آراء المؤرخين الإيجابية والسلبية بحق “خالد بن يزيد”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
خالد بن يزيد واراء المؤرخين التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
انقسم المؤرَّخون والمفكرون في أمر خالد، فمنهم من أنكر عليه اشتغاله بالكيمياء من مثل آلدومييلي Aldo Meili من الغرب.
إذ يقول في كتابه "العلم عند العرب" : "لقد رفع بعض المؤرخين العرب، ثم بعض الكتاب المحدثين من بعدهم، من ذكر خالد بن يزيد بن معاوية الذي لُقّب كثيراً بالحكيم أو الفيلسوف.
ولم يقتصر كما زعموا على تشجيع علماء اليونان وحثَّهم على ترجمة الكتب المؤلَّفة بلغتهم إلى العربية ، بل كان هو نفسه عالماً أصيلاً عُني على الأخص بعلم الصّنعة (الكيمياء القديمة) التي تعلَّمها إن صحَّ ذلك من راهب يوناني اسمه مارينوس وليس ذلك إلاَّ محض افتراء، وعلى الأخص ما ذُكر عن تبحره في علم الصَّنعة .
وفوق ذلك كانت ترجمة كتب اليونان إلى العربية متأخَّرة عن ذلك العهد ، كما أن المؤلَّفات العربية الأصيلة أحدث كثيراً منه" .
كما اعتبريوليوس روسكا Julius Ruska، المستشرق الألماني، أن أغلب الكتب التي نُسبت إلى خالد، أو من جاء بعده بقليل، قد كتبها غيرهم بعد وفاتهم بمدة طويلة ونسبوها إليهم.
ويرد عليهما، وعلى غيرهما من المفترين، ستابلتون Stapleton منكراً بقوله: "إن مثل هذه الآراء لا تستند إلى أدلة تاريخية صحيحة ولا مبنية على العمق في التحقيق والتجرد في الحكم" .
ويُقرُّ ستابلتون أن الكتابات العربية العلمية القديمة لا تخلو من خرافات أو تهويل، إلاّ أن المحقق الدقيق يخرج منها حتماً بآراء قيّمة ومعرفة علمية اصيلة.
والمشكلة أنه ليس من الميسور لمستشرقٍ أن يغوص في خضم حضارة بعيدة عنه في كل شيء ليجني دُررها ويقتنص لآلئها.
وإذا كان روسكا يستغرب أن شاباً كخالد من محتدٍ أميري يمكن أن يُشغل نفسه بالكيمياء، فإن المؤرَّخ الإنجليزي هو لميارد Holmyard يرد عليه مبيَّناً أن ملوكاً وأمراء قبله قد شُغفوا بهذا العلم نفسه، ويضرب لذلك الأمثال كالإمبراطور هيراقليوس Herakleios وجيمس الرابع James IV في سكتلندة.
ويُواصل روسكا افتراءاته قائلاً "إن حاجي خليفة الذي كتب بعد قرون سبعة مدَّعياً بأن لخالد خمسة عشر وثلاثمائة والفين بيتاً من الشعر في موضوع الصنعة لهو زعمٌ كبير" .
وهنا ينبري له هولميارد ثانيةً في الرد بقوله : " وحتى في الظروف التي أشار إليها روسكا، فلا تزال كتب واشعار لخالد في مكتبات الهند ومصر وأوروبا لم تُمحَّص بعد ولم تُحقِّق".
كما يُذكِّره الباحث العربي فاضل أحمد الطائي في كتابه " أعلام العرب في الكيمياء " بأن أعمالاً جليلة لشوسر Chaucer مثلاً قد اكتشفت قبل بضع سنين بالرغم من أنها قد كُتبت قبل ستة قرون ! .
كذلك يكشف الطائي عن عدم دقة بعض المؤرِّخين الأجانب ومنهم آلدومييلي في أن هذا المؤرِّخ أخطأ في سنة وفاة خالد فجعلها عام 683 ه، فإذا ما حوّل هذا العام إلى التاريخ الهجري، تكون سنة وفاته أوائل عام 64 ه.
وهذا ما لا تقره كتب التراجم والتاريخ. فالتاريخ الذي ذكره آلدوميلي هو تاريخ وفاة أبي خالد لا خالدٌ نفسه! ومن هذه الهفوة الكبيرة تتضح طريقة هذا المؤرِّخ في البحث وتعجله في عرض الحقائق التاريخية.
كذلك أنكر بعض المؤرخين العرب، مثل ابن خلدون في مقدِّمته، على خالد اشتغاله بالكيمياء لبداوته، وأن العرب لم يكونوا قد وصلوا بعد إلى الدرجة التي تمكنهم من الخوض في علوم غريبة عليهم مثل علم الصَّنعة.
ويرد عليه على الشكيل في مؤلَّفه "الكيمياء في الحضارة الإسلامية" بأنه : "يرى أن خالداً لئن كان أقرب إلى البداوة منه إلى الحضارة، إلا أنه عاش في عصر متحضِّر وفي منطقة زخرت بالفلاسفة والعلماء وإن كانوا من غير المسلمين، كما "الجديد"، وربما كان العمل بالكيمياء متنفّساً له لتغطية عزوفه عن خلافة المسلمين" .
كما زكّاه الجاحظ بقوله إن خالداً بن يزيد كان خطيباً ، شاعراً فصيحاً ، جيِّد الرأي كثير الأدب ، وكان أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]