الآلية المتبعة لـ”إطفاء الحرائق”
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
إطفاء الحرائق آلية إطفاء الحريق البيئة البيولوجيا وعلوم الحياة
استعمل الإنسان النار منذ القدم لأغراض شتى، منها طهو طعامه و تدفئة مسكنه و محاربة أعدائه، ولاستخراج المعادن من خاماتها، بل إن بعض جهلائهم جعلها إلها يعبده.
وهكذا كانت النار، و ما تزال، صديقا للإنسان و لكنها يمكن أن تصبح عدوا له إذ قد تكون سببا لكثير من الكوارث و الحرائق المدمرة التي تودي بحياة كثير من الناس فضلا عن الخسائر المادية الهائلة.
ويحدث الحريق إذا توفرت عناصر ثلاثة معا في آن واحد: الوقود ( أي مادة قابلة للاشتعال)، و الحرارة، و الأكسيجين (في الهواء).
ولإطفاء الحريق لا بد من التخلص من أي من هذه العناصر. و يكون ذلك إما بعزل المادة القابلة للاشتعال عن الهواء، أو بتبريدها عن درجة الحرارة التي تشتعل عندها.
والحرائق لها مصادر عديدة منها اللهب أو الاحتكاك المولد للحرارة، و الشرر أو الإشعاع، أو وسائل توليدها كالكبريت و أعقاب السجائر و المدافىء و المواقد و الأدوات الكهربائية و أفران الغاز، بل حتى أشعة الشمس إذا ركزتها المرايا و العدسات. كذلك تندلع النيران لأسباب أخرى طبيعية كالزلازل و البراكين و العواصف و البرق.
وهكذا وجد الإنسان نفسه مضطرا لأن يعمل على الوقاية من الحرائق قدر استطاعته. و الوقاية من الحرائق و منع خسائرها هو أولا و آخرا واجب كل مواطن.
إذ أنه، بشيء من الحذر و الحيطة و اتباع بعض النصائح و التعليمات في إقامته و سفره، يقي وطنه و نفسه و عائلته من كوارث الحرائق ومصائبها أما إذا حدثت فعلى الإنسان أن يطفئها في أسرع وقت ممكن من أجل حماية الأرواح و إنقاذ الممتلكات.
ولهذا يوجد في كل مدينة عصرية مراكز لإطفاء الحرائق مزودة بكل ما يلزم من وسائل مكافحة النيران، كالسيارات الشاحنة التي تحمل المياه و معها مضخاتها و خراطيمها و خزاناتها، بالإضافة إلى السلالم المتحركة التي قد يبلغ ارتفاعها نحو 15 مترا، و كذلك سلالم مزدوجة قد يصل ارتفاعها أكثر من 40 مترا.
وتتكون محطة الإطفاء من غرفة انتظار لرجال الإطفاء الذين يكونون دائما على أهبة الاستعداد للانطلاق بمجرد تلقي المحطة لإنذار الحريق.
ويجاور هذه الغرفة غرفة أخرى للمراقبة و الاتصالات حيث يتلقى المسئول فيها المكالمات و الإنذارات لاتخاذ الموقف المناسب.
وبمجرد تلقي المحلطة للإنذار بوجود حريق ما تنطلق صفارات للإنذار و أجراسها، و يسرع الرجال لركوب سياراتهم يحملون معهم المعدات اللازمة و مرتدين ملابسهم الخاصة.
ويحق لهذه السيارة أن تسير بسرعة كبيرة، و نفيرها يدوي، مخترقة إشارات المرور الضوئية على اختلاف ألوانها.
ويجب على السير في تلك الحالة أن يتوقف، و على السيارات و المركبات أن تأخذ جانبا من الطريق و تتوقف لإفساح المجال لسيارات الإطفاء للانطلاق.
و يرتدي رجال الإطفاء ملابس غير قابلة للاشتعال و يضعون الخوذات على رؤوسهم، و النظارات الواقية على عيونهم، و السماعات على آذانهم لحمايتها من الضجيج، و الكمامات على أنوفهم للوقاية من الدخان والغازات، و الأحذية الثقيلة، و أسطوانات الأكسيجين، و أجهزة الإطفاء.
كذلك يحملون فؤوسا لشق طريقهم بتحطيم الأبواب و كسر الأقفال و هم متجهون نحو النار دون خوف لما يتحلون به من الجرأة و الشجاعة والتدريب المكثف بخدمة المجتمع.
كذلك يحمل رجال الإطفاء جهازا لاسلكيا (راديو) لاستعماله في الاتصال بالقيادة لإبلاغها عن تطور الوضع أو لطلب المعونة إذا احتاج الأمر ذلك.
ولدى وصول رجال الإطفاء إلى مكان الحريق عليهم أولا التأكد من أن النيران لا تحاصر احدا من الناس والسكان.
ويكون أول واجب عليهم هو إنقاذ هؤلاء. بعد ذلك عليهم البحث عن مصدر النيران وموقعها بالضبط ومحاولة الوصول إليه، و هو أمر غاية في الصعوبة خاصة إذا كان الدخان يملأ الموقع و يعمي الأبصار.
بعد ذلك يبدأ رجال الإطفاء في إخماد النار بأقصى سرعة ممكنة بما تعلموه من المهارة الفائقة مع الحرص على المحافظة على قطع الأثاث الثمينة.
وإذا كانت النيران في منزل، مثلا، كان على رجال الإطفاء بالدرجة الأولى منع انتشارها إلى الغرف المجاورة.
أما إذا تعذر ذلك، وجب عليهم محاصرتها من جميع الاتجاهات الأربع بالإضافة إلى الجهتين العلوية و السفلية. أما إذا كان المنزل يحترق بأجمعه فيجب على رجال الإطفاء محاصرة النيران و منعها من الانتشار إلى المنازل المجاورة.
وفي الوقت نفسه يقوم فريق منهم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأثاث وحمايته ليس من الاحتراق فقط بل من المياه المتدفقة و الخراطيم المبعثرة.
وقد يضطر أحد رجال الإطفاء إلى تسلق السلالم و الصعود لإنقاذ الناس المحاصرين في مكان الحريق، فيحمل الأطفال و يساعد النساء.
ويتحمل رجال الإطفاء مخاطر جمة أثناء ذلك حتى أنه طالما فقد بعضهم حياته بسبب ذلك واعتبروا شهداء و أبطالا و منحوا الأوسمة التقديرية.
ومعظم الحرائق تطفأ بواسطة المياه التي تحملها سيارات الإطفاء. أما إذا كان الحريق كبيرا و مدمرا فعليهم الحصول على المياه الغزيرة من خزانات المدينة الرئيسية بواسطة شبكة أنابيب مياه خاصة مزودة بالمحابس وفوهات الحريق بمختلف الشوارع.
وقد يعجز رجال الإطفاء عن الوصول إلى موقع بعض الحرائق بسياراتهم نظرا لوجودها قرب الماء أو شاطىء البحر أو سفينة راسية بالميناء.
وعند ذلك عليهم الاستعانة بمراكب الإطفاء المزودة بما يلزم أيضا، بما في ذلك المضخة التي تضخ الماء القريب الذي يحيط بمركب الإنقاذ من كل جانب.
وتصمم المباني الحديثة بطرق تساعد على إطفاء النار قبل انتشارها في المبنى. فتوجد في كل غرفة أنابيب خاصة للمياه مزودة برأس رشاش يبقى مقفلا طالما كانت الحرارة عادية.
أما إذا ارتفعت درجة الحرارة داخل الغرفة، فإن هذه الرشاشات تنفتح تلقائيا وتوزع المياه في جميع الاتجاهات بما في ذلك السقف و الأرضيات. و في الوقت نفسه، ولدى مرور المياه في هذه الأنابيب، يدق جرس الإنذار بشكل تلقائي كي ينبه الناس و السكان إلى الخطر الداهم.
ويستعمل رجال الإطفاء المياه في إخماد النار لأن قوة المياه المندفعة و رطوبتها يمنعان اللهب من الانتشار.
ولكن هناك حالات يتعذر معها استعمال المياه لأن بعض المواد يزداد لهيبها عند إضافة الماء إليها. فمثلا، من الخطأ استعمال المياه لإطفاء الزيت المحترق، لأن الزيت أخف من الماء و يطفو على السطح ويستمر في الاحتراق.
كما أن النيران تحول المياه إلى بخار يعمل على انفجار الزيت واندفاعه و انتشاره و هو يحترق ليحدث مزيدا من الأضرار.
وفي هذه الحالة يعمل رجال الإطفاء على منع الأكسيجين (الهواء) عن النار، و ذلك بتغطية الزيت المحترق بمادة رغوية تحول دون وصول الأكسيجين إلى اللهب، لأن النار لا يمكنها أن تستمر بدون الأكسيجين.
ويرافق رجال الإطفاء سيارة إسعاف مزودة بصناديق الإسعاف الأولي، تحتوي على مجموعة مختارة من الأدوية و الأربطة، والحقن المخدرة و المسكنة، و المحاليل المطهرة والقطن و الشاش، و الأدوية المنعشة للمغمى عليهم، وجهاز صدمات كهربائية لمن يتوقف قلبه من الضحايا، بالإضافة إلى المضادات الحيوية و مراهم وأدوية لمعالجة الحروق، و غير ذلك.
أما أفظع الحرائق فهي التي بدأت تظهر بعد اكتشاف البترول منذ أكثر من من مئة عام. فآبار البترول معرضة للحرائق و الانفجارات، وقد يمكث لهيبها عدة أسابيع بل شهورا.
ويصعب مكافحتها إلا من قبل رجال مدربين يستعملون أساليب خاصة، منها المتفجرات و طائرات الهيلكوبتر.
وقد مرت الكويت بتجربة قاسية عندما قام النظام العراقي بتدمير و إحراق آبار النفط و مراكز تجميعه واندلعت فيها حرائق واسعة النطاق، و كان إطفاؤها بمثابة معركة تحدي، خاصة و أن إطفاء حرائق الآبار النفطية و إعادة بناء و تشغيل مرافقها لم يكن بالأمر الهين.
وقد استخدمت أحدث التقنيات في إطفاء تلك الحرائق النفطية، وضرب أبناء الكويت أمثلة نادرة في التضحية و الإقدام حتى تم إطفاء حريق آخر بئر عام 1991 في فترة قياسية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]