التفريق بين مرض السكري الحقيقي والسكري الكاذب
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
مرض السكري الحقيقي السكري الكاذب الطب
لهذا فعندما جاء "جالينوس" من بعده بسنوات معدودة في منتصف القرن الثاني، وجد في إسم (الإسهال البولي) ما هو أكثر تعبيراً على حد قناعته.
بعد "جالينوس" جاء أطباء العرب يقتبسون علمه ويترجمون كتبه وقد أطلقوا عليه ما أطلقه الرومان مع تحريف بسيط، ربما الخطأ في الترجمة أو خطأ في النسخ.
إذ نجد مثلاً في كتاب القانون "لابن سينا" في مقالته الثانية من الفن التاسع عشر من الكتاب الثالث "فصل في الديانيطس" ويلاحظ هنا أنه قلب حرف الباء إلى نون "الديانيطس"، هو أن يخرج الماء كما يشرب في زمن قصير.
ونسبة هذا المرض إلى المشروب هي نسبة زلق المعدة والأمعاء والأمعاء إلى المأكولات، وله أسماء في اليونانية غير "ديانيطس" فإنه قد يقال له "دياسقوس وقراميس".
وكان يسمى بالعربية "الدوارة والدولاب" و "زلق الكلية" و "زلق المجاز والمعبر".
وصاحبه يعطش فيشرب ولا يرتو يبل يبول كما يشرب غير قادر على الحبس البتة، وسبب الديانيطس خلل الكلية إما لضعف يعرض لها، واتساع وانفتاح في فوهات المجرى، وقد يكون ذلك من البرد المستولي على البدن أو على الكبد .. الخ.
هكذا سادت القناعة فكر الطبابة عبر العصور الوسطى وهي أن العلة تكمن في الكلية، دونما اعتبار لحلاوة البول، بل كان التركيز جلة على تكرار البول مع شدة العطش، إلى أن كان عام 1674 حين جاء طبيب إنجليزي يدعونه "توماس ويليس" وجه الانتباه إلى حلاوة طعم البول في مرض تكررا التبول وفرطه، وهو ما نعرفه اليوم باسم مرض "البول السكري الحقيقي" أو "الديبابيتس".
واختلاطه على البعض مع مرض آخر فيه بوال متكرر وعطش شديد، ولكن دون أي طعم حلو يصيب البول، لهذا سموه مرض البول السكري الكاذب وكشفوا فيما بعد أن سببه خلل يصيب القفص الخلفي من الغدة النخامية في أسفل المخ، يحول بينها وبين إفراز هرمون مضاد للتبول يسطر على قنوات الكلوة.
وبهذا تفقد الكلوة الحافز الطبيعي الحاث على امتصاص الماء ثانية بعد إفرازه، وهو مرض عسير يقتل صاحبه إذا لم يعالج بالهرمون المانع للتبول تعويضاً له عما ينقصه، فيما البول السكري الحقيقي أساسه عجز في البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين الذي يتعامل مع سكر (جلوكوز) لقد ظلموا توماس، وحرموه حقه، ونسبوا الكشف لطبيب ألماني اسمه "جون فرانك" فضل التفريق بين السكري الحقيقي والسكري الكاذب، على الرغم من أن "فرانك" اكتشف الفرق عام 1794 اي عقب مائة وعشرين عاماً من اكتشافه، ولكن الأوساط الطبية تذكر فضل الطبيب الألماني "جون فرانك" فيما تغفل اسم "توماس ويليس" الذي أطلق على السكري الحقيقي اسم "الشيطان الجوال"!
على أي حال فعلاقة مرض السكر بخلل في البنكرياس لم تخطر على بال أحد، إلا عندما حاول طبيب سويسيري اسمه "جوهان برونر" في عام 1683 أن يستأصل البنكرياس لكلب عنده، ليدرس وظيفة هذا العضو الذي لم تعرف له وظيفة من قبل.
فوجد أن الكلب قد أصابه بوال متكرر مع عطش شديد، ولقد كانت الأقوام قد ذهبت مذاهب شتى في اجتهادها لتعليل وظيفة البنكرياس، فقال اليهود في تلمودهم مثلاً إنه أصبح زائد للكبد، فيما كانت أقوام أخرى ترى في قناعتها أنه مجرد مخدة لحمية تستريح عليها المعدة.
وكان الإغريق أول من أطلقوا عليه اسم البنكرياس، وتعني عندهم قطعة اللحم (Ereas-flesh) (Pan – all)، ولما جاء "جالينوس" اطق عليه اسم "كاليكرياس" تعني الغدة الحلوة، لهذا يطلق عليه الإنجليز في يومنا هذا اسم الخبز الحلو Sweet Bread، او لقمة القصابين اشتقاقاً من معنى كاليكرياس الذي أطلقه جالينوس.
في عام 1776 خطر لطبيب إنجليزي هو الدكتور "ماتيوس دوبسون" أن يتحقق من أمر وجود السكر في بول المريض فقام بتبخير بول أحدهم إذ صبه في كأس اختبار، فترسبت بللورات السكر في قعر الكأس عقب تسخينه.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]