اكتشاف البروتون بواسطة “رذرفورد”
1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول
صبري الدمرداش
KFAS
اكتشاف البروتون رذرفورد الفيزياء
لما وضعت الحرب أوزارها في عام 1918 استقال طومسون من منصبه في جامعة كيمبردج وعُيِّن رذرفورد مكانه عميداً لكلية ترنتي ومديراً لمعمل كافندش.
وعاوده التفكير في بنية الذرة. فأستاذه طومسون كان قد كشف عن الجزء السالب فيها، فقال هو لا بد أن يكون في كل ذرة جانب موجب يعدل جانبها السالب.
ولما خالفه في ذلك بعض علماء العصر، وعلى رأسهم أرِّينيوس، عقد العزم على محاولة إثبات ما كان يعتقد. وهنا كان لخيال رذرفورد المبدع أكبر الأثر في رسم الطريق…
قال إذا شئت أن تقتحم مَعقِلَ الذرة فعليك بمقذوفات تدخله، مقذوفاتٍ على قدرٍ عظيمٍ من القوة لتمزيق أوصاله.
وإن أقوى أنواع القنابل لتستحي إزاء المقذوفات التي يجب إطلاقها!. وكان رذرفورد يعرف الكثير عن دقائق ألفا والقوة العظيمة المدَّخرة فيها.
فإن سرعتها في إنطلاقها تمثل ضغط سبعة ملايين فولت! وهي تنطلق من الراديوم بسرعة 12 ألف ميل في الثانية- سرعة لو سرنا بها صوب الشمس لوصلناها في نحو ساعتين!. قال رذرفورد: هذه هي مقذوفاتي المنشودة، فلأطلقنها على غاز النيتروجين.
وفي يونيو عام 1919 استعمل رذرفورد مصوَّرة ويلسن لتصوير مسارات دقائق ألفا التي أطلقها على غاز النيتروجين. قال في نفسه إن إلكترونات ذرات النيتروجين لا تؤثر في مسار هذه الدقائق لأنها-أي الدقائق- أكبر حجماً وهي مندفعة بمقدارٍ هائل، (فالإلكترون لا يؤثر فيها أكثر من تأثير ذبابة في رصاصة بندقية!).
وكان ينتظر أن يرى مسالك دقائق ألفا خطوطاً مستقيمة. ولكنه لدى تظهير اللوح الفوتوغرافي وتثبيته وجد واحد منها قد انحرفت. كأنها اصطدمت بكتلة أضخم منها وأثبت، فارتدت أو حادت عن مسارها المستقيم. فإذا في داخل الذرة كتلة صلبة تحرف هذه القذيفة المنطلقة بقوة تفوق 400 ضعف قوة رصاصة بندقية!!
ما هي تلك الكتلة في قلب ذرة النيتروجين؟ هنا فحص رذرفورد الغازات بعد الاصطدام فعثر على ذرات هيدروجين مكهربة كهرباء موجبة. إنه التعليل الوحيد.
ومضى بمساعدة شادويك في إطلاق دقائق ألفا على ذرات عناصر أخرى كالصوديوم والألومينيوم والفوسفور، وفي كل مرة كانا يجدان ذرات الهيدروجين قد انطلقت من نواه الذرة التي سدَّدا عليها دقائق ألفا.
لم يبق أمام العالمين إذن إلا حكمٌ واحد، وهو أن ذرة الهيدروجين الموجبة يجب أن تكون في نَوَى جميع ذرات العناصر.
لقد صار عندنا بالفعل ما يقابل الإلكترون. فإذا كان الإلكترون هو الكمية الكهربائية السالبة فإن نواة الهيدروجين الموجبة هي الكمية الكهربائية الموجبة. فهي تنجذب بفعل المغناطيس وتتبع كل النواميس المقررة للإلكترون. ولكن الفرق بين الاثنين إنما هو فرقٌ في الكتلة- فالإلكترون جزء من نحو ألفي جزء (1/1840) من الدقيقة الموجبة.
وفي الاجتماع الذي عقده مجمع تقدم العلوم البريطاني في صيف عام 1920- أي بعد إنقضاء 23 سنة على اكتشاف الإلكترون – أعلن كل من رذرفورد وشادويك عن كشفهما العظيم. لقد اكتشفا قسيم الإلكترون في بنية الذرة، لقد اكتشفا (البروتون).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]