الفيزياء

اختراع الساعة البندولية بواسطة العالم “كريستيان هيجنز”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

الساعة البندولية كريستيان هيجنز الفيزياء

اشتهر عالمنا في حياته باختراع الساعة البندولية وتحليله الفذ لحركتها . أما حقيقة استعمال الخطّار (البندول) للتوقيت ، فقد اكتشفها جاليليو الذي ارتأى أن الساعة الدقّاقة يمكن صناعتها بناء على هذا الأساس، إلا أنه لم يتحقّق صُنع البندول بنجاح في ذلك الوقت. ويبين شكل رقم (147) بندول اتزان من القرن السابع عشر ( من رسمٍ له في ذلك الوقت) .

بحث كثير من العلماء في هذه المسألة ، ولكن لم يحصل أحد منهم على نتيجة مُرضية. وفي عام 1657 نجح هيجنز حيث أخفق غيره، فقد اكتشف القوانين التي تحكم البندول المركب.

كما نجح في صُنع ميزان يسمح لعقارب الساعة أن تتحرك قدراً معينا عند كل ذبذبة للبندول. كذلك قام بصنع الموازن الدائري المبين في شكل رقم (147). وهكذا ابتكر ساعة جد مضبوطة. ولأول مرة حفظت آلة ميكانيكية الوقت مع الشمس.

أرسلت الساعة البندولية إلى البحر لتساعد على الملاحة، غير أن النجاح لم يكن كاملاً، حيث تدخلت الجاذبية في عملها . كل ذبذبة من ذبذبات بندولها تستغرق وقتاً مساوياً لوقت الأخرى، بشرط أن يظل تأثير الجاذبية واحداً .

 

أما السبب في أن البندول يهبط من أعلى وضع يبلغه إلى أدنى وضعٍ له، فلأنه مجذوباً بفعل الجاذبية الأرضية . فإذا أخذنا سرعة البندول عند رأس جبل بعيداً عن مركز الأرض ، فالذي يحدث أنه لا يرتد بالسرعة نفسها وإنما يستغرق وقتاً أطول في ذبذبته ذهاباً وإياباً وعندئذ تؤخر الساعة.

هذا عند قمة جبل ، ولكن عندما نقلت الساعة إلى "كاين" في غينيا الفرنسية أخَّرت كذلك. وكاين هذه تقع في مستوى البحر وليس عند قمة جبل! أمرٌ غريبٌ حقا. نعم هو كذلك، لذا بحثه هيجنز وحلَّله.

كان عالمنا يعلم، وربما مثلما نعلم ، أن حجراً إذا ربط إلى خيط ودوَّرناه دوراناً سريعاً، فإنه يظل ملازماً محيط الدائرة مقاوماً الجاذبية. ولو كانت السرعة كبيرة بالدرجة الكافية إذن لانقطع الخيط. أطلق هيجنز على هذا الأمر " القوة الطاردة  المركزية " .

ولما كانت الأرض تدور حول محورها كل أربعٍ وعشرين ساعة، ويدور سطحها عند خط الاستواء بسرعة عصر النفاثات الذي يزيد على 1000 ميل في الساعة ، فمعنى هذا ان جسماً على خط الاستواء إنما يدور مثلما يدور الحجر المربوط بالخيط، فهو يُدفع بعيداً عن الأرض.

 

وعندما تسافر، شمالاً من خط الاستواء أو جنوباً منه، فإن الأرض لا تزال تدور مرة كل أربع وعشرين ساعة. نعم تدور، بيد أن السرعة السطحية تقل، لأن الدائرة المحيطة بالأرض تصغر. إذ عند خط الاستواء يكون دوران الأرض أسرع من دوران أجزاؤها الأخرى شمالاً وجنوباً.

معنى هذا أن قوة الجذب ينبغي أن تكون أقل عند خط الاستواء، وبما أن قوة الجذب أقل عند خط الاستواء، فإن الساعة البندولية يجب أن تؤخِّر؛ لأن البندول لا يرتد بالسرعة المناسبة. حسب هيجنز مقدار التباطؤ للساعة عند خط الاستواء، مؤسِّساً حساباته على أساس سرعة الأرض عند كلٍ من خط الاستواء وباريس، إلا أن الساعة كانت أبطأ مما قدِّر لها .

ولكن لِمَ؟ ليس هنالك غير تعليل واحد، لا بد أن الأرض منبعجة عند خط الاستواء، مما يقلل بدوره من أثر الجاذبية، وكان الأثر الكلي للقوة الطاردة المركزية، مع الإنبعاج الموجود عند خط الاستواء، هو السبب في تأخير الساعة دقيقتين ونصف دقيقة كل يوم.

 

وكان إخفاق الساعة البندولية من حيث الاستفادة بها في الملاحة البحرية سبباً في جعل هيجنز يفكر في طرق أُخر للتوقيت.

فابتكر فكرة "زنبرك الساعة اللولبي" الذي سجَّله باسمه دون أن يدري بأن روبرت هوك كان قد فكّر في ذلك من قبل. ولكن هوك على أية حال لم ينشر فكرته حتى ظهر ابتكار هيجنز ونال استحسانا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى