نبذة تعريفية عن دول “الشرق الأوسط”

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشرق الأوسط الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

شَاعَ اسْتِخدامُ تَعبِيرِ «الشَّرْقِ الأَوْسَطِ» بعد الحَرْبِ العالَمِيَّةِ الأولى.

وفي عام 1921 أَطْلَقَتْ وزارَةُ المُسْتَعْمَراتِ البِريطَانِيَّةِ علَى إحدَى إداراتِها اسْمَ «إدارةِ الشَّـرْقِ الأَوْسَطِ».

وذَلِكَ لأَسْبابٍ حَرْبِيَّةٍ جَعَلَتْ الحاجَةَ إلى تَجْميعِ الجُيوشِ والعَتَادِ والذَّخيرَةِ والمُؤَنِ في مَوْقِعٍ مُتَوَسِّطٍ بالنِّسْبَةِ للعالَمِ، وكَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الإِشْرافِ علَى مُسْتَعْمَراتِها الّتي كانَتْ تَضُمُّ كلاًّ مِن العِراقِ وفِلَسْطِينَ وشَرْقِ الأُرْدُنِ.

 

ثُمَّ زادَ اسْتِخْدامُ مُسمَّى الشَّرْقِ الأَوْسَطِ بَعْدَ الحَرْبِ العالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ بِسَبَبِ ما تَنَاقَلَتْهُ وَسَائِلُ الإعْلامِ المُخْتَلِفَةِ مِنْ أَخْبارٍ تَتَعَلَّقُ بالعَمَلِيَّاتِ العَسْكَرِيَّةِ في المِنْطَقَةِ.

ولكِنْ هُناكَ وِجْهَاتُ نَظَرٍ مُخْتَلِفَةٌ بالنِّسْبَةِ لتَحديدِ مِنْطَقَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، فهو مُصْطَلَحٌ غَيْرُ واضِحِ المَدْلولِ.

فبَعْدَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَصْبَحَتْ حُدودُه من لِيبْيا غَرْبًا إلى إيرانَ شَرْقًا، ومِن اليونانِ شَمالاً إلى السُّودانِ والصُّومالِ والحَبَشَةِ جَنُوبًا.

ثُمَّ بَعدَ ذَلِكَ اتَّسَعَ ليَشْمَلَ 21 وَحْدَةً سِياسِيَّةً، عِنْدَما زَادَتْ أَهَمِّيَّةُ الإقْلِيم الإسْتِراتِيجِيَّةِ – ضِدَّ دُوَلِ المِحْوَرِ – وأَصْبَحَ يَضُمُّ: تُرْكِيا، واليونانَ، وقُبْرُصَ، وسورِيَا، ولُبْنَانَ، والعِرَاقَ، وفِلَسْطِينَ، والمَمْلَكَةَ الأُرْدُنِيَّةَ الهاشِمِيَّةَ، ومِصْـرَ، والسُّودانَ، وليبْيا، والمَمْلَكَةَ العَرَبِيَّةَ السَّعُودِيَّةَ، والكُوَيْتَ، واليَمَنَ، ومَسْقَطَ، وعُمَانَ، والبَحْرَيْن، وقَطَرَ، وعَدَنَ، والإمارَاتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ. أَيْ إنَّ الإِقْليمَ أَصْبَحَ مِنَ المُحيطِ الأَطْلَسِيِّ غَرْبًا إلى جِبالِ طوروسَ وزَاجْروسَ شَرْقًا.

 

فالشَّرْقُ الأَوْسَطُ يَعْنِي مُصْطَلَحًا سِياسِيًّا اسْتراتيجِيًّا غربيًّا ظَهَرَ مَعَ بِدايَةِ القَرْنِ العِشـْرين ليَشْمَلَ إقْليمًا ظَهَرَتْ بِه أَقْدَمُ الحَضاراتِ البَشَرِيَّةِ.

وبِسَبَبِ تَشَابُه الظُّروفِ الجُغْرافِيَّةِ والسِّياسِيَّةِ والثَّقافِيَّةِ والحَضَارِيَّةِ والدِّينِيَّةِ الّتي عُرِفَتْ بالمِنْطَقَةِ. ضُمَّتْ إِليْه كُلٌّ من أَفْغانسْتانَ وباكِسْتانَ وتُونُسَ والجَزَائِرِ والمَغْرِبِ (مراكش).

وتَرَى دائِرَةُ المَعارِفِ الأَمْريكِيَّةُ أنَّ تَعْبيرَ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ يَعْنِي كلاًّ من الدُّوَلِ الآتِيةِ: المَمْلَكَةَ العَرَبِيَّةَ السَّعُودِيَّةَ، والبَحْرَيْن، وقَطَرَ، والإمارَاتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ، وسَلْطَنَةِ عُمَانَ، والأُرْدُنِ، وسورِيَا، ولُبْنَانَ، والعِرَاقَ، وقُبْرُصَ، وإِيرانَ، ومِصْـرَ، والسُّودانَ، وتُرْكِيا، وفِلَسْطِينَ المُحْتَلَّةِ.

 

لكنَّ مَفْهومَ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ لَدَى الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ يَعْنِي الآتي: أَفْغانِسْتَانُ، وجُمْهورِيَّةُ إيرانَ الإسْلامِيَّةُ، وسورِيَا، وتُرْكِيا، وشِبْهُ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةُ، ومِصْرُ، وإثْيوبْيا، واليونانُ.

ويَتَّضحُ مِمَّا تَقَدَّمَ أنَّ تَحْديدَ مِنْطَقَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ لا زالَ يَتَأَرْجَحُ، فَمَرَّةً نَجِدُه يَتَّسِعُ لِيَشْمَلَ أَفْغَانسْتانَ وليبْيا والسُّودانَ، ومَرَّةً أخرَى تَضيقُ حُدودُهُ وتَنْحَصِرُ في حَيِّزٍ محدودٍ.

وهذا يُؤَكِّدُ ارْتِباطَهُ بتَخْطيطِ ومَصَالِحِ الدُّوَلِ الكُبْرَى. لكنَّ قَلْبَ هَذِهِ المِنْطَقَةِ يَتَمَثَّلُ في كُلٍّ مِنْ: مِصْـرَ والعراقِ وسورِيَا، ولُبْنَانَ والأُرْدُن.

 

وهناكَ دُوَلٌ أَطْلَقَ عَلَيْها بَعْضُ الكُتَّابِ «دُوَلَ الحِوَارِ الجُغْرافِيِّ» وهي: إيرانُ وتُرْكِيَا وباكِسْتان وأَفْغانِسْتَان وإثْيوبْيا ودُوَلُ المَغْرِبِ العَرَبِيِّ.

فَمُصْطَلَحُ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، الّذي اسْتُخْدِمَ منذُ عَشَراتِ السِّنين، له دَلالَةٌ سِياسِيَّةٌ واقْتِصادِيَّةٌ، كما أنَّ له نظامًا اجتماعيًّا، ولكنَّ تحديدَهُ يَتَدَاخَلُ مَعَ تَحْديدِ أَقالِيمَ أُخْرَى؛ فمثلاً، جُمهورِيَّةُ مِصْـرَ العَرَبِيَّةُ تَدْخُلُ ضِمْنَ إقليمِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ وهِيَ في الوَقْتِ نَفْسِهِ تُمَثِّلُ جُزْءًا من قَارَّة إفريقْيا، كَما أنّ تُرْكِيَا عُضْوٌ في حِلْفِ الأطْلَسِيِّ العسكرِيِّ أيضا.

إنَّه مِن الصَّعْبِ التَّعامُلُ مَعَ الإقْليمِ كَوَحْدَةٍ واحِدَةٍ علَى الرَّغْمِ من أنَّ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ تُمَثِّلُ مُعْظَمَ دُوَلِهِ، خَاصَّةً بالنِّسْبَةِ لنُمُوِّ دَوْرِهِ الاقْتِصادِيِّ وتَفَاوُتِ الثَّرْوَةِ بَيْنَ أَقْطارِه.

 

ولكنْ هناكَ بَعْضُ العَوامِلِ الّتي تُعَدُّ ذاتَ تأثيرٍ إيجابِيٍّ عَلَى وَحْدَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ وهي:

1- جُغْرَافِيَّةُ الإقليمِ الطَّبيعِيَّةُ.

2- التّاريخُ المُشْتَرَكُ والتُّراثُ والحَضَارَةُ؛ فدُوَلُ الإقليمِ كانَتْ جزءًا من الدَّوْلَةِ الإسْلامِيَّةِ بكلِّ ما تَحْمِلُهُ مِنْ مَعَانٍ حَضَارِيَّةٍ. كذلك يَعيشُ سُكَّانُه في نُظُمٍ زراعِيَّةٍ ورَعَوِيَّةٍ مُتَشَابِهَةٍ.

3- خُضُوعُ دُوَلِ المِنْطَقَةِ للاحْتِلالِ وما تَلاهُ مِنْ تَحَرُّرٍ.

4- التَّطَوُّرُ الاقْتِصَادِيُّ السَّريعُ في الوَقْتِ الحاليِّ.

 

فالإقليمُ بهذهِ الصُّورَةِ يضمُّ جزءًا كبيرًا من الوَطَنِ العَرَبِيِّ الّذي يَتَميَّزُ بِتَجَانُسِ سُكَّانِهِ إلى حَدٍّ كبيرٍ، وخاصَّةً من حيثُ اللُّغَةُ والدِّينُ، لكنَّهُمْ يَنْتَشرون عَلَى رُقْعَةٍ واسِعَةٍ من الأَرْضِ تَشْتَمِلُ علَى سُهولٍ فَيْضِيَّةٍ، كما في دِجْلَةَ والفُرَاتِ ووادِي النِّيلِ، ومُرْتَفَعاتٍ تَتَمَثَّلُ في جبالِ لُبْنانَ، ومِساحاتٍ واسِعَةٍ من الصَّحارِي.

وإذَا ما أَضَفْنَا الجزءَ غَيْرَ العَرَبِيَّ من الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، والمُتَمَثِّلَ في أَفْغانِسْتَانَ وإيرانَ وتُرْكِيَا، فإنَّ هذا سيزيدُ من نِطاقِ المُرْتَفَعاتِ الّتي يَشْمَلُها الإقْلِيمُ ومنها: جبالُ زاجْروس والبَرْزِ في إيرانَ، وجبالُ بنطسَ وطوروسَ في تُرْكيا، ومُرْتَفَعاتُ أفْغانِسْتانَ، كما أَنَّهُ سَيضيفُ إلى الإقليمِ هضابًا أُخْرَى تَتَمَثَّلُ في هَضْبَةِ إيرانَ وهَضْبَةِ آسْيا الصُّغْرَى (تُرْكِيا).

وهَذَا التَّنَوُّعُ في التَّضَارِيسِ لَهُ انْعِكاساتُهُ علَى الظُّروفِ المُنَاخِيَّةِ وحَياةِ السُّكَّانِ ونَشاطِهِمْ الاقْتِصادِيِّ.

 

فالزِّراعَةُ تُعْتَبَرُ الحِرْفَةَ الأساسِيَّةَ لِمُعْظَمِ سُكَّانِ الإقْليمِ، ولكنَّها لا تَعْتَمِدُ علَى المَطَرِ، بَلْ تعتمدُ علَى الرَّيِّ، فالإقْليمُ يَتَمَيَّزُ بالجَفافِ في مُعْظَمِ أَجْزائِهِ.

لقد بَرَزَ الإقْليمُ بثَرْوَتِه النِّفْطِيَّةِ حَيْثُ يُمَثِّلُ أَهَمَّ جِهاتِ العَالَمِ إنتاجًا للنِّفْطِ، فهو الآنَ يَضُمُّ أكبرَ دُوَلِ العَالَمِ مِنْ حَيْثُ الإنْتاجُ والاحْتِياطِيُّ، مِثل المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السَّعُودِيَّةِ وجُمْهورِيَّةِ إيرانَ الإسْلامِيَّةِ والعِرَاقِ والكُوَيْتِ والإمارَاتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ وليبيا وسَلْطَنَةِ عُمانَ وقَطَرَ والبَحْرين، وقَدْ بَدَأَتْ اليَمَنُ مُؤَخِّرًا في إنتاجِ النِّفْطِ.

 

وقد نَزَلَتْ في الإقْليم الأدْيَانُ السَّماوِيَّةُ، فهو يُمَثِّلُ مَرْكَزُ الإشْعاعِ الدِينِيِّ لسُكَّانِ العَالَم، وإلى قَلْبِه يَتَّجهُونَ ويحُجُّون.

ولكنْ، من ناحِيَةٍ أخرَى، خَضَعَتْ مُعْظَمُ دُوَلِ الإقليمِ للنُّفوذِ الأَجْنَبِيِّ من أَجْلِ السَّيْطَرَةِ عَلَى ما تَنْعَمُ بِهِ دُوَلُ المِنْطَقَةِ من أَهَمِيَّةٍ اقْتِصَادِيَّةٍ، حيثُ الثَّرَواتُ الزِّراعِيَّةُ والمَعْدِنِيَّةُ ومَصادِرُ الطَّاقَةِ، بالإضافَةِ إلى سَيْطَرَةِ دُوَلِ المِنْطَقَةِ عَلَى طُرُقِ المِلاحَةِ والمَضَايِقِ البَحْرِيَّةِ والمَعَابِرِ البَرِّيَّةِ الهامَّةِ، مثل مَضيقِ بابِ المَنْدَبِ ومَضيقِ هُرْمُزَ ومضايِقِ البُسْفُورِ والدَّرْدَنيلِ وقَنَاةِ السُّوَيْسِ.

كما أنَّ الإقليمَ يُشْرِفُ عَلَى بحارٍ هَامَّةٍ كَطُرُقٍ للمِلاحَةِ مِثْل البَحْرِ الأبيضِ المُتَوَسِّطِ والخليجِ العَرَبِيِّ وبَحْرِ العَرَبِ والبَحْرِ الأَحْمَرِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]