الجوانب التدميرية الحاصلة في المناطق الكويتية أثناء فترة الاحتلال العراقي
1996 العوامل البشرية
مهدي حسن العجمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المناطق الكويتية الاحتلال العراقي الجوانب التدميرية الحاصلة في المناطق الكويتية البيئة علوم الأرض والجيولوجيا
لقد أدت الحرب إلى حدوث تغيرات في البيئة البرية. إذ قام الجنود العراقيون بحفر العديد من الخنادق بأنواعها المختلفة وإنشاء السواتر الترابية والتلال الاصطناعية.
وقاموا بزرع الألغام والمتفجرات، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفتيت الطبقة العلوية للتربة ويساعد على سرعة تآكلها بفعل عمليات التجوية والتعرية من رياح ومياه.
وفيما يلي بعض الجوانب التدميرية للجنود العراقيين أثناء فترة الاحتلال العراقي للكويت في المناطق الكويتية المختلفة:
أ- المنطقة الساحلية:
تتكون هذه المنطقة من الشاطئ الرملي وشريط من الأرض ممتداً في موازاتها، يختلف اتساعه من منطقة إلى أخرى، حيث يصل اتساعه في بعض المناطق إلى 300 متراً من خط الشاطئ.
ولقد أقامت القوات العراقية خطوطا دفاعية قوية جدا على طول الساحل البحري بكامله وفي جزيرة بوبيان بالذات، خاصة على سواحلها الجنوبية والشرقية، واحاطة جزيرة فيلكا بدفاعات ساحلية .
ويتتضمن النمط العادي للدفاعات الساحلية خطآ واحدأ أو خطين خارجين من الأسلاك الشائكة في البحر، وخليط من الخوازيق المغروسة في الرمال أو كتل خرسانية، يليها مزيد من الأسلاك الشائكة على الأرض، تليها مواقع المدافع ومنصات مدافع وسواتر دفاعات للمركبات المصفحة .
وقد أزيلت جميع العوائق التي تحجب الرؤية، وتم تحويل المباني والمنشآت الى مواقع لاطلاق النار، وتتداخل دفاعات الشريط الساحلي بحقول الألغام.
بحيث تبدو الدفاعات متشابكة الى حد كبير، الى أبعد حد في الجزء الجنوبي من الكويت وعلى طول الشريط الساحلي من المجمع الحضري بأكمله (صورة 22) .
وهناك في أقصى الشريط الساحلي الجنوبي بعض الخلل الناجم في التربة نتيجة سير المركبات المجنزرة والثقيلة، حيث تفككت الطبقة السطحية وتكونت على أسطحها خطوط ترابية عشوائية متداخلة بشكل غير منتظم بحيث تتسرب مياه الخليج بها مكونة ما يشبه الأخوار الضيقة الضحلة .
كذلك توجد الحفر الناتجة عن الانفجارات في الشريط الساحلي السابق تمثل بقاعآ منخفضة، بعضها يمتلئ بالرمال والآخر خال مع اتخاذها أشكالآ متباينة وأحجامآ مختلفة "لم يتمكن الباحث من قياسها ميدانيآ بسبب خطر الاقتراب منها عسكريآ" .
وبالنسبة لمنطقة الجهراء في الشمال تقل الدفاعات الساحلية كثافة وتتحول الى خطوط من الأسلاك الشائكة تليها خنادق في بعض المواقع .
وهذه الدفاعات مرتبطة بحقول الألغام وآثار جنازير المركبات وحفر الانفجارات، وان كانت الأخيرة ليست كثيفة بالصورة التي توجد عليها في المنطقة السابقة.
ب- المنطقة الشمالية الشرقية (جنوب خط المناقيش –الجهراء )
يتضح أثر الغزو العراقي في الكويت في تغير ملامح سطح الارض بهذه المنطقة من خلال آثار نصب المدافع وامتداد السواتر الرملية الخاصة بالمركبات والمصفحات وامتعداد العديد من الخنادق الطولية والبرميلية وانتشار السواتر الاصطناعية.
لا سيما على المناطق المرتفعة وفي مناطق التحكم على طول امتداد الطرق البرية ومراكز الاتصالات وغيرها من المواقع الاستراتيجية .
وتتضح كثافة حفر الانفجارات وأثر المجنزرات على إزالة النبكات والكثبان الرملية على الحدود مع السعودية وفي المناطق المتاخمة للطريق لاالرئيسي المؤدي إلى مدينة الكويت .
وقد كانت الحدود الدولية في الجنوب محددة بسياجات وحاجزين رمليين يمتدان في موازاة بعضهما . يبلغ ارتفاع كل منها من 4 إلى 6 متر، يفصلهما خط عريض وعميق .
ج- المنطقة الشمالية الشرقية (شرق خط الجهراء – العبدلي، باستثناء جزيرة بوبيان )
أقيمت منشآت على طول امتداد الطرق وعلى جميع المواقع المرتفعة وحول جميع الحقول البترولية والموانئ والنشاءات العديدة فوق مرتفع جال الزور وخلفه (في الجانب الخلفي من حافة جال الزور ).
أما في المناطق المنبسطة التي تنتشر فوقها الرمال، خاصة في أطراف المنطقة فتظهر بها بوضوح آثار التدمير للمجنزرات .
وتظهر حفر الانفجارات بالقرب من جميع المواقع العسكرية ويتضح تفكك التربة بشكل شديد في جميع المناطق الاستراتيجية، وتكثر السواتر الخاصة بالمركبات في أطراف المنطقة، وإن كانت قليلة نسبيآ.
د- المنطقة الشمالية الغربية .
أقامت قوات الغزو منشآت في كل مكان، خاصة قرب الحدود العراقية في الشمال حيث تكدست المنطقة بمخازن الذخائر ومراكز ضخ الوقود وسواتر المركبات.
تنتشر الخنادق في كل مكان، وكذلك المخابئ بأنواعها المختلفة . وتعد هذه المنطقة من أكثر المناطق تأثرآ بالمجنزرات والآليات، حيث اصيبت أجزاء منها بخلل شديد أزيلت معه الطبقة السطحية بشكل عنيف نتيجة لكثافة حركة المجنزرات والآليات.
كذلك تكثر هنا حفر الانفجارات بحيث يبدو السطح غير منتظم، يظهر به عدد من الفجوات المتباينة في أعماقها ومساحتها، ويبدو متموجآ في أجزاء كبيرة منه.
هـ- المنطقة الجنوبية الغربية.
تتبعثر عليها العديد من المنشآت، خاصة في الأجزاء المرتفعة وعلى طول حقل الألغام الواسع، الذي يخترق الجزء الجنوبي من المنطقة من الشرق إلى الغرب.
وقد أقيمت على خط الحدود الجنوبية للكويت خطوط متوازية من الحواجز الرملية والخنادق، وفي المناطق التي تم فيها إقامة أسلاك في دفاعات الحدود وحقول الألغام، نتج خلل شديد في التربة، خاصة مع زيادة حركة نقل المركبات والأليات من نقط العبور التي أزيلت منها الألغام .
ويوضح شكل رقم (26) بعض الأشكال المورفولوجية والتغيرات في سطح الارض من جراء آثار الدمار الناجم عن العمليات العسكرية والغزو العراقي للكويت حيث يتضح من صورة توضيحية لجزء من قطاع الساحل الكويتي محدد عليه الخوازيق الطولية ومواقع حفر الذخيرة وامتداد خطوط الأسلاك الشائكة في موازاة الساحل، ودورها في تراكم الرمال المتحركة في مناطق معينة.
كذلك يوضح مواقع الألغام البحرية والتي كان لزرعها وتفجرها أثر كبير في إحداث تغيرات في البيئة الساحلية واضطراب العمليات الجيورموفولوجية بها.
وإذا كانت الآثار السابقة نجمت أساساً عن عمليات التحصين التي قام بها الجنود العراقيون الغزاة، وذلك من خلال مدة سبعة أشهر.
فقد كان للاشتباكات العنيفة وعمليات القصف الجوي الذي قام به الحلفاء ضد الغزاة العراقيين من 17 يناير 1991 حتى انسحابها من الكويت 27/2/1992، وكذلك الاشتيباك بين القوتين واستخدام الذخائر والمتفجرات على نطاق واسع جداً، أدى إلى حدوث تدمير للعديد من مظاهر سطح الأرض وحدوث تجويفات وتشققات بسبب القنابل التي ألقيت خلال هذه الفترة، وكذلك من خلال تحرك آليات الحرب.
وبالنسبة لدور الألغام في تغير سطح الأرض، فيمكن أن تتضح صورة كبيرة في بعض المناطق (شكل رقم (27)).
ففي الساحل الكويتي تم زرع سواحل الكويت من حدود العراق حتى السعودية بخليط من الألغام المضادة للدبابات والأفراد ليكون شبكة دفاع ساحلي، وهي جزء من شبكة شاملة تضم الألغام البحرية المغمورة في مياه الشاطئ القريب مع تشكيلة على الشاطئ نفسه من الأسلاك الشائكة والأوتاد والخنادق ومكامن للدبابات وسواتر للمدافع.
وقد زرعت الألغام بحيث تكوت أعلى من مستوى المد، وعادة ما تغطي مكونات رملية ولا يظهر منها فوق السطح إلا جزء محدود، أما أوسع حقول الألغام في الكويت فيقع إلى الجنوب مقابل الحدود الكويتية السعودية بين منطقة الخيران وحقول نفط المناقيش.
حيث تمتد حقول الألغام بصورة متصلة على خطوط متوازية تقريباً وبعمق ثلاثة أو أربعة أمتار (توضح الخريطة رقم (27) مناطق الألغام في دولة الكويت) ومن حقول نفط المناقيش حتى مركز جمارك السالمي في أقصى غرب الكويت وحتى بعد هذه النقطة خارج حدود الكويت (داخل الأراضي العراقية) وجدت مجموعة متصلة من الألغام.
وقد قدرتإحدى البعثات التي أتت إلى الكويت في أعقاب التحرير أن كثافة الألغام التي تتراوح ما بين لغمين إلى ستة ألغام في كل مجتر مربع في المنطقة السابقة، وهذه كفيلة تماماً بتغيير سريع ومؤثر في ملامح الأرض حتى وإن لم تنفجر.
حيث أنه عند إزالتها يتطلب ذلك تفجيرها عن بعد أو إخراجها وترك أماكنها في شكل ثثقوب وحفر أرضية تغير كثيراً من أشكال سطح الأرض الأصلية.
وقد بينت الخرائط الخاصة بمنراطق الخطر في الكويت مواقع بعض الدبابات والمعدات العسكرية المهجورة والتي تمثل عقبات تترواكم حولها وفوقها رواسب روملية تغطي مظهراً موفولوجياً مميزاً.
وجدير بالذكر أنه قد تم حتى نهاية شهر فبراير بين عام 1993 إزالة وتدمير أكثر من مليون و315 ألف من المتفجرات والألغام، وعملت مجموعات عسكرية من ست دول في عمليات البحث والكشف والإزالة للذخائر والمتفجرات التي بلغت حتى الفترة السابقة الذكر أكثر من 92 ألف طن. وجدير بالذكر أنه نتج عن ذلك حدوث ثقوب وحفر وتشققات كثيرة في الأرض.
وهكذا فإن من الواضح مدى حجم الدمار الذي أصاب التربة وسطح الأرض بالكويت، حيث تحطمت الطبقة العلوية من التربة وزادت بالتالي معدلات تعرية التربة وتآكلها.
كما توضح ذلك بعض المؤشرات الدراسية في بعض المناطق الصحراوية إلى تغيير هائل في معدلات حركة الرمال، والتي لعبت دوراً كبيراً في دفن العديد من المخابئ والملاجئ والخنادق التي كانت قد أنشئت أثناء الغزو العراقي.
ويقدر بأن معدلات تراكم الرمال في بعض المناطق بنحو 8,8سم في الشهر (أكثر من عشر أمتار في السنة). وهذا المعدل يفوق كثيراً المعدلات التراكمية للرمال قبل حرب الكويت (تقرير معهد الكويت للأبحاث العلمية، 1992).
وجدير بالذكر أن هذه المعدلات المتزايدة لتراكم الرمال لها دور سلبي وخطير، بسبب ما ينتج عنها من دفن للذخائر والألغام التي خلفتها الحرب، مما صعب اكتشافها أو تحديد مواقعها.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]