الحيوانات والطيور والحشرات

وسائل الاتصال المتبعة بين الحشرات

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

وسائل الاتصال المتبعة بين الحشرات الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

تعيش بعض انواع الحشرات في نظام اجتماعي عجيب ، وتتميز بالعمل الجماعي حيث يؤدي كل فرد عمله بمثابرة ونشاط . 

ومثل هذا العمل الجماعي يتطلب وسيلة للاتصال بين أفراد الجماعة ، حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم على الوجه الأكمل . 

ولقد اعتقد العلماء فيما مضى ، أن وسيلة الاتصال بين افراد كل من النمل والنحل مثلاً هي قرون الاستشعار وأن هذه الحشرات تتفاهم فيما بينها من خلال احتكاك هذه القرون .

 

لكن الباحثين تمكنوا حديثاً من إثبات أن هذه الحشرات تتصل فيما بينها عن طريقة إفراز مواد كيميائية تقوم كل منها بأداء وظيفة معينة ، وأطلقوا على هذه المواد اسم " كيماويات الإشارة Semiochemicals". 

وقام الباحثون باستخلاص بعض هذه المواد من النمل ودرسوا تركيبها وتعرفوا على وظيفة كل منها .  وقد توصلوا إلى أن كيماويات الإشارة تنقسم إلى قسمين أو مجموعتين ، أولاهما تسمى الفيرومونات (Pheromones) وهي تؤثر في أفراد المجموعة نفسها من الحشرات وتستخدم للتواصل فيما بينها.

وثانيهما هي "الكيماويات الأليلية" (Allelochemics) وهي التي تستخدم للتواصل بين أفراج المجموعات المختلفة .  

 

ووجد الباحثون ان هناك نوعين من الكيماويات الأليلية ، ويسمى النوع الأول الألمومونات  (Allomones)، وهذا يخدم اغراض الحشرة التي افرزته والتي تعرف بالمرسلة ، أما النوع الثاني فهو الكيارومونات (Kairomones) وهو الذي يخدم الحشرة المستقبلة .

وتعتبر الفيرومونات من أشهر كيماويات الإشارة ، والتي تخدم أغراضاً متعددة .  ومن هذه الفيرومونات يعرف بجاذبات الجنس التي تطلقها الأنثى لجذب الذكور لها . 

وقد لاحظ العلماء أن فراشة دودة القز الصينية تمكنت من جذب %26 من الذكور الذين كانوا على بعد 11 كيلومتراً عنها ، وذلك من خلال إطلاق مادة كيميائية معينة تمكن هذه الذكور من التعرف عليها والتوجه نحو الانثى التي أطلقتها . 

 

وفي تجربة ثانية ، وضع أحد العلماء أنثى الفراش في قفص مغطى بالقماش وعلهق على نافذة بيته ، ولم يمض وقت طويل حتى تجمع أكثر من 66 ذكراً من نوع هذه الفراشة وظلوا يحومون حول القفص .  وعندما وضع هذا العالم أنثى الفراش في قفص زجاجي مغلق في نفس المكان ، لم يظهر أي من ذكور الفراش . 

وقد استنتج هذا العالم أن أنثى الفراش تطلق جاذباً جنسياً ، سمح القفص القماشي من نفاذه وانتشاره في الجو فتعرف عليه الذكور ، أما القفص الزجاجي فلم يسمح بنفاذ هذا الجاذب ولم يحس به الذكور.

وفي تجربة أخرى ، اكتشف الباحثون أن لبعض أنواع الفراش ذوق خاص في التعامل ، فإناث الفراش هذه لا تطلق جاذبات الجنس إلا في الظلام فيتجمع حولها الذكور ، فإذا أضيئت الأنوار توقفت عن ذلك وانفضت الذكور عنها .

 

ولا يقتصر الأمر على جاذبات الجنس ، فهناك أيضاً مواد أخرى يفرزها النمل لتشكل هادياً لاقتفاء الأثر فتستدل شغالات النمل بواسطتها على الطريق المؤدي إلى موقع الغذاء مثلاً .  وقد وجد أن أنواع النمل المختلفة تفرز مواد أثر مختلفة عن بعضها البعض ،  لا يستطيع تمييزها إلا افراد النوع نفسه.

وبالإضافة إلى ذلك هناك مواد يفرزها النمل بهدف الإنذار أو التنبيه .  فإذا أحست النملة بالخطر تفرز مادة معينة يتعرف عليها باقي النمل فيحس بذلك الخطر ويسعى للابتعاد عن مصدره . 

وقد اجرى الباحثون تجربة في هذا المجال ، وذلك بلمس ظهر إحدى شغالات النمل بقضيب زجاجي رفيع ، وسرعان ما اصاب الفزع النملة، وبدأ في التحرك بعصبية في كل اتجاه ، وخلال اقل من ثانية انتقل هذا الفزع إلى كل من يحيطها من النمل وبدأ جميع النمل الموجود من حولها في التدافع والقفز في كل اتجاه دون هدف واضح . 

 

وفي هذا المجال أيضاً لوحظ أن شغالات النمل لا تهتم بوفاة إحداها إلا بعد مضي يومين على الوفاة .  وعند دراسة هذه الظاهرة لوحظ أن النملة الميتة ينطلق منها بعد يومين من وفاتها مادة كيميائية معينة يفهم منها باقي النمل أنها قد فارقت الحياة . 

وعندها يقوم النمل بحملها في موكب مهيب وإلقائها خارج مملكته .  وللتأكد من هذا الأمر ، قام الباحثون بفصل المادة التي تنطلق من النمل الميت ، ووضعوا بعض هذه المادة على نملة حية . 

وعندها تجمع النمل حولها وقاموا بحملها وإلقائها خارج مملكتهم، وكلما عادت النملة إلى صاحباتها حملنها وقذفن بها إلى خارج مملكته، ظناً منهم أنها ميتة . 

 

وحينما وضع الباحث بعضاً من هذه المادة على قطعة قش صغيرة ، قام النمل أيضاً يحمل هذه القشة وألقوا بها بعيداً مما يؤكد طبيعة الرسالة التي تحملها هذه المادة الكيميائية .

وهكذا نرى أن النمل والنحل وبعض أنواع الفراش يقوم بإفراز مواد كيميائية معينة لتشكل وسيلة للاتصال ولغة للتفاهم  ، فبعضها يحتوي على رسالة عاطفية ويشير إلى رغبة جنسية ، وأخرى تساعد على اقتفاء الاثر والاستدلال على الطريق ، وثالثة تشكل رسالة إنذار أو تنبيه لخطر معين أو حدث قد وقع .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى