الآثار المترتبة على اجتماع كوبنهاغن
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
اجتماع كوبنهاغن آثار اجتماع كوبنهاغن علوم الأرض والجيولوجيا
ما هي الآثار المترتبة على اجتماع كوبنهاغن 2009م؟ فمن وجهة نظر اقتصاديات ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي هناك تغيرات قليلة جداً.
فكل التعقيدات الناجمة عن الخصائص الفريدة لظاهرة الاحتباس الحراري لاتزال معنا – عدم اليقين، والطبيعة العالمية للمشكلة.
وتبقى حدود الكلفة–العائد هي الدليل لسياسة المناخ، واستمرار الدور المركز الذي يؤديه تسعير غازات الدفيئة في الاستجابة الفعالة النافذة، والتحدي في تجهيز سلع المنفعة العامة الدولية في نظام الدول القومية ذات السيادة، إن أي شيء منها، ويبدو أنها حتى أكثر صعوبة من ذلك.
ولكن، من وجهة نظر السياسة انتقلت الاستجابات المتاحة لتغير المناخ، وأصبحت ضيقة [الهدف].
فنمذجة ترتيبات كيوتو 2 تمت صياغتها بصورة أكثر شمولية من صيغة منهج كيوتو 1 –المفاوضات الدولية الشاملة، وأهداف وجداول زمنية ملزمة بموجب الاتفاقية الأمية الإطارية لتغير المناخ- وهي الآن غير مرجحة لتطرفها. فقد تُعلن الدول إلتزامها ولكنها لا تتفاوض.
وتأتي التزاماتها مغلفة بشكل مختلف. في حين أن بعضها يعتمد على التشريعات المحلية (الولايات المتحدة الأميركية)، وبعضها مشروط بالتزام الآخرين، بما في ذلك المواد المالية والمساعدة التكنولوجية.
وبعضها مشروط بنسبة مئوية لخفض الانبعاثات في سنوات سابقة، وبعضها مشروط بخفض من مستويات العمل كالمعتاد في سنوات المستقبل. وبعضها مشروطٌ بأهداف الكثافة وبعضها بالأرقام المطلقة. وبعضها مشروط بكثافة الكربون (الصين)، والبعض الأخر مشروطاً بشمل كل انبعاثات غازات الدفيئة (الهند).
إن مقياساً شائعاً ذا مصداقية لمقارنة مطلقة وكثيفة تستند إلى أهداف العمل كالمعتاد من شأنه أن يكون مقياساً مفيداً لمقارنة الجهد والأداء:
بعض الالتزامات تخضع للتحقيق الدولي، وبعضها لا يخضع. ففي غياب المساعدات المالية، فإن إجراءات التخفيف للدول غير المدرجة في الملحق رقم 1 عرضة لقياسهم الخاص بهم من حيث، الإبلاغ، والتحقق.
فالتحقق من خفض الانبعاثات يعتبر سياسياً مسألة حساسة، ولكن لها أهمية حاسمة في ضوء الحوافز لمعالجة الأهداف، وتضخيم جهود التخفيف، و"تكاليف التنصل" (Shirk Cost)، والإمساك بمنافع التكسب.
ليس أيٌ من هذه التعهدات جزءً من معاهدة ملزمة دولية تنطوي على آليات إنفاذ، وليس من المرجح أن تصبح هذه التعهدات يوماً ملزمة.
وأخيراً، فإن اتفاق كوبنهاغن هو اتفاق صامت بشأن الإتجار بالانبعاثات، وفي الوقت الحالي ليس هناك أي مخطط قوي لاستجابة للمناخ لما بعد عام 2020م.
يحتفل النمط الجديد بتنوع التعبئة والتخليف لالتزامات التخفيف. وربما كان هذا الأمر ضرورياً لإقناع الالتزام بأي التزام على الإطلاق. فكما هو موضح في الفصل السادس، تُعتبر أهداف التكثيف بمنزلة حماية لآفاق النمو الوطنية.
حيث تتوقف الأهداف على تصرفات الآخرين للحماية من تحمل تكاليف غير مناسبة وتحلية وعاء الآخرين للانضمام إلى التحالفات على حد سواء.
وتحديد الخفض من توقعات العمل كالمعتاد من دون التخلي عن السيطرة على هذه التوقعات ما هو إلا صدأ التعاون، لكنه يقدم شرطاً للتنصل.
فنموذج التنوع يقدم مشكلتين تحليليتين، الأولى كيف يمكن جعل الالتزامات المختلفة متماثلة من حيث الجهد أو التضحية أو الكلفة؟ فالإنصاف يتطلب بعض الطرق لقياس هذه الصفات.
وقضية الكربون جزءٌ لا يتجزء من التجارة الدولية، وتمت مناقشته في الفصل الثامن. ولنضيف مزيداً من التعقيد، كيف سيتم تقييم الإنصاف إذا كان البلد مراوغاً بالتزاماته من خلال تصديره أنشطة كثيفة باستخدام الكربون؟
وثانياً، كيف يمكن تعزيز هذه الالتزامات المتنوعة، بحيث تكون الآثار مجتمعة على تركيزات غازات الدفيئة، ودرجات الحرارة، وإمكانية تقدير التكاليف؟
فتجسيد قياس تأثيرات الانبعاثات ودرجات الحرارة المحتملة ضمناً في اتفاق كوبنهاغن أمرٌ صعبٌ، لكوننا لا نعرف شيئاً عن مسار عام 2020م (حول التاريخ الذي يعتبر مركزياً لتنفيذ الالتزامات).
فلا شيءَ مؤكدٌ حول مدى، إن وجد، الإتجار بالانبعاثات الدولية، وحتى الآن ليس هناك ما هو قابل للتنفيذ. ومع ذلك كانت هناك محاولة أولى لكل من ماكيبين (McKibben) وموريس(Morris) وويلكوكسن(Wilcoxen) عام 2010م.
ولربما كان الأكثر إثارة للدهشة في استنتاجهم هو التفاوت في الجهد الذي يفترض، من خلال متابعة التزامات كوبنهاغن، بعدم السماح للتجارة الدولية.
في عام 2020م، يستوجب على اليابان خفض الانبعاثات بواقع 48% دون مستوى العمل كالمعتاد، والولايات المتحدة الأميركية بواقع 33%، والصين بواقع 22%.
وبالمقابل، فإن بعض البلدان والمناطق سيكون الخفض هامشياً فوق توقعات العمل كالمعتاد، (الهند 0.4%، البرازيل 0.6%، منظمة أوبك 1.3%).
وسيتراوح التغير في إجمالي الناتج المحلي في عام 2020م نسبة إلى مستويات العمل كالمعتاد من خسارة بواقع 6.3% لأستراليا، وربح بواقع 0.7% إلى الهند.
ففي تحليل منفصل، خلُص كارارو وماسيتي (Carraro and Massetti 2010) إلى أن الأهداف المكثفة للهند والصين لعام 2020م ربما لا تكون ملزمة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة المستقلة الناجمة عن ديناميكيات السعر على المدى الطويل والتكنولوجيا، والتي قد تجعل لا ضرورة لسياسة تخفيف معينة.
ومع ذلك يرى زانغ (Zang 2010) أن تعهدات الصين المكثفة، إذا تكرمت، سوف تتجاوز توقعات العمل كالمعتاد.
آثار التغير المناخي في اتفاق كوبنهاغن هي أصعب من أن تُقيم، فالأمر لا يتعلق بعدم تحديد مسار عام 2020م فحسب، بل يتعدى إلى الغموض الذي يلف جهود التخفيف للفترة المتبقية من هذا القرن.
وهناك توافق آراء عام حول سخاء تفسير التزامات كوبنهاغن، وتكريم دقيق، ومتابعة جادة للإجراء التي ستُتخذ لما بعد عام 2020م، وهناك احتمال معقول في الحصول على هدف الدرجتين المئويتين.
فعلى سبيل المثال تستنتج بحوث التحالف للتجنب من أن تعهدات ما بعد كوبنهاغن "من المرجح أن تكون متوافقة مع الهدف الطويل الأمد لتحديد الاحترار بدرجتين مئويتين، محققة بذلك ما قدمته من التزامات خفض بحلول عام 2020م، ومواصلة الخفض الكبير الإضافي لما بعد عام 2020م" (Lowe et al. 2010, p. 8)، هناك تأكيد في أصل البحث، وانظر أيضاً (Houser 2010)).
من غير المعروف ما إذا كانت الدرجتان المئويتان كثيرة أم قليلة.
ففي دراسة تحليلية حديثة لنوردهاس (Nordhaus 2010) باستخدام "نموذج رايس: النموذج الإقليمي المتكامل للمناخ والاقتصاد" (Regional Integrated Model of Climate and the Economy: RICE Model) وجد أن الحد الأمثل لأقصى ارتفاع لدرجات الحرارة سيكون 3 درجة مئوية، تحدث في النصف الأول من القرن القادم.
وبالمقابل، جادل هانسن وآخرون (Hansen et al 2007) حول الزيادة القصوى لدرجات الحرارة بواقع 1.7 درجة مئوية عبر زمن حقبة ما قبل العصر الصناعي، أساساً لمنع ذوبان الغطاء الجليدي الذي لا رجعة فيه وفقدان التنوع.
وخلاصة القول إن تنوع الالتزامات، هي موضع ترحيب لمرونتها، وببساطة يضيف عدم اليقين أسئلةً كامنةً أخرى لم يتم الرد عليها بعد حول الهدف المناسب سواء كنا على الطريق الصحيح أم لا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]