الجينوميات والنزعة الجينومية
2013 لمن الرأي في الحياة؟
جين ماينشين
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
بحلول ثمانينات القرن العشرين، أصبح من الممكن تحديد سلسلة جدائل طويلة من الدنا. ورغب اختصاصيو البيولوجيا في دراسة المجاميع الجينية بأكملها وليس مجرّد أجزاء فردية من الدنا أو مجرّد صبغيات فردية.
ووفقاً لذلك السجل الرائع لاستخدامنا للكلمات، قاموس أكسفورد الإنكليزي (The Oxford English Dictionary) ، أدخل ف. أ. ماكوزيك (V. A. McKusick) وف. هـ. رادل (F. H. Ruddle) كلمة جينوميات (Genomics) إلى الاستخدام الشائع، بل إنهما عنونا كتاباً ألّفاه معاً بذلك الاسم.
وقد شكرا ت. هـ. رودريك (T. H. Roderick) من مختبر جاكسون في بار هاربر بولاية مين، لاقتراحه المصطلح الذي عرّفاه بأنه "الاختصاص المتطوّر حديثاً لرسم الخرائط/ تحديد السلاسل (بما في ذلك تحليل المعلومات)".
هذا التعريف مدهش، إذ لا يقتصر على وجود مكوّن من جميع المادّة الوراثية التي تشكّل الجينوم، وإنما أنه مجال للدراسة. ويعني ضمناً أن هناك أسئلة مميّزة تطرح عن المادّة الوراثية والطرق المعيّنة لدراسة المجاميع الجينية. كانت الفكرة جذّابة، وسرعان ما استرعت احتمالات رسم الخرائط وتحديد السلاسل، و"القيام بالجينوميات"، انتباه اختصاصيي البيولوجيا.
في منتصف ثمانينات القرن العشرين، انطلقت الجينوميات. وقد مكّن التقدّم التقني من حدوث ذلك، لكن ثمة سبباً آخر هو رؤية المفكّرين الكبار الذين ساعدوا اختصاصيي البيولوجيا في البدء بتصوّر ما هو ممكن.
طوّر مارفن كاروثرز (Marvin Carruthers) في جامعة كولورادو طرقاً لتخليق شدف (أجزاء) من الدنا، ما سمح بمزيد من البحوث، كما طوّر بالتعاون مع ليروي هود (Leroy Hood) من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أجهزة للقيام بهذه التخليقات ميكانيكياً.
وقد أفادت تقنياتهما في تسريع عملية تحديد السلاسل، إلى جانب فتح الباب لابتكار أدوات ميكانيكية أخرى لتحديد السلاسل وتحديد أجزاء الدنا.
على سبيل المثال، أدّى الرحلان الكهربائي الهلامي (Gel Electrophoresis) ، الذي يجعل أنواعاً مختلفة من الدنا تتحرّك على طول رتل بسرعات مختلفة ولمسافات مختلفة، إلى التمكّن من فرز الأجزاء الطويلة عن الأجزاء القصيرة والقيام بذلك بسرعة أكبر.
وسرعان ما أدت تقنيات استخدام تجزئة الحمض الريبي النووي (الرنا) – المادة التي تمكّن الجينات المصنوعة من الدنا من إنتاج البروتين – إلى تحسين استهداف الجينات. فإذا تمكنا من اختيار كسر صغير من الكمية الكبيرة من الدنا يتكوّن فعلياً من الجينات الوظيفية، فسنخفّض كثيراً العمل الذي يتطلبه فكّ الرموز.
أدرك كريغ فنتر ذلك وبدأ باستخدام مكتبات الدنا المتمّم (cDNA) المولّدة من الرنا المرسال (messenger RNA) المعروف أنه يتوافق مع الأجزاء الوراثية المنسوخة من الصبغي بأكمله. وخلال تسعينات القرن العشرين، طوّر مع مساعديه تقنيات وأجهزة لتحديد سلاسل عدد كبير من أجزاء الدنا المتمّم دفعة واحدة، بالإضافة إلى أنظمة حسابية لتحليل البيانات.
وكان نهجه مختلفاً عن نهج برنامج بحوث "معاهد الصحة الوطنية" لكنه يكمّل استراتيجيات بحوثهم الأكثر حذراً. فوفّر هذا التقدّم التقني السريع الفرص للاكتشافات المتسارعة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]