الاماكن والمدن والدول

نبذ تعريفية عن “مملكة ليسوتو” الواقعة في جنوب شرق قارة إفريقيا

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مملكة ليسوتو جنوب شرق قارة إفريقيا قارة إفريقيا الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

تقعُ مَمْلَكَةُ لِيسوتُو في أَقْصَى جنوبِ شَرْقِ قارَّةِ أَفريقْيا.

وتُحيطُ بها جمهورِيَّةُ جنوبِ أَفْريقْيا من جميعِ الجِهاتِ، وتَبْعُد عن المحيطِ الهِنْدِيِّ بمسافَةِ 320 كيلومتراً، وهي دَوْلَةٌ داخِلِيَّةٌ لا سَواحِلَ لها، وتَقَعُ غَرْبَها وِلايَةُ الأُورانْج.

تبلغُ مِساحَةُ لِيسوتو نحوَ 355 30 كيلومتراً مربَّعاً ويتكوَّن سطحُها من كُتْلَةٍ مُعَقَّدَةٍ منَ التَّضاريسِ، يَغْلُبُ عَلَيْها الطابَعُ الجَبَلِيُّ.

 

ويمكنُ تمييزُ أَرْبَعَةِ أقاليمَ طبيعِيَّةٍ في ليسوتو هي: سهولُ وادِي نَهْر «كاليدون» في الغَرْبِ وتمثِّلُ 17% من مِساحَةِ البلادِ وتَرْتَفِعُ نحو 1700 مترٍ عن سَطْحِ البَحْرِ.

وإلَى الشَّرْقِ من هذه السُّهولِ توجدُ مِنْطَقَةُ التِّلالِ، وتُمَثِّلُ 16% من مِساحَةِ ليسوتو، وفيها مناطِقُ مُسْتَوِيَةٌ ذاتُ تُرْبَةٍ خِصْبَةٍ.

وإلَى الشَّرْقِ من هذه السُّهولِ يبدأُ السَّطْحُ في الارْتِفاعِ حتَّى يَصِلَ إلَى مرتفعاتِ «مالوني» الّتي تَظْهَرُ علَى شَكْلِ حافَةٍ بارِزَةٍ تَحْتَوِي علَى صخورِ البازَلْتِ.

 

وتمثِّلُ 58% من المِساحَةِ حتَّى تَصِلَ إلَى جبالِ «دراكِنْسْبِرج» الّتي يَصِلُ ارْتِفاعُها إلَى أكثرَ من 430 3 متراً فوقَ سَطْحِ البَحْرِ، وهي أَعْلَى قِمَّةٍ في جنوبِ أَفْريقْيا وتغطِّي جزءاً كبيراً من ليسوتو الوُسْطَى.

أمَّا في الجنوبِ فيوجدُ وادِي نَهْرِ الأُورانْج الذّي يَمْتَدُّ علَى شَكْلِ إِصْبَعٍ بَيْنَ الجبالِ، ويَشْغَلُ 9% من مِساحَةِ البلادِ. وينبعُ هذا النَّهْرُ من شمالِ ليسوتُو، ويُوَفِّرُ إمكانياتٍ مائِيَّةً ضَخْمَةً، ويدعو إلَى إِقامَةِ خَزَّاناتِ المياهِ مُسْتَقْبَلاً.

والمُناخُ في ليسوتو مُعْتَدِلٌ رَطْبٌ بِوَجْهٍ عامٍّ. وتصلُ درجاتُ الحرارَةِ في السُّهولِ الغربِيَّةِ في فصلِ الصَّيفِ إلَى 32 درجةٍ سيلزيَّةٍ، وفي الشِّتاءِ إلَى أَقَلَّ من الصِّفْرِ. وتَصِلُ درجةُ الحرارةِ إلَى التَّجَمُّدِ في المناطِقِ الجَبَلِيَّةِ المُرْتَفِعَةِ.

أمَّا الأَمْطارُ فهي مُتَذَبْذِبَةٌ من فَصْلٍ إلَى فصْلٍ، ومِنْ مكانٍ إلَى آخَر.

