التاريخ

أهمية كتاب “البصائر في علم المناظر”

2009 البصائر في علم المناظر

كمال الدين الفارسي

KFAS

كتاب البصائر في علم المناظر التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

يُعتبر كتاب البصائر في علم المناظر لكمال الدين الفارسي من الكتب النادرة والمتخصصة في مجال علم الضوء.

وتنبع أهمية الكتاب من كثافة الموضوعات الرئيسة في هذا العلم وعمقها ونضجها وترابطها ترابطاً منطقياً.

واعتماداً على تحليلات العالم مصطفى نظيف وشروحاته ودراساته حول ابن الهيثم في كتابه: الحسن بن الهيثم – بحوثه وكشوفه البصرية سنشير إلى بعض النقاط المهمة في كتاب البصائر.

 

1– زرقة السماء:

عندما يتحدث كمال الدين الفارسي عن تفصيل الأغلاط التي تكون في التمييز والقياس،  وفي البند الخامس (ما يكون لخروج الكثافة – في الظلمة) يقول:

فكذلك الظل الذي يظهر في الماء رقيقاً، فإذا تضاعف لكثرة عمق الماء صار ظلمة قوية. 

وعند الحقيقة حاله كالحال في زُرقة السماء، لأن الضوء لما عُدم فيهما أدركا مظلمين".

 

فيعلق الاستاذ مصطفى نظيف – في إدى حواشي كتابه – على افكرة ذاتها التي أوردها الفارسي في كتابه التنقيح بقوله: "ومما يجدر ذكره في هذا الصدد تعليق كمال الدين الفارسي على هذه المسألة.

إذ تناول تعليقه ناحيتين الاولى: أن الجدران وسطوح الأجسام الكثيفة التي تحوي الهواء في أثناء النهار يشرق منها ضوء عرضي أقوى مما يشرق من الهواء نفسه من جراء ما فيه من الغلظ.

فيستتر ضوء هذا الهواء كما يستتر ضوء الكواكب والنيران عند إشراق الشمس. 

 

والثانية: إقراره أن إشراق ضوء الشمس على الهواء في أثناء النهار يجعل الهواء مضيئاً ضوءاً عرضياً يدركه البصر، والدليل على أنه مدركه هو أن لون السماء يدرك بعد طلوع الشمس زرقة وفي الليل سواداً.

فكمال الدين يعزو دون شك زرقة السماء إلى استضاءة الجو من إشراق ضوء الشمس عليه، وهو بذلك يدنو من النظرية الحديثة التي تعزو زرقة السماء إلى ظاهرة الاستطارة التي أشرنا إليها. 

ولا يشوب أي الفارسي في هذا الأمر غير تمسكه بنظرية في حدوث الألوان عن امتزاج الظلمة بالضوء، وسيأتي ذكرها فيما بعد، فرأى على حسب هذه النظرية أن لازوردية السماء تحصل من امتزاج الضوء بالسواد الذي هو لون ما وراء الهواس المستضيء".

 

2– حركة الضوء لا تكون إلا في زمان:

يشير كمال الدين الفارسي في المبحث الثاني (في المقاصد – في المعاني الجزئية – الضوء واللون) إلى موضوع انتقال الضوء بالزمان، فيقول:

"… فالمدرك بمجرد الحس إنما هو الضوء  بما هو ضوء، واللون بما هو لون فقط، وإدراك مائيتهما إنما يكون في زمان هو زمان تأملهما، بل وغدراكهما بما هُما هُما أيضاً إنما يكون في زمان، لأن ذلك لا يكون إلا بورود الصورة من سطح البصر إلى العصبة، وذلك لا يكون إلا في زمان حركتها، ولأن ذلك أيضاً لا يكون إلا بعد ان ينفعل العضو الحاس بصورتهما، والانفعال تغيّر فلا يكون إلا في زمان".

 

ويؤكد بوضوح في المبحث الثاني ايضاً (في المقاصد – في المعاني الجزئية – الحركة في الأيْن والوضع) على حركة الضوء بالزمن.

فيقول: "اما الحركة في الأيْن والوضع: فإنه يدركها من تبدل وضع لمتحرك بحسب زمانين وذلك على ثلاثة أوجه: إما من قياس المبْصَر إلى عدة من المبْصَرات، أو إلى مبصر واحد، أو إلى البصر نفسه…

ولا يدرك الحركة إلا في زمان لأنها لا تكون إلا في زمان، ولا يكون هذا الزمان إلا محسوساً لأنه إنما يدرك الحركة من إدراكه المبصر على وضع بعد وضع، ولا شك أن آن الوضع الأول غير آن الثاني.

 

فبينهما زمان محسوس ويدرك السرعة والبطء، وتساوي الحركات من إدراك مسافاتها وأزمنتها، ويدرك أيضاً الحركة في الكيف والكم كاسوداد الأبيض ونمو الذبالة.

أما الأول: فبأن يدرك كيفيتي المبصر في زمانين فيدرك التبدل ثم الحركة.  وأما الثاني: فبأن يدرك كميته كذلك، ويكون ذلك أيضاً في زمان".

"أي إن الفارسي يؤكد على فكرة ابن الهيثم.  ويقول الأستاذ نظيف عن هذا الموضوع ما يلي: "ومذهب ابن الهيثم في أن للضوء وجوداً في ذاته وأن صورته يقبلها الجسم المشف قبول تأدية من مكان إلى آخر.

 

ويتضمن القول بأن انتقال الضوء في الوسط المشف لا يكون آنياً، أي دفعة واحدة وفي غير زمان، بل يستغرق زماناً مقدوراً، فيكون للضوء سرعة محدودة.

وهذه الفكرة من أخطر المعلومات التي كشفها العلم الحديث عن الضوء، ولم يشرع العلم الحديث في قبولها قبل الربع الأخير من القرن السابع عشر عندما استدل "رومر" عليها من مشاهدة فلكية.

تتلخص في ان الفترة الزمنية بين رؤية خسوفين متتاليين لأحد أقمار المشتري ليست ثابتة بل تتغير تغيراً دورياً تكاد تكون مدته عاماً، والفكرة لم تقرر كحقيقة علمية تؤيدها التجارب إلا حوالي منتصف القرن التاسع عشر.

 

أما قبل ذلك فقد كان السائد أن سرعة الضوء لا نهاية لها، وأنه لا يستغرق في انتقاله من مكان إلى آخر أياً كان البعد بينهما زماناً ما.  وقد كان ذلك رأي "كبلر" و "ديكارت" من قبلهما "داميانوس"".

ويذكر نظيف في موضع آخر ما يلي: "أن ابن الهيثم يرى أن مجرد الحصول بعد العدم يتطلب الزمان، ولا يفيد هذا فيما هو بصدده من أن انتقال الضوء من مكان إلى مكان يحتاج إلى زمان".

نرى أن أبن الهيثم قد زرع الفكرة الأولية وهي انتقال الضوء من مكان إلى مكان يحتاج إلى الزمان، وكما الدين الفارسي وضحها وأكد عليها.

 

3– مفهوم الحركة عند الفارسي:

يقصر الفارسي مفهوم الحركة في عنوان إحدى فقراته على الأيْن والوضع" يآ أما الحركة في الأيْن والوضع"، كما فعل ابن الهيثم. 

ويشير ضمن فقرته إلى الحركة في الكيف والكم فيقول: "ويدرك أيضاً الحركة في الكيف والكم كاسوداد الأبيض ونمو الذبالة"، ويشرحها بشكل منفصل عن مفهومها الأول.

ويعلق الأستاذ نظيف على ما أورده ابن الهيثم في ال مناظر والفارسي في التنقيح بما يلي: "الحركة في علم الطبيعة القديم بحدوده المعروفة في فلسفة ارسطو يعبر بها عن التغير باوسع معانيه وأعمها. 

 

وابن الهيثم يقصد بالحركة هنا النقلة في المكان، سواء أكانت النقلة تلحق الجسم كله فينقل من مكانه إلى مكحان وهي التي تسمى الآن الحركة الخطية، ام كانت تلحق أجزاء الجسم مع بقاء جملة الجسم في مكان لا يبرحه، وهي التي تسمى الآن حركة الدوران.

أو كانت النقلة تشمل الحالتين جميعاً ويكون للجسم حركة خطية وحركة دوران في وقت واحد.  فابن الهيثم يقتصر الحركة على معناها المعروف الآن في علم الميكانيكا.

وقد أشاد الفارسي بهذا الصدد إلى ما عده نقصاً في بحوث ابن الهيثم، وذلك لقصر الحركة على مقولتي "الأين والوضع" وإغفال الحركة في مقولتي "الكيف والكم".

 

وأضاف الفارسي من عنده إضافات لإتمام هذا النقص.  ولعل ما عدّه الفارسي نقصاً هو بداية اتجاه جديد، جعل فيه معنى الحركة مقصوراً على معناها المألوف الآن في علم الميكانيكا".

نجد أن الفارسي عدل رايه في كتابه "البصائر" ووافق ابن الهيثم على دراسة الحركة من مفهومي الأين والوضع بصورة رئيسية، ودرس في نهاية فقرته الحركة من مفهومي الكيف والكم بصورة مختصرة.

 

4– شرائط صحة الإبصار:

حدد ابن الهيثم "الشرائط التي يراها لازمة لإدراك المبصر إدراكاً صحيحاً محققاً في ثمانية شرائط هي بإيجاز:  الاستضاءة، والبعد المعتدل، والمواجهة ويضمنها شرط وقوع البصر على السهم المشترك، والحجم المقتدر، والكثافة، وشفيف الوسط، والزمان، وسلامة البصر".

أما كمال الدين الفارسي فقد ذكر الشرائط كما يلي: "إن شرائط صحة الإبصار ثمان: (أ) البُعْد المعتدل، (ب) والوضع المخصوص، أي الكون على سهم الشعاع أو القرب منه والمواجهة او القُرْب منها وسنفصل بعد، (جــ) والضوء، (د) واقتدار الحجم، (ه) والكثافة، (و) وشفيف الهواء، (ز) والزمان، (ح) وصحة البصر.

ولا بُدَّ من تاسع يعم جميع الإدراكات وهو انصراف النَّفس إلى ما يحضرها من الصور دون الذهول عنه، فإذا اجتمعت للمُبْصَر جميع هذه المعاني أدركه البصر إدراكاً محققاً".

 

يضع الأستاذ نظيف حاشية حول الشرط التاسع فيقول: "وواضح أن هذا يتضمنه التأمل، لولا أن ابن الهيثم في هذا الموضع يعنى بذكر الشرائط الطبيعية".

ويبدي الأستاذ نظيف إعجابه باهتمام ابن الهيثم بهذا الموضوع فيقول: "والذي يدعو إلى الإعجاب حقاً أن ابن الهيثم منذ تسعة قرون خلت قد تناول هذا الأمر وما يرتبط به من مسائل كثيرة بالدرس والشرح، وأدرك ما لهذه المسائل من الخطورة في موضوع الإبصار.

في حين أن هذه الناحية من الإبصار لا نغالي إذا قلنا إنها لم يبدأ يُعنى بها بعد نهضة العلم الحديثة في أوروبا إلا في أوائل الجيل الحاضر.

 

عندما أخذت تتجه إليها عناية بعض علماء العلم التطبيقي من المهندسين الذين يعنون بشؤون الإضاءة، وأخذت بحوثهم التي يسلكون فيها السبل العلمية الحديثة تؤدي إلى نشوء فرع من فروع الهندسة الحديثة هو فرع "هندسة الإضاءة".

وإن كان الغرض الأول منه البحث عن قواعد الإضاءة المثلى التي تكفل أن يكون الإبصار بيناً محققاً على غاية ما يستطاع الإبصار البين المحقق في الحياة.

فإنه يستفاد منه أيضاً للأغراض التي يقصد فيها أن تقع أغلاط البصر، وخصوصاً الأغراض الحربية كحجب المواقع وستر الحركات وتضليل الخصم".

 

5– نظرية حدوث القوس:

أكد مصطفى نظيف في كتابه ضعف نظرية ابن الهيثم في قوس قزح، وأشار إلى أهمية عمل كمال الدين الفارسي في حدوث القوس.

فقال: "…. تلك هي نظرية ابن الهيثم في قوس قزحز  وهي في نظرنا محاولة لشرح الظاهرة على أساس علمي، إن لم تكن مجدية فقط كان ابن الهيثم صادقاً فيها لأنه استقصى كثيراً من النتائج التي تؤدي إليها. 

وقد كان أيضاً أميناً على الحقيقة لأن إقرار مثل الاحتمالات التسعة التي ذكرناها آنفاً، مع أن الواقع المشاهد يخالف كثيراً منها، يكشف مواضع الضعف في النظرية. 

 

وبروز مواضع النقص والضعف في نظرية ما، أقوى ما يحض على مواصلة الدرس والبحث ابتغاء إتمام ذلك النقص ومعالجة ذلك الضعف فيها.

