أهم الأمراض التي تصيب عين الإنسان
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
عين الإنسان أهم الأمراض التي تصيب عين الإنسان الطب
الرؤية، أو "الإبصار"، من أعظم نعم الله علينا. فهو من أهم الوسائل معرفتنا ما حولنا وتعلمنا ومتعتنا، والسعي إلى ما يفيدنا وتجنب ما يؤذينا.
ولذلك كان من الطبيعي أن نحافظ جدا على عيوننا، حتى أننا نضرب بذلك المثل، فنقول: "سوف أحافظ على هذا الشيء العزيز كعيني". والعين قد يكون في تركيبها خلل يفسد أداءها وظيفتها، فيصبح في الإبصار عيب
ولكن العين، كأي عضو آخر في الجسم، قد تصاب لأسباب مختلفة، بأمراض معينة، هي التي سوف نذكر بعضها هنا. وبعض هذه الأمراض قد يحدث أيضا، إذا لم يعالج، عيوبا بالإبصار، بل إنه قد يكون سببا في فقد نعمة البصر، أي العمى.
وسوف نعرض هنا أهم هذه الأمراض، وبخاصة ما يصيب الأطفال منها. وسوف نعرف أيضا أسباب حدوثها حتى نعمل على تجنبها. كما أننا سوف نتعلم أعراضها، أي علاماتها الظاهرة، حتى ننتبه إليها، ونسعى فورا إلى تلطيفها وإلى استشارة طبيب العيون، ثم نحرص على اتباع العلاج الذي ينصحنا به.
ولعل أبرز ما يلفت انتباهنا إلى عين مريضة هو احمرار "بياضها" ويرجع هذا التهاب "ملتحمة" العين واحتقانها، أي امتلاء أوعيتها بالدم.
والمتحمة هي غشاء رقيق يكسو الجزء الأبيض الجامد من كرة العين، ويمتد إلى باطن الجفنين اللذين يتورمان. وهذا ما يعرف عادة "بالرمد".
وقد يظهر بالعين أيضا إفرازات من المخاط أو الصديد، و عندئذ يعرف المرض "بالرمد الصديدي". وهو رمد "حاد"، أي يحدث بعد ساعات من العدوى ببعض أنواع البكتيريا.
أما "الرمد الحبيبي" أو "التراكوما"، فهو يتميز بتكون حبيبات في باطن الجفن الأعلى، على الأخص. وهو رمد "مزمن" يظهر بعد أيام من العدوى بنوع معين من الفيروس، وقد يستمر طويلا إذا لم يعالج. وقد يترتب عليه انحناء الجفن إلى الداخل وتغير في اتجاه أهدابه.
وتحدث عدوى عيون الأطفال بميكروبات الأرماد، من البكتيريا أو الفيروس، بسبب عدم العناية بنظافتهم، ومد أيديهم القذرة إلى أعينهم، وبواسطة الغبار في الأيام العاصفة، ونقل الذباب للميكروبات من المريض إلى الصحيح، وكذلك باستخدام أدوات شخص مريض أو مناشفه الملوثة.
وهذه كلها أمور يجب تجنبها تماما، لأن الإصابة بالأرماد وإهمالها يؤدي إلى ظهور قرح بقرنية العين.
وقد تصاب العين بقرحة عقب نزلة برد أو إنفلونزا، أو لأسباب أخرى. والقرح عموما تسبب آلاما بالعين، مع كثرة الدمع والصداع.
و"القرنية" هي الغلاف الشفاف الصافي الذي يغطي قزحية العين الملونة وإنسان العين الذي يتوسطها، وهو فتحة مرور الضوء إلى داخل العين.
ولهذا قد تؤدي القرح – حتى بعد علاجها أحيانا إلى فقد القرنية لبعض صفائها، فتضعف قدرة العين على الإبصار.
ويحدث هذا أيضا بسبب احتكاك الجفن المنحني إلى الداخل، بسبب الرمد الحبيبي، بالقرنية، فيتكرر خدشه لها.
وملايين الناس في العالم تصاب أبصارهم بأضرار بالغة بسبب الرمد الحبيبي و مضاعفاته، وهو من أهم أسباب فقد البصر.
ولكن العين قد تحمر لأسباب أخرى كثيرة غير الإصابة بالقرح والأرماد الميكيروبية التي ذكرناها. فقد يكون هذا، مثلا، بسبب حساسية الملتحمة لبعض العوامل،كأشعة الشمس فوق البنفسجية، أو المواد، كبعض الأطعمة أو الأدوية أو العطور.
وتحدث هذه المواد آثارها بابتلاعها أو بلمسها أو حتى بشمها أحيانا. وقد تحدث الحساسية في موسم الربيع والصيف بالذات، حين تنشط الرياح المثيرة للغبار، وتتفتح الأزهار وتنتشر حبوب لقاحها في الهواء.
وعندما يصاب الطفل بهذا المرض، الذي يسمى "الرمد الربيعي"، تحمر العينان وتدمعان و تتورم الأجفان، وتتولد عنده رغبة شديدة في حكها، وتتهيج أغشية الأنف فيكثر إفرازها للمخاط.
وتتحسن هذه الحالة في الشتاء والخريف، وقد تخف أعراضها مع تقدم الطفل في العمر. ويتولى الطبيب علاج حالات الحساسية، ولكن ينبغي – على كل حال – تجنب المواد المحدثة لها عندما نهتدي إلى تحديدها, وقد كان الطبيب العربي، أبو بكر الرازي (في القرن الثالث الهجري)، دقيق الملاحظة فتنبه إلى هذه الأعراض التي تصيب بعض الناس في الربيع.
ولعلك تسمع يوما أن كبار السن قد أصيبت أعينهم "بالماء الأبيض" أو "الماء الأزرق"، فتعجب وتتساءل عن ذلك. أما الماء الأبيض فهو معروف أيضا باسم "الساد" أو "الكتاراكت".
وهو عتامة تتكون في عدسة العين مع تقدم العمر عند بعض الناس. والعدسة هي التي تجمع أشعة الضوء لتكوين الصورة على الجزء الحساس من العين، الذي يسمى "الشبكية".
ولذلك كان من الطبيعي أن يتأثر الإبصار قليلا أو كثيرا بمقدار عتامة العدسة. أما الماء الأزرق، الذي يعرف أيضا "بالزرق" أو "الجلوكوما"، فإنه يحدث بسب ارتفاع الضغط في داخل كرة العين، نتيجة تراكم السائل الذي بداخلها لعدم خروج الزائد منه، وذلك لانسداد القناة الخاصة بذلك.
وارتفاع الضغط يؤذي العصب البصري، الذي ينقل الصور المرئية إلى الدماغ، فيضعف البصر حتى يفقد تماما.
والساد والزرق يعالجان بالجراحة ووسائل أخرى. ويستطيع الطبيب أن يزيل العدسة المعتمة، ويثبت بدلا منها عدسة مصطنعة، أو يجعل المريض يستخدم نظارة طبية أو عدسة لاصقة فوق القرنية.
وحتى "الشبكية" قد تتعرض للمرض، فتنفصل بعض طبقاتها عن بعض وهذا ما يعرف "بانفصال الشبكية"، ومن الواضح أن أثره في ضعف الإبصار يكون شديدا.
ويحدث الانفصال لأسباب مختلفة منها: الإصابات في الحوادث، أو نزف داخلي في الأوعية الدموية الدقيقة، أو الأورام، أو نتيجة لأمراض أخرى. و لكن الطبيب المختص يستطيع أن يعالج كثيرا من هذه الحالات بالجراحة، وقد يستخدم أشعة الليزر في ربط الأنسجة المنفصلة.
والدموع تغسل العين وترطبها، ثم تنصرف من قناة خاصة إلى تجويف الأنف. والدموع لا تجري على الخدين خارج العين، إلا إذا زاد إفرازها كثيرا بسبب البكاء أو دخول جسم غريب إلى العين أو وصول مادة مهيجة إليها كزيت البصل المتطاير عند تقطيعه. وكذلك تسيل الدموع في الأرماد كما ذكرنا، أو إذا انسدت قناة تصريفها لسبب مرضي.
وقد تصاب حافة الجفن بدمامل أو قروح بسبب العدوى ببعض الميكروبات، كما أن نوعا من القمل يضع بيضه في جذور أهداب العين مسببا التهابا بها.
ومن الطبيعي أن تتأثر العين بالصحة العامة للجسم. فسوء التغذية ونقص الفيتامينات، و فيتامين "أ" على الأخص، قد يسبب جفاف الملتحمة و القرنية، فتفقد القرنية شفافيتها، وقد ينتهي الأمر بالطفل إلى فقد بصره وهو صغير. وهذا هو أحد أسباب فقد البصر الرئيسية في البلاد الفقيرة.
كذلك يستطيع الطبيب أن يتخذ العين نافذة يطل منها على صحة الجسم. فطبيب العيون يستطيع، من خلال فحصه شبكية العين، أن يعرف بعض الحالات المرضية العامة عند المريض، كارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى المزمنة.
بل إن طبيب العيون قد يكون هو أول من يكتشف إصابة مريضه بالبول السكري، وذلك من علامات يراها في شبكية العين أو عند وجود عتامات بعدسة العين، أو من شكوى مريضه من تغير مفاجئ في قوة إبصاره.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]