نبذة تعريفية عن قبيلة قُريش
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
قبيلة قُريش إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
تَكْمُنُ أَهَمَّيَّةُ قَبيلةِ قُرَيْشٍ منْ وُجودِها في مَكَّةَ. فَقَدْ جمعَ قُصَيُّ بنُ كِلابٍ قُرَيْشًا من تِهامَةَ وشِعابِ مَكَّةَ ووحَّدَ بَيْنَ بُطونِها وأَنْزَلَهُمْ وادِي مكَّةَ ، وهم : هاشِمٌ، وأُميَّةُ ، ومَخْزومٌ ، وتَيْمٌ ، وعَدِيٌّ ، وجُمَح ، وسَهْم ، وأَسَد ، ونَوْفَل ، وزَهْرَة أَصحابُ النُّفوذِ ونَزَلوا عِنْدَ الحَرَمِ الشَّريفِ واسْتقرُّوا فيهِ.
ولمَّا اسْتَقَرَّتْ الأُمورُ بَنضى قُصَيُّ بنُ كِلابٍ دارًا له مُلاصِقَةٌ لِلْبَيْتَ الحرامِ في النَّاحِيَةِ الشَّمالِيَّةِ ، واتَّخَذَها فيما بعدُ دارًا لِنَدْوَةِ قُرَيْش فَعُرِفَتْ باسمِ «دار النَّدْوَة» (أيْ : النَّادِي ).
وكانَ يجتمعُ فيها شُيوخُ القَوْمِ للتَّشاوُرِ واتَّخاذِ القراراتِ المُهِمَّةِ الّتي تَمَسُّ قُرَيْشًا، وفيها يَجْتَمِعُ أيضًا القَادَةُ لِلْحَرْبِ في أَوْقاتِ الأَزَمَاتِ، ومِنْها تَخْرُجُ القوافلُ التَّجارِيَّةُ في رِحْلَتَيْ الشَّتاءِ والصَّيْفِ اللَّتَيْن أَشارَ إِلَيْها القرآنُ الكريمُ.
واهْتَّم زعيمُ قُرَيْشٍ قُصَّيُّ بنُ كِلابٍ بِخِدْمَةِ البَيْتِ الحَرامِ وعِمارِتِهِ. فقامَ بِتَرميمِ الكَعْبَةِ وأقامِ لها سَقْفًا من خَشَبِ الدّومِ وجَريدِ النّخيلِ، ووَزَّعَ الوَظائِفَ الكبيرةَ الّتي تَتَناسَبُ وقُدْسِيَّةَ المَكانِ، وهي: الحِجابَةُ (أيْ: حِراسَةُ البابِ) والسِّدانَةُ (أيْ: خِدْمةُ الكَعْبَةِ) والسِّقايَةُ والرِّفادَةُ (أيْ: إِطْعامُ الحَجيجِ)؛ وجَعَلَ الحِجابَةَ لَهُ واحْتَفَظَ بِمفاتيحِ الكَعْبَةِ.
كما قامَ بِحَفْرِ الآبارِ لِتَوْفيرِ الماءِ، ومنْ أهَمِّها بِئْرُ العجولِ. وهكذا كانَتْ قُرَيْشٌ تقدِّمُ الطّعامَ والماءَ للحُجَّاجِ إلَى الحَرَمِ الشَّريفِ
وقَدْ اسْتَمَرَّتْ قُرَيْشٌ تقومُ بِهَذهِ الوظائِفِ وتَتَوارَثًها البُطونُ والعَشائِرُ القُرَشِيَّةُ. وبَعْدَ وَفاةِ قُصَيِّ بنِ كلابٍ أَصْبَحَتْ السِّقايَةُ والرِّفادَةُ بِيَدِ هاشمِ بن عبدِ مَنافٍ، فكانَ يُقَدِّمُ الطَّعامَ لِكُلِّ مَنْ يَنْزِلُ مَكَّةَ مُكْرَماً في ضِيافَتِه.
ثمَّ تولاَّهُما عبدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمِ بنِ عبدِ مَناف، ثمَّ وَلَدهُ العبَّاسُ حتَّى دَخَلَ رسولُ اللهِ، صلَّى الله عليهِ وسَلَّم، مَكَّةَ سنةَ 8هـ (628م) فأبقاهُما في يَدِهِ. وقَدْ تَوَلَّى بنو عبد الدَّارِ الحِجابَةَ واسْتَمَرَّتْ في أَيديهِم حتَّى بعدَ ظهورِ الإسْلامِ.
كَذَلِكَ لَعِبَت قُرَيْشٌ دوراً كبيراً في النَّشاطِ التِّجاريِّ، واشْتَهَرَتْ قَوافِلُها التِّجارِيَّةُ بِرِحْلَةِ الشِّتاءِ إلَى اليَمَنِ ورِحْلَةِ الصَّيْفِ إلَى بلادِ الشَّامِ. وهكذا كانَ لِمَكَّةَ وسُكَّانِها مِنْ قَبيلَةِ قريشٍ شأنٌ كبيرٌ في الجَزيرَةِ العَرَبِيَّةِ قَبْلَ الإسْلامِ.
فلمَّا ظَهَرَ الإسْلامُ فيها وأَصْبَحَتْ مَكَّةُ مَقْصِدَ المُسْلمينَ يَحُجُّونَ سَنَوِياً إلَى بَيْتِ اللهِ الحَرامِ، وأَصْبَحَ مِنْهُم خاتَمُ الأَنبياءِ، عَليهِ الصّلاةُ والسَّلامُ، زادَها هذا أهَمِّيَّةً ومَكانَةً بينَ القبائِلِ العَرَبِيَّةِ في الجزيرَةِ العرِبيَّةِ.
لَقَدْ تَمَتَّعَتْ قُرَيشٌ دائماً بِمَنْزِلَةٍ قِيادِيَّةٍ، وأَهمِّيَّةٍ دينيَّةٍ، ونشاطٍ اقْتِصادِيٍّ، وهذا جَعَلَها مَحَطَّ اهْتِمام المُؤَرّخين الأَوَائِلِ مثلِ ابنِ هِشامٍ والطَّبَرِيَّ واليَعقوبِيِّ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]