أمثلة تبين تطبيق قوانين الغازات على عملية الغوص في الأعماق
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
عملية الغوص في الأعماق تطبيق قوانين الغازات الفيزياء
قد لا يخطر على بالنا ونحن ندرس قوانين الغازات المختلفة أن هناك علاقة بين هذه القوانين وعمليات الغوص في أعماق البحار والمحيطات . فكيف يمكن لنا أن نتفهم هذه العلاقة ونتبينها ؟
وللإجابة عن ذلك نسوق مثالين لتطبيق قوانين الغازات في عملية الغوص التي يقوم بها من نسميهم غواصي "سكوبا" وهم الغواصون الذين يحملون أجهزة خاصة للتنفس تحت الماء .
نحن نعلم أن كثافة ماء البحر تزيد قليلاً عن كثافة الماء العذب ، إذ تبلغ كثافة ماء البحر 1.03 غم/سم3 مقابل 1 غم/سم3 في حالة الماء العذب ، وبالتالي فإن ضغط عمود من ماء البحر طوله 33 قدماً يعادل ضغطاً جوياً واحداً .
ونحن ندرك أن الضغط يزداد كلما ازداد عمق الماء ، فعند عمق يصل إلى 66 قدماً تحت سطح البحر يصبح الضغط معادلاً لضغطين جويين .
والآن نطرح هذا السؤال .. ماذا يحدث للغواص إذا صعد إلى سطح الماء بسرعة ودون أن يتنفس ؟
وللإجابة عن ذلك نفترض أن الغواص كان على عمق 20 قدماً تحت سطح الماء حينما قرر الصعود إلى السطح .
وهنا يكون النقص الكلي في الضغط بين نقطة البدء ، أي على عمق 20 قدماًن وبين السطح قدماً × 1 ضغط جوي أو ما يعادل 0.6 ضغط جوي . ونحن نعلم من قوانين الغازات أن نقصان الضغط يؤدي إلى زيادة حجم الغاز ، وهكذا فإنه عند وصول الغواص إلى السطح يزداد حجم الهواء الموجود في رئتيه بما يعادل 1.6 مرة .
ولا شك في أن التمدد المفاجئ للهواء في الرئتين قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة تمزق أغشية الرئتين . وبالإضافة إلى ذلك، هناك خطورة بالإصابة بما يسمى الانسداد الهوائي للاوعية الدموية والذي ينجم عن تمدد الهواء في الرئتين، حيث يندفع الهواء في الأوعية والشعيرات الدموية فتتكون فقاعات من الهواء قد تعوق وصول الدم إلى الدماغ مما يؤدي بالغواص إلى فقدان وعيه قبل أن يصل إلى سطح الماء .
والعلاج الوحيد للانسداد الهوائي هو إعادة الضغط ، حيث يوضع المصاب في غرفة مليئة بالهواء المضغوط فتضغط الفقاعات الهوائية في أوعيته الدموية إلى أحجام صغيرة جداً لتصبح غير ضارة ، ومثل هذه المعالجة المؤلمة قد تستغرق يوماً كاملاً لإجرائها والشفاء من الإصابة .
أما المثال الآخر الذي يمكن أن نسوقه في هذا المجال فيتعلق بقانون دالتون (Dalton) ، فالضغط الجزئي للأكسجين في الهواء يبلغ 0.2 ضغط جوي ، ونظراً للأهمية القصوى للأكسجين في حياتنا ، يصبح من الصعب علينا أن نتصور أننا حينما نتنفس كمية زائدة عن حاجتنا من الأكسجين فإن ذلك قد يسبب لنا الضرر .
لكن سمية زيادة الأكسجين قد اصبحت معروفة وراسخة وإن كانت ىليتها غير معروفة حتى الآن . والدليل على ذلك أن الأطفال حديثي الولادة الذي يوضعون في خيمة الأكسجين يعانون غالباً من حدوث انفصال في الشبكة والذي يمكن أن يؤدي إلى عمى جزئي أو كلي .
إن الضغط الأمثل للأكسجين في الهواء هو 0.2 ضغط جوي ، وهو الضغط المناسب ليقوم جسم الإنسان بأداء سائر وظائفه بشكل مثالي .
وبناء على ذلك يمكن القول أن الهواء يتكون من %20 (حجماً) من الأكسجين و %80 (حجماً) من النتروجين عند الضغط الجوي العادي . لكن الأمر يصبح مختلفاً بالنسبة للغواص حينما يصبح تحت سطح الماء يتغير الضغط على جسمه ولا بد تبعاً لذلك من تغير نسبة الاكسجين التي يتنفسها.
وعلى سبيل المثال حينما يكون الضغط تحت الاعماق يعادل 2 ضغط جوي فإن محتوى الهواء من الأكسجين لا بد وأن يختصر إلى 10 بالمائة (حجماً) للإبقاء على نفس الضغط الجزئي المثالي للاكسجين وهو 0.2 ضغط جوي .
وعلى الرغم من أن النتروجين يبدو الخيار الأمثل لخلط الأكسجين به ، إلا أن هذا النتروجين يعاني من مشكلة أساسية . فإذا ما زاد الضغط الجزئي للنتروجين عن 1 ضغط جوي ، تذوب نسبة كافية من النتروجين في الدم لتؤدي إلى الإصابة بما يسمى "الخدر النتروجيني" والذي يؤدي إلى أعراض السكر بالكحول نفسها .
وإذا ما أصيب الغواص بهذا الخدر فإنه يقوم باعمال غريبة كأن يرقص في قاع البحر أو أن يمازح أسماك القرش ويداعبها .
ولهذا السبب يستخدم غاز الهيليوم في عمليات تمديد غاز الأكسجين بدلاً من النتروجين ، والهيليوم غاز خامل ، وتقل ذوبانيته في الدم كثيراً عن ذوبانية النتروجين ولا يسبب أي تأثير تخديري على الإطلاق .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]