الحق الدولي في توافر الفرص المتكافئة للموارد بين البشر
1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان
الدكتور يوسف يعقوب السلطان
KFAS
العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
الحق الدولي في توافر فرص متكافئة هل هو طبيعي او مطلق او فطري؟
على خلاف المجتمعات التقليدية الاقل تصنيعا وهي غالبا في العالم غير المتعلم، أو المجتمعات غير المسيحية واليهودية، نجد أن مفهوم الحقوق في العالم الغربي المسيحي، ممثلا في غرب أوروبا، والمملكة المتحدة وأمريكا الشمالية واستراليا ونيوزيلندا، طالما كان مجالا للتحليل الشكلي.
وبينما لا تزال هناك ظلال من الغموض في ظل ظروف مختلفة عن ظروف الانتهاكات الكبرى، إلا أن هناك ايضا قرائن تدل على شرعيته الوجودية.
إذ أن البشر في الديمقراطيات الصناعية الذين يشبون وهم يتوقعون تحسين أنفسهم في إطار بناء اجتماعي يشجع مبدأ الحركية الصاعدة، ينشئون تنشئة اجتماعية تكفل شعورهم بأنهم يملكون حريات طبيعية وفطرية معينة ومسموحات بفضل وهم بشرا.
ويكاد يكون العبء الأسمى الذي تحتمله الحقوق الطبيعية – بأن على الفرد أن يضمن أمنا شخصيا اساسيا واستقلالا ذاتيا – يكاد يكون شيئا لا يقاوم (مايرز Mayers، 1985، ص1).
ويترجم هذا الفهم في جانب منه إلى قيام الكثير من الدول المعنية بالعدالة، بتوفير مستلزمات الرفاهية، وفي معاملة رعاياها بالعدل والمساواة.
وتؤدي فكرة الكرامة الفطرية، باعتبارها محور التبرير لمنح حقوق الأفراد إلى تضييق الفجوة التشريعية بين المفاهيم الطبيعية والأخلاقية لوضعية الإنسان، (فورسيت Forsythe، 1989).
فصلة الحقوق بالعدالة اللازمة للكرامة، والتي تعتبر رئيسية بالنسبة لنوع الفكر المعاصر الذي أدى إلى توفير مستلزمات الصحة والرفاهية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 كانت موجودة في ساتير جوستنيان: "العدالة هي إجماع وإرادة دائمة لإعطاء كل ذي حق حقه أي الحق لصاحبه (ius Suum) .
ويلاحظ جولدنج Golding (1984 ص 124 – 125 و 1981) أن ربط الحق مع الكرامة أو الجدارة Dignitas أو الاستحقاق Mer-itum مأخوذ عن شيشيرون الذي جاء ذكر تعريفه للعدالة على لسان بلاسنتينوس في قوله "العدالة هي حالة العقل التي تعطى، بموجب الاستخدام المشترك المحفوظ، كل شخص ما هو جدير به (Delnventione الاختراعات، الجزء الثاني، 53، 160).
ولفكرة القيمة أصولها في منظور إيمانويل وكانت عن الكائنات البشرية على أنها عقلانية واعية بنفسها وتشرع لنفسها المبادئ الاخلاقية وتكون أعضاء في مجتمع أخلاقي.
وهذا يعني أن أفعالهم إرادية لها أغراضها ومن ثم فهي جديرة بأن تتحقق: (هي عنصر من القيمة لا يمكن تخطيه.. ويدخل في كل مفهوم وكل مضمون للأفعال الإنسانية الهادفة (جيويرث Gewirth، 1984، ص 23).
بيد أن واقع الجدارة الإنسانية تتأثر، في المضامين المتنوعة، بحقيقة أن المجتمعات في كل أنحاء العالم لا تتصف بالإنصاف ولا بالتوزيع العام للامتيازات أو الخبرات أو الحريات أو تقدير التراث (رولز Rawls، 1971)
ويمكن رؤية نقيض عدم المساواة الحالية في الحصول على خيرات في الحياة بما فيها الصحة متوافقة مع قيمة أخرى من قيم الغرب، هي وجود فرص متكافئة.
ويسمح هنا بالوصول إلى ضروريات البقاء، وتحقيق الكفايات الكامنة، والوصول إلى تحديد وضع الإنسانية او الكيان الشخصي والمحافظة عليه (برودي Brody، 1976، ص 553).
ولكن الفرص المتكافئة بكل ما تحمله في طياتها من الاعتماد على النفس والإنجازات الشخصية كطريق يؤدي إلى خبرات الحياة، لا تتمشى مع مبدأ الحق المتساوي في موارد العالم المختلفة الاقدار.
وبهذا المعنى ربما تضمن نظام القيم الغربية المتأثر بالعلم بعض التناقضات المحتملة، فبينما هو غير متوافق بالضرورة مع المثاليات فإنه لا يتضمن الوعود الشاملة بالرعاية والمساعدة التي يحتويها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
بل إنها تنادي بأن على الفرد المناضل المستقل بذاته، الذي يملك القدرات الكافية، أن يستفيد من نظام الفرص المتاحة ليحقق لنفسه الاشياء الجيدة في الحياة، بما في ذلك الرعاية الصحية.
فحق الفرد في أن يكون متقدما قدر الاستطاعة وهذا جزء من الفرص المتكافئة) تعني توافر كل من الفرصة للعلاقة بالآخرين، ومفهوم الكرامة المطبوع في فطرة أفراد الجنس البشري.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]