التغيرات الحاصلة داخل أمعاء الإنسان عند إصابته بـ”البكتيريا”
2013 آلات الحياة
د.ديفيد س. جودسل
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
أمعاء الإنسان البكتيريا البيولوجيا وعلوم الحياة
هناك عدة مئات من أنواع الخلايا البكتيرية، ومن ضمنها خلايا الإيشيريشيا كولاي، تعيش في حالـة تآلف مع الإنسان.
فهي تستوطن أمعاءنا ولكنها لا تسبب لنا اي مشاكل على الإطلاق. حيث يبدو الأمر وكأن الإنسان قد تمكن عبر سنوات التطور العديدة من التفاوض وعقد هدنة غير معلنة مع البكتيريا الموجودة في جسمه.
حيث تجد البكتيريا في الإنسان مكاناً دافئاً ومحمياً لمعيشتها وتكاثرها وإمدادها بالغذاء بشكل منتظم.
وفي المقابل ، فإننا نحصل على العديد من الفيتنامينات الهامة من البكتيريا – ومن أمثلة ذلك فيتامين ك وفيتامين ب12 وهي مركبات أساسية لحياتنا، ولكن خلايانا لا تستطيع صناعتها لأنفسها.
كما أن البكتيريا يمكنها أيضاً المساعدة في هضم بعض جزيئات الغذاء المقاومة للهضم، مثل بعض الكربوهيدرات في الأغذية النباتية.
وفي أغلب الأحوال، فإن علاقتنا بهذه البكتيريا تكون ودية، ويحصل كل طرف فيها على نفع ما من الطرف الآخر. وهذا أمر جيد ، حيث إن عدد الخلايا البكتيرية في أمعائنا يصل إلى نحو 10 مرات عدد خلايا جسم الإنسان.
وكما يمكن لك أن تتخيل، فإن الأمعاء ليست ببيئة مضيافة تماماً. فيجب أن تحمي البكتيريا نفسها من الإنزيمات الهاضمة والأجسام المضادة ، ومن إمكانية طردها وإزالتها من الجهاز الهضمي.
وتتغلب البكتيريا على هذه المشكلة بإحاطة نفسها بغلاف لزج من السكريّات العديدة التي تكون غلافاً حيوياً (Biofilm) قادراً على الثبات ومقاومة الهجمات التي تقوم بها الإنزيمات والأجسام المضادة في أجسامنا.
كذلك فإن البكتيريا تقوم ببناء شعيرات "الفمبري" وبروتينات لاصقة تعمل على ربطها بجدران الأمعاء.
وهذا يؤدي إلى تكوين غطاء بكتيري غير ضار لجدران الأمعاء، وربما يكون هذا الغطاء هو أكبر ميزة لوجود حصيلة صحية من البكتيريا في الأمعاء، حيث يمتد هذا الغطاء البكتيري على كامل المساحة المتاحة للارتباط في جدران الأمعاء بحيث يمنع ارتباط الخلايا البكتيرية الممرضة بتلك الجدران.
وهذا يساعد على وقايتنا من العدوى بأنواع بكتيرية أكثر خطورة.
وفي المعتاد، فإن مثل هذه البكتيريا تكون غير ممرضة، بل قد تمد يد المساعدة لنا، ولكن من الممكن ان تسبب لنا المشاكل عند تواجدها في مناطق لا يجب أن توجد فيها.
فعلى سبيل المثال، عند حدوث جرح في جدران الأمعاء، فإن الخلايا البكتيرية يمكنها أن تنفذ من خلال الطبقة المبطنة للأمعاء وتنتقل إلى أجزاء أخرى في الجسم.
ولكن هناك أنظمة دفاعية صارمة بأجسامنا، تظل دوماً مستعدة للتصدي لمثل هذه العدوى.
حيث يمتلىء دمنا بالأجسام المضادة التي تقوم بالتعرف على البكتيريا وتستهدفها بحيث يتم تدميرها بواسطة الجهاز المناعي.
كذلك فإن دمنا يحتوي على نظام كامل من البروتينات – يُعرف «بالجهاز التكميلي» (Comp–lement System) وسوف يتم وصفه بشكل مفصل في الفصل السادس – والذي تم تصميمه خصيصاً للوصول إلى الخلايا البكتيرية وعمل ثقوب في جدرانها.
تقوم خلايا الإيشـريشيا كولاي أحيانا بالتقاط بعض الجينات التي تحمل شفرات لإنتاج جزيئات سامة مما يؤدي إلى تحولها إلى بكتيريا ممرضة.
حيث نجد أن هناك سلاسلات من الإيشريشيا كولاي تعمل كأحد المسببات الرئيسية لمرض «إسهال المسافر» (Traveler's Diarrhea) والذي يحدث نتيجة الإصابة ببكتيريا غريبة تكون غير مألوفة للجهاز المناعي للشخص المسافر من مكان لآخر.
وبعض السلالات يمكنها إنتاج سموم تهاجم خلايا الأمعاء مباشرة (سوف يتم وصفها بشكل أكثر تفصيلاً في الفصل التاسع).
ويمكن تدمير الكثير من هذه البكتيريا بواسطة الطهي، ولذا فإن الطهي الجيد للحم يقلل من فرصة حدوث تسمم غذائي بواسطة البكتيريا الملوثة للحوم ومنتجاتها.
ولحسن الحظ، فإن لدينا عقاقير فعالة المهاجمة هذه البكتيريا المؤذية وغير المعتادة.
تهاجم هذه العقاقير جزيئات مختلفة في الخلية البكتيرية لتمنع إحدى العمليات المحورية بها، فعلى سبيل المثال، يوقف البنسلين عمل أحد الإنزيمات التي تقوم ببناء شبكة الببتيدوجلاكن.
وهذا يضعف الخلايا البكتيرية بقسوة. إلا أن البكتيريا قامت بتطوير أساليب تمكنها من المقاومة.
فهناك سلاسلات بكتيرية مقاومة تقوم ببناء إنزيم يمكنه تكسير البنسلين لتحمي الخلية من هجومه. وهذا إدى إلى حرب بيولوجية تصاعدية: فبينما نقوم نحن بصناعة مضادات حيوية جديدة، فإن البكتيريا تجد سبلاً للتغلب عليها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]