العلوم الإنسانية والإجتماعية

التوازن بين العمل والحياة في مجتمع السوق النابض بالحياة

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

جعلت المخاوف إزاء نوعية الحياة ونهاية النزعة الطويلة الأمد للعمل لساعات أقل بعض علماء الاجتماع يشككون في أنماط العمل ويبرزون الحاجة إلى إيجاد توازن أفضل بين العمل والحياة. ويعود هذا إلى قدرة الناس على إيجاد حالة توازن بين متطلبات العمل المدفوع الأجر والمتطلبات الأخرى في الحياة – مثل المسؤوليات العائلية والتعليم والترفيه.

تسلط باربارا بوكوك (Barbra Pocock) (2003) الضوء على توتر معين بين متطلبات العمل المدفوع الأجر ومتطلبات العمل الرعائي. إنّ الطرق التي يتم فيها تنفيذ هذه المهام تتغير – فقد ازداد عدد النساء في مجال العمل المدفوع الأجر وأصبح العديد من المهمات الرعائية (رعاية الأطفال) في هذه الأيام تتم عبر الأسواق بدلاً من المنزل وأصبحنا أقل قدرة على طلب الدعم من العلاقات العائلية والاجتماعية من دون دفع المال.

تعتبر بوكوك أنّ مؤسساتنا لا تجاري هذه التغييرات. كما يتم شد النساء على نحو متزايد في اتجاهات مختلفة ولا يتلاءم العمل المدفوع الأجر مع مسؤولياتهن الرعائية كما يجب. غالباً ما يتم عزل الأمهات بدوام كامل أكثر لأن مقدمي الخدمات الرعائية الآخرين يتلقون أجراً. إن المعايير الاجتماعية المتعلقة بالدور المناسب لكل من النساء والرجال كرعائيين تتغير ولكن ببطء. نتيجة لذلك، يشعر العديد من الناس، وتحديداً النساء، بالذنب إزاء قراراتهن سواء لناحية وضع أولادهن في دور رعاية مدفوعة الأجر أو لناحية ترك العمل مدفوع الأجر.

يثير ازدياد الأشكال غير النموذجية من العمل قضايا أخرى. في الوقت الذي يعتبر المؤيدون أن المرونة تسمح للموظفين باختيار ساعات العمل التي تتلاءم مع حاجاتهم، ويقول المنتقدون إن هذه المرونة تحد من الأمان والاستقرار. قد يجد الموظفون العاديون صعوبة أكثر في اقتراض المال لشراء منزل كما يكونون أقل حظاً في الحصول على إذن خروج أبوي للمساعدة في إدارة عملية إنجاب الأولاد. كما تفتقد الوظائف العادية تقريباً لمسيرات عمل محددة، ما يصعّب مسألة الحصول على ترقيات. ويزعم بعض علماء الاجتماع أن نمو هذا النوع من العمالة يخلق مجموعات جديدة من "العمال المؤقتين" الذين يواجهون عدم استقرار ومخاطر أكثر من أي أحد آخر في المجتمع (انظر المربّع 4.8).

المربع 4.8 البريكاريا

تصف طبقة البريكاريا (انظر (Standing 2009)) العمّال أصحاب العمل غير المستقر. إنها تحاكي لغة ماركس الذي استخدم لفظة "بروليتاريا"، معتبرةً أنه بات يتم التعبير أساساً عن مشاكل الاستغلال في مجتمعات الأسواق عبر انعدام الأمان في أماكن العمل.

ثمة دليل عالمي معتبَر على ارتفاع نسبة العمال الذين يختبرون انعدام الأمان في العمل. وأظهر تقرير أعدته منظمة العمل الدولية (ILO 2004) أن 85% من العمال في العالم يختبرون انعدام الأمان الاقتصادي وأن هذه الحالة تؤدي إلى مستويات أقل من السعادة. لا يعود السبب في هذا إلى المداخيل فحسب – فالعمال الآسيويون يتمتعون بنسبة أكبر من الأمان الاقتصادي مقارنةً بمداخيلهم من عمال أميركا اللاتينية (انظر ILO 2004).

في الواقع، لا يقتصر هذا على العمل الخدماتي التقليدي، فقد شهدت بعض المهن في مجال صناعة "المعرفة" ازدياداً في العقود القصيرة الأمد، مثل الأكاديميين العاديين ومهندسي الصوت والمصورين في مجال الأزياء (Hesmondhalgh & Baker 2009).

تأتي إحدى الإجابات المبتكرة على هذا الوضع من أوروبا. فقد بدأ النقابيون باستخدام صورة القديس بريكاريو الخيالية – وهو القديس الراعي لمفهوم بريكاريا – في حملاتهم من أجل الترويج لعمل أكثر أماناً. فيقوم شبان وشابات يرتدون رداءات دينية بتوزيع معلومات عن القديس بريكاريو في مراكز التسوق وأماكن عمل أخرى تعاني من شبه انعدام الأمان في العمل. (Rossi  2006؛ Tari & Vanni 2005).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى