نبذة تعريفية عن مدينة جِدَّة المتواجدة في المملكة العربية السعودية
1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مدينة جِدَّة المملكة العربية السعودية الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة
جدة هي أجمل مدن البحر الأحمر، ولذلك أَطَلق عليها الناس لقب عروسِ البحر الأحمر.
إنَّ الناظر إلى هذه المدينة بمبانيها العصرية، وشوارِعها الفسيحة، وميادينها المزينة، ومرافقها المتكاملة، ليَعتقدُ بأنها مدينة حديثة جداً. ولكنَّ التاريخ يحدثنا بأن جدة مدينة لها تاريخ طويل. فما هي قصة هذه المدينة؟
يقول التاريخ بعد انهيار سَد مأرِب خرجت مجموعة من قبيلة «بَني قُضاعة» اليمنيةَ.
واتجهت إلى الشمال بمحاذاة ساحل البحر الأحمر حتى وصلوا إلى مكان مناسب فاستقروا فيه، وبنَوْا مساكنهم من جذوع النخيل وسَعفه.
وكانوا يقومون بصيد الأسماك في عُرْض البحر مستفيدين من عدم وجود شِعاب مَرجانية في هذا المكان. وكان هذا أول ظهور لمدينة جدة وكان عام 115 ق. م.
وفي وقت لاحق. نقل أهل جدة مدينتهم إلى مكان مجاور اسمه "الشعبية"، ولكنَّ ثالث الخلفاء الراشدين، عثمان بن عفان رضي الله عنه، أمر حوالي عام 646م بإعادة جدة إلى مكانها السابق.
وقد كانت جدة دائما مَرفأ الحجاج إلى مكة المكرمة لزيارة بيت الله الحرام، وإلى المدينة المنورة لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وما يزال كثير من مباني جدة القديمة ومساجدها وأسواقها قائما حتى اليوم. فكانت تلك المباني تضم خانات (ومفردها خان، وهو النُّزُل الصغير) حيث كان الحجاج يقضون لياليهم قبل إيجاد وسيلة الركوب إلى مكة والمدينة.
وهكذا نرى أن نشأة جدة وتطورها كان بفضل قربها من المقدسات الإسلامية، حتى أن اسمَها يحمل هذا المعنى، فكانت جدة معناها الطريقُ الممتدة.
وبسبب كثرة الوافدين إلى جدة عَبْر مينائها، ازدهرت المدينة واجتذَبت العديد من التجار، ونشط أهلها في أعمال التجارة وصيد الأسماك وتحصيل الرسوم والجمارك وخدمة الحجاج، فأصبحت مدينة كبيرة وثَرِية واتجهت إليها أنظار الطامعين للسيطرة عليها والاستفادة من مميزاتها.
ولذلك تعرضت المدينة لكثير من الأخطار، فمرت عليها فترات من الازدهار والتوسع، وفترات أخرى من الركود والانكماش.
وقد استمرت جدة مدة طويلة عاصمة لمملكة الحجاز إلى أن دخلها الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة عام 1925، وضمها مع كل الحجاز إلى الَدولة.
واخِتيرت الرياض لتُصبحَ العاصمة الموحدة للدولة، وانتقلت الوزارات من جدة إلى الرياض، ولكن ظلت جدة مقراً للسفارات الأجنبية مدة طويلة بعد ذلك. وفي بداية العهد الجديد للدولة السعودية لم يتجاوز سكان جدة 25 الف شخص، كانوا يعيشون داخل سور يحيط بالمدينة لحمايتها من الأعداء.
ولكنْ مع استقرار الأوضاع السياسية وبسبب الانتعاش الاقتصادي بعد اكتشاف البترول واستغلاله، نَمَت المدينة وتوسعت، وهُدِم السور القديم في عام 1947/1948م
وانتشرت المدينة خارجة حتى تجاوزت مساحتها الآن 1200 كيلومترٍ مربع، ونما عدد سكانها حتى بلغ مليونَ ونصف مليون نسمة (تقدير عام 1995)، فأصبحت ثاني أكبر مدن السعودية بعد الرياض.
وتقع جدة عند التقاء خط طول 39ﹾشرقاً من دائرة عرض 21ﹾشمالاً عند منتصف الساحل الشرقي للبحر الأحمر.
وتمتد فوق جزء من السهل الساحلي المسمَّى تهامة، ويَحدُّها من الشرق مجموعة من التلال الصغيرة – تليها سلاسل غيرَ متصلة من الجبال الموازية لسلسة جبال الحجاز.
وتَنحدر من هذه التلال والجبال مجموعة من الأودية تسير في اتجاه الغرب نحو ساحل البحر الأحمر، أهمها وادي فاطمة ووادي خليص اللذان يُعتبران من مصادر المياه الجوفية التي تستفيد منها المدينة.
وقد أثَّر موقع جدة في مناخها، فدرجة الحرارة مرتفعة على مدار السنة خاصةً في الصيف وكذلك درجة الرطوبة. أما الأمطار فتسقط شتاء، وهي على أية حال قليلةٌ وغيرُ منتظمة.
وتتكون جدة من عِدة أحياء، كل منها يمثل منطقة متكاملة الخدمات.
وهي تمتد طوليا بمحاذاة ساحل البحر لأكثرَ من 80 كيلومترا عَبْر طريق "الكورنيش" الذي يُعد من أشهر معالم المدينة بما يَضُمه من منتزهات وأماكن تَرْفيه ومناظر بديعة، خاصة نافورة الملك فهد التي تُطلِق المياه لارتفاع أعلى من كل نافورات العالم.
ويحيط بالمدينة من ناحية الشرق طريق جدة الدائري المتصل بشبكة متطورة من الطرق والجُسور التي تُسهِّل الحركة داخل المدينة، تربطها في الوقت نفسِه بأنحاء المملكة.
كذلك يوجد بالمدينة مطار الملك عبد العزيز الدولي الذي يُعد تحفة مِعمارية عالمية وأول مطار دولي بالمواصفات العالمية الحديثة ينشأ في المملكة.
وهو ينقسم إلى ثلاثة مطارات: الأول خاص بالرحلات الداخلية، والثاني بالرحلات الدولية، والثالث خاص بالحجاج. ويبلغ عدد الركاب المستخدمين لهذا المطار عشرة ملايين راكب كل سنة.
أما ميناء جدة الإسلامي فقد شَهِد تطورات عديدة قبل أن يصل إلى شَكله الحالي.
فقد كان مجرد مرفا صغير لا يستطيع استقبال البواخر الكبيرة بسبب قلة عمق المياة ووجود الشعب المرجانية. فكانت تقف هذه البواخر في عرض البحر، وكانت السفن الشراعية، المسماة "سنابيك"، تنقل السلع التجارية والمسافرين من البواخر إلى رصيف الميناء.
وفي عام 1951 قامت الحكومة بإنشاء ميناء جديد بجوار المرفأ القديم يحتوي على رصيف واحد يمتد حتى المياه العميقة فكان يستطيع استقبال باخرتين كبيرتين في وقت واحد.
واستمرت الحكومة في تطوير وتَوْسعة الميناء وتزويده بالمرافق والخدماتِ حتى أصبح الوقت الحاضر أضخم موانئ المملكة على الإطلاق حيث يضم 43 رصيفا تعمل على مدار الساعة بانتظام ويُسْر.
وتعد جدة، فضلا عن ذلك، مركزَ ثقل صناعي في المملكة، حيث تضم بعض الصناعات البترولية، ومصنعاً للحديد والصلب، ومصانع لمواد البناء ودِباغةٍ الجلود والأجهزةِ المنزلية والمواد الكيماوية والمواد الغذائية وغيرها.
ونتيجة للنشاط التجاري والصناعي الواسع أصبحت جدة مركزاً مالياً مرموقاً تَنشط فيه أعمال البنوك والمصارف، إضافة إلى أهميتها الثقافية بسبب وجود جامعة الملك عبد العزيز، ومعهد أبحاث البحر الأحمر، والمقر الدائم لدول المؤتمر الإسلامي، والعديد من المعاهد ودور النشر والمنظمات الدولية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]