوِ، ولِمُقاوَمَةِ العَطَشِ.

وفي الطِّبِّ الحديثِ يُسْتَعملُ عرقُ السُّوسِ مُلَطِّفًا للأَدْوِيَة، وطارِدًا للبَلْغَمِ ومُلَيِّنًا. وتضافُ خلاصَتُه إلى الأدويةِ المُرَّة لتلطيفِ وإصْلاحِ طَعْمِها.

ويقولُ ابنُ البَيْطار عن عِرْقِ السُّوسِ: «وإذا أُلْقِيَ في المَطْبوخَاتِ المُسْهِلَةِ دَفَع ضَرَرَها، وهوَّنَ احتمالَها علَى الأعضاءِ، ونَفَعَ من جميعِ أنواعِ السُّعال».

 

ويضيفُ قائِلاً: «ويجبُ أنْ يوضعَ في جميعِ عِلَلِ الصَّدْرِ، والرِّئَةِ، والمَثانَةِ، فإنَّه أنفعُ دواءٍ لِلْحُرْقَةِ والخُشونَةِ…، ويُصَفِّي الصَّوْتَ، ويُنَقِّي قَصَبَةَ الرِّئَةِ، …، وينْفَعُ من الاخْتِلاجِ ووَجَعِ العَصَبِ».

ومِن المُلاحَظِ أن شرابَ عِرْقِ السُّوسِ لا يَرْتادُهُ الذُّبابُ، عَلَى عَكْسِ المشـروباتِ الّتي تُحَلَّى بالسّكَّرِ، حيثُ إنَّ حلاوَتَه ناتِجةٌ أساسًا عن الجليسيرَيْزين.

وعندَ اختزانِ مدّاداتِهِ في معملٍ مهجورٍ مُدَّةً، وُجِدَ أن الفئرانَ هاجَمَتْ كلَّ النباتِ المحفوظةِ عداها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى