نبذة تعريفية عن “علم الفلك” وأهم مباحثه
2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الفلك مدار الجرم السماوي أو مجال حركته. وعلم الفلك هو علم استكشاف الكون، وتحديد خواصه، وتفسير طبيعته.
ويشتمل ذلك بالضرورة على دراسة المادة والإشعاع في أرجاء الكون. ويتضمن علم الفلك دراسة الأجرام السماوية كالشمس، والقمر، والكواكب، والنجوم، والسدم، والمجرات وما بينها من مواد غازية وأتربة متناثرة.
وتجرى هذه الدراسات بالاعتماد على قوانين الفيزياء، والرياضة، والكيمياء التي نطبقها على ما في متناولنا، حيث تعد سارية بنفس النسق في أرجاء الكون كله.
ولقد كان علم الفلك من أول العلوم التي خلبت لب الإنسان، وحظيت بوافر اهتمامه من قديم الزمان. ويحقق دراسة الفلك شعورا عميقا بمدى قدرة الخالق، سبحانه وتعالى، وبديع صنعه.
لكن علم الفلك قد اختلط عند الأوائل بالتنجيم (أي: معرفة المستقبل والغيب) لتصورهم وجود علاقات وروابط بين مواقع الشمس وحركتها في البروج، والقمر وتنقله في منازله، والكواكب واقتراناتها، وبين بعض الغيبيات التي تتعلق بمستقبل الأمم وحياة البشر كالحظ، والسعادة، والثروة.
والواقع أن التنجيم لا يدخل ضمن مباحث علم الفلك نظرا لافتقاره للأساسيات السليمة للعلم، فلا مكان له بين العلوم.
أما مباحث علم الفلك فيمكن إجمالها في خمسة أقسام، يتضمن فروعا مختلفة على النحو الآتي:
القسم الأول: علم الفلك القياسي
وقد يطلق عليه اسم «فلك المواقع» أو «الفلك الكري»، وهو أقدم أقسام علم الفلك. ويتضمن تعيين مواقع الأجرام السماوية، وما يطرأ عليها من تغيرات.
ومنه اكتشف كيلر قوانينه الثلاثة لتحركات الكواكب. وهي التي مكنت نيوتن من وضع قوانينه المعروفة في الميكانيكا.
ومن مباحث الفلك القياسي تحديد شكل الأرض، وتدقيق إحداثيات المواقع عليها. كذلك هو يعنى بدراسة الزمن وقياساته، وحساب التقاويم، وتحديد الظواهر الفلكية مثل الخسوف والكسوف، والاقتران، وغير ذلك.
القسم الثاني: الميكانيكا السماوية
يتناول هذا العلم حسابات عناصر مدارات الأجرام السماوية وتغيراتها تحت تأثير مختلف القوى. ويتضمن دراسات لتحركات الأجسام سواء كانت طبيعية، كالشمس والقمر والكواكب وأقمارها، أو صناعية كالأقمار الصناعية، والسفن والمحطات الفضائية، وغيرها.
ويقع في صميم اختصاص قسم الميكانيكا السماوية ضرورة التحديد الدقيق لمسار كل مرحلة من مراحل رحلات الفضاء، مع دراسة آثار الاضطرابات واختلافات القوى، وذلك كشرط أساسي لنجاح أية رحلة فضائية.
القسم الثالث: الفيزياء الفلكية
يعنى هذا القسم بدراسة الخواص الفيزيائية للأجرام السماوية. ويتناول وصف المادة والإشعاع الموجودين في الكون، مع شرح العمليات الفيزيائية في كل منهما على حدة أو فيهما معا.
ويتضمن هذا القسم دراسات لنشأة النجوم، وتطورها، وتكوين المجرات وخواصها، ومنها مجرة «درب التبانة» التي ننتمي إليها، ويبلغ قطرها مئة ألف سنة ضوئية، وبها نحو مئة بليون نجم، وفيها توجد مجموعتنا الشمسية كنقطة صغيرة على بعد ثلاثين ألف سنة ضوئية من المركز.
ويحتوي القسم على فروع مستقلة مثل «الفلك النجمي» الذي يتناول دراسة النظم النجمية، وتحركاتها، وتوزيع النجوم في المجرات.
كما يحتوي القسم على فرع «فلك ما خارج المجرات» الذي يتناول دراسة الأجرام والطاقات الموجودة بين المجرات، إضافة إلى دراسة الحشود المجرية، وتطوراتها.
القسم الرابع: الفلك الراديوي
وهو من أقسام الفلك الحديثة نسبيا، نظرا لأن الفلك التقليدي يتناول دراسة الأجرام السماوية باستخدام ما يصل إلينا من إشعاعها البصري، سواء كان على صورة الضوء المرئي، أو بتحليل طيفه واستخراج عناصره.
ولكن الفلك الراديوي يستخدم في الأشعة الموجودة في المدى الأطول من الموجات تحت الحمراء. ولقد ساعد ذلك في تقدم علم الفلك نظرا لإمكانية استخدام التليسكوبات الراديوية ليلا ونهارا، وعدم تأثرها بأضواء المدن القريبة، أو بما يثار في جو الأرض من ملوثات تعوق دقة الرصد الفلكي التقليدي.
وإلى الفلك الراديوي يرجع الفضل في اكتشاف أشباه النجوم، والنوابض، والثقوب السوداء وغير ذلك مما لا نراه.
القسم الخامس: علم الكون
يتناول هذا العلم دراسات نشأة الكون، وتطوره، وصفته الحالية، وتركيبه. كما يتناول توزيع الإشعاع والمادة في أرجاء الكون وتغيرهما بتأثير الانفراج المستمر لمحتوياته.
وتجدر الإشارة إلى أنه فضلا على وجود بلايين المجرات واحتواء كل منها على بلايين النجوم، وفضلا على الكتلة العظيمة لكل نجم، الكون هائل الاتساع.
وذلك لأن متوسط كثافة المادة في الكون تقدر بنحو خمسة جرامات لكل مليون بليون كيلومتر مكعب، أي بما يعادل وجود ذرة هيدروجين واحدة في مكعب طول ضلعه 2,5 كيلومتر! ولذلك قد يقترن اسم الفلك أحيانا باسم الفضاء.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفلك كان من أبرز العلوم التي برع فيها العلماء المسلمون وحققوا فيه أعمالا باهرة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]