 

ويَصِلُ المُعَدَّلَ السَّنَويُّ لِسقوطِ الأَمْطارِ إلَى 7 سنتيمترات، ويتركَّزُ سُقوطُه في الفَتْرَةِ من أكتوبر إلَى أبريل. كذلِكَ يوجدُ فَصْلٌ جافٌّ يُسَبِّبُ أَزَماتٍ حقيقيَّةً لِلْمزارِعِينَ. ويلاحَظُ الفارِقُ الكبيرُ بينَ دَرجاتِ الحَرارَةِ بينَ فَصلَيْ الشِّتاءِ والصَّيْفِ.

وتُعَدُّ مملكةُ ليوتو من المَمَالِكِ القديمَةِ في مِنْطَقَةِ الجنوبِ الأَفْريقِيِّ. وتاريخُ ليسوتو لَمْ يُعْرَفْ إلَّا في أواخِرِ القَرْنِ الثّامِنَ عَشَرَ الميلادِيِّ، وذَلِكَ عِنْدَما قامَتْ الحروبُ بينَ القبائِلِ في جنوبِ أَفْرِيقْيا، ودُمِّرَتْ البيوتَ والمُدُنَ فَهَرَبَ بعضُهم إلَى المُرْتَفعاتِ الّتي تكوِّنُ مِنْطَقَة ليسوتو حالِيًّا.

وقَدْ أَعْطاهُم الزعيمُ الأفريقيُّ «موشو شو» الحِمايَةَ، وبَنَى حِصْناً في التَّلِّ المُسَمَّى «جَبَلَ اللَّيْلِ» الّذي يَبْعُدُ حوالَيْ 24 كيلومتراً عن مَوْقِعِ العاصِمَةِ «ماسِيرُو».

 

وقامَ هذا الزَّعيمُ بِتَوحِيدِهم فِيمَا سُمِّيَ «أُمَّةَ الباسْتُو» الّتي ازدادَ نفوذُها وحاوَلَتْ بِريطانْيا هَزيمَتها، ولكنَّها فَشَلَتْ في ذَلِكَ. ثمَّ اسْتَمَرَّتْ الحَرْبُ بينَ الباسْتو والمُسْتَوْطِنينَ البُويَر، حيثُ طَلَبَ المَلِكُ «موشو شو» الحِمايَةَ من بِريطانْيا عام 1868.

وقامَتْ بريطانْيا بِتَأسيسِ مَحْمِيَّةٍ في هذه المِنْطَقَةِ تابِعَةٍ لها وفي عام 1871 وُضِعَتْ هذه المِنْطَقَةِ تحتَ حُكْمِ مُسْتَعْمَرَةِ رَأْسِ الرَّجاءِ الصَّالِحِ البريطانِيَّةِ، والّتي هي الآنَ جزءٌ من جَنوبِ أَفْريقْيا.

وتَأَسَّسَ في عام 1910 «مَجْلِسُ باسْتولانْد» الّذي يتكوَّنُ من أَعْضاءٍ مُنْتَخَبينَ، وهو مَجْلِسٌ تَشْريعِيٌّ وَطَنِيٌّ يضمُّ 80 عضواً. وتَمَّتْ صِياغَةُ الدُّستورِ الّذي كانَ خُطْوَةً أَساسِيَّةً في طريقِ الحُكْمِ الذَّاتِيِّ، وقَدْ اسْتَقَلَّتْ ليسوتو عامَ 1966، بعدَ حِمايَةٍ بريطانِيَّةٍ اسْتَمَرَّتْ أكثرَ من سبعينَ عاماً.

وهي الدَّوْلَةُ الوحيدَةُ في جنوبِ أَفْريقْيا الّتي تَتْبَعُ النِّظامَ المَلَكِيَّ الّذي أَخَذَ يَتَزَعْزَعُ لِمُعارَضَةِ الأَكْثَرِيَّةِ لَهُ.

 

وليسوتُو عُضْوٌ في الكومُنْوِلْث البريطانِيِّ ومُنَظَّمَةِ الوَحْدَةِ الأَفْريقِيَّةِ. وتعانِي ليسوتو من بعضِ المُشْكِلاتِ السِّياسِيَّةِ، مِنْها أنَّ جزءاً من أَراضِيها تحتَ الحُكْمِ في جنوبِ أَفْريقْيا، وكَذَلِكَ مُشْكِلَةُ العُمَّالِ المهاجرينَ إلَى جنوبِ أَفْريقْيا والّذينَ يُشَكِّلونَ أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَضْعافِ القُوَى العامِلَةِ في ليسوتو نَفْسِها.

ويبلغُ عددُ السُّكَّانِ نحوَ 954 207 2 نَسَمَةٍ (2002). والكثافَةُ السُّكَّانِيَّةُ هي 60 شَخْصاً في الكيلومِتْرِ المربَّعِ الواحِدِ، و99% من ليسوتو والباقي من آسْيا وأوروبا.

ويعيشُ معظمُ السُّكانِ في القُرَى 80%، ويمارِسونَ حِرْفَةَ الزِّراعَةِ ورَعْيِ الماشِيَةِ. وتُقاسُ ثَرْوَة الأُسْرَةِ بِكَمِّيَّةِ الأَبْقارِ الّتي لَدَيْها. ومساكُنُهم أَكواخٌ مَبْنِيَّةٌ منْ طينٍ وسَقْفُها من قَشٍّ، أمامَها مساحاتٌ فضاءٍ تُسْتَخْدَمُ حَظائِرَ لِلْماشِيَةِ.

أمَّا الأثْرياءُ فيبنونَ مساكِنَهُم من الحِجارَةِ وسُقُفَها من البَلاطِ. وتمارِسُ النِّساءُ الأَعمالَ الشَّاقَّةَ في المَزَارِعِ والبُيوتِ، مثل جَنْيِ المَحْصولِ وتَنْظيفِ الأَراضِي الزِّراعِيَّةِ. ويمارِسُ الأَطفالُ الذُّكورُ حِرْفَةَ رَعْيِ الماشِيَةِ.

 

والتَّعليمُ محدودٌ جدّاً، ويَقْتَصِر علَى المَرْحَلَةِ الابْتِدائِيَّةِ. وتَنْتَشِرُ الأُمِّيَّةُ بينَ السُّكَّانِ بِدَرَجَةٍ كبيرَةٍ. والغِذاءُ الرَّئيسِيُّ للسُّكَّانِ هو الذُّرَةُ الشَّامِيَّةُ والخَضْراواتُ واللَّبَنُ.

والدِّياناتُ السَّائِدَةُ هي: المَسيحِيَّةُ بِنِسْبَةِ 80%، والوَثَنِيَّةُ والإِسْلامُ والدِّياناتُ الأُخْرَى بِنِسْبَة 20%. واللُّغَةُ الرَّسْمِيَّةُ في البلادِ الإنْجليزِيَّةُ السِّيسوتِيَّةُ.

ويوجدُ في مَمْلَكَةِ ليسوتو العديدُ من المُدُنِ، أَهَمُّها «ماسيرو» العاصِمَةُ الّتي تَقَعُ في شَمالِ غَرْبِ البلادِ، ويسكُنُ فيها نحوُ خُمْسِ عَدَدِ السُّكَّانِ، وكَذَلِكَ مُدُنُ «بيريا» و«وبثا – بوثي» و«ليربي» وغيرُها.

 

ولِيسوتو مِنْ الدُّوَلِ الفَقيرَةِ في أَفْريقْيا الجَنوبِيَّةِ بِسَبَبِ بِيئَتِها الطَّبيعِيَّةِ الصَّعْبَةِ وموارِدِها المَحدودَةِ والكَثافَةِ السُّكَّانِيَّةِ العالِيَةِ.

وتُعَدُّ حِرْفَةُ الزِّراعَةِ أَهَمَّ الأَنْشِطَةِ الاقْتِصادِيَّةِ فيها، وأَهَمُّ الحاصِلاتِ الزِّراعِيَّةِ هي: القَمْحُ، والذُّرَةُ، والشَّعيرُ، والهِلْيونُ، والشُّوفانُ، والفُولُ، والخَضْراواتُ. وتَتَرَكَّزُ الزِّراعَةُ في السُّهولِ الغَرْبِيَّةِ لِلْبلادِ حيثُ يعيشُ نحوُ ثُلُثَيْ السُّكَّانِ.

وقَدْ أُصْلِحَتْ مِساحَةٌ من الأَراضِي الزِّراعِيَّةِ علَى شَكْلِ مُدَرَّجاتٍ. ويمارِسُ السُّكَّانُ أَيْضاً حِرْفَةَ الرَّعْي ويُرَبُّونَ الأَبْقارَ والأَغْنامَ والماعِزَ علَى النَّباتِ الطَّبيعِيِّ. وأَهَمُّ مُشْكِلَةٍ تواجِهُ السُّكَّانَ قِلَّةُ الأَمْطارِ وتَذَبْذُبُها الّذي يُعَرِّضُ المَراعِيَ لِلْجَفافِ، ويَسْتَدْعِي الأَمْرُ تغذيةً إَضافِيَّةً لِلْماشِيَةِ لِحمايَتِها من الأَمْراضِ.

 

أمَّا الصِّناعَةُ فهي مَحدودَةٌ جدًّا، وتَقْتَصِرُ علَى المَلابِسِ البَسيطَةِ من الصُّوفِ المُوهيرِ، والمَصنوعاتِ اليَدَوِيَّةِ الشَّعْبِيَّةِ، والأَغْذِيةِ والمَشْروباتِ.

والتِّجارَةُ محدودَةٌ وتَقْتَصِرُ بالدَّرَجِةِ الأُولَى علَى الوارِداتِ مثل الموادِّ الغذائِيَّةِ والأَلْبِسَةِ والآلاتِ. أمَّا الصادِراتُ فهي المَواشِي والصُّوفُ. ويوجدُ في ليسوتو الأَلْماسُ بِكَمِّيَّاتٍ محدودَةٍ. وتَرْتَبِطُ ليسوتو بِعَلاقاتٍ تِجارِيَّةٍ محدودةٍ مَعَ جنوبِ أَفْريقْيا، وبِتْسوانَا، ونامِيبيا، والاتِّحادِ الأوروبِيِّ وأَمْريكا الشَّمالِيَّةِ.

ولكنْ هناكَ قِطاعٌ هَامٌّ من الدَّخْلِ القَوْمِيِّ يَعْتَمِدُ علَى هِجْرَةِ أَعْدادٍ كبيرةٍ من الأَيْدِي العامِلَةِ من سُكَّانِ ليسوتو لِلْعَمَلِ في جنوبِ أَفْريقْيا في المناجِمِ والمَزارِعِ والمصانِعِ. ويَنُصُّ القانونُ علَى أَنْ يُودَعَ 60% من أَجْرِ العامِلِ في بَنْك ليسوتو، وهذا يُمَكّنُ الحكومَةَ مِنْ اسْتِثْمارِ جزءٍ من هذه الأمْوالِ لأَعْمالِ التَّنْمِيَةِ في ليسوتو. والعُمْلَةُ الرئيسِيَّةُ في البلادِ هي اللُّوتي.

 

وطُرْقُ المُواصلاتِ بُدائِيَّةٌ حيثُ يَسْتَخْدِمُ السُّكَّانُ الحميرَ والخيولَ في التَّنَقُّلِ بينَ القُرَى والمَناطِقِ الجَبَلِيَّةِ المُرْتَفِعَةِ. وتَتَركَّزُ معظمُ الطُّرُقِ المُعَبَّدَةِ في مِنْطَقَةِ السُّهولِ الغَرْبِيَّةِ.

ويوجدُ خطٌّ لِلْسِّكَكِ الحديدِيَّةِ يَرْبِطُها بِجنوبِ أَفْريقْيا، وخطٌّ آخرُ للطُّرُقِ السَّريعَةِ. وهناكَ عددٌ محدودٌ من خطوطِ الهاتِفِ. وتَحْصُل البلادُ علَى الكَهْرَباءِ من جنوبِ أَفْريقْيا.

وتَحْصُل ليسوتو علَى معوناتٍ اقْتِصادِيَّةٍ من البَنْكِ الدَّوْلِيِّ وصُندوقِ النَّقْدِ الدَّوْلِيِّ والأُمَمِ المُتَّحِدَةِ وبريطانْيا لِتَحْسينِ ظُروفِها المَعيشِيَّةِ، وتطويرِ اقْتِصادِها، والقيامِ بأعمالِ التَّنْمِيَة فِي البلادِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى