الفيزياء

الاستخدامات المختلفة لـ”القوة المغناطيسية” في حياتنا اليومية

2011 مكتبة الفيزياء القوى في الطبيعة

ليز سونبورن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

القوة المغناطيسية استخدامات القوة المغناطيسية الفيزياء

تفوق أهمية القوة الكهرومغناطيسية حدود مسؤوليتها عن الظواهر الطبيعية.

إذ إنها مسؤولة أيضاً عن تشغيل الآلات والأجهزة التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية، فهذه القوة تقوم بتشغيل كل شيء بدءاً من آلات المصانع، مروراً بالمصابيح الكهربائية، وصولاً إلى الأجهزة المنزلية.

وفي الحقيقة إن قدرتنا على تسخير طاقة القوة الكهرومغناطيسية تُعدّ من الخصائص التي تميز عالمنا المعاصر.

 

المغناطيسات حولنا

تؤدي معظم المغناطيسات التي نلاحظها في حياتنا اليومية مهام غير مثيرة للاهتمام إلى حد ما، مثل بقاء ورقة ملاحظة صغيرة ملصقة على ثلاجة المطبخ، أو بقاء باب الخزانة مغلقاً.

لكن نشاط المغناطيسات بعيداً عن رؤيتنا المباشر يظل مستمراً في العديد من الآلات الصناعية والأجهزة المنزلية التي نستخدمها بصورة رتيبة.

ولا تتطلب المغناطيسات الدائمة مجالاً كهربائياً وتظل ممغنطة لفترة زمنية طويلة، وتستخدم في أنواع كثيرة من الآلات، مثل إشارات المرور الضوئية، وأجهزة رسم الزلازل التي تقيس شدة الهزات الأرضية والزلازل، وأجهزة تخطيط القلب التي تسجل نبضات قلب الإنسان بيانياً.

 

كما توجد المغناطيسات الدائمة في المخارط الصناعية المستخدمة في قص الخشب والمعادن، وفي الأحزمة الناقلة وغير ذلك من الأدوات والمعدات اليدوية.

في الحقيقة إن الكهرومغناطيسات تكاد تكون أكثر انتشاراً من المغناطيسات العادية، وعلى سبيل المثال تحتوي كل سماعة هاتف على مغناطيس كهربائي لتسجيل ذبذبات صوت المتحادثين، وكل شيء تقريباً يعمل بواسطة محرك كهربائي يستخدم أيضاً المغناطيس الكهربائي.

 

ونجد الكهرومغناطيسات (المغناطيسات الكهربائية) الصغيرة في معظم آلات المصانع، أما الكهرومغناطيسات الكبيرة فتستخدم في مصانع الفولاذ ومنشآت السكك الحديدية من أجل تحريك الأحمال الفولاذية والحديدية الثقيلة.

وفي المنزل تساعد الكهرومغناطيسات على تشغيل طيف واسع من الأجهزة نذكر منها على سبيل المثال خلاطات الطعام والغسالات والمثاقب وأدوات الحلاقة الكهربائية وما شابه ذلك .

 

المحركات والمولدات

في الحقيقة إن أي آلة تقريباً يعتمد تشغيلها على محرك كهربائي تحوي مغناطيساً؛ لأن المحركات تعمل بموجب مبدأ الحث الكهرومغناطيسي، ووفقاً لهذا المبدأ إذا كان التيار الكهربائي يسري عبر سلك موجود ضمن مجال مغناطيسي، فإن القوة الكهرومغناطيسية تجعل السلك يتحرك.

وعند تشغيل المحرك ينتقل التيار عبر ملف من الأسلاك مثبت على محور محاط بمغناطيس، وبالتالي فإن مجاله المغناطيسي يسبب دوران السلك والمحور، وبهذه الطريقة تسمح القوة الكهرومغناطيسية للمحرك أن يحوّل الطاقة الكهربائية إلى قدرة ميكانيكية.

وتستفيد المولّدات الكهربائية من الحث المغناطيسي ولكن بأثر معاكس، إذ تحوّل هذه الأجهزة القدرة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية.

 

ففي المولّدة البسيطة يدور الموصل، الذي يتألف غالباً من ملف سلكي، بين قطبي مغناطيس، ويمرّ الملف عبر المجال المغناطيسي باتجاه واحد أول الأمر، ثم بالاتجاه الآخر؛ ونتيجة لذلك يسري تيار كهربائي متناوب (يتحرك باتجاه واحد ثم بالاتجاه الآخر) عبر الموصل.

وتتوقف شدة التيار على قوة المجال المغناطيسي، وطول الموصل، والسرعة التي يتحرك بها الموصل عبر المجال المغناطيسي، أما المولّدات الكبيرة فقد تحتوي على عدة ملفات ومغناطيسات بهدف زيادة الطاقة المنتجة.

 

لقد كان ابتكار المولّدة الكهربائية من الناحية العملية أهم نتيجة في اكتشاف الكهرومغناطيسية؛ لأننا نستطيع عن طريق هذه المولّدات الاستفادة بسهولة من الكهرباء، التي تُعدّ شكلاً مريحاً وسهلاً للغاية من أشكال الطاقة.

كما أن قدرتنا على توليد الكهرباء وتخزينها ونقلها تسمح لنا بتشغيل الآليات الصناعية وإنارة منازلنا وطرقاتنا، وتتيح لنا أيضاً تشغيل الأجهزة المتنوعة والحواسيب وأجهزة التلفزيون ومجموعة واسعة جدا من الأجهزة والمعدات الكهربائية الأخرى، ولولا فهمنا الحالي للقوة الكهرومغناطيسية لكانت الحياة الحديثة التي نعيشها مستحيلة.

 

تكوين الموجات

بشّرت معرفتنا بالقوة الكهرومغناطيسية في القرن التاسع عشر باقتراب العصر الصناعي، وفي القرن العشرين حثت هذه المعرفة على تطوير مرحلة أخرى باتت معروفة باسم "عصر المعلوماتية".

ومهّد فهم الفيزيائيين للموجات الكهرومغناطيسية الطريق أمام العديد من الاختراعات التي شكلت ثورة علمية في عالمنا المعاصر.

 

تنتقل جميع الموجات الكهرومغناطيسية عبر الفراغ بسرعة قريبة من سرعة الضوء، غير أن تلك الموجات تختلف عن بعضها من حيث التردد الذي تتذبذب عنده مجالاتها الكهربائية والمغناطيسية.

وهذا ما يفسر تنوع الموجات المختلفة على الطيف الكهرومغناطيسي، بما في ذلك الموجات الدقيقة (الميكروية)، والموجات الراديوية، والموجات التلفزيونية، والموجات فوق البنفسجية، وأشعة غاما، والأشعة السينية (أشعة إكس).

 

وقد تعلم العلماء منذ فترة ليست ببعيدة كيفية تركيز الموجات الكهرومغناطيسية في حزم ليزرية يزيد استخدامها يوماً بعد يوم بدلاً من مباضع الجراحين (الأنصال المعدنية) أثناء العمليات الجراحية.

كما تساعد الموجات الكهرومغناطيسية على تسجيل البيانات الإلكترونية على أقراص الحاسوب المضغوطة والمدمجة.

 

استعمالات أخرى

إن القوانين التي تتحكم بالقوة الكهرومغناطيسية لها استخدامات عملية عديدة أخرى، وعلى سبيل المثال يُستخدم مبدأ تنافر الأقطاب المغناطيسية في أنظمة السكك الحديدية المتطورة.

إذ يمكن تعليق القطارات في الهواء فوق السكك الحديدة بمسافة قليلة من خلال التنافر المغناطيسي، ما يزيل الاحتكاك بين القطارات والسكك الحديدية.

كما تشتمل تطبيقات النظرية الكهرومغناطيسية على عمليتي التحليل الكهربائي والطلاء بالكهرباء، فالتحليل الكهربائي هو العملية التي تستخدم التيار الكهربائي لإحداث التفاعل الكيميائي، والتحليل الكهربائي مفيد بشكل خاص من أجل تنقية النحاس واستخراج الألمنيوم.

 

أما الطلاء بالكهرباء فيوفر إمكانية تغليف المعادن الرخيصة مثل الفولاذ بطبقة رقيقة من معدن ثمين بهدف تحسين المظهر أو إكساب المتانة، وعلى سبيل المثال يُطلى واقي صدمات السيارات في أغلب الأحيان بالكروم لحمايته من التآكل.

وفقاً لقوانين الكهرومغناطيسية، عندما تنتقل الجسيمات عبر مجال مغناطيسي ينحرف مسار حركتها، وتستخدم أنابيب الصورة في أجهزة التلفزيون (أنابيب الأشعة الكاثودية)، وأجهزة رسم الذبذبات هذا المبدأ لحرف حزم جسيماتها.

والأمر الأهم بالنسبة للفيزيائيين هو أن هذا المبدأ يتيح لهم التحكم بمسار الجسيم المتحرك في مسرِّع الجسيمات، وهو جهاز ضروري لدراسة الجسيمات الأساسية التي تتكوّن منها كل المادة.

 

ويستطيع الفيزيائي بواسطة جهاز المسرِّع حرف الجسيمات وزيادة كمية حركتها، ثم يجري تفكيك هذه الجسيمات المنتقلة بسرعات فائقة إلى مكوّناتها الأساسية.

وقد استطاع الفيزيائيون من خلال تجارب المسرِّع التي أجروها عبر السنوات الخمسين الماضية تحقيق خطوات واسعة جداً في فهم الكون، حيث تم اكتشاف قوتين أساسيتين لم يتخيلهما العلماء سابقاً من أجل التحكم بسلوك الجسيمات الأولية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى