البراهين الدالة على وجود الأحافير
2016 الثورة الصناعية
جون كلارك
KFAS
الأحافير بقايا نباتات وحيوانات قضت منذ آمادٍ بعيدة. وتتمثل غالبية الأحافير في الأجزاء الصلبة من تلك الكائنات – العظام والأسنان والأصداف – التي تحوّلت إلى صخور على مرّ السنين.
كما أن بعضها يظهر على شكل آثار طبعات، مثل طبعات العروق النباتية على الفحم أو الصخور الرسوبية. بل يمكن لآثار الأقدام أن تشكل أحافير تاركة براهين على مكان سير الكائنات عبر منطقة طينية لينة منذ ملايين السنين.
يعتقد أن أول من اقترح أن الأحافير ليست إلا بقايا كائنات حية هو الطبيب والشاعر الإيطالي جيرولامو فراكاستورو (حوالي ١٤٧٨-١٥٥٣)، وذلك عام ١٥١٧.
لكن هذا الإقتراح لم يثر اهتمام أحد حينها، وبقي الأمر على حاله حتى نهايات القرن الثامن عشر مع اكتشاف الأحافير في أوروبا ليتيقن العلماء بعده بأن بإمكان الأحافير أن توفر لنا الكثير من المعلومات حول تاريخ الكائنات التي عاشت والصخور التي وجدت فيها الأحافير.
ففي عام ١٧٩٣ أعاد عالم الطبيعيات الفرنسي جين – بابتست لامارك (١٧٤٤-١٨٢٩) الحياة إلى الفكرة القائلة بأن الأحافير تمثل بقايا كائنات قديمة، وحينها بدأ العلماء بإعطاء الفكرة آذاناً صاغية.
وبعد عامين اكتشف جورج كيوفي (١٧٦٩-١٨٣٢) أولى أحافير الديناصورات، على الرغم من أن مفردة «ديناصور»، المشتقة من اللغة الإغريقية وتعني «السحلية المرعبة»، لم تصك كمصطلح حتى عام ١٨٤٢ على يد صائد الأحافير الإنجليزي ريتشارد أوون (١٨٠٤- ٩٢).
يميز البالينتولوجيون (علماء دراسة الأحافير) بين عددٍ من الطرق التي تتكون خلالها الأحافير. ومن متطلبات تكوّن الأحافير سرعة دفن الكائن بعد موته قبل أن تتحلل جثته أو تأكلها الحيوانات المفترسة.
وأفضل موقع لتحقق هذا المطلب هو المناطق الطينية والرسوبية في قيعان البحيرات أو البحار. كما أن هذه المواقع هي مواقع تكوّن الصخور الرسوبية أيضاً.
يمكن للبقايا المطمورة في الصخور الرسوبية أن تذوب في الماء تاركة وراءها قالباً كاملاً للكائن. ويمكن للأملاح المعدنية الترسب في القالب فيتشكل قالب آخر من مادة مختلفة تماماً عن مادة الرسوبيات.
كما أنه يمكن لاَثار الأقدام أن تحفظ بالطريقة نفسها. أما الحيوانات الكاملة فقلما نجدها محفوظة، مثل الحشرات المحبوسة في الكهرمان (أشجار راتنج متحجرة) والماموث في باطن أراضي الجليد السرمدي.
علاوة على ذلك حفظت هياكل كاملة لبعض حيوانات ما قبل التاريخ في مدافن القطران في كاليفورنيا .
غالباً ما تشكل الصخور الرسوبية تضاريس التلال قرب الشواطئ. ومع عوامل التعرية الناتجة عن الأمواج والطقس تنحسر سطوح هذه التلال لتكشف عن الأحافير التي تحتويها.
ويمكن مشاهدة هذه الأحافير منتصبة على التلال أو ملقية على الشواطئ تحتها. ففي عام ١٨١١ إختارت تلميذة المدرسة الإنجليزية ماري اَننغ (١٧٩٩-١٨٤٧) موقعاً كهذا لممارسة رياضة المشي.
وعلى شواطئ دورست جنوبي إنجلترا وجدت بالصدفة هيكلاً عظمياً كاملاً لأكصور، زواحف سمكية وجدت في البحار قبل حوالي ١٥٠ مليون سنة خلال الحقبة الميزوزية (الوسطى).
باعت المغامرة ذات الإثنا عشر ربيعاً الهيكل العظمي لمتحف محلي وأصبحت إحدى أشهر جامعي الأحافير على مستوى العالم .
تشكلت طبقات الصخور الرسوبية فوق بعضها البعض على مر ملايين السنين. وتعتبر الطبقات العليا الأحدث عمراً مقارنة بما تحتها، وذلك على افتراض عدم حدوث هزات أرضية عنيفة تخل بهذا الترتيب.
في عام 1816 أشار الجيولوجي الإنجليزي وليام سميث (1769-1839) إلى إعتبار عمر الأحافير مساوياً لعمر الصخور المكتشفة فيها. ويعمل هذا المبدأ في الاتجاه الآخر أيضا: عمر الصخور التي تكتشف فيها الأحافير هو عمر الأحافير نفسه .
وفرت هذه العلاقة طريقة جديدة للتأريخ. وبالطبع، لابد من التنوية إلى عدم قدرة هذا الاسلوب على تحديد العمر المطلق للأحافير أو الصخور؛ وكان علينا الانتظار حتى حلول القرن العشرين لاكتشاف تكنولوجيا تحديد العمر المطلق للأحافير أو الصخور باستخدام ظاهرة الإشعاع النووي التلقائي (الانحلال النووي)، مثلا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]