أمثلة على علماء تحلّوا بصفتي “التعاون والعطاء”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
التعاون والعطاء لدى العلماء العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
صفةٌ جميلةٌ وخصلةٌ نبيلةٌ بين بعض العلماء أثمرت أطيب الثمرات.
ولعل من أروع صور التعاون والإخاء وإنكار الذات، تعاون وهلر وليبج. رفيقين متلازمين وصديقين حميمين وباحثين ينكر كلٌ منهما ذاته في الذات الأخرى، بل لقد وصل الإخاء العلمي بينهما أعلى مراتبه، عندما كان يُنسب كلٍ منهما الفضل في كشفٍ أو بحثٍ معيَّنٍ لأخيه ! كما أدى التعاون بينهما، ومعهما برزيليوس، إلى كشفٍ كبير – كشف النظائر .
وكذلك التعاون بين تيكو براهى وكبلر في مرصد برانج والذي أسفر عن كثيرٍ من الإنجازات الفلكية المهمة .
والتعاون بين مايكلسون ومورلي في إجرائهما واحدة من أخطر التجارب في تاريخ العلوم ، وهي التجربة المعروفة باسمهما والتي كانت – رغم سلبية نتيجتها – نقطة البدء الحقيقية في نسبة آينشتاين.
والتعاون بين بانتنج وبست، ذلك الذي أسفر عن قهرهما مرضاً خطيراً هو مرض البول السكري .
العطاء بغير حدود
وهي صفةٌ ميَّزت بعض العلماء .
فالفارابي مثلاً عكف على دراسة كتب المنطق والفلسفة والموسيقى والرياضيات وهو حدثٌ صغير. وذهب، وهو في الخمسين، إلى إمام المنطق في زمانه، أبو بشر متى بن يونس، ليتعلَّم منه! ولما داعبه أبو بشر قائلاً: أبعد كل هذا العمر تأتي لتدرس علوم المنطق والفلسفة والرياضيات؟!
أجابه: النابغة الذبياني نبغ في الشعر بعد الأربعين، وقد جئتك، ففوق كل ذي علمٍ عليمٍ . وظل يُعطي ويُعطي حتى رمقه الأخير .
وابن سينا، أظهر ذكاءً وحباً للمعرفة منذ صغره، حتى أنه أتم دراسة علوم كثيرة وهو ابن الرابعة عشرة!. وعندما نجح، وهو طبيبٌ صغير، في شفاء الأمير نوح بن منصور وأراد الأمير مكافأته بأن يتمنَّى عليه، كانت أمنيته علماً لا مالاً أو جاهاً أو سلطاناً – القراءة في مكتبة الأمير الزاخرة بشتى صنوف المعرفة. وظل على قراءته وتعلمه وتأليفه حتى لقي ربه .
وكوبرنيكوس، ظل يُعطي ويُعطي حتى أن النسخة الأولى من كتابه الأخير "حركة الأجرام السمائية" وصلته وهو يعاني سكرات الموت في عمره السبعين ! .
وجاليليو، رغم سجنه وكف بصره، ظلّ يفكر ويؤلِّف حتى رمقه الأخير ، وقد وصلته باكورة النسخ من كتابه "قوانين الحركة" وهو على فراش الموت ليحتضنه بين ذراعيه، ثم يودِّع الدنيا الوداع الأخير! .
والجاحظ ، ظل يعطي ويعطي حتى اللحظة الأخيرة التي كان سببها جزءاً مما أعطى!. وقد ألَّف ابن البيطار مولَّفه الشهر "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" وعمره ستون عاماً ! .
وفرانكلين ، بدأ نشاطه العلمي وهو في سن الأربعين ! .
وبريستلي، وهو على فراش الموت في عامه الواحد والسبعين، لم يكف عن العطاء. فقد أملى على كاتبه رسائل ثلاثاً كان قد اشتغل من قبل بإعدادها . وبعد أن فرغ منها بنصف ساعة فاضت روحه إلى بارئها .
وطوال خمسين كاملةً من السنين ، ظل دالتون يُلاحظ ويسجِّل ويكتب التقارير عن الجو، ولم يترك قلمه إلا بعد أن خط بيده "مساءه" الأخير ! .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]