آثار كارثة التلوث التي سببتها العمليات العسكرية المرتبطة بحرب الخليج على الأحياء البحرية
1996 العوامل البشرية
مهدي حسن العجمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الأحياء البحرية حرب الخليج العمليات العسكرية البيئة علوم الأرض والجيولوجيا
أدى الغزو العراقي للكويت إلى إصابة بيئة الخليج بدرجة عالية من التلوث المائي نتيجة للعمليات الحربية، والتصرفات غير المؤولة التي أدت إلى تدمير البيئة البحرية وإخلال التوازن الطبيعي بها.
وقد لجأ المحتلون بصورة متعمدة في شهر يناير عام 1991 إلى ضخ كميات كبيرة من النفط في مياه الخليج، خاصة في منطقة الشعيبة والأحمدي والصبية، بهدف تحويله إلى بحيرة نفطية كبيرة قابلة للاشتعال في أية لحظة، إذا ما قررت الدولة المتحالفة تحرير الكويت عن طريق اختراق الشواطئ الكويتية.
وقد أظهرت صور الأقمار الصنراعية تراكم النفط على طول السواحل الغربية للخليج من الكويت إلى السعودية وقطؤر والبحرين الصورة (24) وشكل (39) يوضح مواقع التلوث النفطي على الساحل الشرقي للمملكلة العربية السعودية.
وقد تباينت التقديرات الأولية الخاصة بكميات النفط التي تم ضخها في الخليج ما بين 2-6 مليون برميل، وهي كميات ضخمة كفيلة بإحداث درجة عالية من التلوث النفطي وتدهور سريع للنظام الايكولوجي المائي إذا ما وضعنا في الاعتبار ظروف الخليج الطبيعية التي تجعل منه خليجاً شبه مغلق.
كذلك أسهمت تحركات القطع الحربية والمعارك البحرية التي أسفرت عن غرق عدد كبير من الزوارق الحربية العراقية، وتدمير بعض سفن الإمداد العراقية المحملة بالنفط كرصيد احتياطي في إضافة المزيد من التلوث إلى مياه الخليج، مما زاد إضرار النظام الايكولوجي المائي.
وقد أدى زرع الألغام البحرية في مياه الخليج، لعرقلة أي تحرك عسكري بحري، إلى آثار سلبية عند تفجيرها لتطهير مياه الخليج. وبالذات التلوث الخطير والأضرار التي لحقت بالأحياء البحرية، وهذا إلى جانب تعرض الخليج لتساقط الملوثات النفطية الهوائية من دخان دقائسق ؤالسخام.
وأخيراً كان لجوء النظام العراقي لتدمير أو إتلاف محطات معالجة الصرف الصحي الأربع في البلاد، والتي تبلغ طاقتها اليومية حوالي 330 ألف متر3.
واضطرت السلطات بلعد التحرير لتصريف مياه المجاري الصحية غير المعالجة إلى الخليج بصورة مؤقتة، ريثما تتم عمليات إصلاح محطات المعالجة.
وترتب على ذلك تلوث مياه الخليج بالكثير من الميكروبات والفيروسات والبكتريا الضارة. ويبدو أثر العمليات العسكرية المرتبطة بحرب الخليج فيما يلي:
– الآثار المباشرة لكارثة التلوث على الأحياء البحرية
لقد نتج عن ضخ ملايين البراميل من حقول النفط في الكويت إلى الخليج، شكل (40) موت آلاف الطيور وغيرها من الكائنرات البحرية.
ونظراً لحركة المد والجزر في الخليج العربي والتي تصل في بعض المواقع أحياناً بين 3-5 امتر فقد كان تأثيرها مؤثراً جداً على السلسلة الغذائية؛ لما تحمله من العديد من الملوثات السامة والعالقة والطافية في العمود المائي إلى مناطق المد الأعلى وتلك المناطق المحصولرة ما بين أعلى مد وادنى جزر.
حيث كانت ملاذاً طبيعياً للعديد من الأحياء البحرية، وقد عد المد في هذه الحالة مساعداً في قتل ما لا يقل عن 25 ألف طائر، وقضاءً كاملاً على بعض الكائنات السرطانية، وتوقف نمو العديد من النباتات التي يرتكز معدل نموها على أشعة الشمس النافذة للمياه.
وقد شوهدت كميات هائلة من السخام الأسود تغطي مساحات شاسعة من الخليج العربي خلال شهور ابريل ومايو ويونيو 1991. وتأتي خطورة التلوث البحري هنا في عدد المنتجات الناتجة عن التفاعلات الكيميائية، حيث إن بعضهرا قابل للذوبان في الماء ويشكل خطورة ضارة على نمو وتكاثر معظم الكائنات المائية والنباتية والحيوانية.
حيث بدأت تظهر أمراض غامضة تسبب موت العديد من الأسماك التي تظهر عليها بقع حمراء، وبخاصة على الخياشيم وقرب الذيل وزعانف الظهر. ويؤكد الصيادون ان مثل هذا الأمر لم يشاهد أبداً من قبل.
وأن المرض ناجم عن بكتريا او فطر، ولكن سببه غير معروف. وربما كانت المياه تحوي شيئاً جديداً (المنظمة الإقليمية لحماية البيئة، 1991).
تأثر مناخ المنطقة بالكارثة وأبعادها، حيث أشارت بعض النتائج الولية الخاصة بدراسة آثار كارثة التلوث على البيئة البحرية أنه قد حدث اختلاف ملحوظ في درجة حرارة الماء خلال أشهر الصيف، حيث كانت درجة حرارة الماء في أشهر يونيو ويوليو وأغسطس أقل منها في السنوات السابقة (الفجر الجديد 1991).
وإن انخفاض درجة حرارة الماء لا شك يعيق معدلات نمو كثير من الكائنات البحرية وأهمها يرقات الأسماك والروبيان (الجمبري) المتأقلمة على درجات حرارة معينة في مثل تلك الأوقات من السنة، وربما يؤدي إلى زيادة معدلات النفوق ونقص في وفرة هذه الكائنات، بالإضافة إلى أن الاختلاف في درجة الحرارة قد يمنع حدوث البدء في عمليات النضج الجنسي أو تأخيره، مما يترتب على التأخير تولد يرقات في وقت غير ملائم.
أما ممدى تأثير هذا الاختلاف المؤقت في البيئة البحرية وخاصة على الثروة السمكية فيعتمد ذلك على نوعية الكائن الحي وملاءمته للتغيرات البيئية ومدى طول الفترة التي يعيشها بالسنين، كمثال وهو حيوان ذو عمر قصير نسبياً (سنة ونصف السنة) فإن الانخفاض الذي حدث في درجة حرارة الماء قد سيؤثر سلبياً وبشكل ملحوظ في وفرة الروبيان وعلى معدلات نموه.
بالإضافة إلى تأثيره على معدلات تكاثره خلال عام 1992 (ويستبعد أن يتعدى التأثير إلى أكثر من عامين).
أما بالنسبة للأسماك ذات الأعمار الطويلة (3-10 سنوات)، كالنويبي والهامور فابلزيادة في معدلات نفوق اليرقات خلال 1991 قد تأثرت سلباً في وفرة هذه الأسماك وبالتالي كمية الصيد على مدى فترة حياة هذه اليرقات (سليمان المطر 1991).
وقد وجد أن هناك تلوثاً من نوع آخر نجم عن تدمير العدو لمحطات الصرف الصحي، مما أدى إلى صرف مياهها بعيداً عن المناطق الحساسة وإعادة دعوة لجنة الطوارئ لمكافحة التلوث بالرزيت (عبد الرحمن العوضي 1991).
وقد أدى لاتدمير محطات تنقية مياه المجاري إلى قيام وزارة الأشغال العامة بضخ المياه إلى الخليج من ثمانية مخارج للطوارئ في منطقة المدينة، هي شواطئ السلام وبنيد القار والمسيلة والبدع.
وكانت تتزايد الكمية بصوؤرة مستمرة بسبب زيادة استهلاك المياه مع عودة المواطنين إلى البلاد خلال الشهور الأولى، مما أدى إلى تلوث كبير بالكتريا. وتقوم إدارة حماية البيئة بأخذ عينات من بعض الشواطئ التي يمكن الوصول إليها لتحديد مستويات التلوث بالبكتريا في هذه الشواطئ.
ويلاحظ أن المستويات تزيد بشكل واضح عن المستويات الدولية وعن المستويات التي تستخدم في دولة الكويت، مما يعني أن السباحة في هذه المياه تؤدي إلى احتمال الإصابة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]