البيئة

التأثير السلبي لـ”التوسع العمراني وزيادة استخراج الرمال والصلبوخ” على بيئة الكويت

2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت

د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي

KFAS

التوسع العمراني زيادة استخراج الرمال والصلبوخ بيئة الكويت البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

لقد أدى النمو الاقتصادي إلى ضغط سكاني على الموارد الطبيعية المتاحة من الرمال والصلبوخ لتغطية الاحتياجات المتزايدة للتوسع العمراني. 

ونظرا لزيادة عدد السكان وضرورة توفير الرعاية السكنية الحكومية، فقد جرى بناء مدن جديدة في المحافظا الست، تمتد على مساحة تبلغ أكثر من 8000 هكتار باتجاه المناطق الحصراوية (الشكل رقم 15). 

فقد شيدت المؤسسة العامة للرعاية السكنية في الكويت أكثر من 72 الف وحدة سكنية منذ عام 1976 منها 1088 شققا سكنية، في حين أن بقية الوحدات تم بناؤها على شكل منازل منفصلة، تبلغ مساحة كل واحد منها 400 إلى 1000م2 (الشكل رقم 16).

 

ويقدر الحصي (الصلبوخ) اللازم لبناء منزل بمساحة 400م2 أكثر من 750 طنا.  وتراوحت الحاجة للفئات المختلفة للصلبوخ فيعام 1994 على سبيل المثال إلى حوالي 2,681,000 متر  مكعب موزعة بالنسب التالي 32، 6، 4، 4، 2، 24، 4، 24، 4 و 9% على الفئات التالية بالترتيب: سكن خاص، سكن استثماري، مشاريع تجارية وصناعية، الهيئة العامة للإسكان، وزارة الأشغال (رصف الطرق)، استخدامات أخرى.  وتقدر حاجة الدولة من الصلبوخ به 3,5 مليون متر مكعب سنوياً تقريباً.

في أوائل الستينيات كان استخراج الصلبوخ مقتصراً على محجر رئيسي هو "محجر الغانم" الكائن في منطقة لاصبية حيث يتم نقله عن طريق البحر من ميناء صغير على رأس الصبية إلى الكويت، بالإضافة إلى بعض الكميات التي كانت تجمع عن طريق كنس الصلبوخ المتبقي على سطح الصحراء في المنطقة الشمالية. 

 

ولكن مع ازدياد الحركة العمرانية وزيادة الطلب على الصلبوخ بدأ استخراج الصلبوخ من محاجر أخرى في منطقة ضلع اللياح، ثم من منطقة الحومة وأم المدافع، حتى أصبحت هذه المحاجر من العلامات المميزة لهذه المناطق والتي يمكن رؤيتها بسهولة في صور الأقمار الصناعية (الشكل رقم 17). 

ونظراً لتواجد رواسب الصلبوخ في طبقات قليلة السمك نسبياً، فقد كان استغلالها يتم في اتجاه أفقي مما أدى إلى اتساع مساحات هذه المحاجر. 

وتقدر مساحات مناطق استخراج الصلبوخ بحوالي 669 كيلومتراً مربعاً وتتوزع على خمس مناطق رئيسية كما هو موضح في الجدول رقم (11). 

 

وتمتد هذه المساحات في اتجاه متعامد مع اتجاه الرياح السائدة (الشمالية الغربية) مما يشكل مصدراً رئيسياً للرمال الزاحفة، حيث يستخرج الصلبوخ عن طريق عمل حفر سطحية تؤخذ منها رواسب الصلبوخ، التي غالباً ما تكون مختلطة بنسب عالية من الرمال والتراب، ثم تنخل هذه الرواسب لفصل الصلبوخ وتترك الرواسب الناعمة على السطح معرضة لفعل الرياح. 

ويشكل الصلبوخ نسبة تتراوح بين 15 – 20% من حجم الطبقة الحاملة للصلبوخ التي يتراوح سمحكها بين 1,5 و 2 متر.

ويؤدي استغلال المواد المحجرية إلى تاثيرات بيئية معاكسة يأتي في مقدمتها تدمير الكساء النباتي والحياة الفطرية وحدوث تغيرات جذرية في النظام البيئي في المنطقة التي يزاول بها مثل هذا النشاط.  فالحفر الاستكشافية يصل عمقها أحياناً إلى 30 متراً مما تؤدي إلى إثارة الغبار والرمال على مساحات واسعة من حولها وقد تصل أحياناً إلى المياه الجوفية. 

 

كما أن عمل الكسارات وحركة الآليات الثقيلة يؤديان إلى انسداد مسام التربة وفقدان خاصية امتصاص مياه الأمطار بما لا يقل عن 50% في التربة غير المنضغطة، إضافة إلى جفاف التربة وارتفاع درجة حرارتها بسبب عدم مقدرة النباتات على النفاذ في التربة المنضغطة، وزيادة معدلات الجريان السطحي لمياه السيول وزيادة كميات الرمال والأتربة خلال فترة الصيف نتيجة لتجوية رواسب السيول. 

وتشير دراسة للهيئة العامة للبيئة إلى أن كمية الأتربة المتصاعدة الناتجة من إزاحة التربة السطحية في مناطق المحاجر تعادل 750 جم/طن.

 

من جهة أخرى تتاثر الحيوانات البرية بعمليات استخراج الصلبوخ نتيجة لتلف واندثار النباتات التي تتغذى عليها الحيوانات الصغيرة الآكلة للعشب، حيث يؤدي النقص في عدد هذه النباتات إلى انهيار السلسلة الغذائية بكاملها، كما تؤدي الضوضاء الناتجة عن عمليات استخراج الصلبوخ المختلفة إلى إبعاد الحيوانات عن المناطق التي يتواجد بها هذا النشاط وإحداث تغيرات كبيرة في سلوك الحيوانات البرية وبخاصة قدرتها على التكاثر.

وفي عام 1997م منع استخراج الصلبوخ من صحراء الكويت بقرار حكومين ومن المؤكد أن هذا القرار سيكون له مردود إيجابي على المنظومة البيئية في الصحراء الكويتية، حيث سيساهم ذلك على المدى البعيد في إعادة التوازن المفقود لعناصر البيئة من غطاء نباتي وحياة فطرية، وبالتالي الحد من المشاكل المصاحبة لتكدس الرمال الزاحفة والمتطايرة. 

وبالفعل هناك حاليا مؤشرات إيجابية لاسترداد الغطاء النباتي لعافيته في مناطق استخراج الصلبوخ، وبالطبع سوف لا تخلو عملية استيراد الصلبوخ من الآثار السلبية على البيئة والتي من أبرزها تصاعد الأتربة نتيجة لعمليات الشحن والتفريغ في الموانئ، وتصاعد كميات كبيرة من الأتربة اثناء عملية غربلة الصلبوخ في المخازن التي تستأجرها الشركات لهذا الغرض.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى