شخصيّات

اكتشافات العالم “غاليليو”

2016 عصر الثورة العلمية

جون كلارك

KFAS

شخصيّات الفيزياء

غاليليو، كما يعرف عادة، عالم قدم إسهامات أساسية في مجالات علوم الفلك والرياضيات والفيزياء.

وفي هذا المضمار اختلف أسلوب غاليليو عن أساليب غالبية العلماء من قبله، إذ اعتمد على مبدأ الملاحظة تتبعها التجربة للتحقق من ملاحظاته ونظرياته. يعرف هذا الأسلوب بالأسلوب العلمي، وكان غاليليو دون ريب الرائد الأول في ممارسته.

ولد غاليليو لأبٍ موسيقي في مدينة بيزا بشمالي إيطاليا. التحق بمدرسة للرهبان في فلورنسا وببلوغه السابعة عشر من العمر التحق بالجامعة في بيزا لدراسة الطب.

لكنه سرعان ما تحول من دراسة الطب إلى دراسة الرياضيات والفلسفة، بيد أنه ترك الدراسة عام ١٥٨٥ دون نيل درجة جامعية ليعمل مدرسا. ومع انتشار شهرته عُيّن عام ١٥٨٩ أستاذاً للرياضيات بجامعة بيزا دون أن يحمل أية مؤهلات رسمية لهذا المنصب. انتقل غاليليو إلى جامعة بادوا عام ١٥٩٢ واستمر أستاذاً هناك حتى عام ١٦١٠.

«لكنها تتحرك» (مشيرا بقوله هذا إلى دوران الأرض حول الشمس، وذلك بُعيد سحبه لآرائه وتخليه عن معتقداته أمام محكمة التفتيش) «هذا مدون في كتاب الطبيعة، ذلك الكتاب العظيم الممتد على الدوام أمام ناظرينا – وأعني به الكون».

 

خلال حضوره قداساً في كاتدرائية بيزا عام ١٥٨٢ استرعى انتباه غاليليو الحركة الزاوية الدورية للثريا المعلقة فوق رأسه تتأرجح جيئة وذهابا تحت تأثير التيار الهوائي.

على إثر ذلك صنع غاليليو بندوله الخاص – فالثريا المتأرجحة ليست إلا بندولاً – بتعليق ثقل في نهاية خيط، ومن ثم قام بتوقيت زمن التأرجح أو الاهتزاز.

ولما لم تكن ساعات الإيقاف اخترعت بعد، استخدم غاليليو نبض قلبه لقياس زمن الاهتزازة الواحدة ودلت تجربته أن زمن الاهتـزازة (الزمن الدوري) يعتمد على طول خيط التعليق فقط وليس على وزن (كتلة) الثقل. وبذلك اقترح غاليليو إمكانية استخدام البندول كساعة، وبالطبع استخدم البندول فيما بعد للتحكم في ساعات الحائط الميكانيكية.

اعتنق الناس منذ زمن الفيلسوف الإغريقي أرسطو (٣٨٤ – ٣٢٢ ق.م.) مبدأ أن سرعة الأجسام تحت تأثير السقوط الحر تعتمد على وزنها. وكعالم تجريبي التوجه وضع غاليليو هذه الفكرة قيد الاختبار عام ١٦٠٢. أسقط غاليليو من سطح برج المعرفة في بيزا كرتين مختلفتين وزنا – وذلك بحسب ما يتناقل من القول – ومن السكون وبيّن أنهما تصلان الأرض في آن واحد.

 

أجريت هذه التجربة أمام أعين الملايين من البشر عام ١٩٦٩ عندما أسقط رواد فضاء المركبة أبولو ريشة ومطرقة على سطح القمر. وبسبب غياب قوة مقاومة الهواء في الغلاف الجوي للقمر لامست الريشة والمطرقة سطح القمر في وقت واحد.

حفز تطور المقراب في بدايات القرن السابع عشر غاليليو على الاهتمام بعلم الفلك، فقام يصنع مقرابه الخاص – فهو عالم عملي على الدوام- ووجهه نحو القمر. رسم غاليليو جبال القمر وأخاديده خلال أوقات مختلفة من الشهر.

ثم توجه لدراسة كوكب المشتري وأعلن عام ١٦١٠ أن له أربعة أقمار تدور حوله. بعد عام وجه مقرابه نحو الشمس ولاحظ وجود بقع صغيرة سوداء أحيانا تتحرك عبر القرص الشمسي. كانت ملاحظة غاليليو للحركة الظاهرية للبقع الشمسية عاملاً في اقتناعه بالدوران البطيء للشمس حول محورها.

أدت اكتشافات غاليليو في دراسته للشمس إلى اقتناعه في نهاية المطاف بأن الشمس هي مركز الكون (أو مركز نظامنا الشمسي على الأصح)، وهي النظرية التي نادى بها الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس (١٤٧٣ – ١٥٤٣) عام ١٥٤٣.

 

لكن الفكرة تتعارض مع تعاليم أرسطو السائدة لآماد طويلة والقائلة بمركزية الأرض في الكون. وما زاد الأمر سوءاً تعارض الفكرة مع التعاليم الصارمة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية.

ولذلك طالب المسؤولون الكنسيون غاليليو بعدم نشر أفكاره، بيد أنه نشرها في كتاب عام ١٦٣٢. منعت الكنيسة الكتاب من التداول، وألقي القبض على غاليليو عام ١٦٣٣ بواسطة محكمة التفتيش لينقل إلى روما، وتحت التهديد بالتعذيب اضطر غاليليو إلى شجب الفكرة والتخلي علناً عن معتقداته في هذا الشأن.

رغم كبر سنه وصحته المتدهورة نفي غاليليو ليبقى قيد الحبس في منزله في فلورنسا. وفاقم الأمر إصابته بالعمى عام ١٦٣٧، بسبب التلف الذي أصاب عينيه خلال رصده المباشر للشمس في الغالب. حكم عليه بعدم الخروج من المنزل وإن سُمح للبعض بزيارته أحيانا.

 

كان من بين زواره القلائل الشاعر الإنجليزي جون ملتون (١٦٠٨ – ٧٤). وبمحض الصدفة أصيب ملتون بالعمى أيضا – ومن أفضل أشعاره القصيدة السونتية، «في العمى» التي نشرت عام ١٦٤٥. (المترجم: القصيدة السونتية نوع من القصائد باللغة الإنجليزية تتكون من ١٤ بيتا) أصبح غاليليو يحس بالمرارة بعد تدهور بصره فالكون الذي كان شاغله الأول طوال حياته أفل نوره وأضحى معتما.

وعند وفاته عام ١٦٤٢ كان يعاني من التهاب المفاصل وضغط الدم المرتفع. رفض البابا أوربان الثامن نسيان عدائه لغاليليو فدفن دون احتفال في كنيسة سانتا كروس في فلورنسا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى