الأسباب الكامنة وراء صعوبة علاج عملية “تدهور الأراضي”
2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت
د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي
KFAS
إذا وصل تدهور الأراضي إلى الحد الأقصى بحيث يؤدي إلى انجراف التربية بشكل تام وإلى ظهور الصخرة الأم القاسية على السطح، عندئذ لا يمكن إصلاح الوضع ولا يوجد أي أمل لاستعادة هذه الأراضي لأغراض زراعية أو رعوية.
ففي هذه الحالة نقول إن التدهور هو عملية لا يمكن عكسها، أي غير قابلة للعلاج. وهذا يعني أن الأرض قد خرجت نهائيا من دائرة الاستثمار الطبيعي وتحولت إلى أراضيٍ جرداء.
وهناك أمثلة عديدة على هذه الحالة في المناطق الجافة وشبه الجافة في البلاد العربية، لا سيما في الأراضي المنحدرة التي فقدت تربتها تحت تأثير الانجرافين المائي والريحي بعد زوال الغطاء النباتي، وظهرت الصخرة الأم الصلبة أو القشرة الكلية الصلبة على السطح، وبالتالي قد تتحول هذه الأراضي إلى مقالع للحجر لعدم إمكانية استغلالها زراعياً.
فالتربة ليست كتلة جامدة وإنما هي مجتمع بيئي متكامل ومتوازنة بدقة يشمل عناصر وجزئيات معدنية ومواد عضوية وكائنات حية متفاوتة الأحجام ضمن توازن حيوي فالتربة تكونت فيفترات زمنية طويلة تتراوح ما بين آلاف وملايين السنين.
فالنشاط البشري الكثيف والزائد وسيء التوجيه يمكن أن يدمر التربة السطحية في غضون سنوات قليلة بحيث يستحيل تقريبا إعادتها إلى حالتها الأولى.
فليس هنالك طريقة عملية واقتصادية للاستعاضة عن التربة إذا فقدت، فسماكة 2,5 سم من التعرية السطحية يحتاج تكوينها عن طريق تجوية الصخور إلى ما بين 100-300 سنة حسب نوع التربة والصخرة الأم بينما لا يحتاج فقدان نفس السماكة إلا إلى اقل من 10 سنوات على الأكثر. ومن الأمثلة على التدهور غير القابل للعلاج بعض المناطق في السلسلة الشرقية لجبال لبنان.
وعندما يكون التدهور في مراحله، والذي يؤدي إلى تدمير جزئي للغطاء النباتي وتدهور خصوبة التربة وانخفاض إنتاجية الارض، يمكن إصلاح الخلل باتخاذ الوسائل اللازمة طالما أن التربة لا تزال موجودة.
إلا أن تكلفة عملية الإصلاح لعكس التدهور ترتبط بدرجة وبشدة واتساع التدهور. وإن المعالجة السريعة هي أكثر ضمانا وأكثر كلفة.
ولا توجد حلول مطلقة يمكن تطبيقها على كل حالات تدهور الأراضي. لذا لا بد من إجراء دراسات لكل حالة من الحالات ووصف العلاج اللازم لها عن طريق انتقاء التقنيات الممكن اتباعها لمكافحة التدهور، والتدابير الاجتماعية والسياسية والقانونية التي يجب اتخاذها لتطبيق الإجراءات.
ومما يجدر التنبيه أن الحلول التقنية لا تعطي نتائجها الإيجابية في عملية المكافحة إلا إذا رافقتها إرادة سياسية من قبل السلطة لتطوير العادات الاجتماعية المتبعة في سوء استغلال وإدارة الموارد الطبيعية، عن طريق إصدار التشريعات التي تكفل حماية هذه الموارد من العبث وتشجع حسن استغلالها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]