نبذة تعريفية عن مبدأ “التَكَافُل الاجتماعي” وأهميته
1995 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مبدأ التكافل الاجتماعي أهمية التكافل الاجتماعي العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
التكافُل الاجتماعي يعني التضامنَ والتساند، وأن يكون كلُّ فرد في كفالة مجتمعه، وكل عاجز في كفالة القادر، وأن يتساند الجميع في مختلف المواقف السارة والضارة.
والتكافل الاجتماعي يوجب أن يكون الناس جميعاً متساوين في أصل الحقوق والواجبات.
والتكافل قد يكون على المستوى الأُسَرِيّ، حيث يقوم على أساس التعاون بين أعضائها، فالأسرة كلٌّ متآزر، يُعين الغني فيها الفقير، ويساعد القادر فيها العاجز، وهي مسؤولة عما يقع بين أفرادها من شدائد.
أو قد يكون التكافل بين الجيران، فقد أوصى القرآن الكريم بالجار القريب والبعيد، وشدد في التوصية، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم: «وما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورثه».
أو قد يكون التكافل على مستوى المجتمع الكبير، حيث يشارك الجميع في دفع الضرر عن المحتاجين من خلال نظام الزكاة أو من خلال نظم الضمان الاجتماعي.
والتكافل من الفروض العامة أو الاجتماعية التي أوجبها الإسلامُ على الناس في التكافل فيما بينهم، حتى لا يُمسي أحدٌ بينهم ذا حاجة، فيجد كل فرد، مسلم كان أو غير مسلم، قدْر كفايته.
وهذا مبدأ عظيم سبق الإسلام إلى تقريره كلَّ النظم والشرائع التي تسعَى إلى تطبيق هذا المبدأ الإسلامي الإنساني.
وقد أقام القرآنُ الكريم التكافلَ على قاعدة ثابتة هي الأُخُوَّة، فالمؤمنون كلهم أخوة، يقول الله تعالى في كتابه العزيز( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10).
وفي آية أخرى يقول الله تعالى في كتابه العزيز (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (آل عمران: 103).
والتكافل الاجتماعي في الإسلام، يعني أن «دَفْع ضَرَر المسلمين»، واجب تقوم به الدولة أولاً، والقادرون فيها ثانياً.
ولا يكون ذلك لمجرد إبقاء الحياة، بل يجب أن يبلغ قدر الكفاية، وقدر الكفاية هو ما يحقق مستوىً كريماً من المعيشة للإنسان.
ودفع ضرر المسلمين يعني: كِسوة عار، وإطعام جائع، ويُفرض ذلك على القادرين والأغنياء من الناس في كل بلد فيها فقراء.
والتكافل يعني أن يتساند أفراد المجتمع، بحيث لا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة ولا تذوب مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة، إذ يبقى للفرد كيانه وإبداعه ومميزاته، وللجماعة هيبتها وسيطرتها، فيعيش الأفراد في كفالة المجتمع، كما تكون الجماعة متلاقية في مصالح الآحاد، ودفع الضرر عنهم.
وهذا ما يشير إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – في الأحاديث الشريفة كقوله: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان يشد بعضه بعضاً».
وأفراد المجتمع في الإسلام ليسوا تجمّعاً من الأفراد، كلٌّ يعيش حياته بمعزل عن غيره، يتجرَّع وحده همومه ومتاعبه. ويحظى وحده بأفراحه ومسراته. إنهم بناء متماسك مترابط، وليسوا مجرد أفراد متفرقين يعيشون في مكان واحد.
لقد أكد الإسلام التكافل بشتى صوره، وبكل أبعاد مضمونه، ثم ركَّز بشكل خاص على التكافل مع الفئات الضعيفة العاجزة، من يتامى ومساكين وفقراء.
بحيث لا يُتركون وحدهم يعيشون حياة الضياع والآلام، وإلا حُرم المجتمع كلُّه من رزق الله وعطفه ورحمته، كما عبَّر عن ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في قوله: «إنما تُنصَرون وترزقون بضعَفائكم» (رواه مسلم وأحمد). فإذا تحقق التكافل في المجتمع تحقق الأمن، والاستقرار والتقدم والرخاء.
إن نظام التكافل في الإسلام ليس كما قد تتصوره أنه مجرد تقديمِ معروف لفرد، ولا مدُّ يد المساعدة له. إنه أعمق من هذا وأبعد، فهو نظام لتربية روح الفرد وضميره وشخصيته وسلوكه.
إنه تنمية الشعور بالمسؤولية، وإنَّ كل واحد منا حاملٌ لتَبِعات أخيه، ومحمول على أخيه، يُسأل عن نفسه، ويسأل عن غيره. إنه نظام كامل يجعل الفرد يشعر، بل ويعيش، حياةً هو فيها مسئول عن غيره، إضافةً إلى مسئوليته عن نفسه. فهي مسئولية متبادلة تَعمُّ جميع الأفراد في مختلف شؤون الحياة المادية والمعنوية.
لقد اهتم الإسلام غاية الاهتمام بتأكيد هذا النظام، وترسيخ دعائمه في المجتمع الإسلامي، لما له من أهمية كبيرة في سعادة المجتمع واستقراره.
وقد انطلق في تعميقه لذلك من منطلق ترسيخ وحدة المجتمع(إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء: 92)أي إن الأمة، بجميع أفرادها، ما هي إلا كيان عضوي واحد متماسك متآخ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]