أهمية تواجد صفة “الفضول” لدى العلماء
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني
صبري الدمرداش
KFAS
صفة الفضول لدى العلماء العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
صفة تميز علماء كثيرين، وهي اتجاه علمي ينبغي أن يتحلّى به كل باحث. ويتميز الشخص المكتسب لهذا الاتجاه بسمتين أساسيتين :
1- رغبته الواضحة في استطلاع ما حوله واكتشافه، فهو دائم التساؤل دائم التفكير دائم الاطلاع .
2- عدم اقتناعه بالردود الغامضة عما يصدر عنه من أسئلة.
ولعل في مقدمة الاتجاهات العلمية التي ينبغي أن تكون لدى العالم أو الباحث هو نزوعه إلى الاستطلاع بقدر أكبر من المعتاد .
يقول بيفردج في كتابه "فن البحث العلمي" : "إن من لم يلهب خياله الأمل في العثور على شيء لم يسبقه إليه أحد، فلن يؤدي اشتغاله بالبحث العلمي إلا إلى ضياع وقته ووقت الآخرين .إذ أن هذا ميدان لا ينجح فيه إلا أولئك الذين يتوافر لهم أهتمامٌ أصيل بالكشف وحماسٌ له.
وأن العلماء هن أولئك الذي يتحمسون لعملهم لدرجة قد تصل إلى التعصب، ولكنهم يخضعون في الوقت ذاته لنظامٍ صارمٍ يُملي عليهم الحكم الموضوعي على نتائجهم " .
وفي ضوء هذا يمكننا القول بأن الكثير من الاكتشافات العلمية كان يكمن وراءها حب استطلاع قوي وحماس جارف لدى مكتشفيها، فمن يجتذبه البحث العلمي هو في العادة شخص يتميز بفضول يزيد على المعتاد .
ولنضرب هنا مثلا يوضح كيف دفع الفضول بأحد العلماء، جون هنتر، إلى إجراء تجربة عملية أدت إلى كشف مهم :
ذات يوم وبينما كان هنتر يتنزه في حديقة رتشموند، شاهد غزلانا مناطحها نامية. وفجأة تساءل عما يمكن أن يحدث إذا ما منع إمداد أحد جانبي الرأس بالدم؟ ودفعه فضوله لمعرفة النتيجة إلى إجراء تجربة ربط فيها الشريان السباتي الخارجي في أحد جانبي رأس غزال – ما النتيجة إذن؟
فقد القرن المقابل دفئه وتوقف عن النمو، ولكنه بعد فترة سرعان ما استرد حرارته واستعاد نموه! ما السبب يا ترى؟ لما تأكد هنتر من أن رباطه لا يزال في مكانه اتضح له أن الشرايين المجاورة قد ازداد حجمها لتزود القرن بقدرٍ كافٍ من الدم! وهكذا اكتشف "دورة الدم الجانبية" .
وحتى ذلك الحين لم يكن أحد قد جرؤ على علاج التمدد الشرياني بالربط خوفاً من حدوث غرغرينا، ولكن كان بوسع هنتر – بعد تجربته – إدراك إمكانية ذلك، فجرَّب الربط في حالة تمدد الشريان المأبضي. وهكذا أصبحت "العملية الهنترية"، وهو اسمها اليوم في عالم الجراحة، حقيقة واقعة.
وهنا يبدو واضحاً أن الفضول النهم كان بمثابة القوة الدافعة وراء ذهن هنتر الخصيب ليرسي به قاعدة من قواعد الجراحة الحديثة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]