نبذة تعريفية عن ظاهرة هجرة الطيور
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ظاهرة هجرة الطيور الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة
تهاجِرُ الطيورُ، كما تُهاجرُ حَيَواناتٌ أُخْرى كثيرةٌ، كلَّ عامٍ في وقتٍ مَعْلومٍ وطريقٍ مَرْسومٍ إلى مكانٍ مَقْسومٍ تَتوافرُ فيه شروطٌ أربعةٌ: طقسٌ مناسبٌ، وغذاءٌ وافرٌ، وحَيِّزٌ أرحَبُ، ومكانٌ للتَّفْريخِ آمِنٌ.
وقد تَطولُ الرِّحلةُ وتَطولُ لتصلَ إلى نحو 10,000 ميلٍ، كما في حالةِ طَائرِ النَّورَسِ القُطْبيّ الَّذي يُهاجِرُ من القطبِ الشَّماليِّ للأرضِ إلى قطبِها الجَنوبيِّ ثُمَّ يَعودُ مرَّةً كُلَّ عامٍ!.
ولا تَبدأُ الطّيورُ المُهاجرةُ رحلاتِها إلَّا عِنْدَما يَكونُ الطَّقْسُ مُناسباً: فالجَوُّ دافئٌ، والسَّماءُ صَافيَةٌ لَيْلاً، والتَّضاريسُ الأَرْضيَّةُ واضحةٌ نهاراً، ومسارُ الرِّياحِ في نفسِ اتجاهِ طَيَرانِ الطَّائرِ حتَّى تدفعَهُ ولا تُعيقهُ.
لنَأخذ مَثَلاً طائرَ الأَوِزِّ، إنَّهُ يَبْدأُ هِجْرَتَهُ في الخِريفِ حيثُ تكونُ الظُّروفُ كلُّها مُناسبةً، ويواصِلُ طيرانَهُ لَيْلاً ونهاراً حتَّى يبلُغُ مَحطَّةَ الوصولِ.
وفي أَثْناءِ الرِّحْلةِ يَهبِطُ ليتزوَّدَ بالغِذاءِ المُتوافرِ في بعضِ البُحَيْراتِ المُتواجدةِ على امْتِدادِ خَطِّ سيرِهِ مِنْ حَشائشَ وأسماكٍ.
وإذا ما صَادَفَتْ سِرْبَ الأوزِّ ظروفٌ غيرُ مُواتيةٍ كريحٍ عاصِفٍ مَثَلاً فإنَّهُ سرعانَ ما يَقْطَعُ الرِّحلةَ ويستقرُّ بتلكَ المَنْطِقَةِ حتَّى تَتَحسَّنَ ظروفُ الجوِّ.
وكذلكَ الحَمامُ المُطوَّقُ يَبْدأُ هجرتَهُ، عندَما تزدادُ أعدادُهُ، من مواطنِهِ في أواسِطِ آسْيا إلى الشَّرقِ الأَوْسَطِ في مَنْطقةِ الهِلالِ الخَصيبِ، ثم إلى أوروبا والدُّولِ الإسْكندنافيَّةِ فبَرِيطانيا ومِنْها إلى أَيْسلندا مَحَطَّةِ الوُصولِ.
والطُّيورُ في هِجْرتِها لا تَطيرُ في العادَةِ على ارْتفاعٍ يزيدُ على 3000 قدمٍ، وإنْ كانَ هناكَ أنواعٌ منها تَطيرُ على ارْتفاعٍ يزيدُ على ذلكَ ثماني مَرّاتٍ!
ومعظمُ الطَّيورُ يطيرُ لَيْلاً وخُصُوصاً في اللَّيالي الصَّافِيَةِ، وتَظلُّ كذلكَ حتَّى مَطلعِ الفَجْرِ حيثُ تَهبطُ في مكانٍ آمنٍ للرَّاحةِ والغِذاءِ.
ومن الطيورِ الَّتي تفضِّلُ الطَّيرانَ لَيْلاً العصافيرُ والوَرْوَارُ ومِنَ الطّيورِ الَّتي تُفضِّلُ الطَّيَرانَ نَهاراً اللَّقالِقُ.
ونَظَراً لطُولِ المَسَافاتِ الَّتي تَقْطعُها الطَّيورُ في هِجْرتِها فإنَّا تَحتاجُ لتخزنَ الدهونَ في أجسامِها لتمدَّها بالطاقَةِ التي تعينها على ذلك، وخاصَّةً الطّيورَ الَّتي لا تَتَوَقَّفُ عن الطَّيرانِ لِمَسَافَاتٍ طِوالٍ قَدْ تَصِلُ إلى نَحْوِ 90 ساعةً كما هُوَ الحَالُ في هِجْرَةِ الأَوزِّ.
وهي تَسْتهلِكُ نحوَ نصفَ جرامٍ من الدّهونِ المَخْزونَةِ فيها كلَّ ساعةٍ لتَتَمكَّنَ من مُواصلَةِ الطَّيرانِ.
وغَالِباً ما تَكونُ هِجْراتُ الطُّيورِ في الخَريفِ أو الشِّتاءِ وتكونُ العودَةُ إلى مواطِنِ الأسْلافِ في الرَّبيعِ أو الصَّيفِ، والصِّغارُ ترتَحِلُ قبلَ الآباءِ أو بَعْدَهمْ.
وقد أَثْبتت التَّجارِبُ أَنَّ الطَّيورَ الَّتي غيَّرَ العلماءُ خَطَّ سَيْرِها سرعانَ ما تَعودُ إليه لتَسْتَكملَ رحلاتِها.
وجَدَّ العُلماءُ في تَفْسيرِ ذَلكَ السُّلوكِ المُلغِزِ لَدِى الطُّيورِ، سُلُوكِ الهِجْرَةِ: فكَيْفَ تَعرفُ وَقْتَ الارْتحالِ ووقتَ الإيَابِ؟
وبينَ الاثْنين كيفَ تَعرفُ معالِمَ الطَّريقِ؟ هَلْ تهتدي بالشَّمسِ نهاراً وبالنجومِ ليلاً؟ هَلْ تستعينُ بتَضَاريسِ الأَرْض؟
هَلْ تَتَأَثَّرُ بالمَجَالِ المغناطيسيّ لها؟ هلْ… وهلْ؟ ويَبْقَى حَلُّ ذلكَ اللّغزُ المُحَيِّرِ عند الله سُبحانَهُ وتَعَالى خالقِ تِلكَ الكائناتِ ومَوَجِّهِها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]