علوم الأرض والجيولوجيا

الاستراتيجيات الحديثة للمياه

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علوم الأرض والجيولوجيا

ازدادت أعداد البشر والحيوانات في المناطق الجافة بسرعة منذ بداية القرن العشرين، وخاصة خلال الخمسين سنة الماضية.

وفي الماضي كان يتم تنظيم معدلات السكان من خلال المجاعات الدورية وحتى في الوقت الراهن يتعرض بعض الناس الذين يعيشون في صحارى العالم لقسوة بالغة.

والموارد الطبيعية المعززة بتقنية الري التقليدية لم توفر الأمن الغذائي. وقد اعتبرت عملية تطوير موارد المياه عبر أساليب حديثة في ادارتها وسيلة من أجل حل هذه المشكلة.

وطوال آلاف السنين تم بناء سدود في المناطق الجافة. ويعتبر سد مأرب في اليمن والبنية التي شيدت خلال العصر الروماني في شتى أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين أفضل الأمثلة على ذلك. هذه البُنى كانت مؤقتة في غالب الأحيان وتسببت في القليل من المشاكل البيئية.

وعلى أي حال، ومنذ بداية القرن العشرين تم تشييد بُنى ضخمة في مختلف أنحاء المناطق الجافة من العالم بُغية التحكم بالمؤن المائية. وفي البدء تم بناء هذه البنى الهائلة لأغراض الزراعة، ولكنها تطورت بعد وقت قصير من أجل توفير الطاقة الهيدروكهربية.

 

وبهذه الطريقة تم تحويل كميات كبيرة من المياه عن مسارها الأصلي مما أفضى في غالب الأحيان الى تدمير سهول الفيضان والدلتا ذات الأهمية البيئية.

أثرت أنواع اخرى من سوء الإدارة على وديان الأنهار في صحارى العالم القديم لأن أحواض الأنهار مقسمة بين أكثر من دولة. وتأثرت بذلك بصورة خاصة أنهار النيل ودجلة والفرات والأندس (Indus).

وهذه الأنهار تُغذى بمياه من اثيوبيا وجبال تركيا وايران والهيمالايا. ولأن فقدان المياه من خلال التبخر يكون أدنى في الارتفاعات الأعلى فإن السدود في تلك الأقاليم المرتفعة سوف توفر خزانات أكثر اقتصاداً من تلك التي تحدث في الخزانات الموجودة في أعماق الصحارى الجافة مثل السد العالي في أسوان بين مصر والسودان.

ومثل تلك السدود تنظم الأنهار وتجعل المزيد من الماء متوافراً للأغراض الاقتصادية. وفي الوقت ذاته تسبب فقدان كميات كبيرة من الماء عبر التبخر، حتى في الارتفاعات العالية، كما تغير الطبيعة البيئية للأنهار من خلال إنهاء الدورة الطبيعية السنوية للفيضان.

 

مورد لا يعوض

المياه المخزنة تحت الأرض في مأمن من النضوب عن طريق التبخر. وتتكون المياه الجوفية بصورة طبيعية تحت أصقاع واسعة من صحارى العالم وتكون تلك المياه في العادة صالحة للشرب وللري.

وثمة نسبة عالية من المياه الجوفية في صحارى آسيا وأفريقيا من النوع «الأحفوري» الذي تجمع في فترات أكثر رطوبة خلال الـ100000 سنة الماضية.

وقد استنزفت هذه المياه الجوفية بشدة في شتى أنحاء صحارى العالم منذ الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وفي الولايات المتحدة تم تطوير تقنيات لضخ وتوزيع المياه وطبقت على نطاق واسع من أجل استغلال المياه الجوفية في الولايات الجنوبية: تكساس وكولورادو وأريزونا وكاليفورنيا.

وأفضى ذلك الى عمليات استخراج ضخمة للمياه الجوفية والى هبوط سريع في مستويات المياه. وكانت النتيجة زيادة في تكلفة المياه، وجعل قدر كبير من الزراعة أقل جدوى من الوجهتين الاقتصادية والبيئية.

ولأن الصحارى يمكن أن تزدهر اذا كانت امدادات المياه كافية، عمد المهندسون عبر السنين الى تطوير طرق لنقل المياه من أحواض في مناطق مجاورة غنية بالماء الى الأقاليم الصحراوية. وتم ري مساحات جديدة واسعة بإستخدام القنوات خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وقد مكن ذلك العدد المتزايد من سكان دول الصحراء مثل مصر والعراق والهند وباكستان وآسيا الوسطى من الحصول على العمل والغذاء.

 

وكانت هذه التحويلات ضمن الأحواض بالغة الأهمية من حيث حجم النشاط الاقتصادي الذي ولّدته. ومنذ الخمسينات من القرن الماضي غدت عمليات التحويل بين الأحواض ذات أهمية متزايدة الى حد كبير. وفي الولايات المتحدة كانت تحويلات المياه من حوض كولورادو الى جنوبي كاليفورنيا بالغة الأهمية بالنسبة الى اقتصاد تلك الصحراء.

وعلى أي حال، تأثرت المناطق الجافة في شمالي المكسيك بشكل سلبي بعمليات تصدير المياه من حوض كولورادو لأنها خفضت تدفق الماء في نهر كولورادو. وبدورها كانت المكسيك قد خططت لعمليات تحويل للمياه من جبالها الغربية والجنوبية الغنية بالماء الى الشمال الجاف من البلاد.

وقد انخفض تدفق مياه ريو غراند (Rio Grande) من خلال مزيج من التدخل البشري وفترات من هطول أقل من المعدل للمطر. وظلت المكسيك لسنوات عديدة غير قادرة على تقديم المياه حسب مانصت عليه اتفاقية الحدود الأميركية – المكسيكية.

وأصبحت أخطار مثل هذه التحويلات المائية الضخمة جلية في الاتحاد السوفياتي السابق. هنا كان يتعين أن تقوم التنمية الزراعية في الجنوب الجاف على تحويل المياه من أنهار الشمال الرطب أو من الشرق الجبلي. وتم فقط انجاز جزء من الخطة وكانت العواقب كارثية بالنسبة الى بحر آرال (Aral Sea) ودمرت سبل الرزق بالنسبة الى السكان المحليين والبيئة المحلية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى