الكيمياء

الألفة الكيميائية لدى ” لانجموير”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

الألفة الكيميائية لانجموير الكيمياء

الخروج … من المأزق

حاول لافوازييه أن ينفذ إلى السبب في اختلاف سلوك العناصر.

لماذا نرى عنصر الكلور مثلاً شديد الفعل بينما النيتروجين والذهب لا فعل لهما أو هو جد ضئيل حتى في درجاتٍ عالية من الحرارة؟. ولكن لافوازييه خاب في مسعاه، كما أخفق من بعده برزيليوس وغيرهما. وظلت المسألة سراً مطوياً إلى العصر الحديث.

وهتف لانجموير، بعدما رأى في الصورة التي رسمها لويس مخرجاً من هذا المأزق وتعليلاً لمسألة الألفة الكيميائية، نحن هنا!. فقد وجد في الغازات التي تناولها في بحثه في سلك التنجستن والمصباح الكهربائي خير عون له على حل العقدة.

فعنصر الهيليوم (عدده الذري 2) وعنصر النيون (عدده الذري 10) عنصران مستقران كيميائيا أي لا فعل كيميائي يذكر لهما. وإذن فالإلكترونات خارج النوَّى في ذرَّات هذين العنصرين يجب أن تكون مركبة تركيباً مستقراً يجعل فعل العنصرين الكيميائي ضعيفاً أو معدوماً.

فتصوَّر لانجموير ذرة الهيليوم مركبة من نواة (بروتونات وإلكترونات في كتلةٍ واحدة) وحولها إلكترونان يدوران في كرةٍ مفرغةٍ حول النواة.

والمسافة بين الكرات المفرغة المختلفة في الذرات المعقدة جعلها مساوية للمسارات بين الأفلاك في ذرة بور.

 

وذهب لانجموير إلى أن ذرة لها إلكترونان يدوران حول نواتها في كرة مفرغة إنما هي ذرة مستقرة. أما الهيدروجين فليس له سوى إلكتروناً واحداً في ذرته، فهي تميل إذن لأن تُكمل بناءها ليصبح مستقراً فتجذب إلكتروناً من ذرةٍ أخرى. وهذا هو سر فعل الهيدروجين الكيميائي.

كذلك النيون. فهي ذرة مركبة من كرتين مفرغتين: في الداخلية منهما إلكترونان وهو بناء مستقر أما الخارجية ففيها ثمانية إلكترونات وهو بناء مستقر كذلك. ومن ثم فذرة النيون ذرة مستقرة بمعنى أنها عديمة الألفة أول الفعل الكيميائي.

وأما العناصر التي أرقامها الذرية بين اثنين وعشرة فهي عناصر غير مستقرة، لذا فهي فعالة، وتختلف شدة فعلها باختلاف عدد الإلكترونات في كرتها الثانية. فعنصر الليثيوم مثلا عدده الذري (3) أي أن له ثلاثة إلكترونات خارج نواته، اثنان منهما في الكرة الأولى وواحد فقط في الثانية.

ومن ثم تميل ذرة الليثيوم إلى أن يكون بناؤها الخارجي مستقراً، فتتخلى عن إلكترون واحد لذرة أخرى تتحد بها وتبقى هي حول نواتها إلكترونان وهو بناء مستقر.

وميل الليثيوم إلى فقد إلكترونه الخارجي يجعله من العناصر الكيميائية الفعالة، وكذلك الفلور عدده الذري (9) أي أن له تسعة إلكترونات خارج نواته: اثنان منها في كرته الداخلية وسبعة في الخارجية، لذا فهو يميل إلى استكمال كرته الخارجية بأخذ إلكترون من أي عنصر آخر، مما يجعله شديد الفعل الكيميائي.

 

قلنا إن الهيليوم هو العنصر المستقر الأول وبيَّنا طريقة بنائه بحسب لانجموير. وأن النيون هو العنصر المستقر الثاني وبيَّنا كذلك طريقة بنائه. وأما العنصر المستقر الثالث في قائمة العناصر-بحسب جدول موزلي-فهو الآرجون وعدده الذري (18).

قال لانجموير : لذرة هذا العنصر كرات ثلاث. في الداخلية منها – أي أقربها إلى النواة-إلكترونان، وفي الثانية ثمانية، وفي الثالثة كما في الثانية، ولكلٍ من هذه الكرات بناء مستقر لا يميل إلى أخذٍ أو عطاء. ومن ثم فالعنصر نفسه غير فعَّالٍ كيميائياً.

فالألفة أو الفعل الكيميائي، عند لانجموير، ترتبط فقط بحالة الكرة الخارجية. والعدد الكامل من الإلكترونات في أية كرة خارجية- عدا الكرة الأولى – يجب أن يكون ثمانية.

فإذا كان العدد في الكرة الخارجية قليلا فالذرة تتخلى عنه في طلب الاستقرار، وإذا كان أكثر، طلبت ما يكملها ليصبح العدد ثمانية. ففي الحالة الأولى تُعير وفي الثانية تستعير، وهي في الاثنين تكون من العناصر الفعالة.

والفلزات من الطائفة الأولى التي تعير، بينما اللافلزات فمن الثانية التي تستعير. لذا يتحد عنصر فلزي بعنصر لا فلزي، فيتولد من اتحادهما مركب كيميائي مستقر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى