الإنفجار الحاصل في مدينة أوكلاهوما بواسطة “منترات الأمونيوم وزيت الوقود”
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
مدينة أوكلاهوما منترات الأمونيوم زيت الوقود الكيمياء
في التاسع عشر من نيسان (إبريل) لعام 1995 اهتزت مدينة أوكلاهوما في الولايات المتحدة ، أثر انفجار هائل دمر بناءاً كبيراً للحكومة الفيدرالية في تلك المدينة .
وقد احدث هذا الانفجار حفرة بلغ قطرها 20 قدماً وعمقها 8 اقدام ، وأدى إلى تدمير البناء الحكومي ومقتل 168 شخصاً وجرح المئات.
وقد دلت التحريات التي أجراها الخبراء ، على أن هذا الإنفجار نجم عن قنبلة استخدم في صنعها مواد رخيصة ومتوفرة في الأسواق . وقدر هؤلاء الخبراء أن حوالي 4000 رطل من المتفجرات قد وضعت في شاحنة وتم تفجيرها بجوار البناء المنكوب .
وتبين أن هذه المادة المتفجرة صنعت من خليط من منترات الأمونيوم ، وهي مادة تستخدم كسماد كيميائي ، إضافة إلى زيت الوقود ، الذي نستخدمه لأغراض التدفئة المنزلية .
ومثل هذا الخليط المتفجر يستخدم في العادة كمتفجر تجاري وتنظم القوانين المعمول بها مجال استخدامه وحدود هذا الاستخدام . لكن هذه القوانين لا تتعرض لاستخدام كل من نترات الأمونيوم وزيت الوقود أو تحظر استخدامها .
بل على العكس فإن كلا من هاتين المادتين توجدان بكثرة في الأسواق نظراً لأهمية استخدامهما في تسميد التربة وأغراض التدفئة .
ونتساءل ، كيف يمكن لهاتين المادتين المنتشرتين في الأسواق أن تنتجا متفجراً يستخدم لاغراض القتل والتدمير . وللإجابة عن هذا السؤال نقول إن نترات الأمونيوم عند تعرضها لدرجات حرارة مرتفعة، حوالي 300 سيليزية مثلاً ، فإنها تتفكك وتنتج كماً كبيراً من غازات النتروجين والأكسجين وبخار الماء ، ويصحب ذلك تولد كم كبير من الحرارة وهذا التفاعل من التفاعلات الناشرة للحرارة .
ومثل هذه التفاعلات السريعة والناشرة للحرارة والتي تولد كما كبيراً من الغازات تؤدي إلى حدوث الإنفجار .
أما زيت الوقود ، فهو كسائر المركبات البترولية ، له محتوى حراري عال ، وعند احتراقه يولد غازي ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وتنطلق منه كمية كبيرة من الحرارة ، تفوق كمية الحرارة التي تنطلق من تسخين نترات الأمونيوم ، ومن المعروف أن زيت الوقود عبارة عن مادة لزجة لها قابلية للإحتراق البطيء دون أن تنفجر .
لكنها إذا ما خلطت مع نترات الأمونيوم بنسب محسوبة ، فإن زيت الوقود يتحول إلى مادة متفجرة وينتج كما من الحرارة تبلغ ثلاثة أضعاف ما تنتجه كمية متكافئة من نترات الأمونيوم .
وهكذا فإن هذا الخليط يجمع بين الطبيعة المتفجرة لنترات الأمونيوم والمحتوى الحراري العالي لزيت الوقود ، ليكون بذلك خليطاً له قدرة تدميرية عالية .
إن مأساة مدينة أوكلاهوما تذكرنا بأهمية النظر إلى مختلف الخواص التي تتمتع بها المواد الكيميائية ، والتعرف على سلوكها .
ذلك أن نترات الأمونيوم المستخدمة لتسميد التربة تساعد على زيادة المحاصيل الزراعية وتوفير المزيد من الغذاء للإنسان ، اما زيت الوقود ، فهو الذي يمنحنا الدفء عند استخدامه في التدفئة المنزلية أيام البرد القاسية .
هكذا فإن هاتين المادتين تلعبان دوراً مهماً في حياتنا وتساعدان على الاستمرار والبقاء . لكن المأساة في الأمر أن خليطاً من هاتين المادتين يمكن أن يتحول إلى مادة متفجرة تدمر المباني وتحصد الأرواح .
ويتبين لنا أن هاتين المادتين تحملان الخير والشر معاً ، وأن الأمر منوط بالإنسان لاختيار الاستخدام الذي يريد .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]