الأسباب البشرية المؤدية لحدوث ظاهرة “تدهور الأراضي”
2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت
د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي
KFAS
إن جميع المهتمين بدراسة المناطق الجافة وإدارتها واستثمارها متفقون لدرجة كبيرة على أن السبب الرئيسي في عملية تدهور الأراضي هو سوء الإدارة.
فالاستغلال الجائر للأنظمة البيئية في المناطق الجافة من قبل الإنسان يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي والتربة معا.
فالمناخ ومكوناته من حرارة ورطوبة ورياح ومعدل أمطار وتوزيعها المكاني والزماني وارتفاع معدل التبخر والنتح وقلة توفر مصادر المياه كلها عوامل مساعدة على حدوث التدهور في الأراضي.
ومن أهم الأنشطة البشرية التي تؤدي إلى حدوث تدهور الأراضي :
– الرعي الجائر:هو أحد أهم الأسباب لزوال الغطاء النباتي الطبيعي، الذي يتبعه اختفاء الحيوانات التي ترعاه، كما أن نقص الغطاء النباتي يساعد على تعرية التربة وانجرافها، وما يتبع ذلك من نقص في إنتاجية الأرض وتدهورها.
إن تعرية التربة بواسطة الرعي المتواصل تسبب زوال المادة ادبالية، التي بدورها تسبب هدم بنية التربة وعدم ارتفاع حبيباتها مع بعضها، فتنجرف بدورها تحت تأثير الأمطار والرياح.
وكذلك فإن الرعي الجائر يؤدي إلى رص التربة مما يساعد على التسرب السطحي للماء، وهكذا تفقد خصوبتها وقدرتها على الاحتفاظ بالماء بصورة تدريجية، فيؤدي ذلك بدوره إلى الزيادة من حدة تبخر الماء من التربة فيزيد جفافها، ومن ثم تحولها إلى أراض ذات طبيعة صحراوية جافة.
إن نتائج الرعي تختلف حسب نوع الحيوانات. فالإبل أقل الحيوانات خطرا ثم تأتي بعدها الأغنام ثم الماعز التي هي أشد الحيوانات خطرا.
– تقطيع الأشجار والشجيرات: تمثل الأشجار والشجيرات مصدرا مهما لمعظم سكان المناطق البدائية لاستخدامها وقوداً. وغالبا ما يكون معدل نمو الأشجار قليلا بالنسبة لمعدل تقطيعها مما يؤدي إلى اختفائها تدريجيا وبالتالي تعرية الأرض.
وتعمل الأشجار والشجيرات كما هو معروف على زيادة معدلات سقوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة في الجو، علاوة على أنها تقلل من سرعة الرياح وبالتالي تعمل على تماسك التربة وحمايتها، وتثبيت الرمال المتحركة.
فقد ذكرت منظمة الغذاء والزراعة (فاو) أن مساحة الأشجار والشجيرات التي تقطع نسوياً في المناطق الجافة تقدر بحوالي 4 ملايين هكتار.
وبالطبع فإن ذلك يؤدي إلى زيادة رقعة الأراضي المتدهورة، التي لا يمكن علاجها بسهولة. كما لا يمكن تعويض تلك الأشجار والشجيرات المقطوعة. وينتج عن هذا التدهور تغيرات في البيئة المحلية باتجاه ازدياد الجفاف على مستوى المناخ المحلي وخصائص التربة وإنتاجيتها.
– التنمية الزراعية الخاطئة: في كثير من المناطق شبه الصحراوية يلجأ الأهالي للزراعة التي تعتمد على ماء المطر، ويزرعون أماكن متفرقة خوفا من عدم نزول المطر.
وفي كثير من الأحيان لا يسقط المطر، وبالتالي تترك الأرض بعد حرثها فتكون هشة غير متماسكة مما يؤدي لانجرافها بواسطة الرياح، وحتى إذا سقط المطر بشدة فإن التربة قد تنجرف أيضاً بفعل المياه الجارية.
قد يساعد استخدام الآلات الزراعية الحديثة على تفكيك حبيبات التربة نتيجة لعمق الحرث وكثرة استخدام المياه في الري (اعتقاد من المزارعين أنه كلما زادت المياه في التربة كثر المحصول وزاد الإنتاج) وبالتالي يؤدي إلى زيادة الملوحة في التربة تغدقها.
فزيادة المياه في القطاع العلوي للتربة تضعف من القدرة البيولوجية للتربة نتيجة نقص التهوية ويعرض جذور النباتات للاختناق (التغدق) أو نتيجة للتبخر الشديد للماء فتكثر نسبة الملوحة في التربة (التملح).
ويؤخذ تملح التربة وتغدقها مؤشراً أو ظاهرة لحدوث تدهور الأراضي في البيئات الزراعية المروية، إذ يعمل تملح التربة أو تغدقها على ضعف خصوبتها الإنتاجية (قدرتها البيولوجية) وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى إصابة التربة بالعقم الإنتاجي أي تربة غير منتجة.
زيادة أعداد السكان: إن التزايد السكاني يولد ضغطاً كبيراً على الأراضي بهدف زيادة افنتاج الزراعي والغذاء لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، مما يؤدي إلى زحف الزراعات المطرية باتجاه المناطق الجافة التي هي في الأصل موطن المراعي الطبيعية.
فلا شك أن زيادة أعداد السكان هي من أهم العناصر المؤدية لمشكلة تدهور الأراضي، لأن زيادة السكان تؤدي إلى زيادة الأراضي السكنية والصناعية على حساب الأراضي الزراعية. وعادة يزيد الفاقد في مساحة الأراضي الزراعية كثيراً عن الأراضي المستصلحة.
وتوفير الغذاء لهذه الأعداد المتزايدة من السكان يستلزم إجهاد الأراضي الزراعية حتى تفي بمتطلبات هذه الأعداد من المحاصيل الغذائية مما يؤدي إلى ضعف قدرتها الإنتاجية بسرعة وتدهورها.
كما أن زيادة السكان في كثير من الأراضي الجافة وشبه الجافة تؤدي إلى الإفراط في الرعي واستنزاف الموارد الطبيعية كالرمل والحصى لأغراض سكنية وتشييد الطرق والمنشآت.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه مما ساعد على تسارع تدهور الأراضي في النصف الثاني من القرن المنصرم هو التزايد السكاني الكبير عقب الحرب العالمية الثانية وما رافقه من تقدم طبي وقائي وعلاجي.
ففي نهاية القرن الماضي تجاوز تعدد السكان في العالم 6 بلايين نسمة منهم أكثر من 4,8 بلايين في الدول النامية، ويضاف كل سنة حوالي 100 مليون إلى هذا التعداد، بينما منذ ظهور الجنس البشري وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية وصل تعداد سكان العالم أكثر بقليل من بليوني نسمة.
ومن المتوقع أن يتجاوز تعداد السكان في العالم 10 بليون في منتصف القرن الحالي مما يسبب ضغطا كبيرا على الموارد الطبيعية وبخاصة في النظم الهشة.
ويضاف إلى الأنشطة البشرية المؤدية إلى تدهور الأراضي الحروب والنزاعات المسلحة كما هو الحال في كل من فلسطين والعراق والسودان ولبنان والصومال وغيرها. فقد تسفر الحروب والنزاعات عن تشوه سطح الأرض وتغيير الملامح الطبوغرافية، وتدمير الغطاء النباتي، والقضاء على الحيوانات البرية.
ومن ناحية أخرى تسهم الحركة العشوائية للآليات والمعدات الحربية الثقيلة في التأثير السلبي على بعض خصائص التربة إذ أن هذه الحركة تسببت في انضغاط حبيبات التربة ومن ثم انسداد وغلق ما بها من مسام مما يقلل من معدل التسرب الرأسي لمياه الأمطار الذي يؤدي بدوره إلى جفاف التربة وذبول أو موت ما عليها من كساء خضري.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]