الأنواع المختلفة لـ”الأَشِعَّة” واستخداماتها
1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الأشعة أنواع الأشعة استخدامات الأشعة الفيزياء الطب
تُطْلَقُ كَلِمَةُ "شعاعٍ ضوئِيٍّ" علَى الِّاتجاهِ الذي يتَّبِعُه الضَّوءُ أثناءَ سَيْرِه. وتُمَثَّلُ الأَشِعَّةُ الضوئيةُ بخطوطٍ مستقيمةٍ تُوَضَعُ عليها أَسهمٌ لِتَدُلَّ على الاتجاهِ.
والأشعّةُ الضوئيةُ لا توجدُ منفردَةً، وإنَّما عَلَى شَكْلِ "حُزَمٍ ضوئيةٍ" يتكوَّنُ كلٌ منها من عِدَّةِ أَشِعَّةٍ. وهذه الأشعّةُ يمكنُ أن تكونَ متوازيةً فيما بينَها فَتُسَمَّى الحزمةُ عندَ ذَاك "حُزْمَةً متوازيةً".
ويمكنُ أن تكونَ أشعةُ الحُزْمَةِ مُنْطَلِقَةً من نقطةٍ واحدةٍ فَتُسَمَّى "حُزْمَةِ مُتَفَرِّقَةً". كما يمكنُ أن تكونَ الأشعةُ في الحُزْمَةِ متجهةً نحو نقطةٍ واحدةٍ فتسَمَّى عندئذٍ "حُزْمَةً مُتَجَمِّعَةً".
وللعدساتِ والمَرَايَا الكُرَوِيَّةِ خَاصِّيَّةُ تغييرِ الحُزَمِ الضوئيةِ التي تَسْقُطُ عليهَا من نوعٍ إلى نوعٍ، وهذا يساعدُ عَلى تكويِن الصُّورِ بالعَدَسَاتِ والمَرَايَا الكُرَوِيَّةِ.
والشَّمسُ هي أَقْوَى المصادرِ التي تَمُدُّ الأرضَ بالضوءِ الذي يَصِلُ إِليهَا على شَكْلِ حُزَمٍ متوازيةٍ. ويرافقُ هذه الأشعَّةَ الضوئية نوعان آخران من الأشعَّةِ، يشبهان الضوءَ في طبيعتهِ، ويختلفَان عنه في أنَّ العينَ لا تراهُما.
ويُطْلَقُ على أَحَدِ النَّوعيْن اسمُ "الأشعّةِ تحتَ الحمراءِ"، وعلى الآخر اسمُ "الأشعّةِ فوقَ البَنَفْسجِيَّةِ". ولكلِّ من هذيْن النوعيْن تأثيراتٌ تختلفُ عن تأثيراتِ النَّوعِ الآخرِ.
فالأشعّةُ تحتَ الحمراءِ هي التي تنقلُ الطاقَةِ الحراريَّةَ من الشَّمسِ إِلى الأرضِ. وهي تَنْتَقِلُ في الفراغِ، كما تَمُرُّ خلالَ الهواءِ الذي يحيطُ بالأَرضِ.
ولكنَّ هذا يمتَصُّ الجزءَ الأكبرَ منها. كما أنَّ قِسْماً كبيراً من الأشعّةِ التي تتمكَّن من الوصولِ إلى سطحِ الأرضِ ينعكسُ ويرتَدُّ ثانيةً إلى الجَوِّ، ومعَ ذلكَ فإنَّ الجزءَ القليلَ الذي تمتَصُّهُ الأرضُ يَكْفِي لتدِفَئتِها وحِفْظِ حرارَتِها ثابتةً تقريباً.
وتختلفُ مَقْدِرَةُ الأجسامِ عَلَى امتصاص الحرارةِ باختلافِ سَطْحِ الجِّسْمِ، إِنْ كانَ خَشِناً أو مَصْقُولاً، وباختلافِ لَوْنِ الجسمِ، إنْ كانَ قَاتِماً أو فَاتِحاً، ولهذَا السببِ يستعملُ سكانُ المناطِق الحارَّةِ اللَّوْنَ الأبيضَ في ملابِسِهِمْ لأنَّه لا يمتصُّ إلاَّ القليلَ من الحرارةِ
أمَّا الأشعَّةُ فَوْقَ البَنَفْسِجِيَّةِ فإنَّ لها تأثيراتٍ كيميائِيَّةً وحَيَويَّةً مرغوبةً، فهي تساعدُ الجسمَ على تكوين فيتامين "د" اللازمِ لنُمُوِّ العِظامِ.
وتكسبُ أَجسامَ الناسِ الذين يَتَعَرَّضُونَ لأشعّةِ الشّمسِ عندَ شاطئِ البحرِ لوناً بُرُونْزيًّا جميلاً، وتساعدُ على الوقايةِ من بعضِ الأمراضِ، ويمكنُ استخدامُها في علاجِ حَبِّ الشبابِ، وبعضِ حالاتِ الرَّبْوِ، ولينِ العِظَامِ عندَ الأطفالِ.
لكنْ يجبُ الانتباهُ إلى أنَّ الإنسانَ يجبُ ألاَّ يتعرَّضَ لهذه الأشعةِ مُدَّةً طويلةً، وإلاَّ سَبَّبَتْ للجلدِ حروقاً شديدةً، ورُبَّما أَدَّتْ إلى الإصابةِ بسرطانِ الجِلْدِ.
وهناك أشِعَّةٌ أخرَى، غيرُ التي ذكرنَاها، تصلُ إلى الأرضِ من مَصَادِرَ غيرِ معروفةٍ، ولهذا السَّببِ تُسَمَّى "الأشعةَ الكَوْنِيَّةَ".
وهي لا تشبهُ أَشعةَ الشَّمسِ، المَرْئِيَّةَ وغيرَ المرئيّةِ، في طبيعتِها، بلْ إنها تتكوّن من جُسَيْمَاتٍ صغيرةٍ جدَّاً، غيرِ مرئيةٍ لكنَّها ذاتُ طاقةٍ عالِيةٍ تجعلُها قادرةً على النفاذِ من خلالِ كثيرٍ من الموادِّ التي لا تَمُرُّ منها أَشعةُ الشَّمْسِ. مثل جسمِ الإنسانِ، والصُّخُورِ، ومعظمِ المعادِنِ.
ومع ذلك فإنَّ الجَوِّ يمتصُّ معظمَها بسببِ اصطدامِها بجُزَيَئْاتِ الهواءِ حَيْثُ تُحَطِّمُها. مما يُؤَدِّي إلى انطلاق إِشعاعاتٍ كثيرةٍ تُسَمَّى "الأشعةَ الكونيةَ الثَانِويَّةَ" لتمييزها عن الأشعةِ الأساسيةِ التي تُسَمَّى "الأشعةَ الكونيةَ الابتدائيَّةَ".
أما الأشِعَّة "السِّينيةُ" (أو أَشِعَةُ إِكْسْ) فإنها أشعّةٌ غيرُ طبيعيةٍ (أي اصطناعيةٌ) وهي تشبهُ الأشعّة فوقَ البنفسجيّةِ في كثيرٍ من صفاتِها
وتمتازُ عنها بأنَّها أَقْدَرُ مِنْهَا على النفاذِ خلالَ الموادِّ التي لا تسمحُ للضوءِ العادِيِّ بالمرورِ خلالَها، مثلَ اللَّحْمِ والأوعيةِ الدَمَوِيَّةِ، لكنَّها مع ذلك لا تستطيعُ النفاذَ من العِظَامِ أو الأسنانِ أو مَعْدِنِ الرَّصَاصِ
كما تُؤَثِّرُ في أَفلامِ التصويرِ، ولهذا تستخدمُ في كثيرٍ من الأغراضِ الطِّبِيَّةِ، فَيمكنُ أن تستخدمَ في الكشفِ عن كسور العِظامِ وتصويرها، حيثُ تَنْفُذُ الأشعّةُ السِّينيّةُ من الأنسجةِ الرَّخوةِ فتؤثرُ علَى لَوْحِ التصويرِ الحَسَّاسِ، ولا تنفُذُ من العظامِ فتظهرُ صورتُها قاتمةً على لَوْحِ التصوير.
وهكذا يستطيعُ الطبيبُ تحديدَ مَوْقِعِ الكَسْـرِ أو الشَّرْخِ الذي أصابَ عِظَاماً مُعَيَّنَةً أو تحديدَ مَوْضِعِ قِطْعَةٍ معدِنِيَّةٍ ابتلَعَها طِفْلُ خَطَأً، وفي علاجِ بعضِ أنواعِ الأمراضِ. كذلك تُستخدمُ الأشعَّةُ السِّينيةُ في الصِّنَاعةِ أيضا للكشفِ عن جَوْدَةِ لِحَامِ الموادِّ المعدِنيةِ والتَأَكُّدِ من سَلَامَتِهَا (مثل أنابيبِ النفطِ).
