أمثلة على علماء كانت لديهم “القدرة على التنبؤ” في ميادين العلوم المختلفة
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
القدرة على التنبؤ لدى العلماء العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
من صفات بعض العلماء، بل من خصائص العلم نفسه، القدرة على التنبؤ بأشياء جديدة في ضوء معطيات حالية تربط بينها علاقة .
وكلما كانت المعطيات ذاتها صحيحة والعلاقة بينها قائمة ووثيقة، ولم يقع خطأ في عملية الاستدلال، كان التنبؤ صحيحاً. وإذا ما استنطقنا التاريخ العلمي، فإنه يبوح بتلكم الأمثلة :
– من ميدان الفلك :
1- التنبؤ بكوكب جديد في منظومتنا الشمسية: كان لفرييه وآدمز قد تنبأ بوجود كوكب ثامن في منظومتنا الشمسية، وعيّنا موقعه وكتلته، وحدَّدا مساره ومداره حول الشمس قبل رصده في كبد السماء. وقد تحقَّقت النبوءة بكل أبعادها! .
– من ميدان الفيزيقا :
2- التنبؤ بالموجات الكهرومغناطسية: تنبَّأ بها ماكسويل وحدَّد خصائصها . ثم جاء هرتز بعد وفاته بسنين عشر فاكتشف وجودها، مؤيِّداً بذلك نظرية تعتبر من أبدع النظريات العلمية الحديثة وهي النظرية الكهرومغناطيسية، وما ترتَّب على ذلك من تطبيقات عمليَّة وتحولاتٍ نظرية عميقة في النظرية النسبية، وتحقَّقت نبوءة ماكسويل .
3- تنبؤات النظرية النسبية: كانت لنسبية آينشتاين نبوءات كثيرة سرعان ما أثبتت الأيام صدقها. وتلكم واحدة : ينكسر شعاع الضوء عندما يمر في مجال جاذبية الشمس.
وكانت المفاجأة عندما حدث كسوف كلي للشمس في 29 مايو 1919 ، حيث أكدت الصور التي التقطها العلماء صحة ما تنبأ به آينشتاين حتى العلامة العشرية للرقم الذي حسبه في معادلته الرياضية، إذ انحنى شعاع الضوء "فعلاً" بالطريقة ذاتها والمقدار نفسه الذي حدَّده عالمنا آنفاً
والثانية : إنه لما وضع آينشتاين معادلته الشهيرة (ط = ك.ع2) تنبَّأ من خلالها بوجود طاقة رهيبة كامنة في المادة وأنه بالإمكان تحويلها إلى طاقة، ولكنه لم يكن يعرف إلى ذلك التحويل سبيلاً .
ولما كان اليوم التاريخي، 6 أغسطس 1945 ، كان في تفجير القنبلة الذرية الأولى في هيروشيما خير دليل على صدق تلكم النبوءة .
4- التنبؤ بوجود الهيليوم على الأرض : بعد أن صنع العالمان الألمانيان بنزن وكيرشهوف السبكتروسكوب (المطياف) استخدمه العالم الإنجليزي "نورمان كولير" فوجد خطوطاً خاصة بعنصر جديدٍ، إذ كان يُحلَّل الضوء الواصل إليه من قرص الشمس، فأسماه الهيليوم وتنبَّا بوجوده على الأرض .
وبعد عشرين عاماً على نبوءته عثر "وليم هلبراند" الأمريكي على الغاز في المعدن النادر "كليفيتيت"، فتحقَّقت بذلك النبوءة .
5- التنبؤ بوجود المادة المضادة : تنبأ العالم الألماني بول ديراك Paul Dirac الحائز على جائزة نوبل في الفيزيقا بالمشاركة مع العالم النمساوي إرفين شرودينجر Irvin Schrodinger عام 1933 بوجود المادة المضادة عام 1928.
فقد حاول الجمع بين معادلات نظريتي الكم لبلانك والنسبية الخاصة لآينشتاين، وقادته حساباته إلى استنباط نظرية "الإلكترونات المتناسبة" حيث تنبَّا فيها بوجود إلكترون مضاد للإلكترون السالب المعروف. وبالفعل تم اكتشاف هذا الإلكترون الضِّد موجب الشحنة عام 1932 والذي أُطلق عليه اسم بوزيترون Positron.
وذلك من خلال تجربة العالم الأمريكي كارل آندرسون CarlAnderson حينما أطلق فيلماً حسَّاساً يحمله بالون إلى الأجواء العليا لدراسة الأشعة الكونية ، وقد سجَّل الفيلم تجسد الطاقة العالية التي تحملها أشعة جاما ضمن الأشعة الكونية.
وتحولَّت إلى إلكترون سالبٍ يدور إلى اليمين وآخر موجب يدور إلى اليسار . ثم توالت الاكتشافات بعد ذلك للمادة المضادة. فاكتُشف البروتون المضاد Anti – Proton عام 1955 والنيوترون المضاد Anti – Neutron عام 1956.
وتبيَّن ان لكل جسيم في الذرة، أساسياً كان أم ثانوياً، له ضد أو نقيض يساويه تماماً في الكتلة ولكنهُ يُخالفه في كلٍ من الشحنة واللف أو الدوران. ويستثنى من ذلك الكم الضوئي أو الفوتون إذ هو الوحيد الذي ليس له ضدٌ أو نقيض .
– من ميدان الكيمياء :
6- التنبوء بعناصر مجهولة: وقدرة مندلييف في هذا الخصوص لا تُبارى. فقد تنبَّأ بوجود عناصر تملأ الخانة الفارغة بين الكالسيوم والتيتانيوم، ولما كانت الخانة الفارغة تقع تحت عنصر البورون ، فقد تنبَّأ بأن العنصر المجهول الذي يملأها يجب أن يكون مشابهاً لعنصر البورون فدعاه "أكابورون" أي "ما بعد البورون". وبعد مماته تحقَّقت نبوءته إذ فاز نيلسون في البلاد الإسكندينافية باستفراد العنصر المجهول. وكانت نبوءة أولى .
وبنفس الطريقة تحقَّقت نبوءته بوجود عنصر "أكاألومينيوم" أي "ما بعد الألومينيوم" بعثور بوردان على هذا العنصر المجهول وأسماه "جاليوم،" وكانت نبوءة ثانية .
وأما النبوءة الثالثة، فكانت تنبؤ مندلييف بوجود عنصر مجهول أسماه أكاسليكون" أي "ما بعد السليكون" بعثور فنكلر على هذا العنصر وأسماه "جرمانيوم" .
كذلك كان هناك تناقض في الجدول الدوري، إذ الوزن الذري المقدَّر للذهب كان يقتضي وضعه في مكان أوجب أن يكون للبلاتين. وهنا خطَّأ المتنبِّئ الجرئ التقديرات التي قدَّرها المحلَّلون لوزنيهما الذريِّين. وحقاً ما تنبّأ به.
فقد أثبت أن ميزان الكيميائي الدقيق فيما بعد أن مندلييف كان مصيباً تماماً كما كان من قبل. فالوزن الذري للذهب أكبر من مثيله للبلاتين. وكانت نبوءة رابعة.
ونبوءة خامسة، من نوع آخر، فقد رأى مندلييف ماري كوري في حداثتها تخلط المواد الكيميائية في مختبرٍ لابن عمها في فرسوفيا، فتنبَّأ لها بمستقبلٍ علمي باهر. وإذ أردت أن تتحقَّق من صدق النبوءة فطالع ما كتبنا عمَّن تنبَّأ لها! .
7-.التنبؤ بوجود جزيئات غريبة من المادة : تنبَّأ العالم الرياضي الأمريكي باكي بول Bucki Ball بوجود مثل هذه الجزيئات عام 1985 . وبالفعل تم اكتشاف بعضها عام 1990 مثل جزئ الكربون C-60 الذي يتكوَّن من 60 ذرة كربون معاً باسم باكي بول نسبة لمن تنبَّأ بوجوده .
وهذه الجزيء الغريب الذي يمكن أن يتشكَّل من عددٍ كبيرٍ من ذرات الكربون وحتى 970 ذرة ، له استخدامات هائلة في التصوير فائق السرعة وأشعة الليزر وغيرها
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]