لذلك لم تعمر نظريته طويلاً، فقد جاء من بعده قطب الدين الشيرازي وتلميذه كمال الدين الفارسي ووضعاً الأساس الذي تقوم عليه النظرية الحديثة. 

وكمال الدين الفارسي في ذيل كتابه تنقيح المناظر يمهد إلى النظرية الحديثة بنقد نظرية ابن الهيثم، وضن نقده وجوهاً لا ضرورة لذكرها هنا تخالف بها النظرية المحسوس المشاهد من أمر القوس، فليس من المغالاة أن نقول إن نظرية ابن الهيثم قد أدت رسالتها، وإنها كانت من أسباب بداية اتجاه العلم نحو الغاية التي وصل إليها الآن".

 

ويشير الأستاذ نظيف إلى إحدى نقاط الضعف في نظرية ابن الهيثم فيقول: "وابن الهيثم محق في التمييز بين اللون وبين التقازيح، وهو وإن كان يمثل بقوس قزح وبتطوس أرياش الطيور أو بعض الحيوانات وبأبي قلمون.

فالظاهرة في قوس قزح كما يقول بحق كمال الدين الفارسي أشد ارتباطاً بالانعطاف منها بالانعكاس". 

يستخلص الأستاذ مصطفى نظيف في مقالة له أن فضل السبق إلى نظرية القوس يرجع إلى الفارسي لا إلى أستاذة الشيرازي.

 

6– التجسم:

يعبّر كمال الدين الفارسي عن التجسُّم بامتداد الجسم في الابعاد الثلاثة ولا يفرّق بين التقعر أو التحدب.

ويقول: "… فأما العمق فإنه يدرك إما من جسم يدرك منه سطحين متقاطعين فإنه يحس من نفس السطحين الطول والعرض والعمق.

 

ومن تقاطعهما اندفاعه في العمق سواء كان حدبة التقاطع مما يلي بالبصر أو إلى خلافه أو من جسم يقابله منه سطح محدب أو مقعر بين التحديب والتقعير مثل ما ذكر، فأما إن كان يدرك سطحاً واحداً مستوياً عند الحس فقط فإنه لا يدرك تجسمه إلا بالوجه المذكور".

يؤيد الأستاذ نظيف رأي الفارسي حول هذا الموضوع بقوله: "أقوال ابن الهيثم في هذا الشأن كما وردت في و (76)، و (77) من مخطوط المقالة الثانية من المناظر تفيد أنه يرى التحدب دليلاً على التجسم ويرى التقعر دليلاً على الفضاء أي الخلاء.

 

ويعترض الفارسي بحق على هذا التمييز بين المعنيين.  ويتلخص رايه في أن السطح سواء كان محدباً أو مقعراً قد سبقت المعرفة إلى أنه لا يوجد في الواقع إلا مع الجسم المتجسم، فيتأتى إدراك التجسم مع إدراك التقعر أيضاً. 

ومن الواضح أن السطوح التعليمية المتصورة في العلوم الهندسية، لا وجود لها في الواقع، ويستوي في المحدب منها والمقعر القول بأنها تؤدي معنى الفضاء أو الخلاء أو تؤدي معنى التجسم أو الملاء".

 

7– الجليدية:

يصف ابن الهيثم الجليدية فيقول: "… وصدر مقعر العنبية كرة صغيرة بيضاء رطبة متماسكة الرطوبة مع رقة شفيفها، ليس في الغاية بل فيها غلظ ما، يشبه شفيفها شفيف الجليد، يسمى الجليدية.

وهي مركبة على طرف تجويف العصبة، وفي مقدم هذه الكرة تستطيحٌ يسيرٌ يشبه تسطيح ظاهر العدسة، فسطح مقدمها قطعة من سطح كري أعظم من السطح الكري المحيط ببقيَّتها.

وهذا السطح يقابل ثقب العنبيَّة، ووضعه منه وضع متشابه، وهذه الرُّطوبة تنقسم إلى جزءين مختلفي الشَّفيف، أحدهما: يلي مُقدَّمها، وهو الجليديّة، والآخر يلي مُؤخرَّها، وشفيفه الزُّجاج المرْضُوض، ولذلك تسمى الرُّطوبة الزجاجية، وشكل مجموع هذين الجزءين الشكل المستدير المذكور". 

 

فيعترض عليه الفارسي في كتابه التنقيح بقوله: طهذا الكلام يخالف كلام جميع الأطباء الذين انتهى إلينا كلامهم في التَّشريح، وأنهم مُطبِقُون على أنَّ الجليدية بتمامها جوهرٌ واحدٌ متشابهُ الشفيف، وان الزُّجاجِيّة رطوبة ثالثة تملأ تجويف العصبة مما وراء الجليدية إلى ثقب المحْجر".

ويصف الفارسي الجليدية في كتابه البصائر بما يلي: "… رطوبة برديّة في غاية الصفاء مشفة غير متلونة كالجثبْن الرَّطب يسهل قبولها للالوان والأنوار مُسْتديرة الشَّكل في مقدمها تَفَرْطُحٍ، وفي ممُؤخرها يسير اسْتدقاق تسمى الجليدية هي الآلة الأولى للإبصار…".

 

ويقوم مصطفى نظيف حول هذا الموضوع ما يلي: "… ووصف ابن الهيثم تركيب العين موجز إلى حد، وهو في مجموعه ومجمله من حيث الإحاطة برطوبات العين وطبقاتها لا يشوبه إلا اضطراب في موضع واحد خاص بالجليدية.

أشار إليه الفارسي في التنقيح، ولربما كان هذا هو السبب الذي حمل الفارسي على التوسع في دراسة تشريح العين والرجوع إلى كتب أئمة الطب واستخلاص آرائهم وإيراد نتيجة دراسته هذه في كتابه".

 

8– قاعدة قبول العكس:

يذكر ابن الهيثم ثمانية أحكام كمية في الانعطاف يحدد بها العلاقة بين زاوية السقوط أو زاوية العطف وبين زاوية الانعطاف.

"ولابن الهيثم حكم تاسع أورده ضمن أقواله في شرح تجاربه الكمية في انعطاف الضوء من الهواء في الزجاج وانعطافه من الزجاج في الهواء.  وقد سبق أن ذكرناه بألفاظ ابن الهيثم. 

وهذا الحكم معناه أن الشعاع النافذ من وسط لطيف إلى وسط غليظ إذا نفذ في الوسطين نفسيهما في الاتجاه المضاد، أي من الغليظ إلى اللطيف.

 

وكانت زاوية السقوط في الحالة الثانية هي عين زاوية الانكسار في الأولى كانت زاوية انعطافه في الحالتين واحدةن أو بالأحرى كان خط مسيره فيهما هو هو.

ولكن ابن الهيثم لم يذكر هذا الحكم مرفقاً بأحكامه الثمانية التي فصلناها آنفاً، وإن هو قد اتخذه في مواضع أخرى من كتابه أساساً بنى عليه شرحه كيفية إدراك المبصرات بالانعطاف.

وقد عنى الفارسي بأن يودع هذا الحكم صراحة مضن أحكام ابن الهيثم الكمية في الانعطاف".

 

وقد ذكر كمال الدين الفارسي الحكم التاسع في المبحث الاول (في كيفية الانعطاف) من الفصل الثالث (في الانعطاف وخواصه) في كتاب البصائر كما يلي:

وإذا كانت نقطتان مضيئتان في الجسمين المتخالفين فإن السهمين اللذين يمتد عليهما ضوء الأولى إلى الثانية هما اللذان يمتد عليهما ضوء الأولى إلى الثانية هما اللذان يمتد عليهما ضوء الثانية إلى الأولى كما هو في الانعكاس".

وهذا الحكم التاسع صريح في تضمنه معنى القاعدة المعروفة الآن (بقاعدة قبول العكس) فيما يتعلق بالانعطاف … فهي فيما يتعلق بالانعطاف مرتبطة بمعنى (معامل الانكسار) وثبوته لكل وسطين معينينز  وهذا المعنيان مرتبطان بثبوت نسبة جيب زاوية السقوط إلى جيب زاوية الانكسار لكل وسطين، وثبوت هذه النسبة ظل مجهولاً إلى أوائل القرن السابع عشر".

 

لقد اشرنا إلى بعض النقاط المهمة في الكتاب بالاعتماد على دراسات الأستاذ مصطفى نظيف وبحوثه.

وإننا نقدم كتاب البصائر في علم المناظر محققاً للباحثين والدارسين في علم الضوء وتاريخه لدراسته وتقييم أفكاره علمياً وتاريخياً.

أخيراً إن كمال الدين الفارسي من خلال مؤلفيه: تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر، والبصائر في علم المناظر استطاع أن يضيف إلى علم المناظر (علم الضوء) إضافات قيّمة أدت إلى تطوره وإحيائه وانتشاره.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى