علم الفلك

التصوير الفلكي الرقمي

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

التصوير الفلكي الرقمي

مع حلول التكنولوجيا الرقمية، مر التصوير الفلكي بما يمكن تسميته بالثورة في السنوات الأخيرة. ومع هذا، فإن اختيار كاميرا لغرض تصوير محدد من الممكن أن يكون أمرا محيرا بسبب الكم الهائل من الموديلات والأنواع المختلفة المتاحة. تصنف الكاميرات الصالحة للاستخدام في التصوير الفلكي تحت الفئات التالية: الكاميرات الرقمية للتصوير العام، وكاميرات CCD المخصصة للفلك، وكاميرات الأنترنت، و كاميرات ذات معدل أطر عالي (high frame rate).

يوجد ثلاثة أنواع رئيسية من الكاميرات الرقمية: ’صوب-و-صور‘ (point-and-shoot)، والمستخدم-المحترف (prosumer)، و الكاميرا الرقمية ذات عدسة أحادية عاكسة  (DSLR). إن كاميرات ’صوب-و-صور‘ غير باهظة الثمن ولها عدسات مثبتة ومجال صغير للتحكم. هي مناسبة للاستخدام مع مقراب لتصوير المناظر المنيرة مثل الغروب، وربما بعض الكواكب الساطعة (التي ستظهر كنقاط) والأجسام الساطعة مثل القمر.

أما كاميرات المستخدم-المحترف (prosumer) (وهي كلمة منحوتة من أصل كلمتي ’محترف‘ ‘professional’ و ’مستخدم‘ ‘consumer’) فهي أكثر كلفة من نظيراتها كاميرات ’التصويب-و-التصوير‘، ولها عدسات مثبتة و تعطي مجالا أكبر للتحكم اليدوي لعوامل التعريض و حساسية المستشعر. عادة ما تكون عدسات كاميرات المستخدم-المحترف المثبتة ذات جودة أعلى وفي الأغلب تسمح بقدر معتبر من التقريب البصري. أما التقريب الرقمي فهو يصف وسيلة للتقريب تقوم بتكبير مقياس الصورة باستخدام برامج للاستيفاء (interpolation)، وهذا يقيد من النطاقات المحتملة لتطبيقها ويمكن التغاضي عنها بالنسبة لمجال الفلك. في هذه الحالة، يزيد مجال الأهداف المحتملة لتشمل النجوم الأكثر سطوعا، والأجسام الساطعة الموجودة في السماء العميقة، والمذنبات الساطعة، والأقمار الصناعية، والشفق. إن تركيب كاميرا المستخدم-المحترف على المقراب (اللا-تبئيرafocal ) يمكنها أن تزودنا بصور جيدة للشمس (دائما مع استخدام المرشحات المناسبة)وللقمر.

إن الغاية المنشودة في كاميرات التصوير الرقمي هي آلة التصوير الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة (DSLR). هذا التصميم يزودنا بالقدرة على ضبط البؤرة و تركيب الصورة عبر العدسة، وله أيضا عدسات قابلة للتبديل بالإضافة إلى القدرة الكاملة على التحكم اليدوي في جميع إمكانيات الكاميرا.

لا تصنع كل كاميرات DSLR على نفس الشاكلة، فبعضها غير مناسب على الإطلاق لأغراض التصوير الفلكي. ولحسن الحظ فإن القيام ببحث بسيط على الأنترنت باسم الكاميرا و مصطلح ’التصوير الفلكي‘ كاف لعرض أمثلة جيدة تبين مدى ملائمة موديلات معينة لغرض محدد. لو لم يتم عرض أي نتائج فهذا يعني إما أن الكاميرا جديدة ولم يتم تجربتها أو أنها غير مناسبة للتصوير الفلكي.

من المحتمل وجود عدة اختلافات بين موديلات الكاميرات ولكن أحد الاعتبارات الأساسية بالنسبة للمصور الفلكي هي إمكانية تعامل الكاميرا مع التشويش، حيث أن مستشعرات كاميرات التصوير هي في ذاتها عالية التشويش عند استخدامها لفترات تعريض مطولة، وبعض الموديلات تتعامل مع التشويش بشكل أفضل من البقية. أما التشويش الثابت، كما هو المولد من البيكسلات الملصقة في حالة تشغيل دائم (البيكسلات الحارة)، فمن السهل لتعامل معه إلى حد كبير بوسيلة تسمى ’اقتطاع الأطر الداكنة‘ (dark frame subtraction) ، والتي تتضمن فترة تعريض طبيعية تتبعها فترة تعريض أخرى مساوية لها ولكن تكون العدسة فيها مغطاة (إطار داكن). تقوم هذه العملية بإظهار التشويش الثابت الذي سيتواجد أيضا في أول صورة، وحذف الإطار الداكن من التعريض العادي والذي ينتج عنه إزالة التشويش الثابت.

التشويش العشوائي، مثل التشويش الخلفي المستحث حراريا، لا يمكن التعامل معه بنفس الطريقة لأنه لا يمكن التنبؤ بموقعه، ولهذا يتم اللجوء إلى وسائل تراص الصور ليبلغ معدل متوسط ولزيادة قوة الإشارة.

يحدث معظم التشويش العشوائي عندما تكون الرقاقة دافئة )التشويش المستحث حراريا). تحتوي كاميرات CCD الفلكية المتخصصة على تبريد ذاتي والذي بإمكانه تبريد الرقاقة بما يصل إلى ( 30°C 54°F) تحت درجة الحرارة المحيطة بهدف التقليل من تأثير هذه الظاهرة غير المرغوبة. ومع أن هذه الوسيلة لا تلغي التشويش الحراري تماما إلا أنها تقوم بتقليله لمستويات معقولة.

إن كاميرات CCD الفلكية متوفرة في نوعين إما ’صورة-واحدة ملونة‘ (one-shot colour) وإما ’أحادية اللون‘ (monochrome). فكاميرات الCCD الملونة تستخدم مستشعرات أحادية متراكب عليها مصفوفة خاصة من المرشحات (مصفوفة باير). بعد التصوير، يترجم البرنامج قيم كل بيكسل كما تظهر من خلال المرشح ويعيد إنشاء بيانات الألوان الموجودة في المشهد. إن مصفوفة باير لها تأثير على حساسية أجهزة الصورة-الواحدة الملونة ويفضل الكثير من المتمرسين الأصوليين استخدام كاميرات أحادية عالية الحساسية.

إن تقديم صورا ملونة لأهداف فلكية مازال ممكنا بالكاميرات الأحادية عن طريق استخدام مرشحات تصوير، إذ تلتقط الصورة بثلاثة ألوان فردية (في العادة أحمر وأخضر وأزرق– RGB) ثم يتم تجميعها لاحقا ببرامج الرسوميات لتشكل صورة مركبة كاملة الألوان. من الشائع أن يتم تركيب صورة RGB مع صورة استضوائية (luminance)وهي صورة أحادية عالية الجودة تحتوي على معلومات دقيقة عن حيز الهدف( لتقديم ما يسمى بصورة LRGB.

يمكن أيضا استخدام المرشحات المتخصصة ضيقة النطاق مع كاميرات CCD الفلكية الأحادية لتقديم نتائج تظهر ضوء بعض العناصر المتوهجة في المشهد، و يمكن تجميعها بطريقة مماثلة لصور LRGB المشروحة سابقا لتكون النتيجة صورا جميلة ومادة مفيدة علميا. من المرشحات المتخصصة النموذجية ضيقة النطاق نجد هيدروجين-ألفا (Hα)، أكسجين-III O-III))، هيدروجين-بيتا (Hβ)، و كبريت-IISII).).

لا توجد وسيلة أفضل لاختبار مدى دقة تركيب المقراب من تصوير السماء العميقة بفترة تعريض مطولة. إن التغيرات في جودة المحرك والركوبة بالإضافة إلى الحاجة إلى محاذاة قطبية أكثر دقة تعني أن مصور السماء العميقة سيعاني حتما من إبقاء النجوم واضحة ومتكاملة أثناء فترات التعريض المطولة. إن أحد الحلول هو تسليم التحكم في ركوبة المقراب ونظام المحرك إلى جهاز كمبيوتر واستخدام أسلوب معروف بالتوجيه التلقائي، والذي يعني أنه يتم اختيار نجما ما (النجم الدليل) من حقل نجوم على الشاشة، ثم يصدر أمرا للكمبيوتر بإبقاء هذا النجم في نفس الموقع بالنسبة إلى أطراف الرقاقة، فيقوم بتنفيذه بإرسال أوامر إلى ركوبة المقراب للتعويض عن أي انحراف في موقع النجم.

تستخدم الكاميرات الرقمية والCCD في الأغلب (وليس على وجه الحصر) في تصوير الأجسام الموجودة في أعماق السماء مثل المجرات والحشود والسدم. أما بالنسبة للأجسام المستهدفة في المنظومة الشمسية مثل الشمس والقمر والكواكب فيجب اتباع طريقة بديلة بما أن هذه الأجسام متأثرة سلبيا بتأثيرات الغلاف الجوي للأرض. مع مرور الضوء الصادر من هذه الأجسام البعيدة عبر جيوب الهواء المختلفة في درجات حرارتها وكثافتها، ينكسر الضوء بكميات مختلفة. و لزيادة الطين بلة، تتحرك هذه الجيوب سريعا، والأثر النهائي (يسمى جودة المشاهدة) يظهر الهدف كأنه يتمايل ويتذبذب. قد تحققت تقدمات مذهلة في مجال تصوير المنظومة الشمسية عبر استخدام الكاميرات ذات معدل أطر عالي والتي بإمكانها التقاط المئات بل الآلاف من الأطر في فترة لا تزيد عن بضعة ثوان، ومن ضمن مجموعة الأطر المصورة ستجد بالتأكيد بعضا من الصور التي لقطت الهدف في ظروف مشاهدة مقبولة أو جيدة. باستخراج هذه الأطر الجيدة من قائمة الأطر ورصها معا، يمكنك إصدار صورة ذات جودة مقبولة. تستخدم البرامج المتخصصة لتصنيف وتحليل مجموعة الأطر.

قد وجد في الغالب من خلال التجربة أن بعض كاميرات الكمبيوتر (PC webcam) الرخيصة مناسبة لتصوير القمر والكواكب. ومع ذلك، فإن بعد تعدي معدل أطر معين (في العادة 10 أطر في الثانية) تستخدم هذه الكاميرات تقنيات ضغط البيانات لاستمرار تدفق المعلومات، الأمر غير الملائم للتصوير الفلكي. وقد انتشرت اليوم الكاميرات الجديدة ذات معدل أطر عالي في هذا المجال من التصوير الفلكي، إذ يمكن القول أن هذه الأجهزة هي عبارة عن كاميرات كمبيوتر ذات قوة صناعية بإمكانها نقل معدلات تصوير غير مضغوطة تفوق 60 إطار في الثانية- الأمر المثالي لالتقاط اللحظات العابرة عندما تكون جودة المشاهدة عالية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى