التاريخ

اشتغال العالم “الصُّورى” بمهنتي العشابة والطب

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العشابة والطب العالم الصوّرى التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

يعد الصورى من عمالقة علماء النبات في الحضارة الإسلامية.

وقد نال شهرة عظيمة بكتابه (الأدوية المفردة) الذي ضم بين دفتيه معظم الأدوية المستخرجة من النباتات والمعادن والحيوانات التي كانت متداولة بين علماء العرب.

وكانت دراسته للنباتات والأعشاب المختلفة دراسة علمية، تقوم على دقة الملاحظة والمعاينة وهو ما يعرف الآن بالدراسة الميدانية، وكان يُحب أن يقدم للقارئ فكرة كاملة ومتكاملة عن مراحل حياة النبات.

لذا كان يصحب رسَّاماً معه الأصباغ على اختلافها متوجهاً به إلى المواضع المختارة مثل جبل لبنان وغيره، فيلاحظ النبات ويعاينه ويحقِّقه ويريه للمصوِّر، فيعتبر لونه ومقدار ورقه وأغصانه وأصوله.

كما كان يرى النبات للمصوِّر في مختلف مراحله: إبَّان طراوته ووقت كماله، وحال يبسه ومواته، فيصورة في كل حال: غضاً، ومبرعماً، ومزهراً، ومثمراً، وجافاً.

وقد زين كتابه (الأدورية المفردة) برسوم النباتات بألوانها الطبيعية، ووصف فيه 585 عقاراً منها 466 من فصيلة النبات و 75 من المعادن و 44 من فصيلة الحيوان. وهو أول كتاب مصوَّر في علم النبات لغته العربية، وقد كان عالمنا يعي تماماً أهمية الألوان للدارس والباحث.

 

وبالنسبة للطب فقد خدمه الصوُّري بعلمه في النبات. وقد أسهم في خدمة المرضى في الحروب الصليبية عندما كان في القدس. يقول عنه ابن أبي أصيبعة في كتابه (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) : (اشتمل الصُّوري على جُمل الصناعة الطبية واطلع على محاسنها الجلية والخفية.

وكان أوحد عصره في معرفة الأدوية المفردة وماهياتها واختلاف أسمائها وصفاتها وتحقيق خواصها وتأثيراتها، حتي تميَّز على الكثيرين من أربابها وعلى سائر من حاولها واشتغل بها وكان له مجلس للطب يتردَّد عليه تلاميذه والمشتغلون به. عرف أدوية الترياق الكبير وجمعها على ما ينبغي فظهر نفعه وعظمت فائدته).

والخلاصة أن الصُّوري نبغ في فني العشابة والطب، فقد ظل مؤلَّفه (الأدوية المفردة) من أهم المراجع في هذا الخصوص.

كما أنه أضاف إضافاتٍ جريئة وقيِّمة إلى النباتات الطبية التي كانت معروفة لدى علماء العرب واليونان، لذا فلا غرابة أن يُسمَّى عالمنا (مؤسِّس علم النبات الحديث) وأن يتوافد عليه ويتقاطر طلاب العلم في دمشق من كل حدبٍ وصوب ليتعلَّموا مهنتي العشابة والطب. وقد أنجب في المهنتين علماء كباراً، كتبوا عنه وخلَّدوا اسمه وأحيوا ذكره.

ومن مؤلَّفاته الأخرى: كتاب (الرد على كتاب التاج البلغاري في الأدوية المفردة) وكتاب (النبات) مصوَّر بالألوان.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى