التطور الذي شهده “المذياع” عبر الزمن
2015 عصرا البخار والكهرباء
براون بير
KFAS
المذياع وسيلة للتواصل تستخدم إشعاعات مغناطيسية كهربائية تسمى الموجات الراديوية التي تنتقل بسرعة الضوء.
وكانت تسمى "لاسلكية" من أجل تميزها عن التلغرافات والهواتف التي تحتاج لأسلاك تمد بين المرسل والمستقبل من أجل نقل الإشارات .
يعود المذياع في بداياته إلى أواخر القرن التاسع عشر .
حيث كان الفيزيائي الدنماركي هانز أوستريد (1777 – 1851) قد أثبت أن الكهربية والمغناطيسية هما جزء من نفس الظاهرة (وتسمى الكهرومغناطيسية) .
وفي عام 1864 أثبت جيمس كلارك ماكسويل (1831 – 79) ، وهو أستاذ في علم الفيزياء في جامعة كيمبردج في إنجلترا ، أن الطاقة يمكن تحويلها في شكل موجات كهرومغناطيسية ، بطريقة لا تختلف عن أمواج البحر ، ولكن تكون بسرعة الضوء .
في عام 1888 أنتج عالم الفيزياء الألماني هنريك هيرتز (1875 – 94) موجات كهرومغناطيسية (تسمى الأمواج الهرتزية) باستخدام أداة تولد شرارات كهربائية ضخمة تقفز بين قطبين . وبهذا فقد أرسى كل من ماكسويل وهيرتز أسس "التغراف اللاسكي" أو المذياع .
الناقل الترابطي
في عام 1890 اخترع عالم الفيزياء الفرنسي إدوارد برانلي (1844 – 1940) أول طريقة للكشف عن الموجات الراديوية باستخدام جهاز اسمه "الناقل الترابطي".
وهو عبارة عن أنبوب زجاجي مغلق يحتوي على برادات من الحديد وقطب عند كل طرف وحين تتواجد الموجات الراديوية تتماسك البرادات (أي ترتبط مع بعضها ) وتولد كهرباء تكفي لكي تشكل دائرة كهربائية .
وقدم عالم الفيزياء الإنجليزي أوليفر لودج (1851 – 1940) بتحسين الناقل الترابطي عام 1894 واستخدمه مع مرسل شراري (لاسلكي) لإرسال رسائل شيفرة مورس عبر مسافة بلغت 490 قدماً (150 متراً) .
وأجرى عالم الفيزياء الروسي أليكساندر بوبوف (1859 – 1906) تجارب مشابهة في السنة التالية .
ولادة التلغراف اللاسلكي
يعود الفضل في التطورات كبيرة للمذياع شكل رئيسي إلى مهندس إيطالي اسمه غوغليلمو ماركوني (1874 – 1937) .
لم يكن ماركوني مدركاً للتطورات التي حققها برانلي ولودج وبوبوف وقاده اهتمامه بالعلم إلى إجراء تجارب في مجال المذياع عام 1894 .
في عام 1895 ، وكان عمره 21 عاماً ، استخدم المذياع لبث إشارات تلغرافية عبر مسافة تزيد عن ميل واحد (أكثر من 1,5 كيلومتراً) . وصار يعرف هذا الاختراع باسم التلغراف اللاسلكي .
في السنة التالية انتقل ماركوني إلى بريطانيا لأن الحكومة الإيطالية لم تكن مهتمة بأفكاره .
في 12 ديسمبر 1901 استخدام هوائيات معلقة بطائرات ورقية لبث رسالة بشيبفرة مورس كورنول في إنجلترا إلى سينت جونز عبر مسافة بلغت 2200 ميلاً (3500 كيلومتراً) .
ورغم أن ماركوني لم يملك تدريباً علمياً كافياً (وكان الاستقبال الناجح لرسالة بشيفرة موس عبر مسافة طويلة مثار جدل) إلا أنه فاز بجائزة نوبل في الفيزياء عام 1909 .
أصوات على المذياع
بهذا صار المذياع افضل من التلغراف فقط لأنه ليس بحاجة إلى أسلاك . أما الهاتف الذي يحتاج إلى الأسلاك ، يمكن أن ينقل صوت الكلام .
هل يمكن للمذياع أن ينقل الصوت البشري ؟ أدى هذا السؤال إلى تطور المهاتفة اللاسلكية . حق التطورات الأولى في هذا المجال المهندس الكهربائي الأمريكي الكندي .
المولد ريغينالد فيسيندين (1866 – 1932) الذي اخترع التضمين . يرسل التلغراف اللاسلكي نبضات من الإشارات الطويلة والقصيرة تمثل النقاط والشرطات في شيفرة مورس في المهاتفة اللاسلكية يبث المرسل إشارات متواصلة تسمى الموجة الناقلة يتفاوت طولها (أي يتضمن) حسب التغيرات إشارات الصوت القادم من مذياع ما.
قام فيسيندين أولاً بإثبات تضمين طول الموجة ، ثم في عام 1906 قام ببث الكلام والموسيقى من محطة إذاعية في ماساتشويتس .
التقاط الإشارة
غير أن هذا النظام الجديد كان بحاجة إلى كاشف أفضل . جاء هذا الكاشف في شكل كاشف بلوري محسن صنعه المهندس الكهربائي الأمريكي غرينليف بيكارد (1877 – 1956) عام 1906 .
واستخدم الكاشف بلور من الورق المفحم (كربيد السيليكون) وكربيتيد الرصاص أو السيليكون ، وبعمل الكاشف عن طريق تصحيح الإشارة الراديوية القادمة بحيث يحولها من تيار متناوب (AC) إلى تيار مباشر (DC) ، ويوصل الكاشف مع دائرة المذياع عن طريق سلك رفيع قابل للتعديل ، سرعان ما أطلق عليه لقب "شارب القطة" .
وكان قد اخترع المهندس الإنجليزي جون فليمنغ (1849 – 1945) نظام كاشف / مصحح أفضل من ذلك عام 1904 . وهذا النظام عبارة عن أنبوب مفرغ يتكون من قطبين ويسمى الصمام الثنائي .
وبعد ذلك بسنتين أضاف المهندس الأمريكي لي دي فورست (1873 – 1961) قطباً ثالثاً فصنع انبوباً مفرغاً ثلاثي الأقطاب يمكن استخدامه لكي يحسن الإشارات الراديوية الضعيفة .
وبمساعدة أجهزة جديدة استطاع مهندسو المذياع أن يصنعوا دوائر أفضل للبث والاستقبال . وفي عام 1917 بدأ ماركوني بالبث باستخدام التردد العالي جداً (VHF) ، رغم أن التردد العالي جداً لم يستخدم بالفعل إلا بعد عشرين عاماً حين صارت ضرورية للتلفاز .
وبحلول العام 1924 كان ماركوني يرسل أيضاً إشارات كلام من إنجلترا إلى أستراليا باستخدام المذياع قصير الموجة .
وفي الوقت الحاضر تم استبدال الأنبوب المفرغ في المذياع بترانزستور أصغر حجماً بكثير اخترعه ثلاثة علماء في مختبرات بيل في نيو جيرسي عام 1948 .
الترفيه العائلي
كما جهز دي فورست أول بث إذاعي مجدول عام 1910 الذي كان عبارة عن أداء لأوبرا ميتروبوليتان في نيويورك التي كانت تقدم مغنى الأوبرا الإيطالي الشهير إنريكو كاروسو .
قبل اختراع التلفاز كان المذياع من دون منافس في مجال الترفيه العائلي . وغالباً ما تعرف الفترة بين 1920 و 1950 بالعصر الذهبي للمذياع .
ومن بين بثوث المذياع الشهيرة الإعلان الذي قام به فرانكلين روزفلت في 9 ديسمبر 1941 بأن الولايات المتحدة الأامريكية دخلت الحرب العالمية الثانية .
ولم تنته مساهمات دي فورست إلى علم الإلكترونيات المبتدأ آنذاك باختراعه الأنبوب ثلاثي الأقطاب .
فقد سجل براءة ما يزيد عن 300 اختراع ، بما في ذلك الطرق الجديدة في تسريع الإشارات الراديوية ، واختراع مسار بصري صوتي لالتقاط الصور وإرسال رسائل عبر المذياع عن طريق استخدام الفاكسيميلي الذي نطلق عليه في الوقت الحاضر اسم الفاكس .
ضبط أفضل
تحسنت مستقبلات المذياع عام 1912 حين اخترع فيسيدين الدائرة الهتروداينية ، التي سمحت بضبط أكثر انتقائية.
وتحسنت المستقبلات أكثر حين اخترع المهندس الأمريكي إدوين آرمسترونغ (1890- 1954) الدائرة فوق الهتروداينية عام 1918 التي تستطيع الكشف عن الإشارات الضعيفة جداً .
وهذا الاختراع أدى إلى تبسيط عملية ضبط المذياع بشكل كبير (وفيما بعد التلفاز والقمر الصناعي) إلى موجات ذات تردد معين (عدد من الذبذبات كل ثانية) . في السابق كان الضبط عملية معقدة يتم فيها إدارة القرص مرات عديدة .
التضمين الترددي
كانت مساهمة آرمسترونغ الرئيسية في تطور المذياع عام 1933 حين اخترع التضمين الترددي (FM) . وبموجب هذه التقنية يتم تعديل تردد (وليس طول) الموجة الناقلة عن الإشارة الإذاعية .
ونتيجة لذلك يصبح البث أكثر حساسية للإضرابات الجوية التي تسمى التشويش الإذاعي ، بحيث تزيد من جودة الصوت المستقبل.
شيفرة مورس
شيفرة تلغرافية يمثل الأحرف والأرقام فيها صفوف من النقاط والشرطات (إشارات طويلة وقصيرة) .
التشويش الإذاعي
هسهسة أو طقطقة مزعجة يسببها تدخل كهربائي قادم من الجو.
الأنبوب المفرغ
أنبوب زجاجي مفرغ من الهواء تسري فيه الكهرباء عن طريق الكترونات تمر عبر أنبوب مفرغ جزئياً من الكاثود (القطب السالب ) إلى الأنود (القطب الموجب) ، ويسمى هذا الأنبوب أيضاً الأنبوب الإلكتروني .
عالم الإلكترونيات
فرع من علم الفيزياء والهندسة الكهربائية يعني باستخدام الفولتية التيارات الكهربائية عن طريق استخدام مختلف الأجهزة بهدف القيام ببعض الوظائف المفيدة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]