وإضَافَةً إلَى الأَشِعَّةِ التي ذكرْنَاها، هناكَ أَشعةٌ "مُهِمَّةٌ" أَخرَى تَصْدُر مِن نوَى ذَرَّاتِ بعضِ العناصرِ، وقد وُجِدَ أنَّ هناكَ ثلاثةَ أنواعٍ من هذه الأشعةِ هي:
– أشِعَّةُ أَلْفَا:
هذه الأشعّةُ عبارةٌ عن جُسَيْمَاتٍ دقيقةٍ ذاتِ كتلةٍ كبيرٍة نسبيًّا، كما أَنَها تحملُ شِحْنَةً كهرُبَائِيَّةً مُوْجَبَةً، ولهذا فإنَّها تنحرفُ عن مسَارِها إذا مَرَّتْ بالقُرْبِ من جِسْمٍ مشحونٍ بالكهربائَيّةِ، وتتراوحُ سرعتُها عندَ الإنطلاقِ من النَّواةِ ما بين 3000 و30000 كم/ث (كيلومتر في الثانية).
وهي لا تستطيعُ أَن تخترقَ أَكثرَ من بِضْعَةِ سنتيمتراتٍ من الهواءِ، كَمَا يُمْكِنُ إيقافُها بقطعةٍ من الورقِ.
ويُشَكِّلُ الجلدُ حمايةً للجِسْمِ مِنْهَا، إذَا لم يكنْ به جرحٌ، أما إذا أُطلِقَت داخلَ الجسمِ فإنَّها يمكنُ أَنْ تُسَبِّبَ ضرراً بالغاً.
– أشِعَّةُ بِيتَا:
وهي عبارةٌ عن إِلكْتُرونَاتٍ تسيرُ بسـرعةٍ كبيرةٍ قد تصلُ إلى 270.000 كم/ث أو 280.000 كم/ث، ولذلكَ تكونُ مقدرَتُها على اختراقِ الحواجز أكبرَ من مقدرةِ أَشعةِ أَلْفَا، فهي تخترقُ مِتْراً أو أَكثرَ من الهواءِ، ولكنْ يمكنُ إيقافُها بقطعةٍ من الخَشَبِ.
كما أَنَّها تستطيعُ اختراقَ ما يقربُ من 8 مِلِّيمترات من أنسجةِ الجسمِ البَشَـرِيِّ، وتُسَبِّبُ لها حروقاً شديدةً.
وقد اسْتُفِيدَ من هذه الخاصِّيَّةِ في مداواةِ بعضِ الأمراضِ مِثْلِ أورامِ الغُدَّةِ النخامِيَّةِ، ويَتِمُّ ذلكَ عن طريقِ إدخالِ قليلٍ من المَادَّةِ المُشِعَّةٍ التي تُصْدِرُ أَشعةَ بيتَا إِلى موضعِ الوَرَمِ باستعمالِ أَداةٍ خَاصَّةٍ تشبهُ الإِبْرَةَ
وبذلك لا تُؤْذِي إلاَّ الخلايَا المُتَوَرِّمَةَ. ولما كانْت هذه الأشعّةُ عبارةً عن جُسيْماتٍ لَهَا شِحْنَةٌ كهربائيةٌ سالِبَةٌ (إلكْتْرونَات) فإنَّها تنحرفُ عن مَسَارها عندَ المرورِ بالقُرْبِ من جِسْمٍ مشحونٍ بالكَهْرُبَائِيَّةِ.
– أَشِعَّةُ جَامَا:
هذه الأشعّةُ لا تتكوَّن من جُسْيَمَاتٍ لَهَا شِحْنَةٌ كَهْرُبَائِيَّةٌ، ولهذا فإنها لا تنحرفُ عندما تَمُرُّ بالقربِ من الأَجْسَامِ المشحونةِ بالكهربائِيَّةِ. وهي تشبهُ الأَشعّةَ السِّينِيَّةَ في طبيعتِها، لكنَّها أَكثرُ مِنها نفاذاً
في المَادَّةِ، ولهذَا تُسْتَخْدَمُ أشِعَةُ جَامَا في مثلِ ما تُسْتَخْدَمُ فيه الأَشعّةُ السِّينيّةُ، من فَحْصٍ أو عِلَاِج، معَ مُرَاعاةِ أنَّها قد تُسَبِّبُ أضراراً كبيرةٌ إذا لَمْ تُسْتَعْمَلْ بحكمةٍ وحَذَرِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]