التجارب الكيميائية التي أجراها العلماء لمعرفة سبب انفجار مكوك الفضاء “شالنجر”
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
سبب انفجار مكوك الفضاء شالنجر الكيمياء
ما زال العالم يذكر مأساة مكوك الفضاء شالنجر الذي أطلق يوم الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني (يناير) عام 1986 من قاعدة كاب كانيفيرال الأمريكية .
فبعد إطلاقه بفترة وجيزة انفجر المكوك في الجو وتحول إلى كتلة هائلة من اللهب ومات كل رواد الفضاء الذين كانوا يستقلوه في تلك الرحلة المشؤومة .
ولقد انفصلت غرفة الملاحين عن المكوك وارتطمت بالماء مما أدى إلى تحطيمها . وكانت غرفة القيادة هذه مزودة بأشرطة التسجيل لجميع البيانات وتسجيل أحاديث رواد الفضاء الذين يقيمون بداخلها.
ولم يكن هناك "صندوق اسود" لحماية هذه الأشرطة كما هو الحال في الطائرات ، لذا فإن اشرطة التسجيل التي عثر عليها بعد ستة أسابيع وعلى عمق 90 قدماً تحت سطح الماء كانت شبه مدمرة من تعرضها لماء البحر وما نجم عن ذلك من تفاعلات كيميائية . ولقد وصفت الاشرطة آنذاك بأنها " تشبه كتلة من الأسمنت الرغوي بعد أن التصقت ببعضها البعض" .
ونظراً لأهمية هذه الأشرطة فقد سعى علماء الكيمياء إلى محاولة إنقاذها لمعرفة ما عليها من معلومات ، علها تكشف عن سر هذا الإنجار الرهيب.
لكن المشكلة الرئيسة التي واجهها هؤلاء العلماء هو تكون هيدروكسيد المغنيزيوم نتيجة لتفاعل ماء البحر مع المغنيزيوم الموجود في عجلة شريط التسجيل . فمن المعروف أن ماء البحر يتمتع بقلوية ضعيفة تكفي للتفاعل مع أيونات المغنيزيوم الموجبة الناجمة عن فلز المغنيزيوم بعد احتكاكه ببعض الفلزات الأقل نشاطاً .
ولقد غطى هيدروكسيد المغنيزيوم المتكون طبقاً أشرطة التسجيل وأدى إلى التصاقها ببعضها البعض . وبالإضافة إلى ذلك فإن أكسيد الحديد – الذي يعطي الشريط خاصيته المغنطيسية – كان قد تأثر كذلك بماء البحر .
وبدأ العلماء في محاولاتهم لإنقاذ هذه الأشرطة ، وبدأوا بتجارب على بعض الأشرطة قليلة الأهمية . وقاموا بمحاولات مطولة وشاقة وتمكنوا خلالها من معادلة هيدروكسيد المغنيزيوم المترسب على الاشرطة ومن ثم إزالته من سطحها .
ثم قاموا بعد ذلك بتثبيت طبقة أكسيد الحديد على سطح الأشرطة . وكان عليهم إجراء كل ذلك على الأشرطة وهي ما زالت ملفوفة .
ولقد تمت عملية المعادلة معالجة كل شريط بمحلول مخفف من حمض النتريك (حمض الآزوت) ، ثم غسل الشريط بالماء المقطر لتنظيفه من آثار التفاعل . وبعد ذلك قاموا بشطف الشريط بمحلول الميثانول غزالة الماء عن الشريط ، ثم عولج بمادة مزلقة هي سيليكون المثيل .
وبعدها تم فك الشريط الذي بلغ طوله 350 قدماً وأعيد لفه على بكرة جديدة ثم جرى إعادة تسجيله على شريط جديد . ولقد اظهرت المعلومات التي جمعها عن هذا الشريط أن بعض الرواد على الأقل كانوا قد أدركوا أن المكوك في خطر وأن شيئاً ما سوف يحدث .
وهكذا تمكن العلماء من جميع معلومات مهمة عما جرى للمكوك آنذاك وكان ذلك إنجازاً عظيماً على الرغم من أن عملية إنقاذ الشريط تمت من خلال تفاعلات كيميائية بسيطة تشبه تلك التي نجريها لطلبة المدارس .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]