أنواع وتركيب “الأسماك” ودورة حياتها
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الأسماك أنواع الأسماك تركيب الأسماك دورة حياة الأسماك الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة
الأسماكُ طَعَامٌ مُهِمٌّ للإنسانِ، إذْ تُهَيِّئُ نحوَ 8% من البروتينِ اللاَّزِمِ لغِذَاءِ الملايينِ من البَشَرِ في العالَمِ.
وقد بَلَغَ الإنْتَاجُ العَالَمِيُّ في السَّنواتِ الأَخيرَةِ حوالَيْ 95 مليونَ طُنّ؛ أنْتَجَتْ البحارُ منها 75 مليونًا، والمياهُ العذبَةُ والاسْتِزراعُ المائيُّ نَحوَ 20 مليونَ طُنّ.
ونحوُ 45% من هذه الأسماكِ يُسْتَهْلَكُ طازَجًا، والباقي يُعَلَّبُ أو يدَخَّنُ أو يُمَلَّحُ.
كذلك يُجَهَّزُ من الأسْماكِ مسحوقٌ (دقيقُ السَّمَكِ) يُضافُ إلى أعْلافِ الدَّوابِّ والدواجِن وغيرِها.
ومن الأسْماكِ الَّتي يُصنعُ منها دَقيقُ السَّمَكِ في مِنْطَقَةِ الخَليجِ: أسماكُ الحمامَةِ والصِّينيِّ والصُوَابَةِ وصِغارِ أسماكِ الدُّويْلمِيِّ. والأسماكُ جزءٌ مُهِمٌّ في سلاسِلِ الاغتِذاء في أحْياءِ البيئاتِ المائِيَّةِ
وصَيْدُ الأسماكِ رياضةٌ محَّبتيَة عندَ الكثيرين، كما أنَّ الأسماكَ تُربَّى في المنازلِ للمُتعة والتأمّل.
وكثيرًا ما تُسْتَخْدَمُ الأسماكُ لإجراءِ بحوثٍ عليها لمَعْرِفَةِ تأثير بعضِ العقاقيرِ، أو للاستدلالِ منها على دَرَجَةِ نقاءِ الماء. كذلك ينْتِجُ بعضُ الأسماكِ موادَّ كيماويةً تُسْتَخْدَمُ لعلاجِ بَعض الأمراضِ، مثل تلكَ المادَّةِ الّتي تُنْتِجُها الأسماكُ الكُرَوِيَّةُ وتنفعُ لمعالَجَةِ الرَّبوِ.
والأسماكُ غذاءٌ كامِلٌ يحتوي على البروتيناتِ والدُّهونِ والموادِّ الكَرْبوهيدراتيَّةِ إضافةً إلى المَعَادِنِ والفيتاميناتِ، كما أنَّها غِنِيَّةٌ بالكالْسيومِ والفُسْفورِ وعُنْصُرِ السِّيلنيومِ المقاوِمِ للسَّرطانِ والمضادِّ للأكْسَدَةِ.
تَتَمَيَّزُ الأسماكُ باحتوائِها على مجموعَةٍ من أحماضٍ دُهْنِيَّةٍ، هي أوميجا 3، تُقَوِّي القَلْبَ وتحميه من الأزَماتِ. ولَحْمُ الأسْماكِ أسْهَلُ اللُّحومِ مَضْغًا، وأسْرَعُها هَضْمًا وأكثرُها فائِدَةً، وأقلُّهَا ضررًا.
قال تعالى(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:14).
ولكنْ ليسَ كُلُّ الأسْماكِ صالِحًا للأَكْل، فهناكَ عددٌ من الأنواعِ السَّامَّةِ الّتي يُحْدِثُ أكْلُها اضْطِراباتٍ هَضْمِيَّةً وعَصَبِيَّةً قد تؤدِّي إلى الوَفاةِ. ومنها الأسماكُ الكُرَوِيَّةُ أو المُنْتَفِخَةُ، والقَرَّاضُ (عَنْزَة) والفَهْقَةُ وأبو زِنَاد.
وقد تَتَرَكَّزُ المادَّةُ السَّامَّةُ في الجِلْدِ والمَناسِلِ والكبِدِ وحدها وأحيانًا في العَضَلاتِ.
ويَعْتَقِدُ بعضُ النّاسِ أنَّ الثروةَ السَّمَكِيَّةَ، في البحارِ والمحيطاتِ والمياهِ العَذْبَةِ، يمكنُ استغلالُها بغيرِ حدودٍ.
وهذا اعْتِقادٌ خاطئٌ، فالإفراُط في الصَّيدِ واستخدامُ مُعَدَّاتُ الصَّيدِ العِمْلاقَةِ أدَّى إلى تَدَهْوُر الإنتاجِ العالَمِيِّ من الأَسْماكِ في العُقُودِ الأَخيرَةِ.
وتَنْتَمِي الأسماكُ للفَقَاريَّاتِ (من شُعبة الحَبْلِيَّاتِ). ودَرَجَةُ حرارَةِ أجسامِها متغيِّرَةٌ، تماثلُ تقريبًا دَرَجَةَ حرارَةِ الوَسَط الذي تعيش فيه (وتوصَفُ مجازًا بأنها ذواتُ دمٍ باردٍ).
وتعيشُ الأسْماكُ حيثُما يوجدُ الماءُ: في الأنهارِ والجداوِلِ والغُدْرانِ، والبُحَيْراتِ والمُسْتَنْقَعاتِ والبحارِ والمُحيطاتِ، حتَّى في الكُهوفِ والنُّهَيراتِ تَحتَ الأرْضِيَّةِ.
وبعضُها يعيشُ في المياهِ الصَّحراوِيَّةِ، وحتَّى أعماقٍ سحيقةٍ من المُحيطاتِ، كما أن بَعْضَها يعيشُ في عُيونِ المياهِ السَّاخِنَةِ وبعضَها يعيشُ في المياهِ القريبةِ من التَّجَمُّدِ.
والأسماكُ قد تكونُ غيرَ ذاتِ فكَّين، كالجِرِّيثِ والجَلْكَى ومنها 15 نوعًا، أو ذاتَ فكَّين ويوجدُ منها ما يربو على 22 ألفَ نوعٍ. والأسماكُ الفَكِّيَّةُ منها أسماكٌ غُضْروفيةٌ، وأسماكٌ عَظميَّةٌ.
وهَيْكَلُ الأسماكِ الغُضروفيَّةِ يتكوَّنَ من غَضاريفَ مرِنَةٍ قَوِيَّةٍ ومن أمثلتها: القُروش (الجراجير) والقوابِعُ واللُّخَمُ والشَّفانينُ، وهي نحو 800 نوعٍ.
أمّا الأسماكُ العَظْمِيَّةُ فهياكِلُها من العَظْمِ، وتَشْمَلُ ما يربو على 21 ألفَ نوعٍ، هي الأسماكُ الشائِعَةُ مثل: الرّنجَةِ والسّرْدينِ (عوم) والبورِي والتونةِ والبُلْطي والبَياضِ؛ وفي الخليج العربي: أسماكُ الهامورِ والبياح والمِيدِ والشِّعْمِ، والشِّعْرِي، والنَّقْرورِ، وغيرها.
وثَمَةَ أسْماكٌ عظميَّةٌ بُدائِيَّةٌ يتركَّبُ هيكلُها من عظمٍ وغُضْروفٍ، منها الأَسْماكُ الرِّئَوِيَّةُ الّتي تَتَنَفَّسُ بما يُشْبِهُ الرِّئاتِ، منها سَمَكُ أبو بَشيرٍ الأفْرِيقِيِّ، والسِّيلاكَانْثْ الّتي عاشَتْ منذُ ملايينِ السِّنين ولا زالَتْ، حتَّى الوقتِ الحاضِرِ
وتَقْطُنُ الأسماكُ الرِّئَوِيَّةُ أفريقيا، وأمريكا الجنوبِيَّةَ، وأسْترالْيا. ويمكنُها – عِنْدَما يَجِفُّ الماءُ – أنْ تبقَى مَطْمورةً في الطِّينِ تحيطُ بها شَرْنَقَةٌ جِلْدِيَّةٌ لفترة أربعةِ شهورِ (قد تطولُ إلى أربعِ سنواتِ) لحينِ هُطولِ الأمطارِ وعَوْدَةِ المياهِ فتدِبُّ فيها الحَيَاةُ والنَّشاطُ.
ويتَمَيَّزُ معظمُ الأسماكِ بأجسامٍ انْسِيابِيَّةٍ تُقَلِّلُ احتاكَها بالماءِ وتساعدُها على السِّباحَةِ بسرعاتٍ كبيرَةٍ قد تَصِلُ إلى 72 – 90 كيلومترًا في السَّاعة لسَمَكَةِ المارْلين العِمْلاقَةِ.
وللأسماكِ زعانِفُ، تختلفُ في أشْكالِها وأحْجامِها ومواقِعها على جسمِ السَّمَكَةِ لتؤدِّيَ وظائِفَ محدَّدَةً، مثل تثبيتِ وَضْع الجسمِ، أو حِفْظِ التوازُنِ، أو العَمَل كدفَّةٍ للتَوجيهِ، أو حَتّى ككابِحٍ (فَرْمَلَة) لإيقافِ السَّمكَة.
والزَّعانِفُ قد تكونُ مُزْدَوِجَةً كالزَّعانِفِ الصَّدريَّةِ والحَوْضِيَّةِ، أو وَسِطيّةً كالزَّعانِفِ الظهريَّةِ والشَّرَجِيَّةِ والذَّيْلِيَّةِ. وعادةً ما تَدْعَمُ الزَّعانِفَ أشَعَّةٌ لَيِّنَةٌ أو أشواكٌ.
وقد توجدُ زَعانِفُ شَحْمِيَّةٌ (خالَيةٌ من الأشَعَة)، كما في أسماكِ البَيَاضِ والرَّعَّاد. وتَنْطوِي الزَّعانِفُ الظهريَّةُ والشَّرَجِيَّةُ في ميازيبَ خاصَّةٍ بها في الأسْماكِ سَريعَةِ السِّباحَةِ لتقلِّلَ مقاوَمَةَ الماءِ.
وقد تتحوَّرُ الزَّعانِفُ إلى ما يُشْبِهُ الأجْنِحَةَ، كما في الأسماكِ الطَّيَّارَةِ (الجرادَةِ) التي يمكنُها دَفْعُ جِسْمِها في الهواءِ بضعةَ أمتارِ. وهي تستخدمُ الزَّعانِفَ الصَّدرِيَّةَ أرْجُلاً للمشْيِ على الأرْضِ كما في سَمَكِ نطَّاطِ الوَحَلَ.
ويُغَطِّي جسمَ السَّمَكَةِ جلدٌ يحتوي في معظم الأحيانِ، على قُشُور (فُلوس) توجدُ في الطَّبَقَةِ الدَّاخِلِيَّةِ منه.
وتنمو هذه القُشُورُ بنُمُوِّ السَّمَكَةِ، ويمكنُ تحديدُ عُمْرِها بعدِّ هذه الحلقاتِ. ويخلوُ جلدُ الأسماكِ من القُشورِ ويكونُ أَمْلَسَ، كما في سَمَكِ السِّلَّوْرِ (القِطِّ) والبَياضِ والرَّعَّادِ.
ويوجَدُ في الجِلْدِ خلايا مُلَوَّنَةٌ أو فِضَّيَّةٌ، وإليها تُعْزَى الأَلْوانُ الزَّاهِيَةُ الجميلَةُ لأنواعِ الأسماكِ وبخاصَّةٍ تلك التي تعيشُ بين الشِّعابِ المرجانِيةِ. ويمكنُ للأسماكِ أن تغيِّرَ ألوانَها لتحاكِيَ لَوْنَ الوَسَطِ الذي تعيشُ فيه.
وتَتَنَفَّسُ معظمُ الأسماكِ بالخَياشيمِ، وهي مُهَيَّأَةٌ لاستخلاصِ الأكْسيجين الذائِبِ في الماءِ، ولو حتَّى في الهواءِ أحيانًا.
وفي الأسماكِ الغُضْروفيَّةِ تَنْفَتِحُ الخياشيمُ مباشَرَةً بفتحاتٍ خَيْشوميَّةِ إما على جانِبَيْ الجسمِ، كما في القُروشِ، أو على السَّطْحِ البَطْنِيّ كما في الشفانين والقوابع. أما في الأسماكِ العظميَّةِ فتنفتِحُ الخياشيمُ للخارِجِ بفُتْحَةٍ واحدةٍ عندَ مُؤَخَّرِ الرّأْسِ يحميها غِطاءُ الخياشيمِ.
ولمعظمِ الأسماكِ العظميَّةِ مثانةٌ تمتلئُ غازًا، وتكونُ إما مُقْفَلَةً أو متَّصِلَةً بالبُلعومِ. وتعملُ غُدَدٌ معيَّنَةٌ على تنظيم حجم الغازِ بها لتعديلِ كثافَةِ السَّمَكَةِ، وهذا يمكِّنها من البقاءِ في الماءِ، ولهذا تسمَّى «مثانَةَ العَوْمِ».
وتُسْتَخْدَمُ مثانَةُ العَوْمِ أحيانًا لإصدارِ أصواتٍ مميِّزَةٍ تُتَّخذُ وسيلةً للتواصُلِ بين الأسماكِ، وذلك كما في سَمكِ القَرْموطِ والقَرْقُورِ وغيرهما.
وعيونُ الأسماكِ تَخْلو من الجُفونِ والغُدَدِ الدَّمْعِيَّةِ. ويستطيعُ بعضُ أنواعِ الأسماكِ أنْ يميِّزَ الألوانَ. ولكنَّ أسماكَ الكهوفِ والأعماقِ، الّتي تعيشُ في ظلامٍ دائمٍ، قد تكونُ عمياءَ أو يكونُ لها عيونٌ ولكنْ لا تُبْصِرُ بها.
وللأسماكِ آذانٌ داخليَّةٌ تتكَوَّنُ من جيوبٍ وقنواتٍ، ولكنْ ليس لها غشاءُ طَبلةٍ. وهي قادِرَةٌ على سماعِ الأصواتِ في الماءِ وفوقَ سَطْحِ الماءِ، أو تلك الّتي على الشاطئِ إنْ كانَتْ عالِيَةً بدرَجَةٍ كافِيَةٍ. ومن وظائفِ الأُذُنِ في الأسماكِ أيضًا حِفْظُ تَوازُنِها في الماءِ.
ويَقَعُ عضوُ الشَّمِّ في الأسماكِ عند مُقَدَّمِ الرَّأْسِ غالبًا، وهو جيبٌ مُبَطَّنٌ بنسيجٍ عَصَبِيٍّ حَسَّاسٍ للرائِحةِ، ينفتِحُ للخارجِ، وللداخِلِ في التَّجويفِ الفَمِيِّ.
وتَنْتَشِرُ أعضاءُ التَّذَوُّقِ في بعضِ الأسماكِ حولَ الفمِ، وأحيانًا في الرأسِ والجسمِ والذيلِ، حتَّى تستطيعَ السمكةُ أن تتعرفَ رائِحَةَ غِذائِها وطعمَه قبل أن تأكُلَهُ. وقد تَتَرَكَّزُ أعضاءُ الشَّمِّ والإحساسِ على شُوَيْرِباتِ بعضِ الأسماكِ كأسماكِ القطِّ والرَّعَّادِ والبَياضِ.
لكنَّ أظْهَرَ ما يُمَيِّزُ الأسماكَ هي «الحاسَّةُ السَّادِسَةُ»، الّتي تَتَمَثَّلُ في الخطِّ الجانِبِيِّ الّذي يمتدُّ بطولِ الجسمِ ويَتَفَرَّعُ على الرَّأسِ. وهو يتكوَّنُ من مجموعَةٍ من القَنَواتِ الدَّقيقَةِ تمتدُّ تحت الجِلْدِ، وتتَّصِلُ بالخارجِ بفتحاتٍ دقيقةٍ.
وتَنْتَشِرُ بداخِلِ القنواتِ أعضاءٌ حِسِّيَّةٌ تَصِلُها الأعصابُ بالدِّماغِ. ويمكنُ لهذا الجهازِ أن يُحِسَّ بالاضْطِراباتِ والاهْتزازاتِ الّتي تحدثُ في الماءِ مهما كانَتْ خفيفةً، وكذلك بضغطِ الماءِ واتِّجاهِ التَّيَّارِ.
وهكذا يحيطُ هذا الجهازُ السَمَكَةَ بكلِّ ما يحدثُ حَوْلَها، حتَّى إنْ كانَتْ لا تراهُ، وكذلك يمكِّنُها من تحديدِ مَكانِ فريسَتِها أو عَدُوِّها بدقَّةٍ، والإحساسِ بوجودِ العوائِقِ الّتي حَوْلَها.
وهذا يُفَسِّرُ الحَرَكاتِ السريعَةِ الّتي تقومُ بها أسماكُ الشِّعابِ المَرْجانيَّةِ وهي تدخلُ وتخرجُ من الشُّقوقِ في رشاقَةٍ ويُسْرٍ دونَ أن تَصْطَدِمَ بأيِّ شيء.
ومن يُشَاهِدْ أسماكَ الزِّينَةِ في حوضٍ زُجاجيٍّ يلاحظْ أنها لا تصطدمُ أبدًا بجدارِ الحَوْضِ الشَّفَّافِ.
وإذا شاهَدْتَ سِرْبًا من الأسماكِ يتكوَّنُ من عددٍ هائِلٍ، عَجِبْتَ لأنها تسيرُ بمحازاةِ بعضِها البعضِ محتفِظَةً بمسافاتٍ متساوِيَةٍ – حتى إنْ غَيَّرَتْ اتِّجاهَها فَجْأَةً – وذلكَ بفضلِ تلكَ الحاسَّةِ السَّادِسَةِ المُذْهِلَةِ.
تأكلُ الأسماكُ جميعَ أنواعِ الغِذاءِ فمِنْها ما يَغْتَذِي بالنباتاتِ فَقَط، ومنها ما هو لاحِمٌ يأكلُ الحَيواناتِ الأُخرَى، ومنها الأسماكُ ومنها ما هو مُتَنَوِّعُ الغِذَاء، يأكلُ النباتَ والحيوانَ، ومنها ما يعيشُ على الموادِّ المُتَحَلِّلَةِ.
وكثيرٌ من أنواع الأسماكِ يَقْتاتُ بالكائناتِ الدَّقيقةِ المُعَلَّقَةِ في الماءِ وفُكُوكُ الأسْماكِ مُهَيَّأَةٌ لنوعِ الغذاءِ الّذي تأكلُهُ. ومن الأسماكِ ما يَصْعَقُ فرائِسَهُ بالكهرَباءِ قبل أن يأكُلَها
تَتَكاثَرُ الأسماكُ جِنْسِيًّا وفي معظم الأسماك تَضَعُ الإناثُ بيضَها في الماء في الوقتِ الذي تُفرزُ فيهِ الذكورُ حيوانَاتِها المنويَّةَ، بعدَ فترةٍ من الغَزَلِ بينَهُما. وفي معظمِ الأحوالِ، تتركُ الأسماكُ بيضَها بعدَ الإخْصابِ تَجْرِفُهُ التَّيَّاراتُ المائيَّةُ ويكونُ عُرْضَةً للكثيرِ من الأعْداءِ.
ولذلكَ قد تَضَعُ أنثَى سَمَكَةِ القُدِّ، مثلاً، من 6 إلى 7 ملايين بيضة. ويُفْقَسُ البيضُ عن يَرَقَاتٍ تَتَغَذَّى على المُحِّ، ثم تَنْمو لتصبحَ أفراخًا إصْبَعِيَّةً، ويستمرُّ نُمُوُّها حتَّى تنضجَ جِنْسِيًّا.
ولكنْ قد يكونُ الإخصَابُ في بعضِ الأسماكِ داخليًّا، فيتزاوَجُ الذَّكَرُ والأُنْثَى، ويُخْصَبُ البيضُ في داخِلِ قَنَاةِ المِبيَضِ حيثُ تَنْمو الأجِنَّةُ إلى أنْ تَلِدَها الأمّ، مثل سمكِ الجوبي.
وكذلكَ كثيرٌ من القُروشِ وغيرِها من الأسماكِ الغُضْروفيَّةِ يلد صغارًا حيَّةً. ولكنْ منها ما يَضَعُ بيضًا يغلِّفُهُ كيسٌ له زوائِدُ تَلْتَصِقُ بالأعْشَابِ المائيَّةِ، وقد أُطْلِقَ على هذه الأكياسِ اسم «مَحافِظِ عرائِسِ البَحْر».
وعِنايَةُ بعضِ الأسماكِ بصغارِها أمرٌ يَدْعو للعَجَب، فذكرُ حِصانِ البحرِ، مثلاً، يحملُ البيضَ في كيسٍ تحتَ بطنِه حتَّى يُفْقَسَ.
وأنثَى سمكِ البُلْطي النِّيلي تَحْتَفِظُ بالبيضِ بعد إِخْصَابِهِ في فَمِها حتَّى يُفْقَس، ولذلكَ لا تأكلُ هذهِ المسكينةُ أيّ طعامٍ طيلةَ هذه المدَّةَ. بل إن الأنثَى تستمرُّ في العِنايَةِ بصغارِها في أطوارِها الأُولَى، إذْ تُهْرَعُ هذه إلى الدُّخولِ إلى فَمِ الأُمِّ عندَ شعورِها باقترابِ عَدُوِّها.
وقَدْ تعيشُ الأَسماكُ فُرادَى، كمعظمِ أنواعِ القُروشِ. ولكنْ ثَمَةَ أنواعٌ أخرَى كالتُّونَةِ، تعيشُ في مجاميعَ من نحوِ 25 فردًا.
ولكنْ هناكَ أنواعٌ أخرَى كالرِّنجةِ والسَّردين، تكوِّنُ أسرابًا هائِلَةً قد تَصِلُ فيها أعدادُ الأسماكِ إلى الملايينِ.
وقَدْ يقومُ بعضِ الأسماكِ وغَيْرِها من الأسماكِ أو الأحياءِ الأخرى عَلاقاتٌ فَريدَةٌ، قَدْ تحقِّقُ لأَحَدِ الطَّرَفيْن أو كلَيْهما بعضَ المَنْفَعَةِ.
ومن أطْرَفِ هذه العلاقَات، أن بعضَ أنواعٍ من الأسماكِ الصَّغيرة، أشْهَرُها سَمَكُ الرَّأس، تَعْتَني بتنظيفِ أنواعٍ من الأسْماكِ الكبيرةِ وتُخَلِّصُها من الطُّفَيْلِيَّاتِ الخارجيَّةِ والبكتيرْيا الّتي تُصيبُ جروحَها، ومن الأنْسِجَةِ المَيِّتَةِ، ومن فَضَلاتِ الطعامِ بين أسنانِها.
والأسماكُ الرَّاغِبَةُ في التَّنظيفِ تَفْتَحُ أفواهَها لِتَدْخُلَ فيها سَمَكَةُ الرَأسِ لتنظيفِ أسنانِها، وهي تَتَجَوَّلُ كذلك بيْنَ خياشيمِها لِتُنَظِّفَها من الطُّفَيْلِيَّاتِ العَالِقَةِ بها.
ولتنظيمِ العَمَلِ، توجدُ محَطَّاتٌ للتنظيفِ تَقِفُ عندَها الأسماكُ الكبيرَةُ في صَفٍّ لِتَأْخُذَ دَوْرِها.
ولبَعْضِ الأسماكِ غددٌ سامَّةٌ إذَا أصابَتْ إفرازاتُها جسمَ الإنسانِ أدَّتْ إلى حُدوثِ التهابٍ ووَرَمٍ، وبعضِ الأعراضِ العَصَبِيَّةِ، لذا يَنْبَغي الاحتراسُ من هذه الأسماكِ عِند السِّباحَةِ أو القَبْضِ عَلَيْها.
ومن أمْثِلَتِها الشَّفنينُ اللاَّسع (اللُّخْمَةُ)، الَّذي يتميَّزُ بوجودِ شَوْكَةٍ أو أكثرَ عند قاعِدَةِ الذَّيْلِ.
ويُسَبِّبُ اختراقُ هذه الأشواكِ الجسمَ تَهَتُّكًا بالأنْسِجَةِ يُحدثُ شللاً، بل ربما أدَّى إلى الوفاةِ. ومنها أيضا سَمَكَةُ ديكِ البَحْرِ (الدَّجَاجَةِ) ذات الزَّعَانِفِ الرِّيشِيَّةِ الشَّكلِ، وسَمَكُ الصَّخْر. وليستْ القروشُ كلُّها مفترِسَةً تهدِّدُ سلامَةَ الإنسانِ، بل إن بعضَها لا يأكلُ إلاَّ العوالِقَ ويَتَّسِمُ بالوداعةِ
وتُقَدِّمُ الأسماكُ أمْثِلَةً رائِعَةً من التَّعْمِيَةِ ومُحاكاةِ الوَسَطِ الذي تعيشُ فيه، للحِمايَةِ والاسْتِخْفاءِ عن أعدائِها أو فرائِسِها. ومن عَجَائِبِ الأسماكِ أيضا رحلاتُ الهِجرَة الّتي يقومُ بها بُعض أنواعِها.
وثَمَةَ تَفْسيرَاتٌ كثيرةٌ لكيفيَّةِ اهتداء الأسماكِ إلى مساراتِ هجراتِها الطويلَةِ.
فمِنْها ما يَتْبَعُ تيَّاراتٍ بحريَّةً معيَّنَةً مستَعِينًا بحاسَّتَيْ الشمِّ والذَّوقِ، ومنها ما يهتدي بالشَّمْسِ والضَّوءِ المُسْتَقْطَبِ كما هي الحالُ في النَّحلِ، ومنها ما يهتدي بالنُّجومِ أو حتى بالمَجَالِ المغناطِيسِيِّ للأَرْضِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]