علوم الأرض والجيولوجيا

البيئات البحرية وأنواع رواسبها

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيئات البحرية أنواع رواسب البيئات البحرية علوم الأرض والجيولوجيا

تقسم البحار والمحيطات إلى بيئات مختلفة كبيرة أو صغيرة ولسوف يكتفي بالحديث عن البيئة الشاطئية الضحلة وبيئة الرف القاري المفتوح وبيئة المنحدر القاري وبيئة أعماق البحار.

وقد تقسم هذه إلى بيئات أكثر تفصيلاً كتقسيمها إلى بيئات المد والجزر وبيئة اللاجون (lagoons) وبيئة الشعاب المرجانية… الخ ضمن البيئة الشاطئية الضحلة مثلاً.

وسنعمد في هذه الدراسة إلى بعض التفصيل ولكن دون إطناب. وفي كل حالة سنشرح أولاً مجموعة الظروف الفيزيائية والكيماوية التي تجعل من موضع معين بيئة متميزة. ثم نذكر أنواع الرواسب التي تتوضع في تلك البيئة نتيجة لتلك الظروف المشار إليها.

 

– الهوامش القارية: Continental Margins

وتشمل الرفوف القارية حتى عمق معدله 200م والمنحدرات القارية حتى عمق قد يزيد على 2000م. وهذه البيئة الكبيرة المتسعة تتميز بقربها من اليابسة.

ومن ثم رواسبها تتأثر إلى حد كبير أو صغير بما يجلب من اليابسة من فتات. وكذلك فإن عمقها غير كبير نسبياً. وتقسم إلى عدد كبير من البيئات الصغيرة المتميزة.

 

– البيئات الشاطئية والضحلة

يقصد بها مجموعة البيئات التي توجد قرب شاطئ البحر وحتى عشرات من الأمتار عمقاً.

وهي البيئات الأكثر تأثراً باليابسة وما يجري عليها من عمليات جيولوجية. وتحت هذا العنوان ندرس الرواسب المميزة للبيئات المختلفة مبتدئين بالقريبة منها لليابسة.

 

– رواسب مصبات الأنهار الخليجية

المصب الخليجي (estuary) قطع في الشاطئ عند مصب النهر حيث يمكن لمياه البحر أو المحيط أن تنتشر. وهو عادة مصب نهر أغرقته مياه البحر.

وفي هذه المصبات تسير المياه العذبة مسافة معينة فوق المياه المالحة نحو البحر بينما تنساب المياه المالحة في الاتجاه المعاكس في الطبقة السفلى.

 

يغلب على مياه هذا النوع من المصبات أن تكون أجاجاً (نصف مالحة) (brackish). وتكون غنية بالمواد الغذائية عبر الأنهار من اليابسة.

ومن ثم فإن أنواعاً كثيرة من الكائنات الحيوانية والنباتية تعيش فيها. ومن أشهرها بعض المحاريات (Oysters) التي يمكن أن تبني شعاباً. والقواقع والمفصليات والديدان والأسماك والطحالب.

 

وأما رواسب هذه البيئة فهي متغيرة تبعاً لعدة عوامل هي:

‌أ-  حمولة النهر : فإذا كان النهر يجلب الكثير من الرواسب، فإن هذه المصبات عادة ما تكون دلتا في قاعها أما إذا كانت الأنهار قليلة الحمولة أو منعدمة الحمولة، فإن رواسب المصبات عادة ما تأتي من البحر نفسه بواسطة تيارات المد والجزر أو الأمواج. وفي هذه الحالة يغلب على رواسبها الغرين.

‌ب- بقايا الكائنات الحية التي تعيش في المصبات الخليجية.

‌ج-  تيارات المد والجزر أو الأمواج التي توزع الرواسب الخشنة (الرملية) أو الناعمة (الغرين) في وسط المصب أو أطرافه.

 

هذا عن المصبات الحالية، أما الرواسب القديمة، فإنها لا تعرف إلا بشكلها العام الذي يشبه شكل المصب الخليجي.

فإذا كانت الرواسب موجودة على شكل انكشافات صغيرة غير متصلة، ولم يمكن التعرف على شكلها العام، فإن من الصعب تمييزها عن رواسب الشاطئ الأخرى كرواسب مناطق المد والجزر أو الفيوردات وغيرها.

 

– رواسب بيئات المد والجزر

تقسم البيئة البحرية الواقعة تحت تأثير المد والجزر إلى ثلاث بيئات هي:

‌أ- البيئة فوق المدّيّة (supratidal). وتخضع لها المنطقة التي لا تصلها مياه المد، ولكن قد تصل مياه الأمواج العالية أو المياه البحرية الصاعدة إلى أعلى بفعل الخاصية الشعرية. وتسمى عادة بالسبخة (sabkha).

‌ب- بيئة مصاطب المد (intertidal). أي المنطقة التي تغطيها مياه البحر أوقات المد والجزر، وتعيش فيها أنواع معينة من الكائنات الحية الحيوانية والنباتية.

‌ج- البيئة تحت الجزرية (subtidal) وهي دائماً مغمورة بمياه ضحلة. وهي منطقة غنية بكائناتها الحية.

 

ويبين الشكل (1) مواقع هذه البيئات الثلاث وعلاقتها بخط الشاطئ أوقات المد والجزر.

ويعتمد الترسيب في هذه البيئات على علاقة اليابسة بالبحر. فإذا كانت كميات كبيرة من الرسوبيات القارية تصل إلى البحر، فإن رواسب هذه المنطقة تكون في الغالب رواسب فتاتية (Clastic).

أما إذا كانت المنطقة مستقرة ولا يصل إلى البحر إلا القليل من نتاج القارة، فإن الرواسب تكون في العادة جيرية (كلسية) يرافقها أحياناً بعض الرواسب التبخرية (المتبخرات).

 

– رواسب بيئة المد الجيرية

من الأماكن المثالية لدراسة هذه الرواسب الخليج العربي وجزر البهاما في أمريكا الوسطى. ففي المنطقة تحت المدية المغمورة بماء البحر دائماً، تتوضع الرواسب الجيرية الغنية بالمستحاثات. أما منطقة المد والجزر نفسها فإنها تتميز بحركة التيارات المائية.

وعادة ما يترسب في هذه المنطقة السرئيات (oolites) ويتجمع فيها براز الكائنات الحية التي تعيش هناك وتسمى مكورات (pellets). وتكون هذه الرواسب مصحوبة ببقايا الأحافير (المستحاثات) ولكنها ليست كثيرة.

وتكون الطبقات الرسوبية متأثرة بحركة التيارات منشئة علامات النيم والتطبق المتقاطع. وكذلك يوجد عليها آثار عيش الكائنات الحية وحركتها على الرسوبيات (trace fossils).

 

وفي بعض مناطق المد والجزر تنمو الطحالب بكثرة، وينتج عنها رواسب جيرية ذات رقائق متقاطعة وبنيات رسوبية مميزة. كذلك يوجد على سطح الطبقات تشققات الطين.

ومن الصخور التي تترسب في هذه المنطقة أيضاً صخر الدولوميت. وقد تترسب معادن الجبس والأنهيدريت في هذه المنطقة وفقاً لملوحة المياه.

 

أما في المنطقة فوق المدية فإنها – في منطقة كالخليج العربي – تتميز برسوبيات المتبخرات (evaporites) حيث توجد معادن الجبس والأنهيدريت والدولوميت، ذلك لأن مياه الخليج تصل إلى هذه المنطقة في أغلب الحالات عن طريق الرشح إلى أعلى (seepage) وعند تبخره تتكون المعادن المشار إليها آنفاً.

ويمكن أن يترسب الملح (معدن هاليت) إذا سمحت ملوحة المياه الراشحة. وبسبب ملوحة المنطقة وترسب معادن المتبخرات فيها سميت سبخة وهي كلمة عربية تعني أرض الملح والنز.

ويوضح الشكل (2) رواسب هذه البيئات في جزر البهاما.

 

أما بيئة المد المتأثرة بنتاج اليابسة ، فإنها أكثر تعقيداً وتغلب عليها الرواسب الفتاتية (الرمل والغرين والطين).

وفي هذا الوضع توجد الجزر الحاجزية (barrier islands) وقنوات المد (ti-dal chanels) ودلتاوات قنوات المد (tidal channels deltas).

تتميز الرواسب الرملية لهذه المنطقة باحتوائها على أنواع مميزة من التراكيب الرسوبية من مثل التطبق المتقاطع وعلامات التموج وآثار الكائنات الحية، وبقايا الأحافير التي يسهل بها التعرف على هذه في البيئة في الرواسب القديمة.

ويبين (شكل 3) رواسب هذه البيئة قرب مصب نهر إلبة شمال ألمانيا الاتحادية.

 

ومن المهم أن نذكر هنا أن العامل الأكثر أهمية في دراسة هذه الرواسب ليس نوع الراسب، بل كيفية تتابع طبقات الرواسب في المقطع الترسيبي، وكذلك مجموعة التراكيب الرسوبية المرافقة لهذه الطبقات في التتابع.

فمثلاً قد تختلف رواسب قنوات المد عن رواسب منطقة المد نفسها أو عن رواسب دلتاوات قنوات المد.

 

فقد تكون جميعها مكونة من الرمل والغرين والصلصال والرواهص في بعض الأحيان. لكن التتابع الطبقي الممثل لواحدة منها يتميز بأن حجم حباته تصغر نحو الأعلى أو تكبر نحو الأعلى.

فالأولى مميزة لرواسب القنوات والأنهار، والثانية مميزة لرواسب الدلتا بشكل عام. يضاف إلى ذلك مجموعة التراكيب الرسوبية التي تحدد بشكل أكثر دقة موضع الترسيب.

 

– رواسب اللاجون

اللاجون (lagoon) مساحة مائية بحرية شاطئية عمقها قليل (أمتار قليلة) متصلة بالبحر بقنوات أو مضائق تجعل حركة الماء من اللاجون وإليه محدودة، مما يجعل مياه اللاجون مختلفة في ملوحتها عن مياه البحر قليلاً أو كثيراً تبعاً لسرعة تبادل مياهها مع مياه البحر.

وهي موجودة بكثرة في شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر. ومن أمثلتها المشهور عالمياً لاجون كورونغ في جنوب استراليا.

قد تتأثر مياه اللاجون بالمد والجزر. وكذلك قد ترفدها بعض الأنهار. ومن ثم فإن من الصعب التعميم عند الكتابة عن نوع الرواسب التي تتجمع في هذه المناطق. وعلى كل حال، فاللاجون بيئة هادئة نسبياً إذا ما قورنت بمنطقة المد والجزر.

 

وعلى ذلك فرواسب قاع اللاجون الهادئة عادة ما تكون طينية أو غرينية ناعمة. فإذا كانت مياه اللاجون ليست مالحة جداً، عاشت فيها أنواع من الكائنات وتجمعت بقاياها في الرواسب.

أما إن كانت مالحة أكثر من مياه البحر فقد لا تعيش فيها الكائنات وفي هذا الوضع تترسب معادن التبخريات كالجبس مثلاً.

 

أما مخارج المياه المتصلة بالبحر، فإنها في كثير من الحالات تتأثر بعمليات المد والجزر مما يؤدي إلى حصول تيارات واضحة تؤدي إلى تجمع الرمل كرواسب مميزة لهذه القنوات ودلتاواتها.

ومن الرواسب المشهورة التي تترسب في هذه البيئة الدولوميت. حيث تترسب المياه الغنية بالمغنيسيوم الثقيلة نسبياً إلى الرواسب الجيرية القريبة منها وتحولها إلى دولوميت (انظر شكل 4).

 

– رواسب الدلتا

وهي رواسب مصاب الأنهار الكبيرة في البحار كالنيل مثلاً. ولا يعنينا بالطبع رواسب الدلتا على اليابسة. قد تكون حمولة النهر أكثر العوامل تأثيراً في نوع رواسب الدلتا وأشكالها.

غير أن تضاريس قاع البحر وشدة الأمواج وتيارات المد والجزر والتيارات البحرية الموازية للشاطئ لها دور كبير في توزيع ما يجلبه النهر من اليابسة.

فقد تكون مجموعة هذه العوامل ضعيفة ويستطيع النهر عندها أن يبني الدلتا على حساب البحر، وقد تكون قوية، فتقوم بنقل رواسب النهر إلى عرض البحر.

 

كما هو الحال في نهر النيل الذي أمكن تتبع رواسبه في شواطئ فلسطين وأجزاء كبيرة من قاع البحر المتوسط.

تتجمع رواسب النهر عند مصبه تحت مياه البحر على شكل مخروط تقطعه قنوات التوزيع والعوارض الرملية تدعى المجموعة الجبهية (foresets). وهي في العادة مكونة من الرمال والغرين (شكل 5).

وتندر فيها الكائنات الحية. أما الأجزاء الناعمة من حمولة النهر فإنها تحمل بعيداً إلى عرض البحر، حيث تمتزج برواسب الرف القاري مما يصعب تمييزها. وهي مكونة من الغرين والصلصال.

وتزداد نسبة بقايا الكائنات الحية في هذه الرواسب كلما ابتعدنا عن مصب النهر وتسمى المجموعة القاعية (Bottomests).

ومن ثم تزداد نسبة الرواسب الجيرية في المجموعة القاعية وفقاً لموقعها ولفعالية الكائنات الحية (شكل 6).

 

– رواسب الشاطئ

جرى الحديث عن رواسب الشاطئ تحت فقرات رواسب المصبات الخليجية ومنطقة المد والجزر والدلتا واللاغون.

غير أنه في كثير من المواضع لا يتأثر الشاطئ بمثل هذه العوامل وذلك عندما يكون الشاطئ عميقاً نسبياً وتحده جروف أو مرتفعات، مما يجعل حركة المد والجزر محدودة جداً. وتكون الأمواج أكثر فعالية في حت هذه الجروف ونقلها. فينشأ عنها رواسب خاصة مميزة.

يغلب على رواسب الشاطئ أو ما يمكن أن ندعوها «البلاجات» أن تكون حصوية، حيث تقوم الأمواج بحت الجروف الصخرية وإسقاطها. وباستمرار تلاعب الأمواج بنتاج الحت يتحول إلى حصى شبه مستدير يغطي خط الشاطئ.

 

وعلى كل حال فإن حجم واستدارة هذه الحبات يعتمد كثيراً على علاقة خط الشاطئ بالمرتفعات المحاذية له وكذلك على ميل قاع البحر في تلك المنطقة. مما قد ينتج عنه رواسب خشنة جداً قد تكون زاوية.

وقد تتدحرج أو تزحف هذه الرواسب إلى مسافات طويلة أو قصيرة في المياه البحرية الضحلة تبعاً لطبيعة قاع البحر والأمواج والتيارات البحرية السائدة (شكل 7).

 

تتصخر رواسب الشاطئ نفسه (البلاجات) بسرعة كبيرة بسبب ترسيب الكربونات البحرية، وتكون هذه الصخور في وضعها الطبيعي مائلة نحو البحر بمقدار لا يزيد عن 6˚، وهي ليست منتظمة السمك وقد توجد بها بقايا الكائنات الحية التي تعيش في المنطقة البحرية تلك.

وفي بعض الشواطئ البحرية التي تحاذيها الكثبان الرملية، فإنه يغلب على رواسبها أن تكون رملية مع طوبوغرافية سهلة من مثل شواطئ وسط وجنوب السهل الساحلي في فلسطين وشمال سيناء.

 

– رواسب الرف القاري

الرفوف القارية هي المناطق البحرية المحاذية للقارات التي تمتد شبه منبسطة حتى يتغير الميل بشكل مفاجئ عند بداية المنحدرات القارية.

ومما يذكر في هذا الصدد أن الرفوف القارية هي أجزاء من القارات غمرت بمياه البحر. يتأثر نوع الرواسب في هذه المنطقة بعدة عوامل منها:

‌أ- أنواع التضاريس وأنواع الصخور المكونة لقاع الرف القاري

‌ب- عمق الماء في نقطة ما في الرف القاري

ج- أنواع المواد التي أصابها الحت والنقل أثناء عملية غمر الرف القاري

‌د- أنواع المواد التي تصل إلى الرف القاري وكمياتها

‌هـ– كيفية تاثير مياه الرف القاري في الرواسب القاعية

و- التغيرات المناخية التي ينشأ عنها تغيرات واضحة في مستوى سطح البحر

‌ز– الكائنات الحية التي تعيش طافية على سطح المياه أو سابحة فيه أو موجودة على قاعه.

 

وتبعاً لمجموعة هذه العوامل فإن رواسب الرف القاري قد تكون رملية – طينية ذات منشأ قاري . كما هو الحال في رف المحيط الأطلسي الشمالي المحاذي للولايات المتحدة.

ويبدو أن مصدر الرواسب الرملية القارية ليس من الأنهار أو الرياح الحالية، حيث أن القليل من رواسب هذه الأنهار أو الرياح يمكن أن يصل إلى أماكن بعيدة في الرف القاري.

والتي غالباً ما تكون قد نشأت أثناء الفترات الجليدية حيث يكون الرف القاري غير مغمور فتتكون هذه الرواسب بفعل الأنهار وتيارات المد والجزر.

 

ومع تقدم البحر من جديد في الفترات بين الجليدية، يصيب الحت والنقل هذه الرواسب وتتجمع بأشكال مختلفة مكونة رواسب الرف القاري الرملية الطينية والتي يضاف إليها في كثير من الأحيان بقايا الكائنات الحية التي تعيش الآن في تلك المنطقة مما يؤدي إلى زيادة نسبة الكربونات في تلك الرواسب الرملية الطينية.

وقد تكون رواسب الرف القاري من الكربونات ذات المنشأ البحري.

ولما كانت حرارة المياه البحرية ترتفع كلما اقتربنا من خط الاستواء فإن نشاط الكائنات الحية يزيد مما يؤدي إلى موتها وتجمعها في قاع الرف القاري مكوناً الرواسب الجيرية.

 

والتي تعتبر ذات منشأ عضوي. ومن أمثلة ذلك رواسب الرف القاري غرب فلوريدا والرف القاري المجاور للمكسيك والرف القاري الواقع شمال غرب استراليا.

حتى في بعض الرفوف القارية الباردة في الشمال، يمكن أن تتجمع الرواسب الجيرية إذا لم تترسب المواد الرملية الطينية القارية.

 

وتتكون الرواسب الجيرية من قواقع أو فتات قواقع العوالق البحرية والفورامنفرا القاعية (benthonic) والرخويات (molluscs).

وبجانب الشعاب المرجانية والجزر المرجانية تكثر فتات المرجانيات والطحالب والفورامنفرا. ومما يجدر ذكره أن نسبة العوالق البحرية تزداد نحو أعماق الرف القاري أي بعيداً عن اليابسة.

ويبين الشكل (9) رواسب الرف القاري في غرب فلوريدا.

 

– رواسب المنحدر القاري

وهي المنطقة التي تبدأ عند حافة الرف القاري وتستمر حتى قاع المحيط بميل يتراوح بين 3˚ – 6˚. وأحياناً ما يكون الميل شديداً فيص إلى 15˚ وفي بعض المناطق من المنحدرات القارية توجد الجروف العمودية.

وقد تنتهي بعض هذه المنحدرات عند عمق 5000م وتقطع هذه المنحدرات الخوانق تحت البحرية، حيث يقاس طولها بمئات الكيلومترات وميلها يبلغ 80م/ كم وتكون بشكل 7 وهي متعرجة، تماماً مثل كثير من الأودية القارية الكبيرة.

ويغلب على رواسب هذه الخوانق وعلى المنحدرات بشكل عام رواسب تيارات العكر (عكارة turbidites)، والتي تكون من المواد الطينية الناعمة والغرين silt والرمل الناعم.

 

وفي معظم الأحيان تكون هذه الرواسب منتظمة في دورات رسوبية بحيث تكون الحبات خشنة في أسفلها ناعمة في أعلاها (graded beds).

وهي ناشئة عن قوة أو ضعف تيارات العكر. يضاف إلى هذه الرواسب بعض القواقع والمرجانيات والفورامنفر والطحالب المنقولة. كذلك وجد بها آثار النشاط العضوي (bioturbation).

 

وعادة ما توجد فيها علامات التموج التي تميل نحو عمق البحر. بالإضافة إلى كل ذلك توجد ظاهرة انهيال أو انهيار (slumping) الرواسب على سطح المنحدر القاري.

ومما يجدر ذكره أن حمولة تيارات العكر التي تصل إلى قاع المحيط تنتشر على شكل مراوح طميية تماماً كما يحدث في رواسب الأودية أو الأنهار في القارات وتسمى المراوح تحت البحرية (submarine fans).

 

– رواسب المرتقيات القارية

المرتقيات القارية هي المرتفعات التي تلي المنحدر القاري باتجاه المحيط. وهي أقل انحداراً من المنحدرات القارية حيث يتراوح انحدارها بين 1 – 100 و1: 700. وتنشأ من تراكم حمولة تيارات العكر التي تنساب في الخوانق تحت البحرية.

حيث تتجمع حمولتها على شكل مخاريط رسوبية تقطعها القنوات. وهي التي أسميناها المراوح تحت البحرية.

ومن ثم فإن رواسبها لا تختلف كثيراً عن رواسب العكارة الموصوفة سابقاً إلا في موقعها. ولكنه قد يضاف إليها أحياناً بعض الرواسب العميقة (pelagic).

 

– الرواسب البحرية العميقة

وهي الرواسب البحرية التي تتجمع في قيعان المحيطات بعيداً عن تأثيرات المنحدرات القارية وتيارات العكر.

وقد عرفت بأنها رواسب البحر المفتوح التي تحوي أقل من 20% مواد أرضية (من اليابسة) أو الرواسب البركانية الناعمة (تفرا – tephra) التي يزيد قطرها على 10 مايكرون.

 

أما منشأ الرواسب القاعية فيغلب عليه ما يلي:

‌أ- تجمع أصداف العوالق البحرية الجيرية أو السيليسية.

‌ب- تجمع المواد الناعمة جداً التي قد يكون مصدر بعضها سطح البحر أي من القارة.

‌ج- نتاج التغيرات التي تحدث على الرماد البركاني والمعادن الطينية.

‌د- الرواسب الكيماوية.

 

أما أشهر الرواسب العميقة فهي الرزغات (oozes) والصلصال البني (الأحمر) والرواسب الحديدية الملونة وعقيدات المنغنيز والطين الأسود.

ومما يجدر ذكره أن هذه الرواسب العميقة تتوضع فوق صخور قاع المحيط النارية. وهي صخور القشرة المحيطية.

 

ولهذه الصخور تركيب البازلت المعدني. وهي مكونة من ثلاثة مستويات: الأسفل منها يسمى الجابرو المتطبق.

والأوسط مكون من قواطع عمودية متراصة والأعلى مكون من اللابا الوسادية وتسمى هذه المستويات مجتمعة أفيوليت، وتوجد الأفيوليت في عمان وفوقها الرواسب الحديدية الملونة والرزغات السيليسية.

 

– رواسب "الرزغات الجلوبجرينية"

تغطي مساحات كبيرة من قيعان المحيطات رواسب جيرية (شكل 10) مكونة من قواقع الفورامنفرا، خاصة جنس جلوبجرينا تدعى رزغات جلويجرينية (شكل 11).

وهذا النوع من الرواسب يتكون من أكثر من 30% منه أصداف هذا الجنس. لكنها تحوي في العادة أجناساً أخرى من الفورامنفرا. توجد أصداف الجلويجرينا في أرضية ناعمة من كسارة الأصداف وغيرها.

ومن المناسب أن نذكر هنا أن هناك رزغات جيرية تنتج عن تجمع أصداف تيروبودا (Pteropods) وهي عوالق من البطنقدميات (gastropods) وكذلك من أصداف ككوليثوبوريدا (Coccolithoporids).

 

فالرزغات الجيرية إذن ليست رزغات جلويجرينية خالصة. وقد يكون من الأفضل إذن أن يكون العنوان الرزغات الجيرية.

تعيش الحيوانات الدقيقة طافية في مائة المتر العليا من مياه المحيط.

وعند موتها تهبط أصدافها إلى القاع فتتعرض إلى عملية إذابة اثناء هبوطها. ويعتمد وصولها إلى القاع على كبر حجمها وعمق الماء تحتها وعلى تركيز ثاني أكسيد الكربون الذائب.

 

وبما أن مياه المحيط العميقة أكثر قدرة على إذابة هذه الأصداف بسبب تركيز (CO2) المرتفع فيها (شكل 12)، فإنها لا تصل إلى الأعماق الكبيرة في المحيطات.

يسمى العمق الذي تذوب عليه جميع الأصداف عمق الإذابة وهذا العمق هو تقريباً 4500م في المحيط الأطلسي و3500م في المحيط الهادئ.

ومن ثم فإن الرزغات الجيرية غير موجودة في قيعان المحيطات التي تزيد على عمق الإذابة. (انظر شكل 13).

 

– رواسب "الرزغات السيليسية"

تتكون هذه الرزغات من السيليكا التي يمكن أن تكون من الأوبال أو الالسيدوني أو الكوارتز. وتنشأ من أصداف عوالق الراديولاريا (شعاعيات – radioralaria) أو أصداف عوالق الدياتومات (diatoms).

الأولى حيوانات دقيقة من مجموعة الفورامنفرا السيليسية والثانية نباتات دقيقة. ومن ثم تسمى الرواسب التي تتكون من أكثر من 30% من الأولى رزغات راديولارية .

وبنفس الكيفية تسمى الثانية رزغات دياتومية . وتسود الدياتومات في المياه السطحية للمناطق القطبية الباردة، ومن ثم فإنها تكون نطاقاً من الرزغات المتصلة حول القطب الجنوبي وكذلك شمال المحيط الهادئ.

 

أما الراديولاريا فإنها تترسب في قيعان جميع المحيطات. غير أنها تشكل رزغات واضحة في المناطق الاستوائية العميقة. وعند تصلب هذه الرزغات تتحول إلى الصوان.

ويوضح الشكل (14 أ) توزع الرزغات السيليسية في قيعان المحيطات. وشكل (14 ب) هو صورة للدياتومات المكونة لنوع من هذه الرزغات.

 

– رواسب "الصلصال البني" الأحمر

رواسب طينية ناعمة بنية أو حمراء تغطي قيعان المحيطات العميقة جداً، أي تلك التي لا تصل إليها قواقع الجلوبجرينا بسبب ذوبانها والتي لا تتجمع فيها الرزغات السيليسية.

فهي تتجمع تحت عمق 5400م في الأطلسي و4500م في الهادئ. ولا يوجد بها أكثر من 30% من القواقع الجيرية أو السيليسية، وتتكون من المعادن الطينية (كلوريت وسمكتيت وإلايت وكاولين) والكوارتز الناعم والفلسبار بالإضافة إلى الهيماتيت والزيوليت.

 

أما الكوارتز فإن هناك أدلة واضحة على أن أصله من اليابسة وقد حملته الرياح إلى أواسط المحيطات. أما الفلسبار فإنه على ما يبدو من أصل بركاني تحت بحري.

ومن ثم فإن منشأ هذه الرواسب البنية بحري في معظمه (قد يكون بركاني تحت بحري) مع قليل من نتاج القارة ممثلاً في الكوارتز والكاولين.

 

– عقيدات المنجنيز

وهي جسيمات عقيدية متناثرة في قيعان المحيطات تغطي مساحات واسعة منه. تتكون من نواة قد تكون سن سمكة أو قطعة صخر بركانية أو حبة رمل أو غيرها.

ثم تحيط بها حلقات عديدة مكونة من ترسيب كيماوي لمجموعة من أكاسيد المنجنيز والحديد وعناصر أخرى، يقاس قطرها بالسنتمترات.

ثلثا العقيدات أكسيد منجنيز وثلثها الباقي أكسيد الحديد (Fe2O3). وتحوي 1–3% من وزنها من أكاسيد النيكل والنحاس والكوبالت.

 

وبما أن خامات النيكل والنحاس على اليابسة في تناقص مستمر، فقد فكرت بعض الشركات في استغلال هذه الخامات من قاع المحيط.

ويبين الشكل (16) توزع هذه العقيدات في قيعان المحيطات.

أما الشكل (17) فهو صورتان لهذه العقيدات. تنشأ هذه العقيدات عن طريق الترسيب الكيماوي البطيء حول نواة وسرعة التراكم تتراوح بين 2 , –3 , 4 ملجم/ سم3/ 1000 سنة. أما مصدر العناصر المكونة لهذه العقيدات فيبدو أنه بركاني تحت بحري.

وقريباً من ذلك رواسب الحرمائية (hydrothermal) التي تتجمع في جيوب عميقة في البحر الأحمر. غير أن هذه الرواسب ليست عقيدية بل هي رقائقية.

 

ويبدو أنها ليست بحرية خالصة بل لها علاقة باليابسة الممثلة بالدرع العربي النوبي الذي تنتشر صخوره على جانبي البحر الأحمر.

والتشابه الوحيد بين رواسب البحر الأحمر وعقيدات المنجنيز هو في احتوائهما على عناصر مهمة يمكن أن تعدن من قاع البحر.

 

– رواسب الطين الأسود

يغطي هذا النوع مساحات واسعة من قاع المحيط الأطلسي. ويحوي كمية من المادة العضوية تلونه باللون الأسود، معدلها 14% من الرواسب السوداء. وهي تعود إلى العصر الطباشيري.

ويبدو أن هذه الرواسب قد نشأت في فترة كانت فيها مياه قاع المحيط الأطلسي أو حيث توجد هذه الرواسب لا تحوي أكسجيناً ذائباً بل على العكس كان يسودها غاز كبريتيد الهيدروجين.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى