الطب

أسباب إصابة الإنسان بمرض “الذبحة الصدرية” وكيفية الوقاية منه

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الذبحة الصدرية أسباب الذبحة الصدرية كيفية الوقاية من الذبحة الصدرية الطب

الذَّبْحَةُ الصدريّةُ من أهمِّ الأمراضِ التي يُواجهُها البشرُ في الحضارةِ الحديثة.

ومع تحوُّل مجتمع من حضارةٍ زراعيَّةٍ (مثلاً) إلى حضارةٍ صناعية رأسمالية، كالحضارة الغربيَّةِ، يزدادُ حُدوثُ مثلِ هذا المرضِ واكتشافُهِ بينَ أفرادِ المجتمعِ.

ولهذا فإنَّ كثيراً من مناطِقِ أُمَّتنِا العربيةِ بدأتْ تنتبه إلى ازديادِ مُعدلاتِ حدوثه بينَ أفرادٍ لم يكنْ آباؤُهم او عائلاتُهم يعانونَ منهُ.

 

ومع تعدُّدِ التفسيراتِ لحدوثِ هذا المرضِ، فإنَّ ضغوطَ الحياةِ الحديثةِ وإجهادَها تلعبُ دوراً مُهمّاً في زيادةِ معدلاتِ حدوثِ هذا المرضِ وبخاصةٍ أنَّ المصابينَ به يكونونَ في الغالبِ من فئةِ المهنيينَ الناجحينَ، ورجالِ الأعمـــال الذينَ يُمارِسونَ حياةً يومية حافلة بالإجهاداتِ الذهنيةِ دونَ أن يتوازى معها جهدٌ بدني.

وتنشأ الذبحة الصدرية في معظم الأحوال لضيق الشريانين التاجيان الذين يغذيان القلب بالدم. وهكذا يحدث الشعور بآلام ما نسميه «الذبحة الصدرية ».

وعادَةً ما يحدثُ تَضَيُّقُ الشريانِ التاجي نتيجةَ إصابة جُدُرِ الشريان بتراكُماتٍ من ترسيباتِ الموادِّ الدُّهنيَّة والكوليسْتِرول يوماً بعدَ يومٍ.

 

وهذا يتوافَقُ مع حدوثِ ما نسمِّيهِ تَصَلُّبَ الشرايين. ولكنَّ التَّضَيُّقَ قد يحدُثُ أحياناً نتيجة نوبات من التقلُّصِ دونَ أن تكونَ الجدرانُ مصابَةً بالتَّصَلُّبِ.

وهكذا فإنَّ حدوثَ التَّقَلُّصِ من آنٍ لآخرَ كفيلٌ بإحداثِ التضيُّقِ، وبالتالي بالتَّسَبُّبِ في آلامِ الذبحةِ الصدرية.

والتضيُّقُ في الشريانِ التاجي لا يُسَبِّبُ آلاماً بمجرَّدِ حدوثِه، بقدرٍ يسيرٍ أو معقولٍ منه، وإنّما يبدأُ في تسبُّبِ الآلام عندما تزدادُ نسبتُهُ على ثُلُثَيْ التجويفِ الطبيعيّ للشريانِ، وهذا مِنْ نِعَمِ اللهِ، ولكنَّهُ يعطينا دلالةً مُهمَّةً عن أنَّنا نستطيعُ بحكم تقدُّمِ وَسائِلِ التشخيصِ الطبِّي أَنْ نَسْتكْشِفَ في مرحلةٍ مبكرةٍ هؤلاءِ الذينَ يسيرونَ في اتجاهِ الإصابَةِ بالذبحةِ الصدريَّة، قبلَ أَنْ يُصابوا بها.

 

ونحنُ نَعْرِفُ أَنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ على الإنسانِ أَنَّ جسمَهُ مهيأٌ بآلياتٍ دفاعيَّةٍ كثيرةٍ. وفي حالتنا هذهِ فإنَّ تَضَيُّقَ الشرايينِ يكونُ حافِزاً لنمُوِّ شرايينَ فرعيةٍ وازديادِ دورها في القيام بأدوارٍ مساعِدَةٍ أو بديلةٍ لدورِ الشريانِ الأصليِّ الذي أُصيبَ بالتَضَيُّقِ.

وكثيراً ما يرينا التصويرُ الطبيّ أَنَّ مثلَ هذهِ الشرايينِ الروافدِ قد نَمَتْ في الحَجْمِ إلى قدرٍ كبيرٍ وأَنَّها اصبحتْ تقومُ بدورٍ جَيِّد في تَرْويَةِ عضلةِ القلب.

وهكذا يُمكنُنا أنْ نَفْهَمَ الآنَ أنَّ الذبحةَ الصدريَّةَ آلامٌ بالصدرِ، ترتبِطُ عادَةً بالمجهودِ، والانفعالِ، أو بتسارُعِ نبضِ القلبِ (أياً كانَ السببُ وراءَ هذا كُلِّه)، وأنَّها تزولُ تلقائيَّاً بزوالِ السببِ أو بالأدويةِ الموسِّعَةِ للشَّرايينِ.

 

ويشعرُ المريضُ بآلامِ الذبحةِ في وسطِ الصدرِ، وقد تمتدُّ إلى الكَتِفَيْنِ والذراعَيْنِ (وإنْ كانَ الامتدادُ في الناحيةِ اليُسرى أكثرَ حُدوثاً) أو إلى الرقبةِ والفكِّ والظهرِ.

ويُفرِّقُ الأطباءُ بينَ صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ من الذبحةِ الصدريَّةِ، بعدَ معرفةِ أسبابِها. وهم يصفونَ لِكُلِّ حالَةٍ ما يُناسِبُها من دَواءٍ. ويتولَّى الطَّبيبُ بشيء من الصبرِ تحديدَ الجُرعاتِ المناسبَةِ لعلاجِ آثارِ الذبحة.

وفي جميعِ الأحوالِ فإن علاج الذبحة الصدرية يتطلَّبُ من المريضِ أن يُعيدَ تنظيمَ نسقِ حياتِهِ، وأن يبتعد عن الإجهادِ والقلقِ بقدرِ ما يستطيعُ، وأنْ يُمارسَ الرياضةَ الخفيفةَ، وأن يعتدلَ في طَعامِهِ وشرابهِ وجُهدِهِ وأنْ يلتزِمَ بتعليماتِ الطبيبِ.

 

وكثيراً ما يَتَطَلَّبُ عِلاجُ الذَّبْحَةِ إنقاصَ الوزنِ الزائدِ عن الحدودِ الطَّبيعيَّةِ، وإيقافَ التدخينِ، وضَبْطَ ضَغْطِ الدَّمٍ، والتَّحَكُّمَ في مسارٍ مرضِ السكَّريِّ (في المصابينَ به) بحيثُ يبقَى تحتَ العلاجِ المنضبطِ لأنَّ تفاقُمَ مرضِ السكريِّ نفسِهِ يزيدُ من احتمالاتِ حدوثِ الذبحةِ، وتكرارِها، أو سوءِ حالَتِها.

ومعَ تقدُّم العلاجِ الطبيِّ، أصبحَ مرضُ الذبحةِ الصدريَّةِ من الأمراضِ التي يمكنُ التَّعايش معها بسهولةٍ متى الْتَزَمَ المريضُ بتعليماتِ الطبيبِ.

 

بقيَ أن نَذْكُرَ أَنَّهُ في حالاتٍ ليستْ بالقليلةِ يمكنُ لمرض الذبحةِ الصدريَّةِ أنْ يحدثَ وأن يتنامَى بدونِ أن تَنشأَ عنهُ الآلامُ المعتادةُ.

ويرجعُ السببُ في هذهِ الحالاتِ إلى إصابةِ أصحابِها بمرضِ السكري (على سبيل المثال). ويُسَمِّي الأطباءُ مثلَ هذه الحالاتِ بالمرضِ الصَّامِتِ، وهم يقصدونَ أنه لا يُعَبِّرُ عن نفسِهِ بحدوثِ الألمِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى