إسلاميات

الآثار السلبية لـ”الربا” وصوره المختلفة

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الربا صور الربا الآثار السلبية للربا إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الرِّبا: بابٌ من أبوابِ أَكْلِ مالِ الغيرِ بِالباطِلِ، ولهُ صوَرٌ منها:

إقراضُ الْغَيْرِ إلى أَجَلٍ مُقابلِ زيادَةٍ يَفْرِضُها المُقْرِضُ، ولا يَجِدُ هذا الغَيْرُ سبيلاً أمامَهُ سِوى الرِّضا والْقُبولَ، ومثلُ ذلكَ: شراءُ سِلْعَةٍ مَعلومَةٍ كَمَّاً وكَيْفاً في وقتٍ كالشِّتاءِ مَثلا بالسِّلْعَةِ نفسِها مع التَّماثُلِ كيْفاً والزيادة كمَّاً في وقتٍ آخرَ كالصيفِ مثلاً، ويُسمى ربَا القرض، والدُّيونِ، والنّسيئَةِ أي التأجيل والتأخُّرِ، كَما يُسَمَّى الرِّبا الْجَلِيِّ – يعني: الواضح الزاهر.

الزِّيادَةُ في أحدِ البَدَلَيْنِ المُتَّفقَيْن جِنساً: المتُغايرينِ جودةً كبيعِ دِرْهَم بدرهمَيْنِ نقداً، أو بَيعِ تَمْرٍ بتمرْ أكثرَ، ويسمى رِبا: الفَضْلِ، والبيوعِ، والنَّقدِ، كما يُسمَّى: الرِّبا الخَفِيِّ.

 

ويُقَسِّمُ الاقتصاديونَ المُحدثونَ الرِّبا من حيثُ مجالاتهِ إلى:

استهلاكِيٍّ: وهوَ ما كانت الزيادةُ فيهِ على القُروضِ المستعملَةِ في شراءِ الحاجاتِ الاستهلاكية كطعامٍ، وشرابٍ، ودواءٍ ونحو ذلك.

إنتاجيٍّ: وهوَ ما كانت الزيادَةُ فيهِ على القُروضِ المستعملةِ في عملياتٍ إنتاجيةٍ كإقامَةِ مَصْنَعٍ، أو عملِ مزرعةٍ، أو من أجلِ أغراضٍ تجاريَّةٍ مَحْضَة.

 

كما يُقَسِّمونَهُ من حيثُ حجم الزيادة فيه إلى: مُضاعفٍ: وهو الذي تُجعَلُ فيه فائِدَةٌ بنسبةٍ كبيرةٍ لطولِ مُدّةٍ الأجل.

بسيطٍ: وهو الذي تكونُ فيهِ فائدةٌ بنسبةٍ قليلة لقِصرِ مدة الأجل.

والربا مُحَرَّمٌ في كُلِّ الشَّرائِعِ السَّماوِيَّةِ حيثُ ذكَرَ الحَقُّ سُبْحِانهُ حُرْمَتَهُ على اليهودِ كما جاءَ في شرائِعِ العَهْدِ القديم.

 

ونَصَّ على ذلك القُرآنُ الكريمُ بقول اللهِ تعالى(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) النساء (160 – 161) إلا أن اليهودَ حرّفوا ذلك، فحَرَّموهُ فيما بَيْنَهُمْ وأباحوهُ مع غيرهم.

وقال تعالى:(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران (75).

 

وجاء تحريمُهُ في شريعتنا في قولِهِ تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران 130.

وفي قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) البقرة (278 – 279) وفي قوله تعالى(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة (275).

 

ولِلرِّبا آثارٌ وعَواقبُ وخيمةٌ على المُرابين منها:

مَحْقُ المالِ يعني: هلاكُهُ واستِئْصالُهُ إمَّا بوقُوعِ الكوارِثِ فيهِ وإما بنَزْعِ الْبَرَكَةِ منه، وإمّا بغيرِ ذلكَ من صُورِ الهَلاكِ والاسْتِئْصال. قالَ تعالى:(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة (276).

أنهُ يُعَرِّضُ الأمَّةَ كُلَّها لِحَرْبِ اللهِ وسولِهِ، ومن ذا الذي يَتَحَمَّلُ حَرْبَ اللهِ ورسولِهِ، وهوَ سُبْحانَهُ بيدهِ المُلْكَ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قدير، وما ذلكَ إلاَّ لأنَّها رضِيَتْ بالرِّبا، وأعانَتْ عليه. ويمكنُ التَّخلُّصُ من النّظامِ الربويّ باتّباعِ الخُطُواتِ التاليَةِ:

 

الاهتمامُ بأمْرِ الزَّكاةِ: إذ هي وَحْدَها كافِيَةٌ في سدِّ حاجاتِ الناس شَريطَةَ أَنْ يَكونَ منها جانِبٌ استهلاكِيٌّ وآخَرُ اسْتِثْماريٌّ يوظفُ في إنْشاءِ المشروعاتِ النافعَةِ التي تَستَوعِبُ العاطِلينَ وتُدرّبُ الفارغين.

حَمْلُ المسلمين على العَمَلِ كُلٍّ في مجالِهِ، وفيما يُحْسِنُ وفيما هو مَشْروعٌ، فإنّ هذا العَمَلَ يُوَفِّرُ حاجاتِ الأمَّةِ فلا تَحتاجُ إلى الاقتِراض بالرِّبا.

 

الحِرْصُ على الاعْتِدالِ في النَّفَقاتِ فَلا إسْرافَ ولا تَقْتير: قال تعالى(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا) الفرقان 67.

وقال تعالى:(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الاسراء (29).

 

دعوةُ التجار ورجال الأعمال إلى اسْتِثْمارِ أموالِهم في الميادينِ المشروعةِ مِنَ المُضارَبَةِ والإجارَةِ، والشركةِ ونحوِها، فإنَّ في هذا رِضا الله ورسولِهِ، ونَفْعَ كُلِّ طَبقاتِ الأمة.

تشجيعُ القَرْضِ الحَسَنِ الَّذي لا ثَمَرَةَ مِنْ ورائِهِ سِوى رُضْوانِ الله، وسَدِّ حاجاتِ الأُمَّةِ وتقويةِ الحُبِّ والتَّرابُطِ بين أبنائِها، إذْ يَقولُ – صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ كانَ في حاجَةِ أخيهِ كانَ اللهُ في حاجَتِهِ».

الدّعْوَةُ إلى التَّبَرُّعِ بِكُلِّ أشكالِهِ وصُوَرِهِ من الصَّدَقَةِ، والهِبِةِ والوصيَّةِ والوَقْفِ ونَحْوها مَعَ توظيفِ مثل هذه التبرعات في سَدِّ حاجاتِ الأمة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى